رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور محمد حمزة يكتب: «الآثار» و«الأوقاف» ومن المسؤول عن ضياع التراث؟

الدكتور محمد حمزة
الدكتور محمد حمزة

الآثار والأوقاف  إلى أين؟ ومن يتحمل المسؤولية القانونية؟ ومن يحاسب علي الإهمال والتقصير وعدم تنفيذ القانون؟

أين الجهات الرقابية؟ أين النائب العام؟ أين مجلس النواب؟ فوجئنا بسقوط مئذنة مسجد سيدي سلامة الأثري بسمنود (مرفق صورته) فمن المسؤول؟ وزارة الاثار ممثلة في المجلس وقطاع الآثار الإسلامية واللجنة الدائمة وآثار الوجه البحري ومنطقة أثار سمنود أم وزارة الأوقاف؟

المادة 6 من القانون تبين أن جميع الآثار من الأموال العامة للدولة عدا ماكان منها وقفا، وتؤكد المادة 7 من اللائحة التنفيذية للقانون ذات المفهوم وتضيف ما نصه (وتطبق عليها جميع احكام المال العام وفقا لقانون العقوبات توزعينه من القوانين ذات الصلة)

والمادة 30 من القانون تؤكد أن أعمال الصيانة والترميم يختص بها المجلس الأعلى للآثار دون غيره وتتحمل وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف نفقات ترميم وصيانة الآثار التابعة لها

وهو ما تؤكده المادة105 من اللائحة التنفيذية للقانون بل وتضيف عليه مانصه (ويجوز للمجلس إلزامها أي الأوقاف بالقيام بأعمال الترميم والصيانة وزيادة الحراسة وتطوير نظم الأمن ووسائل الحماية بها بناءا علي تقرير اللجنة المختصة وبعد اعتماد مجلس الإدارة).

وبالتالي فما حدث إنما يمثل خطأ مشترك واهمال وتقصير مشترك يستوجب المساءلة والمحاسبة القانونية

ونضيف بأن هذه ليست المشكلة الأولي بين الآثار والأوقاف فهناك قائمة طويلة من الآثار التي فقدناها أو تم هدمها أو سرقتها أو تشويهها، بل أن هناك آثار  منقولة عديدة ومنها آثار نادرة في مخازن الأوقاف وفي بعض المقابر والأحواش لا تعلم عنها الآثار شيئا، وبالتالي مصيرها مجهول للأثريين والباحثين.

ثم أين كانت وزارة الأوقاف أثناء هدم المقابر والأحواش التراثية وكلها أوقاف في محور صلاح سالم في الفردوس والأباجية وسيدي جلال والتونسي والسيدة عائشة والسيدة نفيسة والإمام الشافعي وعين الصيرة فلم نسمع لوزير الاوقاف السابق والحالي صوتا ولم يحركوا ساكنا.

وناشدناه مرات عديدة ولم يستجب،وبالمقابل لم تحرك الآثار صوتا بحجة أنها غير مسجلة آثار  مع أن ذلك تقصير واهمال من جانب المجلس في تسجيلها كأثار طبقا للمادة 2من القانون، وناشدنا الوزارة مرات عديدة ولم تحرك ساكنا بل ولم ترد بتاتا.

وأزيدكم من الشعر بيتا فقد وقع بين يدي خطاب من السيد رئيس هيئة مستشاري مجلس الوزراء  إلي السيد وزير السياحة والآثار تحت رقم5610بتاريخ22 مايو 2025م وفحواه أن الهيئة الهندسية سوف تقوم باستلام كل من سبيل أم محمد علي الصغير علي ناصية ش الجمهورية خلف مسجد الفتح( أولاد عنان) بميدان رمسيس ودار كسوة الكعبة بالخرنفش بحي الجمالية بالقاهرة والقيام بأعمال رفع الكفاءة لهما وهذا شيئ محمود ومهم وضروري للعديد من الأبنية والعقارات الأثرية الاخري وليس فقط لهذين المبنيين، ولكن غير المحمود ويعد مفاجئة في ذات الوقت هو قيام هيئة الاوقاف بتوقيع عقد انتفاع للهيئة بهذين العقارين لمدة 50سنة بقيمة رمزيةبواقع100 جنيه سنوي لكل عقار حتي يتسني تمويل أعمال رفع الكفاءة وتأهيلهما كمظهر حضاري.

وهذا يعني ان كل عقار سوف يؤجر أو ينتفع به لمدة 50سنة مقابل5000جنية وبكده العقارين ب10000جنيه خلال ال50سنةفهل هذا معقول؟ ومن المستفيد من هذا العقد الهزيل الأوقاف فقط ولا الأوقاف والآثار؟؟ والمبلغ ده أصلا ايه؟ وكمان العائد بعد رفع كفاءة المبنيين واستثمارهما سياحيا هيبقي من نصيب مين؟ هل جهة واحدة؟ ولا جهتين؟ ولا الثلاث جهات؟ثم كيف يتم توقيع عقد كهذا في ذات الوقت اللي البلد فيه قايدة نار علشان قانون الايجارات؟

الذي قدمته الحكومة لمجلس النواب وتمت مناقشته ثم الموافقة عليه ولم يصدق عليه السيد الرئيس بعد،فلماذا هذا التناقض؟ ولا ده شئ وده شئ آخر، وتم إرسال صورة من الخطاب إلي السيد وزير الأوقاف للإحاطة،.

وهناك كتاب وزير الاوقاف رقم149ومرفقاته الواردة في هذا الشأن والمتضمن سبق تسليم دار الكسوة لوزارة السياحة والآثار، ومما له دلالته في هذا الشأن أن  سبيل أم محمد علي الصغير مسجل في عداد الآثار بقرار وزير الثقافة رقم188لسنة1989م(مرفق القرار وصورتان للسبيل)، أما دار الكسوة بالخرنفش فمسجلة بقرار وزير الآثار رقم60لسنة2015م وأنا شاهد عيان علي ذلك وكنت سببا في ذلك وفي تسجيل آثار آخري وأناعضو في مجلس ادارة المجلس الأعلي للآثار (2011-2017).

وقد تم تحويل الخطاب إلي السيد الأمين العام للمجلس بالتأشيرة التالية(د محمد إسماعيل مع مراعاة قواعد اليونسكو) فهل هذا معقول؟وهل يتسق ذلك مع الدستور(المواد47- 49- 50)؟ ومع قانون الآثار117 لسنة 1983م وتعديلاته،فأين مجلس الإدارة؟ وأين قطاع الآثار الإسلامية؟وأين اللجنة الدائمة؟

والحل عندي هو أنه لا مفر من حسم الخلاف وفض الاشتباك بين الأوقاف والآثار،وتحديد المسؤولية من أجل المحاسبة والمساءلة فالآثار والتراث ليسا ملكا لأحد ولا لأي جهة سوي الدولة المصرية والشعب المصري وحده ( الجيل الحالي والأجيال اللاحقة)

ولن يتأتي ذلك إلا بإلغاء القوانين الأربعة ذات الصلة بالآثار والتراث في مصر وهي:

القانون117لسنة1983م وتعديلاته

والقانون144لسنة2006م

والقانون119لسنة2008م

والقانون8لسنة2009م

واستصدار قانون الآثار والتراث الموحد وتكون الجهة الوحيدة المسؤولة عن الآثار وعن القانون وتنفيذه وتطبيقه هي وزارة الآثار حتي يمكن محاسبتها ومساءلتها،أما الآن  فدم الآثار  والتراث مفرق بين القبائل،فمن يحاسب إذن؟

ففي ظل هذه القوانين الأربعة فقدنا الكثير والكثير من آثارنا وتراثنا وهويتنا مابين هدم وشطب وإزالة وتعديات واعتداءات علي حرم الآثار، وفك آثار لم تعاد حتي الآن ولانعلم مصيرها، وسرقات وحفائر خلسة وتجارة غير شرعية وفقدان بل وتشويه لمظاهر الأصالة لسوء أعمال الترميم في مواقع عديدة فضلا عن عدم تسجيل آثار كثيرة بحجة عدم وجود إمكانيات وكذلك عدم ترميم آثار كثيرة بنفس الحجة ومنها مئذنة مسجد سيدي سلامة الأثري بسمنود محافظة الغربية التي هدمت مؤخرًا رغم وجود خطابات بين الاوقاف والآثار.

فيا مجلس النواب،ويا دولة رئيس الوزراء،ويا وزير السياحة والآثار،ويا وزير الأوقاف،ويا وزير الثقافة

حافظوا علي مابقي من معالم هويتنا من الآثاروالتراث.

ولله در القائل: تلك آثارنا تدل علينا.. فإنظروا بعدنا إلي الآثار، والقائل: فمن كان ذا عبرة.. فليكن فطينا ففي من مضي معتبر، والقائل: وبادوا جميعا فلا مخبرعنهم.. أين هم ثم أين الأثر.

اثار1

اثار 2