رئيس التحرير
خالد مهران

فجرتها زيارة ترامب للخليج.. حقيقة الصراع بين مصر والسعودية على قيادة العالم العربي

لقاء ترامب مع قادة
لقاء ترامب مع قادة دول الخليج

هل هناك تنافس مكتوم على الزعامة بين البلدين الشقيقين؟

خبراء: الدولتين ركيزة أساسية للأمن العربي والأقليمي 

«حسن»: لهذه الأسباب مصر هي  الدولة الأساسية في العالم العربي

مساعد وزير الخارجية الأسبق: العلاقة بين الرياض والقاهرة «تكاملية»

سفير مصري سابق يكشف سبب عدم زيارة ترامب مصر وإسرائيل

العلاقة بين أمريكا ودول الخليج تقوم على المصالح المشتركة

«منير»: يقع على البلدين العبء الأكبر فى تحقيق التضامن العربي

بعد جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير للشرق الأوسط، والتي شملت، المملكة العربية السعودية وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة، عاد الحديث عن قيادة العالم العربي للواجهة من جديد.

ويحاول البعض بين الفينة والأخرى أن يظهر أن هناك صراعا على زعامة العالم العربي بين المملكة العربية السعودية ومصر من أجل ضرب العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين، والتي ترسخت وتطورا بشكل غير مسبوق في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتكاد تصل لحد التطابق في الموقف من ملفات المنطقة والعالم.

فهل هناك فعلا صراعا مكتوما على قيادة الوطن العربي بين مصر والمملكة العربية السعودية كما يزعم البعض أما أن القضية لها علاقة بمحاولة ضرب العلاقة بين الدولتين الكبيرتين في المنطقة العربية والشرق الأوسط لصالح أطراف أخرى؟. 

تاريخيا، تقوم العلاقات المصرية السعودية على أسس الإخوة والمصالح المشتركة، كما يلعب البلدان دورا رئيسيا في الحفاظ على استقرار المنطقة والدفاع عن الحقوق العربية.

وحسب الخبراء والمراقبون، يشكل البلدين ركيزة أساسية للأمن العربي والأقليمي لدورهما القيادي في التصدي للتحديات المشتركة لعل أبرزها الإرهاب والجريمة المنظمة، وتعزيز التكامل الاقتصادى والتنمية المستدامة في ظل التحديات الجسيمة.

ويضيف الخبراء، أنه على مر التاريخ تتسم العلاقات المصرية السعودية، بخصوصية كبيرة ناتجة من الروابط التاريخية والشعبية القوية والمصالح المشتركة بين البلدين الشقيقين، وفي المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، وأن قوة العلاقة يرجع لدور مصر والسعودية فهما يمثلان حجر الأساس للأمن العربي والإقليمي.

يقول ماجد منير، رئيس تحرير الأهرام، أن العلاقات المصرية ــ السعودية بلغت أوجها فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولى العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث تعددت الزيارات بين الجانبين، وتم تطوير التعاون العسكري، والتكامل الاقتصادي، والاستثمارات المتبادلة، إضافة إلى عدد كبير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، وتعزيز الشراكة الإستراتيجية، لتصبح معها السعودية أكبر شريك تجارى لمصر فى الشرق الأوسط، إضافة إلى التعاون السياسي؛ بحكم أنه يقع على البلدين العبء الأكبر فى تحقيق التضامن العربي، وهو ما جعل العلاقات التاريخية تصمد فى وجه كل العقبات، وتتوفر لها الحصانة ضد أى اختلافات فى وجهات النظر بشأن بعض القضايا، وأهلها لتكون نموذجا يحتذى به فى العلاقات بين الأشقاء، ويجعل لها خصوصية ناتجة من الروابط التاريخية والشعبية القوية والمصالح المشتركة.

مستشهدا بمقولة  الملك عبد العزيز آل سعود، بأنه «لا غنى للعرب عن مصر ولا غنى لمصر عن العرب»، من ثمّ تتميز العلاقات المصرية ــ السعودية بحالة شديدة الخصوصية، ولم لا ومصر تعد العمق الإستراتيجى للمملكة، كما أن السعودية عمق إستراتيجى عربى وآسيوى لمصر.

ويؤكد منبر: إن العلاقات المصرية - السعودية ثابتة وراسخة؛ بوصفهما القلب النابض للأمة العربية، ولما يتمتعان به من قدرة غير عادية على حلحلة أزمات الشرق الأوسط، وأن البلدين هما  حجر الأساس للأمن العربى والإقليمي.

ويقول الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إنّ العلاقات المصرية السعودية تاريخية ومتميزة وقوية على المستويين الشعبي والرسمي، مشيرًا إلى أن كلا الدولتين يعتبرا من الدول المؤثرة في المنطقة.

وأضاف، أنّ السعودية لها تأثيرها في منطقة الخليج وفي مجلس التعاون الخليجي، ومصر لها تأثيرها في المنطقة العربية الذي يرتبط بالأمن القومي المصري ويرتبط بالأمن القومي الخليجي والسعودي.

وتابع، أنه من الناحية التاريخية كانت السعودية من الدول المؤيدة لمصر قبل حرب أكتوبر 1973 في إطار دول الدعم العربي، وإذا توافقت القاهرة مع الرياض فقد توافق العرب، مشيرًا إلى أن مصر تتوافق سياستها مع الممكلة العربية السعودية وهناك تنسيق متبادل على مختلف المستويات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية.

ويقول خبراء العلوم السياسية، إن مصر والمملكة العربية السعودية، دولتان عربيتان شقيقتان، تربطهما علاقات متعددة، تزداد يومًا بعد يوم، بسبب الرغبة الحقيقية لدى قيادة البلدين في تطوير وتعزيز هذه العلاقة بشكل أكبر.

ويشير الخبراء إلى أن مصر دولة رئيسية، كما هي المملكة العربية السعودية في النظام العربي الإقليمي، ويهمهما استقرار الشرق الأوسط، والتنمية، والاقتصاد وفتح أفاق جديدة اقتصادية واستثمارية وتجارية.

ويؤكد الخبراء، على إن العلاقات المصرية السعودية تعتبر ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة، خاصةً في ظل الأزمات المستمرة التي تعاني منها، وتعكس هذه العلاقات الاستراتيجيات المشتركة والإرادة السياسية القوية من الجانبين لمواجهة التحديات وتعزيز الاستقرار الإقليمي، ومن خلال التنسيق الوثيق وتبادل الرؤى الاستراتيجية، تسهم كل من مصر والسعودية في تشكيل مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للمنطقة، ومن ثم فاستمرار التعاون وتعميق الشراكة بين البلدين يعدان مفتاحين حيويين لمواجهة الأزمات الإقليمية وتحقيق الأهداف المشتركة خلال السنوات المقبلة.

وحسب الخبراء، فإن العلاقات المصرية السعودية تشهد تقاربا على كل المستويات، في شراكة وطيدة عمرها 100 عام، وعلاقات تاريخية بدأت بمعاهدة الصداقة بين الرياض والقاهرة عام 1936.

ومع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في عام 2014، أخذت العلاقات بين البلدين منحى أكثر إيجابية، وتوسع في الاستثمارات، وشراكة واسعة.

أهم قوتين إقليميتين في منطقة الشرق الأوسط

 ويقول الدكتور محمد فايز فرحات، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية، أن مصر والسعودية تشكلان جزءًا من وحدة استراتيجية متكاملة في المنطقة، مشيرا إلى أن مصر والسعودية تربطهما علاقة جغرافية مميزة حيث يفصلهما فقط البحر الأحمر.

وأضاف فرحات، أن مصر والسعودية تمثلان أهم قوتين إقليميتين في منطقة الشرق الأوسط، وكل منهما يدافع عن المبادئ السياسية التي تحكم العلاقات في المنطقة.

وأكد أن التعاون بين مصر والسعودية هو عامل أساسي للحفاظ على البعد العربي في المنطقة، حيث تعتبر الدولتان الركيزة الأساسية في الشرق الأوسط، ولعبت مصر دورًا مهمًا في دعم استقلال الكويت ورفض التدخل في شؤونها الداخلية، مشددًا على أن مصر دعمت الدول العربية في أزماتها، وفي المقابل، لم تنس تلك الدول مواقفها الداعمة لمصر.

تعاون وتكامل وليس صراعا 

يقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن الهدف المعلن من زيارة ترامب للمنطقة كان هو عقد صفقات تجارية واقتصادية واستثمارية وأمنية وتعاون عسكري مع دول الخليج، مشيرا إلى أن الإعلام الأمريكي تحدث عن أن ترامب ذاهب إلى الشرق الأوسط وليس في جعبته أي حلول سياسية لأزمات المنطقة، لافتا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعاني من أزمة اقتصادية حادة جدا، ارتفاع في نسب البطالة والتضخم والديون، من هنا كانت الهدف من زيارة ترامب هو إخراج الافتصاد الأمريكي من أزمته، في المقابل حصلت دول الخليج على بعض المكاسب الاقتصادية منها أن المملكة العربية السعودية حصلت على موافقة ترامب لإنشاء مفاعل نووي للأغراض السلمية، بالإضافة إلى التعاون في المجال العسكري والصناعات العسكرية، كما أبرمت قطر صفقة طيران مدني من طراز بوينج، وكلها صفقات ضخمة جدا، وهذا يمثل دعم قوي للاقتصاد الأمريكي، لافتا إلى أن الرئيس الأمريكي لم يكن يحمل معه خطة لتسوية أي أزمة سياسية في المنطقة، ولم يقوم كما فعل في زيارته السابقة بعقد قمة عربية، ولكنه أكتفى بعقد قمة خليجية.

وأضاف «حسن»، أن معظم الصفقات التي أبرمها ترامب مع دول الخليج هي عبارة عن استثمارات وليست هدايا كما يعتقد البعض، هدفها دعم الإدارة الأمريكية في مواجهة الأزمة الاقتصادية، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من أمراء وشيوخ دول الخليج يضعون أموالهم في البنوك في الولايات المتحدة الأمريكية ويتبرعون بالفوائد على اعتبار أنها ربا، لكن هذه المرة كان استثمارا في مقابل إمداد هذه الدول بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والصناعات المختلفة، لا سيما وأن هذه الدول لديها خطط لتنويع مصادر الدخل القومي الفترة القادمة، وعدم الاعتماد على النفط والغاز كمصدر وحيد للدخل القومي، والمملكة العربية السعودية أعلنت أن المنتجات غير البترولية أصبحت تمثل 50% من الناتج القومي، باإلإضافة إلى حصولهم على الحماية من الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه عملية مهمة جدا، بدأت بعد الغزو العراقي للكويت، حيث تغيرت نظرية العدو، فأصبحت إيران هي العدو الرئيسي لهده الدول، لذلك في ولاية ترامب الأولى تم توسيع وتطوير قاعدة العديد في قطر بمبلغ 8 مليار دولار دفعتهم قطر، هذه المرة أعلن عن خطة لتحديث قاعدة العديد ستتكلف 10 مليار دولار، وترامب أعلنها صراحة أن من يريد من يتمتع بحماية الولايات المتحدة الأمريكية فعليه أن يدفع الثمن.

وعن عدم زيارة ترامب لإسرائيل، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن عدم زيارة ترامب لإسرائيل يعود لوجود احتقان في العلاقة بين ترامب ونتنياهو، بسبب عدد من المواقف منها، رفض ترامب طلب نتنياهو أثناء زيارته للولايات المتحدة الأمريكية بضرب المفاعلات النووية الإيرانية، وتأكيده على أن الولايات المتحدة سوف تدخل في مفاوضات مع إيران، وقيام ترامب بعمل اتفاق من طرف واحد مع الحوثيين دون أن يتضمن الإسرائيليين، كما طلب ترامب من نتنياهو تسوية الخلافات مع تركيا في سوريا، لأن تركيا عضو في حلف النيتو، وحليف للولايات المتحدة الأمريكية، لكن نتنياهو لم يستمع لكلام ترامب، وكانت النتيجة قيام ترامب بلقاء الشرع في المملكة العربية السعودية، ورفع العقوبات عن سوريا، بناء على طلب من الأمير محمد بن سلمان، وترامب كان يأمل أن يوقف نتنياهو القتال في غزة أثناء زيارته للمنطقة، ولكن نتنياهو رفض، بالإضافة إلى أن نتنياهو رفض وقف الحرب في غزة أثناء زيارة ترامب للمنطقة، مما سبب حرجا كبيرا لترامب وللولايات المتحدة الأمريكية.

وعن عدم زيارة ترامب لمصر رغم الدعوة التي وجهها له الرئيس عبد الفتاح السيسي لزيارة مصر، قال عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن هناك توتر في العلاقات المصرية الأمريكية، وهذا التوتر يعود إلى الخلاف على عدد من الملفات والقضايا منها، رفض مصر القوى والشديد والمتكرر تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن ترامب بعد تنصيبه للولاية الثانية دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن الرئيس عبد الفتاح السيسي اعتذر عن تلبية الدعوة تحسبا لإثارة موضوع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وبالتالي الرئيس السيسي اعتذر عن زيارة الولايات المتحدة الأمريكية تجنبا لحدوث صدام في هذا الملف الحساس والمصيري بالنسبة لمصر والقضية الفلسطينية، أيضا مصر رفضت طلب ترامب بمرور السفن الأمريكية التجارية والعسكرية في قناة السويس مجانا، كما رفضت خطة ترامب لاحتلال قطاع غزة وتحويله إلى ريفيرا في الشرق الأوسط، وقدمت البديل العملي المدروس المتمثل في خطة إعمار غزة، وتبنتها القمة العربية ومؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية، وتلقى دعما دوليا من الكثير من الدول ومن الأمم المتحدة ومنظماتها، كل ذلك سلسلة من الخلافات بين الزعيمين، وبالتالي لم يكن متصورا أن يقوم الرئيس ترامب بزيارة مصر ولا أن يدعو الرئيس السيسي للقاءه في المملكة العربية السعودية.

وعن موضوع الزعامة والقيادة والريادة في العالم العربي، يقول «حسن»، أن هناك تنازع أو صراع  أو طموحات سياسية على زعامة العالم العربي بعد ثورات الربيع العربي 2011، بين بعض الدول العربية على رأسها، الجزائر وقطر والسعودية والإمارات ومصر، لكن طبقا لعناصر قوة الدولة الشاملة، سواء من حيث المساحة أو السكان أو الناتج القومي أو القوة العسكرية أو القوة الناعمة والعلاقات الدولية، كلها عناصر تؤهل مصر لتكون الدولة الأساسية في العالم العربي.

وأضاف «حسن»، أن العلاقات المصرية السعودية مهمة جدا، مشيرا إلى أن هناك روابط قوية تربط المملكة العربية السعودية ومصر منها على سبيل المثال حجم الاستثمارات السعودية في مصر والعلاقات التجارية وحجم العمالة المصرية في المملكة العربية السعودية والتي تساهم بشكل كبير في خطط التنمية الاقتصادية في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى التنسيق والتشاور والتعاون بين البلدين في الكثير من ملفات المنطقة، وكذلك التنسيق الأمنى بالنسبة للبحر الأحمر، كلها علاقات بين دولتين شقيقتين، وهذا لا يمنع أن يكون هناك تفاوت في بعض وجهات النظر من بعض الملفات، وهذا لا يؤثر على العلاقات الأخوية والاستراتيجية بين البلدين، وبالتالي العلاقات بين مصر والسعودية مهمة جدا بالنسبة للدولتين، وبالنسبة لاستقرار المنطقة، مصر والسعودية دولتين كبيرتين كل دولة لديها امكانيات من نوع خاص، وهناك تكامل في الامكانيات بينهما، ومن خلال التعاون والتنسيق بينهما يمكن درء الكثير من المخاطر التي تحوم حول المنطقة.