رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الاقتصاد الصيني يبوح بأسرار سلبية في مايو.. زوبعة أم سيل جارف؟

النبأ

تراجع نشاط التصنيع في الصين للشهر الثاني على التوالي في مايو بعدما أشار المكتب الوطني للإحصاء يوم الأربعاء إلى انخفاض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الرسمي إلى 48.8 وهو أدنى قراءة له منذ ديسمبر 2022. وتشير القراءة الأقل من 50 إلى الانكماش عن الشهر السابق وأي شيء أعلى من ذلك يشير إلى التوسع.
وفي تلك الفترة أيضا، انخفض مقياس النشاط غير التصنيعي في قطاعي الخدمات والبناء مقارنة بالشهر السابق إلى 54.5 من 56.4 على غير المتوقع.
وتشير تلك الأرقام الرسمية حول الاقتصاد الصيني إلى أن الزخم الذي بدأ قويا مطلع العام قد تراجع، وهو ما قد يشير إلى تباطؤ تعافي ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد رفع قيود صفر كوفيد في الصين نهاية العام الماضي.
--بداية قوية لم تستمر
تأتي البيانات الضعيفة بعد أشهر فقط من خروج الصين من ثلاث سنوات من القيود الوبائية التي خنقت النشاط. وبدأ هذا العام على مسار أقوى، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.5 بالمائة في الأشهر الثلاثة حتى مارس بسبب ازدهار الصادرات ومبيعات التجزئة.
وفي تلك الفترة، شهد قطاع الخدمات انتعاشا سريعا، حيث توسع ناتج القيمة المضافة لخدمات المطاعم والفنادق بنسبة 13.6 بالمئة في الربع الأول على أساس سنوي. 
وبدعم من تحرك صانعي السياسات لتعزيز النمو بعد إلغاء القيود الصارمة لمكافحة كوفيد-19 في ديسمبر، توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 5.2 بالمئة في العام 2023 وبنسبة 4.5 بالمئة في العام 2024.
لكن بالنظر إلى البيانات المعاكسة الاخيرة، تكون هذه البداية القوية قد ضعفت في الأسابيع الأخيرة، حيث أظهرت البيانات أن الإنتاج الصناعي والأرباح ومبيعات العقارات ونمو الائتمان قد أخفقت جميعها في تحقيق توقعات المحللين في أبريل وأوائل مايو.
وأظهر سوق العقارات على وجه الخصوص علامات الهشاشة. وقالت شركة الأبحاث جافيكال إن المبيعات تراجعت إلى 63 بالمئة من مستوياتها في عام 2019 في شهر أبريل الماضي، انخفاضا من 95 بالمئة في مارس.
وانخفض الإنتاج الصناعي في أبريل مقارنة بأرقام 2019 المعدلة موسميا مع انخفاض الطلب على الأسمنت والزجاج والسلع الأخرى.
إضافة إلى ذلك، تراجع سوق الأسهم حيث انخفض مؤشر الأسهم المتداولة في هونج كونج بنحو 20 بالمئة منذ ذروته في 27 يناير. وضعف الرنمينبي إلى مستوى يتجاوز سبعة أمام الدولار.

--زوبعة أم سيل جارف 
لقد شهد الاقتصاد الصيني تغيرات كبيرة في السنوات الأخيرة، سواء من حيث الديناميكيات الداخلية أو العلاقات مع بقية العالم. ورغم أحدث المؤشرات الاقتصادية الصادرة عن الحكومة إلى أن آفاق البلاد لا تزال إيجابية إلى حد كبير وسط التحديات العالمية.
أحد مجالات التركيز الرئيسية هو البطالة والإنفاق الأسري. وفي الأشهر الأخيرة، ارتفع معدل البطالة في الصين بشكل طفيف، مما ضغط على الأسر لإدارة شؤونها المالية. ومع ذلك، تظهر البيانات أن الإنفاق الاستهلاكي الإجمالي ظل قويا، مدفوعا بارتفاع الدخل والنمو الاقتصادي المتسق.
كما أن مبيعات التجزئة في الصين لا تزال آخذة في الارتفاع، مما يعكس القوة الشرائية المتزايدة للمستهلكين في كل من المناطق الحضرية والريفية. وتبحث الطبقة الوسطى المزدهرة في البلاد بشكل متزايد عن سلع فاخرة عالية الجودة، والعديد من العلامات التجارية العالمية تستغل هذا السوق.
ورغم تباطؤ قطاع التصنيع حسب البيانات الأخيرة وهو قطاع يظل حجر زاوية في الاقتصاد، إلا إنه من الصعب القول أن يصبح ذلك سيلا جارفا أو يثير مخاوف بشأن استدامة النمو.
--توقعات ايجابية
وفي التوقعات قدما، لا يبدو هذا العام قاتما بالنسبة للصين. ويتوقع الخبراء أن هدف النمو الذي حددته الحكومة والبالغ 5 في المائة لعام 2023 لا يزال قابلا للتحقيق. 
ويقول الخبراء إن الحكومة لن تسمح بانخفاض النمو إلى ما دون هذا المستوى، لأنه سيعزز البطالة على المدى الطويل ويخاطر بالتسبب في مشاكل اجتماعية.
وقد قلص الاقتصاديون توقعاتهم للنمو لهذا العام إلى 5.5 بالمئة، وهي نسبة لا تزال أعلى من هدف الحكومة. كما أن البنك المركزي لا يزال بإمكانه التدخل والقيام خطوات تحفيزية كبيرة.
وهناك تقارير ترجح أن تتخذ بكين خطوات مستهدفة لتعزيز الاقتصاد، حيث يدرس المسؤولون حوافز ضريبية جديدة بقيمة مئات المليارات من اليوانات لشركات التصنيع الراقية.
وقال أحد المحللين إن المسؤولين سينتظرون لمراقبة نشاط التصنيع خلال الشهرين المقبلين قبل اتخاذ قرار. يمكن أن تتخذ تدابير التحفيز شكل إعانات موجهة لشراء المركبات، وتخفيف القيود على شراء العقارات، وتمويل مشاريع البنية التحتية.
بشكل عام، تشير أحدث المؤشرات الاقتصادية إلى مجرد ذوبعة لأن الاقتصاد الصيني لا يزال في مسار ثابت، على الرغم من التحديات العالمية. ومع ذلك، سيحتاج صانعو السياسات إلى مراقبة المؤشرات الرئيسية مثل البطالة والإنفاق الأسري ومبيعات التجزئة والواردات والصادرات عن كثب، لضمان استمرار البلاد في الازدهار في السنوات المقبلة.