في ذكرى رحيله.. الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي صوت الخشوع الذي لا يُنسى
تحل اليوم، الحادي عشر من نوفمبر، الذكرى الثالثة والستون لرحيل القارئ الكبير الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي، أحد أبرز أعلام دولة التلاوة المصرية، وصاحب الصوت الذي لا يزال يلامس القلوب ويبعث الطمأنينة في النفوس.
حياة الشيخ الشعشاعي
وُلد الشيخ الشعشاعي في 21 مارس 1890 بقرية شعشاع بمحافظة المنوفية، وأتم حفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره. بدأ رحلته العلمية في المسجد الأحمدي بطنطا، ثم التحق بالأزهر الشريف عام 1914، حيث تلقى علوم القراءات على يد كبار العلماء، وذاع صيته في حي الدرب الأحمر بالقاهرة، ليصبح اسمه لاحقًا من بين عمالقة التلاوة إلى جانب الشيخ محمد رفعت والشيخ علي محمود.
انطلقت شهرته الواسعة بعد تلاوته في الليلة الختامية لمولد الإمام الحسين، حيث أذهل الحضور بعذوبة صوته وخشوع أدائه، ليُلقب لاحقًا بـ "عمدة فن التلاوة". وفي عام 1930، قرر التفرغ لتلاوة القرآن الكريم بعد أن كان قد أسس فرقة للتواشيح الدينية ضمت الشيخ زكريا أحمد، وواصل دعم رفاقه حتى بعد اعتزاله التواشيح.
التحق الشيخ الشعشاعي بالإذاعة المصرية عام 1934، ليكون ثاني قارئ يُعتمد رسميًا بعد الشيخ محمد رفعت، وسجل أكثر من 400 تلاوة لا تزال تُبث حتى اليوم. كما كان أول من تلا القرآن بمكبرات الصوت في المسجد الحرام والمسجد النبوي ووقفة عرفات عام 1948، وامتدت رحلاته إلى العراق وغيرها من الدول الإسلامية.
الأوسمة والتكريمات
نال العديد من الأوسمة والتكريمات، أبرزها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1990، تقديرًا لعطائه في خدمة القرآن الكريم. وقد عُرف بتواضعه ودماثة خلقه، وارتبط اسمه بالمناسبات الوطنية الكبرى، حيث قرأ في مآتم زعماء مصر مثل سعد زغلول وعدلي يكن.
رحل الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي في مثل هذا اليوم من عام 1962 عن عمر ناهز 72 عامًا، تاركًا إرثًا صوتيًا خالدًا وتلميذًا بارًا هو ابنه الشيخ إبراهيم الشعشاعي، الذي واصل حمل رسالة والده في تلاوة كتاب الله.
ويبقى الشعشاعي رمزًا خالدًا لصوت الخشوع المصري الأصيل، ومدرسة روحية لا تتكرر في عالم التلاوة.