رئيس التحرير
خالد مهران

مخاطر الاحتفاظ بالأموال خارج البنوك بعد سرقة «ثروة» الدكتورة نوال الدجوي| خاص

الدكتورة نوال الدجوي
الدكتورة نوال الدجوي

الدكتورة نوال الدجوي، رئيس جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والفنون MSA، باتت حديث الساعة على السوشيال ميديا، وتصدر أسمها محركات البحث جوجل بعد تعرّض مسكنها في كمبوند شهير بمدينة 6 أكتوبر لواقعة «سرقة كُبرى»، الأمر الذي شكل حالة جدلية واسعة خلال الساعات الماضية، نتيجة حجم المسروقات التي تقدر بـ300 مليون جنيه (ذهب وأموال لعملات مختلفة)، ويفتح الباب إلى تساؤلات عدة حول أسباب الاحتفاظ بالأموال في المنازل، وهل القانون يمنح حق الاحتفاظ بمثل هذه الأموال خارج البنوك؟.

وأثارت واقعة سرقة الدكتورة نوال الدجوي ردود أفعال واسعة ما بين «داعمة وساخرة»، وسط حالة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، سيما أن التقديرات الأولية في الواقعة تشير إلى أنّ حجم المسروقات يجعلها واحدة من أكبر وقائع السرقة المنزلية المسجّلة في مصر خلال السنوات الأخيرة.

سرقة الدكتورة نوال الدجوي

الدكتورة نوال الدجوي

وتستعرض «النبأ الوطني» في هذا التقرير القصة الكاملة لواقعة تعرض الدكتورة نوال الدجوي لعملية سرقة ضخمة داخل مسكنها في مدينة 6 أكتوبر التابعة لمحافظة الجيزة، وحرّرت بشأنها محضرًا رسميًا في الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين، فما القصة؟ ومن هي الدكتورة نوال الدجوي؟.

من هي نوال الدجوي؟

الدكتورة نوال الدجوي تُعدّ من أبرز الشخصيات في قطاع التعليم الخاص في مصر، وهي رئيسة ومؤسِّسة جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب (MSA).

تُعرف بين طلابها ومجتمعها الأكاديمي بلقب "ماما نوال"، وتتمتّع بسيرة مهنية طويلة بدأت منذ عقود، وتحديدًا في عام 1958، عندما أسّست أول مدرسة لغات مصرية خاصة في سن 21 عامًا، في وقت كانت فيه المدارس الأجنبية تهيمن على المشهد التعليمي في البلاد.

تنتمي نوال الدجوي إلى عائلة مصرية عريقة من الأسر الأرستقراطية، وساهمت في تأسيس عدد من المؤسسات التعليمية المرموقة، أبرزها مدارس "دار التربية"، إلى جانب الجامعة التي ترأسها، والتي تُعدّ من الجامعات الخاصة ذات السمعة الدولية المتميزة، سواء في مستوى المناهج أو الشراكات الأكاديمية مع جامعات أجنبية.

تكريمات ومسيرة حافلة

نالت الدكتورة نوال الدجوي تقديرًا واسعًا على مدار مسيرتها، وتمّ منحها الدكتوراه الفخرية من جامعة جرينتش في المملكة المتحدة، كما كرّمها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2019 ضمن النماذج النسائية المشرفة في المجتمع المصري، وذلك تقديرًا لإسهاماتها الممتدة في تطوير قطاع التعليم.

وترفع الدجوي شعارًا لطالما رافقها في حياتها المهنية والشخصية، وهو: "أنا أفكر، أعمل، أضيف.. إذن أنا أعيش"، والذي يعكس روح المبادرة والطموح والانخراط الدائم في المشروعات التربوية والتعليمية.

واقعة السرقة التي تعرضت لها الدكتورة نوال الدجوي، جعلت اسمها الأكثر بحثًا على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة بعد تقدمها ببلاغ رسمي يفيد بالواقعة. 

وقالت رئيسة مجلس أمناء جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة، نوال الدجوي لرجال المباحث إنها تقيم بمنطقة الزمالك، وتتردد على مسكنها الكائن في كمبوند شهير بأكتوبر على أوقات متفاوتة بداخلها 3 خزائن تحتوي على أموال وذهب العائلة.

وذكرت الدكتورة نوال الدجوي أنها حينما توجهت لمسكنها محل الواقعة؛ وجدت كسر بسيط في الباب ولا يوجد أثار عنف على الخزائن واكتشفت تغيير جميع الشفرات والأرقام السرية الخاصة بالخزائن الثلاثة.

وأفادت رئيسة مجلس أمناء جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة، الدكتورة نوال الدجوي، أن المسروقات تتضمن إرثا خاصا بعائلتها، وهي مبلغ مالي يقدر بـ 50 مليون جنيه مصري، و3 ملايين دولار، و15 كيلوجراما من الذهب، بجانب سرقة 350 ألف جنيه إسترليني.

ردود الأفعال

وجاء ضمن ردود الأفعال على واقعة سرقة الدكتورة نوال الدجوي، تساؤلًا طرحه الإعلامى محمد علي خير  في منشور له عبر حسابه الشخصي على «فيسبوك» ليسلط من خلاله الضوء على سبب احتفاظ الدكتورة نوال الدجوى رئيس ومالك جامعة MSA بهذه الثروة داخل منزلها، وسبب إحجامها عن وضع ثروتها وأموالها داخل البنوك واحتفاظها بها في المنزل.

وطالب الإعلامى محمد علي خير، الحكومة ببحث أسباب إحجام بعض المواطنين عن الاحتفاظ بثرواتهم داخل المنازل، مضيفًا: أكثر من تاجر صعيدي قام بإبلاغه أنه يحتفظ بأمواله داخل المنزل.

وتابع: «اتوقع أن تكون عمليات السحب المقيدة بالبنوك هي التي دفعت (الدجوي) لتحويل منزلها إلى بنك تحتفظ فيه بأموالها وثروتها أو قد يكون هناك أسباب أخرى على الحكومة بحثها وحلها».

فيما علق حساب باسم داليا جمال عبر منصة «إكس» تويتر سابقًا، على الواقعة قائلة: «هي المشكلة في حادث سرقة الدكتورة نوال الدجوي إن محدش يسيب مبالغ كبيرة كدة في البيت، وأن الحرامي هيطلع من الدائرة القريبة، لأنه عارف أن البيت فيه فلوس ودهب.. أنا في شقه كنت عملاها مخزن اتسرق منها 4 تكييفات وأنبوبتين بوتجاز، والحرامي كان عارف البيت فيه أيه وللأسف البيت انفتح بمفتاح بس وحياة والدته ما هسيبه!».

كما علق حساب آخر عبر منصة «إكس»: «نوال الدجوي طبعًا مش حايتوجه ليها تهمة التعامل بعملة اجنبية خارج السوق وإنه ا ازاي محتفظة بالمبلغ دة كله في البيت مش في البنك».

وعلق حمدي سلمان أشهر يوتيوبر في الصعيد باسم الحج العقبي عبر صفحته الرسمية على فيسبوك قائلًا: «الحرامي دا أنا عايز اناسبه ياريت لو يتواصل معاي ضروري، نوال الدجوي رئيس جامعة أكتوبر تعيشي وتحوشي».

وتكشف واقعة السرقة الكبرى لـ«ثروة» الدكتورة نوال الدجوي، عن وجود العديد من التجار يحتفظون بأموالهم على طريقة رئيسة مجلس أمناء جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة، حسب تصريح الإعلامي محمد علي خير، وهو ما يفتح الباب على على مصرعيه حول أسباب الاحتفاظ بالأموال في المنازل ومخاطره على الأفراد  وتأثيره على الاقتصاد المصري، ومدى قانونية الاحتفاظ بمثل هذه الأموال خارج البنوك.

«هناك عدة مخاطر وتأثيرات على الأفراد والدولة؛ نتيجة الاحتفاظ بالأموال خارج البنوك»، بهذه الكلمات تحدث الدكتور فهد جاهين، الخبير المصرفي، عن مخاطر الأحتفاظ بالأموال في المنازل، مؤكدًا أن مخاطرها على الأفراد تتمثل في تعرض هذه الأموال للسرقة، والضياع، وفقدان قيمتها مع الزمن، وضياع فرص استثمارية -على اعتبار- أن المال المخزن لا يستثمر، إضافة إلى ضياع فرص ربحية (الأرباح والعوائد).

وكشف الخبير المصرفي في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، عن أن تأثير الاحتفاظ بالأموال في المنازل على الدولة كتأثير الاقتصاد غير الرسمي بالضبط، سواء في انخفاض السيولة بالسوق، تقليل استفادة المجتمع من هذه الأموال، وتأثيره على النمو الاقتصادي، فضلًا عن ضعف قدرة البنوك على تمويل المشروعات والمبادرات.

وأشار إلى أن الاقتصاد غير الرسمي قد يستخدم في أنشطة غير خاضعة للرقابة، أو التهرب الضريبي، إضافة إلى أنه يضع المسؤول عنه تحت المسائلة القانونية، أما الاحتفاظ بالأموال قد يضع صاحبه تحت المسائلة من الجهات المعنية حول أسباب الاحتفاظ بكل هذه الأموال، هل تستخدم في تجارة غير مشروعة أم للتهرب من الضرائب؟، وهو حق أصيل للدولة في هذا الأمر، فضلًا عن هذا الأمر من شأنه إحجام الدولة عن إدارة أموالها بصورة سليمة، مما  يزيد من التضخم وأسعار الفائدة.

وأكد الدكتور فهد جاهين، الخبير المصرفي، أن الاحتفاظ بـ«الأموال تحت البلاطة» له مخاطر كبيرة سواء على الأفراد أو الاقتصاد، واستخدام هذه الأموال في القنوات الرسمية تعود على البلد بالنفع، أما الاحتفاظ بها فقد تثير شكوكا حول مدى مشروعية تلك الأموال.

الدكتورة صابرين أحمد مصطفى

وردًا على تساؤل حول هل القانون يمنح للأفراد حق الاحتفاظ بأموال ضخمة تتخطى مئات الملايين من الجنيهات خارج البنوك، أكدت الدكتورة صابرين أحمد مصطفى المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، في تصريحات خاصة لـ«النبأ» أن القانون لا يجرم حيازة الأموال بصفة شخصية في البيوت لكون صاحبها يتعامل بها في نشاطه أو تجارته الرسمية التي يعمل بها مثل رجال الأعمال الكبار الذين لم يتعاملون بالجنيه الكصري فقط بل بالعملات المختلفة مثل الدولار وغيره من العملات، ولكن القانون يجرم الاتجار فيه لا الاحتفاظ به.   

وتكثف الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة، جهودها لكشف ملابسات سرقة مسكن الدكتورة نوال الدجوي، رئيس مجلس إدارة جامعة أكتوبر الحديثة للعلوم والآداب.

وتباشر الأجهزة الأمنية تحرياتها لكشف ملابسات الواقعة، وجارِ تفريغ كاميرات المراقبة المحيطة بمكان الحادث، وسؤال شهود العيان، بالإضافة إلى البحث عن أي تحركات غير طبيعية حدثت في الأيام التي سبقت الحادث، كما جرى رفع البصمات ومطابقة الأدلة الجنائية، مع توجيه تحريات مكثفة لتحديد هوية المتورطين في الواقعة وتولت لنيابة العامة التحقيقات.