رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور محمد حمزة يكتب: بنيامين نتنياهو وإسرائيل الكبرى..(1)

الدكتور محمد حمزة
الدكتور محمد حمزة

على أصحاب صناعة التاريخ البديل وكتابته من المستشرقين الجدد والعلمانيين والعقلانيين والتنويريين في الغرب واعوانهم واتباعهم ومريديهم وانصارهم، فضلا عن اصحاب الشو والتريند من الوجوه المكررة إعلاميا من الشرقيين،والإعلاميين المعروفين، وأيضا من يطلق عليهم في المصادر التاريخية المتعيشين والأرزقية وأصحاب السبوبة من غير المتخصصين أو غير المؤهلين ممن إقتحموا هذا المجال وتسيدوا المشهد الاعلامي وغير الاعلامي، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي بأذرعها المختلفة، والغريب والمثير للدهشة والعجب أن لهم أنصار واتباع والبعض من هؤلاء وأولئك لهم جروبات يخرجون معهم لزيارة المعالم الأثرية بنظير مقابل مادي أو يستأجرون أماكن لإلقاء محاضرات تاريخية وأثرية بها والبعض يطلق عليها اسم الربع الثقافي ومنها ماهو موجود في ش المعز،والبعض الآخر يلقي مثل هذه المحاضرات في النوادي والمكتبات المعروفه،فهل التاريخ والآثار أصبحت مهنة وحرفة من لا مهنة أو حرفة له؟ ولا أيه الموضوع بالضبط.وأين الرقابة والمتابعة ؟

ونطلب من الجميع أن يتابعونا وان يجيبوا علي ما نطرحه من رؤي وافكار وأسئلة وألغام علمية تستعصي علي الحل والحسم حتي الان بدلا مما يقولون ويرددون ويشككون بل ويزلزلون ثوابت الوطن والأمة دون وجه حق وبدون أدلة يقينية حاسمة كذلك يحاولون أن يطمسوا هويات لتحل محلها هويات اخري فما نطلبه منهم هو قول الحق والتمسك بالعلم الحقيقي القائم علي المنهج العلمي السليم وهو العلم النافع للبشرية كلها).

أما عن تصريح رئيس الوزراء الاسرائيلي،فقد ذكر إنه يشعر بإرتباط عاطفي برؤية إسرائيل الكبري التي تمتد من نهر الفرات شرقا إلى نهر النيل جنوبا وفقا لرؤية مهد التوراة والأرض،وكان لهذه التصريحات حول الحق التاريخي والحق الروحي لاسرائيل الكبري والذي يعكس النظرية الإمبريالية التوسعية للحركة الصهيونية العالمية ولدولة الاحتلال لارض فلسطين صدّي كبير وغضب واسع علي مستوي العالمين العربي والإسلامي وكذلك الأزهر الشريف، ولما كانت السياسة لها رجالها وقادتها وكذلك الحرب والسلام لهما رجال وقادة،وأيضا الدين له رجاله وعلماؤه، فلنترك لهم ما يتخذونه من قرارات كل حسب موقعه وموضعه وتوقيته ؟؟؟وندعوا الله سبحانه وتعالي أن يوفقهم لما فيه خير البلاد والعباد ولما يحقق المصلحة والمنفعة الدينية والوطنية والقومية؟؟؟؟ ولكن يبقي السؤال الأهم وهو هل للعلم رجاله وعلماؤه ايضا ؟ وما هو الدور المنوط بهم القيام به حتي تظهر الحقائق وتتضح الرؤي أمام متخذي القرار في مثل هذه القضايا المصيرية المرتبطة بعقائد دينية ورؤي تاريخية عتيقة وموروثة وراسخة.

ومن اجل تأسيس مدرسة مصرية عربية كان لا بد من الإسهام العلمي في هذا المجال ليكون نواة صالحة للبناء عليها من قبل العلماء والباحثين وما أكثرهم في الجامعات المصرية والعربية والإسلامية،ومن هنا ولذلك السبب كان هذا المقال،وهو للمؤرخ أحد  رجالات العلم وعلماؤه ممن جمعوا بين التاريخ والآثار والفكر الديني تحت مظلة واحدة وهي مظلة المنهج العلمي السليم وهو المنهج الذي اصطلحنا علي تسميته بالمنهج التكاملي النقدي التحليلي المقارن للمصادر المباشرة(الاثار وأدلتها) والمصادر غير المباشرة( المصادر التاريخية والكتب الدينية

والفكر الديني ومقارنة الأديان)علي السواء وبفضل تطبيق هذا المنهج بمنتهي الشفافية والموضوعية والحيادية والنزاهة العلمية يمكن حسم الكثير من القضايا الخلافية وسد الثغرات وملء الفجوات من جهة وفتح أفاق جديدة وطرح رؤي وفرضيات وأسئلة لقضايا اخري تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة والتحليل ومن ثم الحسم في ضوء مايستجد من أدلة جديدة وتقنيات حديثةمن جهة اخري،ومن هذا المنطلق أثرنا أن نفرد سلسلة من المقالات حول العديد من تلك القضايا الخلافية؟

ولتكن البداية مع ما أثاره تصريح رئيس الوزراء الاسرائيل حول الحق التاريخي والحق الروحي لتكوين دولة اسرائيل الكبري أو ارض اسرائيل الكاملةEretz Yisrael Hashema

وهنا يثور تسأؤل جوهري ومهم حول حقيقة الوعد الإلهي وأرض الميعاد ومتي ظهر وكيف إنبثق، وهل هناك ادلة تاريخيّة وأثرية يقينية تؤكده وتدل عليه، أم أن الدليل الوحيد الباقي هو ما أشارت اليه الكتب المقدسة بدءا بالتوراة وأسفار اليهود وفقا. للمعتقد اليهودي ومرورا بالإنجيل والكتاب المقدس الذي جمع بين العهدين القديم والجديد وفقا للمعتقد المسيحي وإنتهاءا بالكتاب الخاتم والمهيمن علي كل الكتب السابقة وفقا للمعتقد الإسلامي،

وهل هذه الكتب المقدسة الثلاثة تتفق في الدلالة والمضمون والتفسير والتأويل؟

مع الادعاءات والتوجهات الصهيونية والاسرائيلية ومن ينتمون لما يعرف بإسم الصهيونية المسيحية؟

وقبل أن نجيب علي كل هذه التساؤلات وغيرها لا بد أن نشير أولا إلى الاتجاهات البحثية التي سيطرت وماتزال علي دراسة تاريخ الشرق الادني القديم بصفة عامة وما يتعلق منها بدراسة تاريخ اليهود وبني اسرائيل وعلاقتهم بالدول المعاصرة لهم عامة وأرض فلسطين خاصة

ونستطيع أن نحدد هذه الاتجاهات البحثية وفقا لرؤي ثلاث سيطرت وماتزال علي الدراسة التاريخية والأثرية حتي الان وهي

-الرؤية الدينية التوراتية التقليدية المتمسكة بالروايات والأحداث التاريخية الواردة في التوراة أو العهد القديم علي إنه ا اخبار تاريخيّة صحيحة لايقترب منها الشك

وتكون في النهاية تاريخًا مقدسا لايمكن نقده أو تقييمه أو إخضاعه في اي صورة من الصور لمقاييس النقد التاريخي المعروفة كما أنه لايخضع للمعطيات التاريخية والأثرية بل العكس حيث تأخذ هذه الرؤية

بتفسير الاكتشافات الأثرية بالشكل الذي لايخرج علي معطيات التوراة وبقية الأسفار

- الرؤية الصهيونية الحديثة والمعاصرة والتي نشأت مرتبطة بالحركة القومية اليهودية التي تمخضت عن ظهور الحركة الصهيونية وتتصف هذه الحركة بأنها رؤية سياسية تكتب التاريخ وتفهمه من وجهة نظر قومية يهودية وبالتالي فهي لا تتعارض مع مع الرؤية الدينية السابقة بل نجدها رغم صفتها السياسية تعتمد علي المعتقدات الدينية وتريديها مبررا كافيا للمضي قدما في برامجها السياسية ومسوغا مهما للقيام بكل الأعمال الاستيطانية والاستعمارية والتوسعية بل إنه ا كذلك احدي الوسائل الصهيونية الأساسية في إقناع الرأي العام اليهودي بضرورة الصهيونية بل وحتميتها في مسيرة التاريخ اليهودي العام.

وأقدمت قدمت هذه الرؤية الصهيونية أكبرعملية تزييف للتاريخ في التاريخ ومارست الدوائر الصهيونية كل أشكال الضغط ووسائل التهديد والابتزاز للوقوف في طريق أية محاولة موضوعية لكتابة التاريخ الصحيح والموضوعي.

- الرؤية الموضوعية المعاصرة والتي تقوم علي أساس علمي ومنهج علمي سليم تدعمه الأدلة التاريخية والأثرية ولائحته للرؤية الدينية التوراتية أو للرؤية الصهيونية ومن المثير للدهشة ان هناك تيارا يهوديا معارضا للاتجاهين الديني والصهيوني في كتابة التاريخ بدأ في الظهور داخل اسرائيل نفسها وقد اطلق علي أنصاره اسم المؤرخون الجدد وقد إعترف هؤلاء المؤرخون في لحظة صدق نرجو الاتكون عابرة بعملية تزييف التاريخ اليهودي وإختلاق التاريخ اليهودي في فلسطين؟

وسوف نقوم بنشر صور العديد من العلماء الباحثين المعنيين بتلك الرؤي وصور أغلفة. بعض كتبهم باللغة التي كتبت بها أو بعد ترجمتها إلى العربية بنهاية. هذا المقال التمهيدي؟؟؟

والحق إن تصريح نتنياهو ليس بجديد

فهاهو هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية يقول في المؤتمر الصهيوني الأول في بال بسويسرا1897م( ان العودة إلى صهيون يجب أن تسبقها عودتنا إلى اليهودية وان هدف الحركة الصهيونية هو تنفيذ النص الوارد في الكتاب المقدس بإنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين)

وها هو مندوب اسرائيل في الأمم المتحدة يقول عقب الاعتراف بدولة اسرائيل عام1948م( قد لا تكون فلسطين لنا علي أساس حق سياسي أو قانوني ولكن فلسطين لنا علي أساس حق روحاني وهذا الحق الروحاني مستمد من الإصحاح 15 من سفر التكوين)

ويقول وايزمان( ان يهوديتنا وصهيونيتنا متلازمتان متلاصقتان ولايمكن تدمير الصهيونية دون تدمير اليهودية)

ويقول( نحن لسنا بقادمون ولكننا عائدون

we are not coming but returning)

وعلي مدخل الكنيست الاسرائيلي بتل أبيب

كتبت. العبارة التالية( حدودك يااسرائيل من النيل إلى الفرات)

هذا فضلا عن الخرائط وبعضها نشرناه في مقالنا هذا؟

ومما له دلالته في هذا الصدد أن أرض الميعاد سواء كانت حقيقة

أواسطورة كما سنشير ونثبت في دراستنا التالية لهذا المقال مرتبطة بنظرية الوعد الإلهي والميثاق والعهد الوارد في سفر التكوين لسيدنا إبراهيم ثم لابنه إسحاق ثم لحفيده يعقوب المعروف باسرائيل في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد؟

فهل يعقوب فعلا هو اسرائيل؟؟؟ ففي القرأن الكريم يعقوب شئ واسرائيل شئ أخر فنرجوا من العلماء والباحثين حسم هذا الموضوع بالأدلة العلمية التاريخية والأثرية بعيدا عن ماورد في الكتاب المقدس وفي تفاسير الاسرائيليات في التراث الإسلامي لأنها إعتمدت في الأساس علي ماورد في الكتاب المقدس؟؟؟؟

وفي القرآن الكريم وعدان هما وعد الاولي ووعد الآخرة أما وعد الاولي فقد تحقق مصداقا لقول الله تعالي في سورة الإسراء المعروفة بسورة بني اسرائيل ( فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا )وهناك ادلة تاريخيّة وأثرية علي تحقيقه ؟؟؟

وهناك تصريح جيمس بلفور وزير الخارجية البريطاني

عام 1917م والذي أطلق عليه مصطلح وعد بلفور ليحمل منظورا توراتيا يستدعي وعود الله لبني اسرائيل في التوراة ؟؟

اما الوعد الثالث والأخير فهو اهم الوعود واخطرها ولم يلتفت اليه من قبل عند مناقشة هذه القضية وهو وعد الاخرة

الوارد في سورة الإسراء المعروفة ايضا بسورة بني اسرائيل (فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا)

انتظرونا وتابعونا في الأجزاء التالية

بقلم:

الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا