< لغز انهيار العملات الرقمية ومصير المستثمرين فيها
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

هل فقدت بريقها؟..

لغز انهيار العملات الرقمية ومصير المستثمرين فيها

العملات الرقمية
العملات الرقمية

شهدت أسواق العملات المشفرة -خلال الأيام الأخيرة- موجة تراجعات طالت أغلب الأصول الرقمية، في مقدمتها البيتكوين والإيثريوم، مما أعاد إلى الأذهان فترات الانكماش السابقة التي ضربت السوق في أعوام 2018 و2022.

هبطت البيتكوين بنسبة 3.15% عند 108372 دولارًا، خلال الأيام الماضية، واستحوذت على نحو 58.8% من إجمالي قيمة سوق العملات المشفرة، حيث تبلغ القيمة السوقية العالمية للعملات الرقمية 3.65 تريليون دولار.

وتراجعت الإيثيريوم، ثاني أكبر العملات المشفرة من حيث القيمة السوقية، بنسبة 3.7% إلى 3860.32 دولار، فيما انخفضت الريبل بنسبة 2.95% عند 2.4049 دولار. 

ويرى محللون أن أسباب هذا الانخفاض تعود إلى تراجع الإقبال الاستثماري بسبب السياسات النقدية المتشددة التي تتبعها البنوك المركزية العالمية، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إضافةً إلى المخاوف من القيود التنظيمية المتزايدة في الولايات المتحدة وأوروبا، كما ساهمت عمليات جني الأرباح من قبل المستثمرين الكبار في زيادة وتيرة الهبوط.

من ناحية أخرى، عبّر عدد من المستثمرين الأفراد عن قلقهم من استمرار النزيف، مؤكدين أن التقلبات المتكررة باتت تهدد ثقة المتعاملين في الأصول الرقمية، خاصة مع غياب القوانين الواضحة التي تنظم التداول وتحمي المستثمرين.

ورغم هذه الخسائر، يؤكد خبراء أن العملات المشفرة لم تفقد بريقها وجاذبيتها الاستثمارية، وأن السوق قد يشهد عودة تدريجية للانتعاش مع أي بوادر لتخفيف السياسة النقدية أو صدور تشريعات أكثر وضوحًا تدعم تداول العملات الرقمية في بيئة آمنة ومنظمة.

توقعات متعددة

وفي هذا السياق، قال هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، إن العملات الرقمية في أكتوبر 2025 شهدت انخفاضًا واضحًا، حيث تراجع سعر البيتكوين من حوالي 108 آلاف دولار إلى 103 آلاف دولار خلال أيام قليلة، مرجعًا السبب للتوتر بين أمريكا والصين، إلى جانب بيع كميات كبيرة من العملات في وقت قصير، وصلت قيمتها لأكثر من مليار دولار يوميًا. 

وأضاف «أبو الفتوح» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن هذا الهبوط يعني ابتعاد المستثمرين عن العملات الرقمية عندما تكون الأوضاع الاقتصادية غير مستقرة أو ترتفع الفائدة في البنوك، فيتجهون إلى الذهب والأصول الآمنة.

وتابع: «هذا التراجع أثّر على فئات كثير، مثل صغار المستثمرين الذين خسروا جزءًا من أموالهم، وبعضهم قرر التوقف عن الشراء حاليًا، جانب الشركات العاملة في المجال الرقمي قلّ نشاطها وتراجعت حركة البيع والشراء، مما جعلها تواجه صعوبة في توفير السيولة، أما البنوك فصارت أكثر حذرًا في التعامل مع هذا النوع من الأنشطة».

وأشار «أبو الفتوح»، إلى أنه قبل أسابيع، كان كثيرون يتوقعون استمرار الارتفاع، لكن ما حدث كشف أن الأسواق تتأثر بسرعة بأي خبر عالمي أو توتر اقتصادي، خاصة مع تباطؤ الاقتصاد الأمريكي في الفترة الأخيرة.

وحول الاحتمالات المقبلة، أوضح أن هناك توقعات متعددة، حيث أنه ممكن تستقر الأسعار بين 100 و110 آلاف دولار إذا هدأت الأوضاع، أو ترتفع مجددًا نحو 120 ألفًا إذا، حسب تحسّن المزاج العام وظهرت أخبار إيجابية، أما في حال زادت التوترات، فقد تهبط الأسعار إلى أقل من 90 ألف دولار، حاليًا، عاد السعر للارتفاع قليلًا ووصل إلى نحو 106 آلاف دولار.

وأكد الخبير المصرفي، أنه الفترة القادمة، سيكون من المهم متابعة قرارات البنك الأمريكي بشأن الفائدة وأخبار التضخم، لأنها تؤثر كثيرًا على سوق العملات الرقمية ما زالت استثمارًا يحمل مخاطر كبيرة، لكنها أيضًا قد تعود للانتعاش بسرعة إذا جاءت الأخبار الاقتصادية في صالحها.

ليست ملاذ آمن

ومن ناحيته، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إن سبب أساسي في انخفاض العملات الرقمية، هو اتجاه المستثمرين إلى الذهب لأنه أكثر أمانًا وسهل التداول وأرباحه واضحة ومضمونة.

وأضاف «الإدريسي» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن هذا بجانب الأفراد والحكومات والبنوك المركزية يتكالبون على شراء الذهب ما أدى إلى سحب البساط من العملات المشفرة.

وأشار «الإدريسي»، إلى أن العملات الرقمية ليس لها أسس يتم السير عليها أو ملاذ آمن مثل الذهب أو الفضة، وهو ما يجعل استقرارها غير مضمون، لذلك يهرب منها المستثمرين.

وأكد أن الاستثمار في البيتكون على سبيل المثال أصبح مكلف جدًا ويحتاج عباءة مالية وخاصة مع وصولها إلى متسويات فوق الـ100 ألف دولار، في وقت كان يتم تداولها بـ1000 دولار فقط.

وأوضح الخبير الاقتصاد، أنه لا يزال هناك تحديات أيضًا أمام العملات المشفرة، والتي أهمها منع تداولها في بعض الدول مثل مصر لضعف الرقابة، ولكن لا أحد ينكر أنها سيكون لها دور في المستقبل وسيتم يجني منها أرباحًا.

ونصح المواطنين، بعدم الاستثمار في العملات المشفرة، إلا بعد بناء قواعد رقابية وأسس تنظمية لتتداول، لافتًا إلى أن الاستثمار المضمون والسريع حاليًا الذهب والفضة، حيث إنها استثمارات مشروعة ومعروفة لدى جميع الدول.