الفضة تسجل قفزات قوية بدعم نقص المعروض وتزايد الطلب الاستثماري والصناعي
شهدت أسواق الفضة، محليًا وعالميًا، موجة صعود لافتة خلال الأسبوع الماضي، مدفوعة بتآكل المخزونات العالمية وعودة القلق بشأن نقص المعروض، بالتوازي مع تنامي الطلبين الاستثماري والصناعي على المعدن الأبيض.
وبحسب تقرير صادر عن مركز الملاذ الآمن، سجلت الفضة مكاسب قوية في السوق المحلية قاربت 7.5%، بينما ارتفعت أسعار الأوقية في الأسواق العالمية بنحو 8.2% خلال الفترة نفسها، في إشارة إلى زخم صعودي واسع النطاق.
على مستوى السوق المحلية، ارتفعت أسعار الفضة بنحو 5.5 جنيهات للجرام، إذ صعد سعر جرام الفضة عيار 800 من 80 جنيهًا إلى 86 جنيهًا. كما بلغ سعر جرام عيار 925 نحو 100 جنيه، وسجل جرام عيار 999 قرابة 107 جنيهات، فيما استقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 800 جنيه.
عالميًا، واصلت الفضة مكاسبها القوية، إذ قفز سعر الأوقية بنحو 5.10 دولارات خلال الأسبوع، ليغلق عند مستوى 67.10 دولارًا مقارنة بسعر افتتاح بلغ 62 دولارًا. وخلال تعاملات اليوم، واصلت الأسعار صعودها لتسجل قرابة 69 دولارًا للأوقية، محققة مستوى قياسيًا جديدًا في الأسواق العالمية.
وأوضح تقرير «الملاذ الآمن» أن الفضة سجلت أعلى مستوياتها التاريخية نتيجة مزيج غير مسبوق من القيود الممتدة على المعروض واستمرار قوة الطلب منذ مطلع العام. وذكر التقرير أن مكاسب الفضة منذ بداية 2025 تجاوزت 131%، متقدمة بفارق كبير على الذهب الذي حقق صعودًا بنحو 65% خلال أحد أقوى أعوامه منذ عام 1979.
وجاء هذا الأداء في ظل ارتفاع عام بأسعار المعادن النفيسة، مدفوعًا بتوقعات متزايدة في الأسواق باتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة مرتين خلال عام 2026. وعززت هذه التوقعات تصريحات كريستوفر والر، محافظ الاحتياطي الفيدرالي والمرشح الأبرز لرئاسة المجلس، الذي دعا إلى خفض تكاليف الاقتراض بنحو نقطة مئوية كاملة، محذرًا من تباطؤ نمو الوظائف واقترابه من الصفر، مع التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات مدروسة في ظل استمرار الضغوط التضخمية.
ورغم النظرة الإيجابية لأداء الفضة خلال عام 2026، المدعومة بالطلب الصناعي وتراجع الإمدادات، استبعد تقرير «الملاذ الآمن» تكرار المكاسب الاستثنائية التي تحققت في 2025. ومع ذلك، يرجّح محللون وصول أسعار الفضة إلى 75 دولارًا للأوقية أو أعلى، مع احتمالات تجاوز حاجز 100 دولار خلال العام المقبل، بدعم من التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، وزيادة الاعتماد على السيارات الكهربائية، وارتفاع الطلب من مراكز الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات.
وعلى جانب العرض، أشار التقرير إلى أن اضطرابات قطاع التعدين وتراجع المخزونات العالمية يدفعان سوق الفضة نحو عجز هيكلي متزايد. وتقدّر بيانات المكتب العالمي لإحصاءات المعادن أن عام 2025 سيكون الخامس على التوالي الذي يشهد نقصًا في المعروض، مع انخفاض الإنتاج بنحو 3% سنويًا نتيجة تراجع تركيز الخامات وضعف الاستثمارات في المشروعات الجديدة. كما توقع معهد الفضة العالمي نمو المعروض بنسبة لا تتجاوز 2%، ما يُبقي العجز قرب مستوى 20%.
وأكد التقرير أن بيانات سوق العمل الأمريكية لشهر نوفمبر أظهرت تباطؤًا ملحوظًا في التوظيف وارتفاع معدل البطالة إلى 4.6%، وهو أعلى مستوى منذ 2021. ورغم تجاوز أرقام الوظائف الجديدة للتوقعات، فإنها لم تعوض تراجع أكتوبر الحاد، ما زاد من ترقب المستثمرين لبيانات التضخم الأمريكية بوصفها عاملًا حاسمًا في رسم مسار السياسة النقدية.
وأشار «الملاذ الآمن» إلى أن انخفاض المخزونات العالمية، إلى جانب الطلب المتنامي من قطاعات الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية ومراكز البيانات، يوفر دعمًا قويًا للأسعار. وعلى الصعيد الاستثماري، لفت التقرير إلى تصاعد دور العوامل الفنية وزخم المضاربات، بالتوازي مع تدفقات قوية إلى صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة.
ووفقًا لتقارير مصرفية، ارتفعت تكلفة تأجير الفضة إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2002، ما يعكس ضيق المعروض المتاح للاستخدام الصناعي، رغم الوفرة الشكلية في مخزونات بورصة «كومكس».
وفي هذا السياق، توقّع دويتشه بنك ارتفاع حيازات صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة إلى نحو 1.1 مليار أوقية بحلول نهاية 2026، متجاوزة أعلى مستوى تاريخي سابق. كما أشار تقرير منفصل إلى تدفقات بنحو 130 مليون أوقية خلال عام 2025، لترتفع إجمالي الحيازات إلى قرابة 844 مليون أوقية.
وأشار التقرير «الملاذ الآمن» إلى أن الجمع بين الاستخدامين الصناعي والاستثماري عزز جاذبية الفضة داخل المحافظ الاستثمارية، خاصة في ظل توقعات تيسير السياسة النقدية عالميًا واستمرار ضعف الدولار الأمريكي، ما خفّض تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للعائد، ورسّخ مكانة الفضة كأحد أبرز أدوات التحوط والتنويع خلال المرحلة المقبلة.