رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

رأى الأئمة الأربعة وجمهور الفقهاء في وقوع الطلاق الشفهى

الطلاق الشفهي
الطلاق الشفهي


أثارت قضية "الطلاق الشفوي" في الآونة الأخيرة ردود أفعال واسعة بشأن وقوعه من عدمه، ويستند الرافضين لتوثيق الطلاق لراى المذاهب الأربعة والجمهور في الحكم الشرعي، وخلال السطور التالية نستعرض الأراء الفقهية للأئمة االأربعة بشان وقوع الطلاق: 

أولا: يري فريق المالكية والشافعية وبعض الحنابلة، ضرورة اختيار الصيغ الحاسمة التي لا تقبل التردد ولا تستعمل غالبًا إلا في إرادة وقوع الطلاق فيما أسموه بالصيغ الصريحة، أو الملحقة بالصريحة لظهور دلالتها عند الناس بذاتها أو بنية صاحبها.


ثانيا: وهناك فريق يتوسع في الحكم بوقوع الطلاق ليشمل مع صيغه الصريحة أو الملحقة بالصريحة الصيغ الكنائية وهي التي لم توضع للطلاق أصلًا وإنما قد تحتمله بسبب قرائن الأحوال أو الاستعمال العرفي مثل قول الزوج في حال رفضه لبعض تصرفات زوجته الحقي بأهلك، فإنه يكون طلاقًا ولو لم ينوه عند الحنفية والحنابلة في المعتمد.

ثالثا: وفريق يتوسع أكثر في الحكم بوقوع الطلاق ليشمل مع الصيغ الصريحة والصيغ الكنائية الصيغ التي لا علاقة لها بالطلاق من قريب أو من بعيد إذا ضم إليها النية بالطلاق، كما لو قال الزوج لزوجته: اسقني ماءً، وكان يقصد بذلك طلاقها، فهو طلاق عند المالكية في المشهور. أما إذا نوى الطلاق بدون أي لفظ مع تلك النية فلا يكون ذلك طلاقًا إلا عند الزهرى. 

رابعا: وفريق يضيق في الحكم بوقوع الطلاق فيرى عدم احتساب الطلاق أصلًا إلا إذا وقع بأحد الألفاظ الثلاثة الواردة في القرآن الكريم للدلالة على الطلاق وهي (الطلاق والفراق والسراح)، وكأنهم يرون الطلاق من العبادات التوقيفية كالصلاة والحج، وهم الظاهرية.

خامسا: الأئمة وجمهور العلماء إتفقوا أن الأصل في صيغة الطلاق أن تكون باللفظ؛ لأنها الأغلب في معاملات الناس فإن وقعت بالكتابة أو بالإشارة فلها حكم اللفظ عند العاجزين عنه كالخرس مع ضوابط تطمئن المجتمع على إرادة وقوع الطلاق منهم بتلك الكتابة أو الإشارة، واشترط الحنفية في ظاهر الرواية وبعض الشافعية لصحة وقوع طلاق الأخرس بالإشارة عجزه عن الكتابة.

الطلاق بالكتابة للقادر على النطق
واختلف الفقهاء قديمًا في حكم الطلاق بالكتابة للقادر على النطق، وذلك على ثلاثة مذاهب كما يلي.

المذهب الأول: يرى الحكم بوقوع الطلاق إذا كتبه الزوج ولم يتلفظ به مع قدرته على التلفظ دون حاجة إلى البحث عن نيته. وهو مذهب الجمهور قال به الحنفية والمالكية والحنابلة؛ لأن الكتابة أوثق من اللفظ لديمومتها. واستثنى المالكية والحنابلة من ذلك ما لو نازع الزوج وقال إنه كان ينوي بكتابته للطلاق تجويد خطه أو تجربة قلمه أو غم أهله. واشترط المالكية لقبول هذا الاستدراك أن لا يخرج الكتاب من يده.

المذهب الثاني: يرى تعليق الحكم بوقوع الطلاق إذا كتبه الزوج القادر على النطق على نيته، فإن أخبرنا بنيته للطلاق من هذه الكتابة حكمنا بوقوع الطلاق وإلا فلا. وهو الأظهر عند الشافعية؛ لأن الكتابة مع القدرة على الكلام تثير الظنون فألحقت الكتابة بالألفاظ الكنائية التي لا تستبين إلا من صاحبها.

المذهب الثالث: يرى عدم اعتبار الطلاق بالكتابة للقادر على النطق. وهو القول الثاني عند الشافعية وإليه ذهب الظاهرية؛ لأن العبرة في عقود الناس بما تعارفت عليه غالبًا، والغالب في إيقاع معاملات الناس ومنها الطلاق أن يكون من الناطقين باللفظ.

الطلاق بالإشارة للقادر على النطق
اختلف الفقهاء قديمًا في حكم الطلاق بالإشارة للقادر على النطق كاختلافهم في حكم وقوعه بالكتابة إلا في مراكز الفقهاء من الأقوال، ويمكن اجمال أقوالهم في ثلاثة مذاهب كما يلي:

المذهب الأول: يرى عدم وقوع الطلاق بالإشارة من القادر على الكلام. وهو مذهب الجمهور قال به الحنفية وأكثر الشافعية ومذهب الحنابلة والظاهرية؛ لأن الإشارة من المتكلم ملبسة، ولو كان يريد الطلاق لتكلم أو كتب.

المذهب الثاني: يرى الحكم بوقوع الطلاق بالإشارة المفهمة من القادر على الكلام. وهو مذهب المالكية؛ لأن الإشارة المفهمة من وسائل التعبير فيقع بها الطلاق قياسًا على وقوعها من الأخرس.

المذهب الثالث: يرى تعليق الحكم بوقوع الطلاق بإشارة الزوج دون تلفظه على نيته، فإن أخبرنا بأنه كان ينوي بإشارته تلك الطلاق حكمنا بوقوعه وإلا فلا. وهو وجه للشافعية؛ لأن الإشارة بالطلاق مع القدرة على التلفظ به تثير الظنون فألحقت بالألفاظ الكنائية التي لا تستبين إلا من صاحبها.