رئيس التحرير
خالد مهران

اللواء رضا فرحات لـ«النبأ»: زيارة السيسي لروسيا حملت رسالة بأن مصر تحظى بتقدير القوى الكبرى

اللواء رضا فرحات
اللواء رضا فرحات أستاذ العلوم السياسية

لاشك أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لروسيا ولقاء نظيره الروسي بوتين، ضمن احتفالات النصر، كانت بمثابة رسالة واضحة بأن مصر تحظى بتقدير كبير من القوى الكبرى، وتعتبر شريكًا موثوقا في إدارة الملفات الدولية، وذلك في إطار التحديات التي يشهدها العالم حاليا.

 وخلال حواره مع «النبأ»، أكد اللواء رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، أن تلك الزيارة عمقت التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين، وحملت رسائل مهمة للعالم عن مكانة مصر.

في البداية، قال اللواء رضا فرحات،  إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى روسيا ومشاركته في احتفالات النصر واحدة من أنجح الزيارات الرئاسية على المستوى الثنائي والدولي، حيث حققت لمصر عدة مكاسب استراتيجية وسياسية واقتصادية مباشرة، وكرست مكانتها كدولة مؤثرة في محيطها الإقليمي والدولي.

وأوضح فرحات أن أبرز المكاسب تمثلت أولا في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر وروسيا، وهو ما ظهر جليا في اللقاء المهم الذي جمع الرئيس السيسي بالرئيس فلاديمير بوتين، والذي شهد توافقا في الرؤى حول قضايا الأمن الإقليمي، وعلى رأسها الوضع في قطاع غزة، وضرورة وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإطلاق عملية سلام عادلة وشاملة، وهو ما يعكس مكانة مصر كدولة قائدة في محيطها العربي وقادرة على التأثير في مواقف القوى الكبرى.

كما أشار إلى أن الزيارة ساهمت في تعميق التعاون العسكري والتقني بين البلدين، في ظل المشاركة الرمزية في احتفالات النصر، التي عكست الاحترام المتبادل بين القوات المسلحة المصرية ونظيرتها الروسية، وهو ما يعزز فرص نقل الخبرات، والتعاون في مجالات التصنيع العسكري والتدريب.

وعلى الجانب الاقتصادي، أكد فرحات أن الزيارة أتاحت فرصة لمتابعة تنفيذ المشروعات الاستراتيجية المشتركة، وفي مقدمتها محطة الضبعة النووية التي تنفذها شركة روساتوم الروسية، باعتبارها أحد أكبر المشروعات القومية في مجال الطاقة النظيفة، فضلا عن بحث فرص جديدة في مجال الاستثمار الروسي في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومشروعات النقل والصناعات الثقيلة.

وأضاف أن الزيارة فتحت المجال أمام توسيع التبادل التجاري والسياحي، في ظل اهتمام الجانب الروسي بزيادة عدد الرحلات إلى المقاصد السياحية المصرية، وخاصة البحر الأحمر، ما يمثل دعما مباشرا للاقتصاد الوطني.

 

مصر تعتبر شريكًا موثوقا في إدارة الملفات الدولية

 

وشدد فرحات على أن من أهم المكاسب أيضا هو تعزيز مكانة مصر الدولية، حيث كانت مشاركة الرئيس السيسي في احتفالات النصر بمثابة رسالة واضحة بأن مصر تحظى بتقدير كبير من القوى الكبرى، وتعتبر شريكًا موثوقا في إدارة الملفات الدولية، بما يدعم توجه الدولة نحو تنويع تحالفاتها والحفاظ على استقلالية قرارها السياسي.

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن زيارة الرئيس السيسي لروسيا كانت ناجحة بكل المقاييس، وحققت مكاسب متعددة تصب في صالح الأمن القومي المصري، ودعم الاقتصاد، وتأكيد الحضور المصري الفاعل على الساحة العالمية.

وتطرق فرحات، إلى زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دول الخليج، وتحديدا السعودية وقطر والإمارات، قائلا إنها تعكس توجها استراتيجيا متجددا للإدارة الأمريكية نحو استعادة النفوذ التقليدي في منطقة الشرق الأوسط، في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية الراهنة.

 

الخليج العربي يمثل عمقا استراتيجيا للمصالح الأمريكية

 

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن اختيار ترامب لهذه الدول الثلاث في مستهل جولاته الإقليمية يحمل دلالات سياسية واقتصادية وأمنية مهمة، فهذه الدول تشكل محاور رئيسية في معادلة التوازن الخليجي والعربي، ولديها ثقل اقتصادي واستثماري، فضلا عن أدوارها المحورية في ملفات الأمن الإقليمي والطاقة والسلام والاستقرار في المنطقة ويمثل الخليج العربي عمقا استراتيجيا للمصالح الأمريكية، وخصوصا في ظل تصاعد التهديدات التي تمثلها إيران وميليشياتها، واستمرار حالة عدم الاستقرار في مناطق متعددة مثل اليمن وسوريا.

وأشار فرحات إلى أن الرئيس ترامب، الذي عرف بسياساته الصريحة والصفقات المباشرة، يسعى من خلال هذه الزيارة إلى إعادة ضبط بوصلة العلاقات الأمريكية - الخليجية، بعد أن تأثرت في بعض الجوانب خلال فترات سابقة بسبب تباينات في المواقف من قضايا الطاقة، والعلاقات مع الصين وروسيا، وأيضا التوازن في التعامل مع ملف الحرب في غزة والملف الإيراني وبالتالي، فإن ترامب يسعى لتأكيد التزام إدارته بأمن الخليج، مع طرح رؤية جديدة لتعزيز الشراكة الاقتصادية والأمنية تقوم على المصالح المتبادلة وليس على المعايير الإيديولوجية.

وأضاف فرحات أن السعودية تظل المحطة الأهم في هذه الجولة، كونها مركز الثقل العربي والإسلامي، وتملك قدرة التأثير على الملفات السياسية الإقليمية، وعلى سوق الطاقة العالمي، خاصة في إطار تحالف "أوبك بلس" بالإضافة إلى سعي واشنطن لتعزيز التعاون الدفاعي والتقني، وتنسيق المواقف بشأن أمن البحر الأحمر إضافة إلى بلورة تصور مشترك بشأن مستقبل القضية الفلسطينية في ضوء استمرار الحرب في غزة، والدور المتزايد لإيران في المنطقة.

أما قطر، فرأى فرحات أن دورها كوسيط سياسي في العديد من القضايا المعقدة – من أفغانستان إلى غزة – يجعل منها شريكا لا يمكن تجاهله في الحسابات الأمريكية كما أن احتضانها لأكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة (قاعدة العديد) يمنحها وزنا خاصا في أجندة ترامب الأمنية كما أن العلاقة بين الإمارات وواشنطن تشهد تطورا متسارعا في ملفات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والتعاون العسكري، خاصة في ظل التوجه الإماراتي المتنوع في شراكاتها الخارجية، وحرصها على أن تكون مركزا عالميا للتجارة والاستثمار.

ترامب يؤسس لمرحلة جديدة من الحضور الأمريكي في المنطقة

 

ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن زيارة ترامب تؤسس لمرحلة جديدة من الحضور الأمريكي في المنطقة، قائمة على تعزيز التحالفات الاستراتيجية، ومواجهة التحديات الجيوسياسية المتصاعدة، مع إدراك كامل من واشنطن أن أمن الخليج يظل مفتاحا رئيسيا لاستقرار الشرق الأوسط والعالم.