رئيس التحرير
خالد مهران

الذهب يتراجع بعد قمة تاريخية وسط جني أرباح واستقرار الدولار

أسعار الذهب
أسعار الذهب

تراجعت أسعار الذهب بالأسواق المحلية والبورصة العالمية خلال تعاملات اليوم الخميس، بعد أن لامست الأوقية أعلى مستوى لها على الإطلاق، بدعم من تصاعد التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قِبَل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، واستمرار حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية، وفقًا لتقرير صادر عن منصة آي صاغة.

وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة آي صاغة لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، إن أسعار الذهب بالأسواق المحلية تراجعت بنحو 30 جنيها خلال تعاملات اليوم ومقارنة بختام تعاملات أمس، ليسجل سعر جرام الذهب عيار 21 مستوى 4815 جنيهًا، في حين تراجعت الأوقية بنحو 21 دولارا، لتسجل 3543 دولارًا.

وأضاف، أن عيار 24 سجل 5503 جنيهات، وعيار 18 بلغ 4127 جنيهًا، وسجل جرام الذهب عيار 14 نحو 3210 جنيهات، بينما ارتفع سعر الجنيه الذهب إلى 38520 جنيهًا.

وكانت أسعار الذهب قد ارتفعت خلال تعاملات أمس الأربعاء، بنحو 45 جنيهًا، حيث افتتح سعر جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند 4800 جنيه، ولامس مستوى 4860 جنيهًا، وأغلق عند 4845 جنيهًا، في حين ارتفعت الأوقية بنحو 27 دولارًا، حيث افتتحت التعاملات عند 3537 دولارًا، ولامس مستوى 3579 دولارًا كأعلى مستوى في تاريخها، وأغلقت عند 3564 دولارًا.

وسجّل المعدن النفيس أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3579 دولارًا، حيث تخلى المستثمرون عن السندات الحكومية طويلة الأجل في جميع أنحاء العالم.

ويواصل الذهب الحفاظ على مكاسبه الأخيرة فوق 3500 دولار للأوقية، ويجد دعمًا قويًا مع تزايد البيانات التي تشير إلى ضعف سوق العمل، مع تباطؤ التوظيف في القطاع الخاص أكثر من المتوقع.

والتقلبات في أسعار الذهب لم تكن بمعزل عن البيانات الاقتصادية، فقد أصدرت شركة ADP، المتخصصة في رصد الوظائف بالقطاع الخاص، تقريرًا صادمًا أظهر فقدان الاقتصاد الأمريكي نحو 54 ألف وظيفة في أغسطس، في حين كانت التوقعات تشير إلى إضافة 73 ألف وظيفة.

وقالت نيلّا ريتشاردسون، كبيرة الاقتصاديين في ADP: بدأ العام بزخم قوي في نمو الوظائف، لكن حالة عدم اليقين وتراجع ثقة المستهلكين ونقص العمالة، إلى جانب الاضطرابات الناجمة عن الذكاء الاصطناعي، ساهمت في إضعاف هذا الزخم.

وهذه البيانات الضعيفة عززت الرهانات على خفض الفائدة في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي المقرر منتصف سبتمبر، لتبقى أسعار الذهب متماسكة فوق مستوى 3500 دولار للأوقية، رغم عمليات التصحيح اللحظي.

وأسواق السندات الأمريكية لعبت دورًا محوريًا في الحد من تراجع الذهب، فقد انخفضت عوائد سندات الخزانة بشكل طفيف، حيث هبط عائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.19%، وهبط عائد السندات لأجل 30 عامًا إلى 4.87%، وهبط عوائد السندات المحمية من التضخم إلى 1.79%، هذا الانخفاض خفّف من الضغوط على الذهب عبر تقليل تكلفة الفرصة البديلة لحيازته، خاصة في ظل استقرار مؤشر الدولار فوق مستوى 98 نقطة بعد أن عوض بعض خسائره السابقة.

على الصعيد العالمي، أظهرت أسواق السندات في اليابان وبريطانيا مؤشرات استقرار عقب موجة ارتفاع قوية دفعت العوائد إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، بفضل مزادات ناجحة وتطمينات سياسية، ومع ذلك، فإن استمرار المخاوف بشأن مستويات الدين العالمية يضيف مزيدًا من الدعم للذهب كملاذ آمن.

والضبابية زادت أيضًا بفعل التطورات القانونية حول الرسوم الجمركية الأمريكية، فقد طلبت إدارة الرئيس دونالد ترامب من المحكمة العليا إلغاء حكم محكمة الاستئناف الذي حدّ من صلاحياته في فرض التعريفات، وحتى صدور القرار النهائي، ستبقى هذه الرسوم سارية، ما يضع أجندة ترامب الاقتصادية تحت المجهر القانوني ويضيف طبقة جديدة من عدم اليقين للأسواق.

كل هذه العوامل تُلقي بثقلها على اجتماع الفيدرالي المقبل في 16 و17 سبتمبر، ووفقًا لأداة CME FedWatch، فإن الأسواق تسعّر احتمالية خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بنسبة تصل إلى 97%.

التوقعات المؤسسية بدت أكثر تفاؤلًا، ففي مذكرة حديثة، أكدت جولدمان ساكس أن الذهب يظل أفضل توصية طويلة الأجل، متوقعة وصوله إلى 3700 دولار بنهاية 2025، و4000 دولار بحلول منتصف 2026، مدفوعًا بمشتريات قوية من البنوك المركزية.

لكن السيناريو الأكثر إثارة يتمثل في تحويل جزء من استثمارات القطاع الخاص بعيدًا عن سندات الخزانة الأمريكية، فإذا أعيد تخصيص 1% فقط من هذه الأموال إلى الذهب، فإن الأسعار قد تقترب من 5000 دولار للأونصة، خاصة إذا تعرضت استقلالية الفيدرالي لمزيد من الضغوط السياسية.

تترقب الأسواق تقرير الوظائف غير الزراعية (NFP) المقرر صدوره يوم الجمعة، والذي يُعتبر أحد أبرز المؤشرات التي يستند إليها الفيدرالي في تحديد سياسته، أي مفاجآت سلبية قد تدفع الذهب إلى تعزيز مكاسبه الحالية وربما إعادة اختبار قمته التاريخية.

ويمر الذهب بمرحلة فارقة تجمع بين قوى متعارضة:

من جهة تدعم توقعات خفض الفائدة، وضعف سوق العمل، والمخاطر الجيوسياسية، صعود المعدن الأصفر.

ومن جهة أخرى، يفرض استقرار الدولار وجني الأرباح ضغطًا مؤقتًا على الأسعار، وبينما تبقى القمة التاريخية الأخيرة عند 3579 دولارًا شاهدًا على قوة الاتجاه الصاعد، فإن المستقبل القريب سيظل مرهونًا بقرارات الفيدرالي وتطورات الاقتصاد الأمريكي، وسط توقعات متزايدة بأن الذهب قد لا يسجل 5000 دولار.