رئيس التحرير
خالد مهران

الرئيس الصيني يطالب بنظام عالمي جديد 

مشهد من نهر هايخه
مشهد من نهر هايخه في تيانجين

تحت رئاسة الرئيس الصيني شي جين بينغ، افتتحت الاثنين في مدينة تيانجين الصينية أعمال القمة الخامسة والعشرين لمنظمة شانغهاي للتعاون، بمشاركة قادة أكثر من عشرين دولة، بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، إلى جانب ممثلي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والدول المراقبة. 

وقد شكل هذا الاجتماع أكبر تجمع في تاريخ المنظمة، ما يعكس اتساع نطاقها وتزايد ثقلها على الساحة الدولية.
وفي كلمته الافتتاحية، دعا الرئيس الصيني إلى إقامة نظام دولي عادل يقوم على التعددية، معلنًا رفضه "منطق الحرب الباردة ومواجهة التكتلات وممارسات الترهيب"، في رسالة مباشرة ضد هيمنة القطب الواحد وتؤكد دعم بلاده لدول الجنوب العالمي في مواجهة السياسات الأحادية والتعريفات الجمركية الواسعة.
وطرح شي مبادرات لتعزيز التعاون، من بينها منح بقيمة ملياري يوان، وقروض إضافية بقيمة عشرة مليارات يوان للبنوك الأعضاء خلال السنوات الثلاث المقبلة. وكشف أن حجم الاستثمارات الصينية في دول المنظمة تجاوز 84 مليار دولار، فيما بلغ التبادل التجاري نصف تريليون دولار سنويًا.
من جانبه، دافع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن العملية العسكرية في أوكرانيا، واعتبرها "ردًا ضروريًا على انقلاب مدعوم غربيًا"، مثمنًا دور الصين والهند في البحث عن حلول للأزمة. 
   وعلى هامش القمة، عقد شي جين بينغ لقاءً ثنائيًا مع مودي في خطوة هدفت إلى تخفيف التوترات الحدودية وتعزيز التعاون الاقتصادي.

اختيار تيانجين كمنصة للقمة لم يكن عفويا، فهي مدينة محورية في مبادرة "الحزام والطريق" وواجهة صينية للتواصل اللوجستي والتكنولوجي.

 كما أن توقيت القمة، قبل أيام من الاحتفالات بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، يحمل رسالة سياسية حول قوة الدبلوماسية الصينية.
لكن السؤال؛ هل تستطيع منظمة شانغهاي أن تتحول من منصة إقليمية إلى بديل استراتيجي للنماذج الغربية؟ وهل يمكن أن تتحول رؤية الرئيس شي إلى واقع ملموس؟
من الناحية الإيجابية، تمتلك المنظمة مقومات قوة واضحة من بينها بالطبع الصين بثقلها الاقتصادي والتكنولوجي، واستثماراتها الضخمة داخل دول المنظمة، وروسيا التي تبحث عن عمق استراتيجي جديد بعد العقوبات الغربية، والهند بوزنها الديمغرافي والاقتصادي الهائل، ودول آسيا الوسطى، وباكستان، وإيران، التي ترى في المنظمة فرصة لتقليل الاعتماد على الغرب.

   لكن في المقابل، يرى المراقبون أن المنظمة تواجه تحديات معقدة أبرزها الخلافات البينية، خصوصا بين الصين والهند بسبب النزاعات الحدودية، ومخاوف دول آسيا الوسطى من تنامي النفوذ الخارجي، ومحدودية التعاون الأمني مقارنة بتحالفات مثل "الناتو".

كما أن تفاوت الأنظمة السياسية يعقد صياغة رؤية موحدة في وجه التفوق العسكري والتكنولوجي والمالي للولايات المتحدة وحلفائها، وشبكاتهم الواسعة من التحالفات الدولية، وأحجام بعض الدول المراقبة عن الدخول في مواجهة مفتوحة مع الغرب.

 كل هذه التناقضات تجعل المشروع الصيني لبناء نظام عالمي جديد مسارا طويل الأمد، يحتاج إلى سنوات وربما عقود من العمل على تعزيز الثقة المتبادلة، وحل الخلافات الداخلية، وصياغة رؤية جماعية للأمن والتنمية.