أزمة احتواء أم صراع قديم؟..
سر استمرار الهجوم على إلهام شاهين عبر السوشيال ميديا

تواجه الفنانة إلهام شاهين منذ سنوات موجات متكررة من الهجوم على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ لا يكاد يمر تصريح أو موقف إنساني لها إلا ويتحول إلى مادة للانتقاد والتعليقات القاسية.
ورغم أن دوافع هذا الهجوم تظل غير واضحة إلا أن البعض يربطها بلجان جماعة الإخوان، بينما يرى آخرون أن أسلوبها الصريح وعدم حرصها أحيانا على احتواء الجمهور يجعلها في صدام مباشر مع المتابعين فتتحول تصريحاتها إلى مادة مثيرة للجدل دون قصد.
تعليقات مسيئة
آخر هذه الهجمات جاءت عقب كتابتها منشور على صفحتها الرسمية على «فيسبوك» نعت فيه مدير التصوير الراحل تيمور تيمور.
وكتبت «شاهين»: «الغالي جدًا تيمور، الطيب الشهم الجدع، أنقى إنسان وأنضف قلب، صاحب أجمل ضحكة وأخف دم، الله يرحمك حبيبي، صدمتنا كلنا كبيرة، ربنا يصبر أهلك وأصدقائك ومحبيك، كل كلمات الرثاء لا تكفي، ربنا يجعل مئواك الجنة، هتوحشنا جدًا جدًا جدًا يا غالي».
ورغم الطابع الإنساني للمنشور فوجئت الهام شاهين بسيل من التعليقات المسيئة من بينها عبارات صادمة مثل: «عقبالك».
رد هادئ
قررت إلهام شاهين الرد بهدوء على هذا التعليق قائلة: «أنا مش بزعل من الموت ده قدر ومكتوب.. وكلنا في النهاية هنموت.. مفيش حد مخلد».
وفي تصريحات صحفية أكدت الهام شاهين أنها لا تتأثر بمثل هذه الرسائل السلبية موضحة: «أنا مش بزعل من الموت إحنا كلنا هنموت فالكلام ده مبيأثرش فيا ومش جديد عليا».
وأضافت أنها كانت قادرة على حذف هذه التعليقات أو حظر أصحابها لكنها فضلت الرد بهدوء قائلة: «كان ممكن أعمل بلوك أو أمسح الكومنتات بس قررت أرد بطريقة عادية».
تطرف فكرى
وفي هذا الصدد، قال الناقد الفني عماد يسري، إن الهجوم المتكرر على الفنانة إلهام شاهين عبر مواقع التواصل الاجتماعي يعكس حالة من التطرف الفكري، موضحا أن ما تتعرض له الفنانة يفتقد إلى أي روح إنسانية أو دينية فلا يوجد دين أو إنسانية تسمح بتمني الموت للآخرين.
وأضاف «يسري» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»- أن الاختلاف في الرأي أمر طبيعي ومشروع لكن أن يصل الأمر إلى هذا القدر من العداء فهو نوع من الإرهاب الفكري، ويعكس وجود مئات الأشخاص غير الأسوياء نفسيا واجتماعيا.
وأضاف: «وللأسف نحن نتعرض لمثل هذه الممارسات بشكل مستمر فهي جزء من واقع تتواجد فيه مساحات للخير وأخرى للشر».
وعن أزمة احتواء الفنان للجمهور، أشار «يسري» إلى أن قدرة الفنان على الاحتواء قضية مهمة، فإما أن يتفق الجمهور مع آرائه أو يحترمها حتى وإن اختلف معه غير أن المرونة في التعامل مع الجمهور ليست متاحة لدى كل الفنانين، كما أنه ليس مطلوبا أن يقوم الفنان باحتواء جمهوره في كل لحظة.
وتابع: «أصبح من الصعب على إلهام شاهين احتواء حالة الغضب الموجهة ضدها في ظل ما يتسم به البعض من تطرف إلا أن هذه التجربة تبقى درسا مهما لشباب الفنانين ليتعلموا كيفية التعامل مع جمهورهم واحتوائه حتى لا يتحول الخلاف الفكري إلى حالة من العداء أو التطرف ضدهم».
خصومة سياسية
بينما يرى الناقد الفني أمين خير الله، أن الهجوم المتكرر من الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي على عدد من النجوم، وخاصة الفنانة إلهام شاهين له أسباب متعددة.
وأوضح -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»- أن فكرة التواصل المباشر بين الجمهور والفنانين عبر وسائل التواصل الاجتماعي جعلت النجوم في متناول الجمهور، على عكس ما كان يحدث قبل ظهور هذه الوسائل حيث لم يكن الوصول للفنان بتلك السهولة.
وأشار إلى، أن الهجوم أو السباب الموجه للنجوم قد يرتبط أحيانًا بشعور بعض الجمهور بأن الفنان يعيش في رفاهية وبحالة مادية ميسرة في وقت يمر فيه كثير من الناس بأوضاع اقتصادية صعبة في مصر والعالم العربي فيبدأون بتوجيه اتهامات وانتقادات عبر صفحات التواصل.
وأضاف أن هناك أيضا شريحة من المحسوبين على التيارات الدينية لديهم خصومة مع إلهام شاهين تحديدًا، نظرًا لمواقفها المعارضة لهذه التيارات خلال فترة حكم الإخوان وما بعدها، ما يجعلها عرضة دائمة لهجماتهم.
وتابع «خير الله»: «المفارقة أن بعض من يهاجمونها على صفحاتهم إذا صادفوها في الشارع يحرصون على إلقاء التحية والتقاط الصور معها، فالأمر في جزء منه يتعلق بمرض نفسي عند البعض الذين يتلذذون بالهجوم على الفنانين باعتباره نوعًا من الجرأة أو الشجاعة».
واختتم حديثه قائلا: «هذا لا يقتصر على إلهام شاهين فقط، بل يحدث مع كثير من النجوم رجالًا ونساء وهو ما بات النجوم يتعاملون معه باعتباره أمرًا طبيعيا».
صراع مع الإخوان
وفي السياق ذاته، قال الناقد الفني الدكتور طارق سعد، إن ما تتعرض له الفنانة إلهام شاهين من هجوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا يعكس طبيعة الجمهور المصري الذي اعتاد دعم فنانيه عبر الأجيال، موضحا أن ما يحدث هو استثناء تقوده فئة منظمة وليست من جمهور الفن الحقيقي.
وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»- أن هذه الحملات الممنهجة تعود جذورها إلى صراع قديم مع الجماعة الإرهابية منذ عام 2012 حين خرج أحد المنتمين لهم على الهواء ووجّه للفنانة سبابا بذيئا في غاية الإنحطاط عقابا لها على مهاجمتهم وفضح تجارتهم بالدين، وهو ما تبعته لجان إلكترونية تستهدفها باستمرار عبر حسابات مزيفة وصور مفبركة وشائعات متعمدة في محاولة لخلق حالة عداء ضدها وضد كل كلمة تصدر عنها.
وأوضح «سعد» أن الفنانة لم ترتكب خطأ سوى أنها صاحبة جرأة في بعض أعمالها مشددا على أن ما يجري هو نوع من الإرهاب الإلكتروني الذي انتقل من الواقع إلى العالم الافتراضي ويصعب السيطرة عليه.
وأشار إلى أن هذه اللجان وصلت إلى حد تحريف تصريحات قديمة للفنانة بشأن رغبتها في التبرع بأعضائها بعد وفاتها واتهامها زورا بتأييد تجارة الأعضاء.
واختتم حديثه مؤكدا أن هذه الحملات لا تمثل الجمهور المصري المحترم بل هي محاولات تشويه منظمة، داعيا المتابعين إلى عدم الانجراف وراءها خاصة مع توجه وزارة الداخلية لمحاسبة كل من يوجه سبابا أو تهديدا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.