سر عدم التزام التجار والمصنعين بمبادرة خفض أسعار السلع

رغم توجيهات رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي، للتجار والمصنّعين، بخفض أسعار السلع 4 أغسطس الجارى، إلا أن المواطن لم يجد أي تراجع في أسواق المنتجات الغذائية حتى الآن.
وفي نهاية شهر يوليو الماضي، عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا لمتابعة جهود خفض الأسعار المختلفة مع التجار والمصنّعين.
واستهل رئيس الوزراء الاجتماع بتأكيده أن الحكومة، على مدار الفترة الماضية، كانت ولا تزال حريصة على ضمان الالتزام بتوفير السلع المختلفة، وكذا مُستلزمات الإنتاج للمصانع، قائلًا: «نجحنا في تحقيق ذلك عبر استقرار تام والتزام من الجهاز المصرفي بتوفير كل المتطلبات من المكون الأجنبي من العملة الصعبة، خلال الفترة الماضية».
وشدد الدكتور مصطفى مدبولي على أن المطلوب -حاليًا- هو أن يشهد المواطن انخفاضًا في أسعار السلع، خاصة أن سعر الدولار يسجل انخفاضًا خلال الفترة الأخيرة مقابل الجنيه.
وكان سعر الدولار في البنوك سجل تراجعًا من 51 جنيهًا بداية يوليو الماضي، إلى 48 جنيهًا.
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن تراجع إلى 13.9% خلال يوليو 2025، مقابل 14.9% في يونيو الماضي، مسجلًا بذلك ثاني انكماش بعد 3 أشهر متتالية من الارتفاع.
وخلال الأسبوع الماضي، بدأت الحكومة ممثلة في وزارة التموين بتنفيذ مبادرة خفض الأسعار بشكل رسمي، داخل المجمعات الاستهلاكية التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية بكافة محافظات الجمهورية.
وبحسب تصريحات وزير التموين الدكتور شريف فاروق، فإنه تم خفض أسعار 15 سلعة بنسب تصل إلى 18%، ومنها:
- اللحوم السودانية الطازجة سعر الكيلو 310 جنيهات بدلًا من 320 جنيها.
- السكر سعر الكيلو 28 جنيها بدلا من 30 جنيها.
- اللحوم المجمدة 190جنيها للكيلو بدلا من 220 جنيها.
- الدواجن المجمدة سعر الكيلو 90 جنيها بدلا من 110جنيهات للكيلو.
- اللحوم البلدية 330 جنيها للكيلو بدلًا من 350 جنيها للكيلو.
- زيت خليط 800 مل 52 جنيها بدلا من 54.5 جنيه.
- زيت خليط 1 لتر 67 جنيها بدلا من 70 جنيها.
- زيت ذرة 1 لتر 95.5 جنيه بدلًا من 107.5 جنيه.
- أرز سعر الكيلو 28.5 بدلًا من 30 جنيها.
- مكرونة واحد كيلو 23.5 جنيه بدلا من 25 جنيه.
- شاي 250 جراما بسعر 33 جنيها بدلا من 35 جنيها.
- سمن نباتي 700 جرام بسعر 59 جنيها بدلا من 62 جنيها.
- صلصة 300 جرام بسعر 17.5جنيه بدلا من 19جنيها.
وشملت التخفيضات سلعا أخرى ومنها «المنظفات، حلاوة ومربات وطحينة، مخبوزات ومعجنات، شاي، ملح صلصة، عصائر ومركزات ومنتجات العناية الشخصية» وذلك بنسبة 5%.
في المقابل، لم تشهد معظم أسواق القطاع الخاص، انخفاضات في الأسعار حتى الآن، حيث أرجع الدكتور هشام حسين، عضو مجلس النواب، ذلك إلى غياب دور الحكومة في إلزام التجار بتخفيض الأسعار؛ لا سيما في ظل ما يتم تقديمه من تسهيلات للمستثمرين والمصنعين، وهو ما يتوجب عليه الاستجابة في خفض الأسعار.
وأكد «حسين» أن العديد من التجار يلجأ إلى زيادة الأسعار مع أي تحريك في سعر صرف الدولار أو أسعار الوقود، متسائلًا: «لماذا مع التراجع في أسعار الدولار على سبيل المثال وتحسين الأوضاع الاقتصادية لا يتم خفض الأسعار؟».
وطالب النائب هشام حسين، الحكومةَ بضرورة استغلال كل الوسائل الممكنة؛ من أجل أن يشعر المواطن بأن هناك تحسنًا حقيقيًّا في الأوضاع الاقتصادية، وانعكاسها عليه بشكل مباشر.
فيما يرى التجار في السوق المحلي، أن السبب الأساسي عدم خفض أسعار السلع، هو المصانع والتي لم تعد قوائم أسعار جديدة ويتم التوزيع بالأسعار القديمة حتى الآن.
وأشار خبراء، إلى أن السلع الموجودة حاليًا في السوق، تم استيرادها وإنتاجها، بسعر دولار 51 جنيهًا؛ لذلك لم يلجأ المصنعين إلى خفض الأسعار نتيجة ارتفاع التكلفة.
مسؤولية الصناع
وفي هذا السياق، قال السيد البرعي، عضو الشعبة العامة للمواد الغذائية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن خفض أسعار السلع، مسئولية المصنع نفسه، وليس التجار والسوبر ماركت ومنافذ التوزيع؛ لأنهم ملتزمون بقرار 330 الخاص بالتسعير.
وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن التجار يحصلون على قائمة أسعار من قبل المصنع تحدد فيها السعر الرسمي للتجار وهامش الربح وسعر المستهلك.
وأشار «البرعي»، إلى أن هناك بعض التجار اشتركت في مبادرة خفض الأسعار، ووصل نسبة الانخفاض بنسبة تتراوح بين 18% و20%، متابعًا: «الانخفاض جاء نتيجة الركود الذي يشهده السوق، وبحانب وجود سلع قرب انتهاء صلاحيتها لذلك معظم التجار ستنضم للمبادرة، وليس لانخفاض سعر الدولار لأنه قابله ارتفاعات في المحروقات وزيادات في الأجور، والتشغيل».
وواصل: «بالرغم من إطلاق المبادرة من قبل وزارة التموين إلا أن هناك بعض التجار لا تعلم بها؛ لعدم اطلاعها على السوشيال ميديا بشكل كامل، لأن المصانع حتى الآن لم تعلن قوائم أسعار جديدة بالانخفاض لذلك التجار تعمل على القديم».
واستكمل: «بالإضافة إلى أن لدينا مناطق بعيدة في القري بالمحافظات، لا تمتلك سوى محل بقالة، وليس لديها سوبر ماركت أو مجمع استهلاكي لذلك لن يشعر سكانها بانخفاض الأسعار».
وطالب عضو شعبة المواد الغذائية، وزير التموين بضخ السلع المخفضة كـ«سلع حرة» في شركات الجملة ومن ثم توزع على منافذ الوزارة والذي عددهم 41 ألف منفذ على مستوى الجمهورية، لتوفير السلع لجميع المواطنين.
غير قابلة للتنفيذ
ومن ناحيته، قال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، إن المبادرة تم إطلاقها؛ نتيجة طبيعية لانخفاض نسب معدلات التضخم، وتراجع الدولار ما يقرب من 2.50 جنيهًا في البنوك.
وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن المشكلة في استيراد المنتجين والمصعين، السلع الغذائية والخامات، بسعر الدولار عند 51 جنيهًا، والمخزون السلعي يكفى لـ 3 أشهر، متابعًا: «وبالتالي عند طلب الحكومة من المصانع خفض أسعارها يكون الرد تم استيراد السلع بأسعار مرتفعة عن سعر الدولار الحالي».
وأوضح «عامر»، أن المواطن لن يشعر بأي تحسن في الأسعار قبل انتهاء المخزون السلعي أو الخدمي أو الإنتاجي، والبدء باستيراد السلع بسعر دولار 48.40 جنيهًا، وذلك بعد 3 أشهر.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن المبادرة تهدف لتهدئة الرأي العام، ولكن غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع وخاصة مع وجود اقتصاد حر، متابعًا: «الحكومة لا تملك تطبيق التسعيرة الجبرية».
وأكد أن الدولة تملك فقط خفض أسعار منتجاتها دخل المنافذ الخاصة بها سواء لوزارة التموين أو الزارعة أو القوات المسلحة، والمنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية.