< رفع رسوم «البيلت» يُشعل الصراع بين الحكومة ومصانع الحديد
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

رفع رسوم «البيلت» يُشعل الصراع بين الحكومة ومصانع الحديد

أسعار الحديد والأسمنت
أسعار الحديد والأسمنت اليوم

قررت الحكومة، خلال الفترة الماضية، رفع الرسوم المفروضة على واردات خام البليت -أحد أهم مدخلات إنتاج الحديد-، ما أثار جدلًا واسعًا بين أصحاب مصانع الحديد، خاصة أنه يأتي في توقيت يشهد فيه السوق تقلبات حادة في الأسعار العالمية.

وكانت وزارة الاستثمار فرض رسوم وقائية مؤقتة على واردات الصلب المدرفلة على الساخن لمدة 200 يوم بنسبة 13.6%، وبما لا يقل عن 3673 جنيهًا للطن، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 16.2% على واردات مصر من البليت، بما لا يقل عن 4613 جنيهًا للطن.

وترى الحكومة، أن القرار خطوة تستهدف حماية المنتج المحلي وتشجيع التصنيع الكامل داخل البلاد، وتنظيم سوق الحديد، فيما حذّر مصنعون من ارتفاع الرسوم لما سيترتب عليه من زيادة في تكاليف الإنتاج، حيث سينعكس في النهاية على أسعار الحديد في السوق، وهو يتناقض ذلك مع المساعي الحالية التي تبذلها الحكومة بالتعاون مع المنتجين والتجار لخفض الأسعار.

وأشار المصنعون، إلى أن خام البليت يمثل المكوّن الأساسي لصناعة الحديد، وأن الرسوم المفروضة ستؤدي إلى زيادة أسعار حديد التسليح بنسبة تصل إلى 12%، مؤكدين أن هذه الزيادة ستنعكس مباشرة على أسعار العقارات في مصر، ما يهدد قطاع التشييد والبناء بالركود.

اعتراض جماعي من المصانع

ووجهت شركات الحديد المتخصصة في الدرفلة، وفي مقدمتها العشري للصلب، الجيوشي للصلب، الجارحي للصلب وعتاقة، ومجموعة عز، استغاثة عاجلة إلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لمطالبته بالتدخل السريع وإعادة النظر في قرار وزير الاستثمار الخاص بفرض تدابير وقائية على واردات خام البليت.

ويضم قطاع الحديد والصلب، نحو 25 مصنعًا، من بينها 3 مصانع متكاملة لديها القدرة على إنتاج البليت محليًا، ويبلغ حجم الإنتاج المحلي حوالي 8.03 مليون طن سنويًا، بينما صدرت تراخيص جديدة لإنتاج 3.07 مليون طن لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.

وقال أيمن العشري، رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة ورئيس مجلس إدارة مجموعة العشري للحديد والصلب، إن السوق يشهد عجز في إنتاج خام «البليت» المستخدم في حديد التسليح، بما يجعل جميع أنواع مصانع الحديد في مصر، سواء كانت مصانع درفلة أو نصف متكاملة، أو متكاملة؛ تعتمد بشكل كلي على مدخلات إنتاج مستوردة.

وأوضح «العشري»، أن فرض أي رسوم سيترجم مباشرة إلى زيادة الأسعار، متابعًا: «التاجر لن يتحمل زيادة إضافية بقيمة 4 أو 5 آلاف جنيه في الطن، وخاصة سعر الحديد في مصر حاليًا أغلى من السعر العالمي، بسبب دفع ضريبة القيمة المضافة 14%، وارتفاع أسعار الطاقة من غاز وكهرباء».

شلل عملية الإنتاج

بينما قال طارق عبدالعظيم، رئيس شركة المدينة للصلب، إن القرار سيضر بـ22 مصنعًا يعملون في درفلة حديد التسليح، ويتسبب في توقف شبه تام في الإنتاج وتسريح ما يزيد على 20 ألف عامل.

وأوضح أن القرار ساهم في احتكار سوق حديد التسليح لصالح عدد محدود من المصانع الكبيرة، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على أسعار الحديد، حيث من المتوقع أن ترتفع بأكثر من 5 آلاف جنيه للطن، مما يرفع تكلفة التشييد ويثقل كاهل الدولة والمواطنين.

كما أبدى المهندس طارق الجيوشي، رئيس مجلس إدارة مجموعة الجيوشي للصلب، تحفظه على توقيت فرض الرسوم، مؤكدًا أن السوق المحلي ما زال يعاني فجوة واضحة بين الطلب والإنتاج المحلي للبليت.

ودعا إلى تأجيل تطبيق القرار حتى دخول الطاقات الإنتاجية الجديدة الخدمة، مشددًا على ضرورة التوازن بين حماية المنتج المحلي وضمان استقرار السوق.

وقف حركة البيع والشراء

وفي هذا السياق، قالت مصادر بشعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية، -رفضت ذكر اسمها- لـ«النبأ»، إن جميع مصانع الحديد رفعت الأسعار بخلاف حديد عز وبشاي تم تثبيت أسعارهم بداية شهر أكتوبر الجاري؛ نتيجة رفع الرسوم على خام البليت.

وأضافت أن أسعار الحديد خلال الفترة الماضية، قفزت من 32 ألف جنيه؛ لتصل إلى 37 ألف جنيه حاليًا، متوقعة استمرار الزيادة حتى تتخطى الـ40 ألف جنيه لطن، وهو ما يؤدي إلى زيادة معدلات الركود في الأسواق.

وأشارت المصادر، إلى أنه رغم ارتفاع أسعار الحديد؛ نتيجة زيادة تكليف الإنتاج بعد رفع رسوم خام البليت إلا أن المصانع تبيع بالخسارة ولا تستطيع مواكبة زيادات في الإنتاج ما يهدد وجودها في السوق، مؤكدة أن المصانع لجأت إلى وقف حركة البيع والشراء.

وتابعت: «بالنسبة للتجار، فكان القرار تأثيره سلبي على السوق، حيث إنهم لا يتحملون أي زيادة جديدة في الأسعار وهو ما يزيد الركود في قطاع التشييد والبناء، وخاصة جميع مصانع الحديد تتجه إلى رفع الأسعار بنسبة كبيرة؛ لأن مصانع درفلة أو نصف متكاملة، أو متكاملة، تعتمد على البليت المستورد».

وأوضحت المصادر، أن هناك اعتراضًا جماعيًا من المصانع على القرار لما له أثار سلبية على المواطن والتاجر والصناعة والإنتاج؛ لذلك تم اللجوء إلى مجلس الوزراء، لافتًا إلى أنه يهدد بإغلاق المصانع في حال استمرار تطبيقه.