مدير فرع بنك استولى على 568 ألف دولار من حسابات العملاء بالتزوير.. والنيابة تحيله للجنايات

في واحدة من أخطر قضايا الفساد المصرفي التي هزت القطاع البنكي، قررت نيابة الأموال العامة العليا، بإشراف المستشار معتز الحميلي، المحامي العام الأول، إحالة مدير فرع بنك "التجاري وفا – فرع المقطم" إلى محكمة الجنايات، لاتهامه بالاستيلاء على أموال عملاء البنك، والتي بلغت نحو 568 ألف دولار أمريكي، عبر التلاعب في مستندات السحب وتزوير توقيعات العملاء.
السيناريو: سرقة تحت غطاء "الوظيفة"
بدأت خيوط القضية حينما تقدم أحد عملاء البنك بشكوى رسمية، تفيد بوجود عمليات سحب تمت من حسابه دون علمه أو توقيعه على أي مستندات رسمية، وبفحص كاميرات المراقبة في الفرع، تبين عدم وجود العميل بالفرع في التوقيت المذكور، ما أثار الشكوك حول تورط موظف داخل البنك.
وفور استقالة المتهم، أصدر البنك تعليمات بفتح مراجعة شاملة لأعماله، وتكليف قطاع المراجعة الداخلية بفحص التعاملات، ليتبين لاحقًا أن مدير الفرع قام بسحب مبالغ ضخمة من حسابات العملاء، مدعيًا حضورهم شخصيًا لاستلام الأموال، مستغلًا سلطته في إصدار تعليمات إلى قسم الخزينة لصرف المبالغ.
الشهادات تفضح الجريمة
استندت النيابة العامة في تحقيقاتها إلى أقوال عدد من الشهود، في مقدمتهم سامح محمد عوض يوسف – محامي استئناف بالبنك أكد أن البنك تلقى استقالة من المتهم، وطلب فيها تسليم مستحقاته لزوجته وابنته، وتم بدء إجراءات المراجعة، وخلالها ظهرت شكاوى من العملاء بحدوث عمليات سحب دون علمهم.
وشهد الدكتور أحمد عبد الغني سالم – طبيب بشري أن زوجته اكتشفت خلو حسابه من أي أرصدة دولارية، رغم أنه كان خارج البلاد وقت تنفيذ عملية السحب.
وأكد إسلام فتحي أحمد حسن – مصرفي بالبنك المركزي المصري، إنه كان ضمن لجنة منتدبة لفحص الواقعة، وأشار إلى أن المتهم زور توقيعات العملاء على إيصالات السحب، واستولى على المبالغ لنفسه.
واثبت عطية جمال عبد الناصر – خبير أبحاث التزوير بمصلحة الطب الشرعي أن التوقيعات على مستندات السحب مُقلدة بطريقة احترافية يمكن أن تنطلي على موظفي البنوك.
تزوير واستيلاء… وتلاعب بالمحررات
حسب النيابة، فإن المتهم لم يكتفِ بالاستيلاء على أموال العملاء، بل ارتكب جرائم تزوير في محررات رسمية ومصرفية، تمثلت في تزوير توقيعات العملاء على إيصالات السحب، وادعاء كاذب بأن العملاء حضروا لاستلام المبالغ، واستعمال مستندات مزورة داخل الدورة المستندية للبنك.
وأثبتت تحريات هيئة الرقابة الإدارية صحة الواقعة، وأكدت أن المتهم تصرّف في الأموال لنفسه بنية التملك، كما ربطت بين جرائم الاستيلاء وجريمة التزوير باعتبارهما جرائم غير قابلة للتجزئة وقعت في الزمان والمكان نفسيهما، وفي النهاية إحالته إلى محكمة الجنايات، ووجهت النيابة للمتهم اتهامات ثقيلة شملت الاستيلاء بغير حق على المال العام، والتزوير في محررات رسمية واستعمالها، والإضرار العمدي بجهة عمله
استغلال الوظيفة العامة لتحقيق منافع شخصية
وقررت النيابة إحالته إلى محكمة الجنايات، مع طلب توقيع أقصى العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات المصري، لا سيما وأن الوقائع تحمل أبعادًا خطيرة تتعلق بثقة العملاء في المؤسسات المصرفية.