دار الإفتاء: يجوزإفشاء الطبيب لسر المريض في حالة واحدة

أكدت دار الإفتاء المصرية أن الأمانة تُعد من أعظم القيم التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، وهي أساسٌ لحفظ الحقوق وصون الأسرار، مشيرة إلى أن من أبرز صورها حفظ أسرار المرضى، لا سيما تلك التي يطلع عليها الأطباء بحكم مهنتهم.
وأوضحت الدار أن الأصل في الشريعة هو حرمة إفشاء الطبيب لأسرار مرضاه، وأنه مؤتمن على ما يبوح به المريض من خصوصيات أثناء الفحص أو العلاج، معتبرة أن كشف هذه الأسرار يُعد من الغيبة المحرمة وخيانة الأمانة، وهي من خصال النفاق التي نهى عنها الإسلام، مستشهدة بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: 8]، وقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ﴾ [الأنفال: 27].
حالات استثنائية
لكنها بيّنت أن هناك حالات استثنائية يجوز فيها للطبيب إفشاء سر المريض، إذا ترتب على كتمانه ضرر جسيم يتعدى إلى الآخرين، مثل الإصابة بمرض وبائي يهدد الصحة العامة، أو وجود شبهة جنائية تستدعي تدخل الجهات المختصة، على أن يكون الإفشاء محدودًا للجهات الرسمية فقط، دون تعميم أو نشر، التزامًا بالقاعدة الفقهية: "يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام."
كما أشارت دار الإفتاء إلى أن التشريعات المصرية وضعت ضوابط واضحة لهذا الأمر، حيث لا يجوز للطبيب إفشاء سر المريض إلا بقرار قضائي، أو في حال وجود ضرر مؤكد يهدد الآخرين، أو وفق ما ينص عليه القانون.
واختتمت الفتوى بالتأكيد على أن حفظ سر المريض هو الأصل، وأن الاستثناء لا يُعمل به إلا في أضيق الحدود، مع الالتزام بقاعدة "الضرورة تُقدَّر بقدرها"، حفاظًا على الأمانة وصونًا للمجتمع من الأضرار.