رئيس التحرير
خالد مهران

مرافعة نارية تهز المحكمة: النيابة تسدل الستار على قصة “قاتل الأخوين” بالخصوص

النيابة تسدل الستار
النيابة تسدل الستار على قصة “قاتل الأخوين” بالخصوص

شهدت قاعة الدائرة الخامسة بمحكمة جنايات شبرا الخيمة مشهدًا استثنائيًا أقرب إلى الدراما الإنسانية منه إلى جلسة تقليدية، بعدما تعالت كلمات وكيل النيابة العامة المستشار محمد جاد الحق لتدوّي في القاعة كالرعد، مستعرضًا تفاصيل جريمة مروعة ارتكبها عامل خردة قتل شقيقين غدرًا أثناء نومهما، بدافع انتقامي وصفه وكيل النيابة بـ«نزعة شيطانية مريضة».

تفاصيل مرافعة وكيل النيابة 

برئاسة المستشار راغب محمد راغب رفاعي، وعضوية المستشارين أمير محمد عاصم وأحمد عبد القهار زهوى أحمد ومحمد يسري البيومي، وبأمانة سر رضا جاب الله، انعقدت الجلسة التي حبست أنفاس الحضور، في القضية رقم 9399 لسنة 2025 جنح الخصوص، والمقيدة برقم 2025 كلي جنوب بنها.

بدأ وكيل النيابة مرافعته بكلمات قرآنية مؤثرة قائلًا: “بسم الله الحق، بسم الله العدل، بسم الله الرحمن الرحيم: ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق”.

ثم تابع بصوت يملؤه الإصرار:

“هذا المتهم الذي يقف أمام عدالتكم اليوم، تجرد من إنسانيته، واتبع خطوات الشيطان حتى انتهى به الحال إلى ارتكاب أبشع الكبائر.. قتل النفس التي حرّم الله.”

سرد المستشار جاد الحق وقائع القضية، قائلًا إن المجني عليهما “سيد محمود عبد الله” و“علاء محمود عبد الله”، شقيقان يعيشان على الكفاح الشريف، يعملان في جمع المخلفات لتوفير قوت يومهما، قبل أن يعودا إلى منزلهما في صباح يوم الجريمة للنوم بعد يوم عملٍ شاق، دون أن يدركا أن الموت يتربص بهما داخل دارهما.

أوضح وكيل النيابة أن المتهم أحمد رمضان إبراهيم دسوقي بيت النية للقتل، وجهّز سلاحه الأبيض (سكينًا) وخبأه بين طيات ملابسه، ثم تسلل إلى مسكن الشقيقين فجرًا، وكسر الباب، وانقضّ على ضحيته الأولى بطعنات غادرة في الصدر والبطن والرقبة، قبل أن يهاجم شقيقه الثاني الذي هرع لإنقاذه، ليسقط هو الآخر صريعًا بسكين الغدر.

“لم يكونا في ساحة حربٍ ولا على طريق خصام، كانا نائمين بأمان، ينتظران صباحًا جديدًا.. فإذا بالقاتل يحوّل فراشهما إلى مسرح دماء.”

إعدام الرحمة

أثبتت تحقيقات النيابة وتقرير الطب الشرعي أن الجريمتين نُفذتا بإصرارٍ وترصد، حيث تبين وجود طعنات قاتلة بالقلب والرئتين والأمعاء لدى الضحية الأولى، وطعنات مماثلة بالصدر والرئة اليمنى لدى الثانية، وجميعها كافية لإحداث الوفاة الفورية.

ورغم محاولة المتهم تبرير فعلته بزعم “انتقامه من الشقيقين بسبب اعتداء جنسي قديم”، فإن النيابة أثبتت كذب روايته بعد تقرير الطب الشرعي الذي نفى وجود أي آثار اعتداء من هذا النوع، كما تطابقت أقوال الشهود مع اعترافاته التفصيلية في التحقيقات.

وقال وكيل النيابة بصوتٍ حازم وهو يخاطب هيئة المحكمة:

“لقد قتل أخوين غدرًا وهدم أسرة كاملة، ونشر الرعب في نفوس المجتمع.. دماؤهما تصرخ من بين القبور: اقتصوا لنا من قاتلنا. فليكن حكم عدالتكم قصاصًا عادلًا يردع المجرمين ويصون حرمة الدماء.”

رسالة النيابة للمجتمع 

اختتم المستشار محمد جاد الحق مرافعته بآية من القرآن الكريم:

“من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا”، مؤكدًا أن النيابة العامة ستظل “السيف الأمين لحماية المجتمع والذود عن أرواح الأبرياء”، وأن العدالة ليست مجرد حكم يُصدر، بل “رسالة تُبعث لكل من تسول له نفسه أن يعبث بأمن الوطن أو يسفك دمًا بريئًا”.