رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كواليس تجدد صراع الزعامة بين الأزهر والسلفيين حول لقب أهل السنة والجماعة

مشيخة الأزهر
مشيخة الأزهر

تصاعدت نيران الحرب بين التيارات السلفية في مصر والأشاعرة بالأزهر والأوقاف من جديد، حول لقب أهل السنة والجماعة، فمؤخرا شن الداعية السلفي مصطفى العدوي، هجومًا على علماء الأزهر الشريف وكل من ينتسب إلى المذهب الأشعري، واصفًا إياهم بأهل البدع والضلالات، وأنهم ضلوا على علم، وأن منهجهم لا يمت للكتاب والسنة بصلة.

جاء ذلك في مقطع فيديو نشره الداعية السلفي على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وذلك في معرض رده على سؤال ورد إليه من أحد المتابعين، نصه: «سمعت كثيرًا أن الأزهر الشريف قد دعاك إلى مناظرة مع الدكتور محمد إبراهيم العشماوي، فما صحة هذا الكلام؟».

وقال «العدوي»، ردًا على السؤال: «والله أنا ما أعرف أي شيء عن هذا الكلام، ولست بمستعد لمناظرة أناس ليس منهجهم الكتاب والسنة».

ووجه الداعية السلفي سؤالًا إلى المستفتي الذي يتواصل معه على الهاتف، قائلًا: «أنت أشعري ولا أيه نظامك؟ وحين أجابه بـ«أنا أخوك أحمد من العراق، نعم أشعري»؛ هاجمه العدوي قائلًا: «أشعري؛ بئس مذهبك».

وتابع «العدوي»، هجومه على مشايخ الأزهر وكل من ينتسب إلى المذهب الأشعري: «حق لهم أن يُتجاهلوا.. أهل البدع والضلالات حق لهم علينا أن نتجاهلهم لعلهم يرجعوا.. ليس كل مبتدع ضال يطلب المناظرة نقول له: هَلُمَّ تعالى ناظرنا، ولنا في أئمتنا أسوة حسنة».

ووصف الداعية السلفي مصطفى العدوي، مشايخ الأزهر وكل من ينتسب إلى المذهب الأشعري بالضُلال؛ قائلًا: «هؤلاء ضلال على علم وليس كافرين».

وكان الفريقان المتنافسان حول لقب أهل السنة والجماعة، قد تجدد الصراع بينهما عقب مؤتمرين سابقين، الأول كان في أغسطس 2016، تحت مسمى مؤتمر «من أهل السنة والجماعة» تم عقده في الشيشان بحضور أكثر من 200 عالم ومفتٍ من مختلف الدول العربية والإسلامية والغربية، وعلى رأسهم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وبمشاركة أبرز علماء السنّة فى العالم، الذين أعلنوا فيه أن مصطلح أهل السنّة والجماعة لا ينسحب على السلفية «الوهابية».

وفي نوفمبر من نفس العام أصدر شيوخ سلفية الخليج بيانًا خلال مؤتمر عقدوه بالكويت، للرد على مؤتمر «جروزنى»، أكدوا فيه أن جعل مذهب السلف مكوِنًا من مكونات أهل السنّة والجماعة خطأ محض، بل هم فقط أهل السنّة والجماعة، وما عداهم من الفِرق ممن خالفهم فى الأصول أو تدثّر بشعارٍ غير شعارهم، فِرق ذمها رسول الله، كمن قدّم العقل البشرى على الكتاب والسنة، وجعله حاكمًا عليهما، أو عطّل الله عن صفاته الواردة فى الكتاب والسنة وحرّف معانيها فصرفها عن حقائقها، أو فوّضها، بدعوى التنزيه عن مشابهة الخلق، أو نفى استواء الله على عرشه، أو علوه على خلقه، أو غلا فى الوعيد، وكفّر بالذنب، وخرج على جماعة المسلمين وأئمتهم، أو قسم الدين إلى حقيقة وشريعة، وباطن وظاهر، مع كل شروق شمس، يخرج علينا المتشددون بفتاوى جعلت من الحليم حيرانا، وجعلت من المسلم كافرا، ففي أحدث فتوى سلفية أعلن زعيم التيار السلفي بالجزائر، الدكتور محمد علي فاركوس، في رسالته الشهرية، التي نشرها على موقعه الإلكتروني، تكفير الصوفيين والأشعريين.

وأعلن «فاركوس» في رسالته الشهرية أن الصوفيين والأشعريين ليسوا من أهل السنة والجماعة، مؤكدا أن إطلاق مصطلح أهل السنة، بالمعنى الخاص، فإنما يراد به ما يقابل أهل البدع والأهواء، فلا يدخل في مفهوم أهل السنة إلا من من يثبت الأصول المعروفة عند أهل الحديث والسنة، دون أصحاب المقالات المحدثة من أهل الأهواء والبدع.

من جانبه قال الدكتور محمد السيد عضو رابطة الأزهر، إن التيار السلفي عرف بعداوته وكراهيته للمذهب الأشعري، مبينًا بأن الخلاف بين التيارين خلافا سياسيا وليس دينيا، ولكن التيار السلفي دائما ما يوجه الدفة نحو اعتبارات عقائدية دينية.

وقال عضو رابط الأزهر، إن الأشعرية تدعوا إلى الاعتزال والاعتكاف للعبادة، وهو مذهب إسلامي عرف منذ تاريخ الصحابة عليهم رضوان الله جميعا، ويهدف المذهب إلى تزكية النفس وتعلقها بالله تعالى، ومعرفتها بالخالق عز وجل، ولا يمكن القول بأي شكل من الاشكال أن تلك الحركة من غير الدين.

وأكد بأن المذهب الاشعري هو مذهب معروف من مذاهب أهل السنة والجماعة، إن لم يكن أقربها، مؤكدا على أن المذهب الأشعري هو المكون الرئيس لأهل السنة والجماعة، ويمتد المذهب الأشعري للصحابي الجليل أبو موسى الأشعري وأبو الحسن الأشعري، وعليه أكثر الفقهاء والأئمة عبر التاريخ.

وتابع: «مصطلح أهل السنة والجماعة أطلق منذ بدأ التمييز بين السنة والشيعة في مطلع التاريخ الإسلامي على الأشاعرة وحدهم، وما دونهم كانت لهم ألقاب أخرى، وكان السلفيون المتشددون الآن يطلق عليهم الحشوية والمجسمة لأنهم طائفةٌ تمسَّكوا بالظواهر، وذهبُوا إلى التجْسيم في وصف الذات الإلهية، ولم يكن لهم وجود يذكر، ولولا ما حصلوا عليه من أموال خلال العقدين الأخرين لما سمعنا لهؤلاء صوتا».

وقال، إنه لا يوجد شيء اسمه سلفية وإنما هو مصطلح ظهر على حين غفلة من الزمان وآن لها أن تنتهي، فلم يميز السلف أنفسهم بتسمية وإنما سلوك لا يطبقه الآن سوى الأزهر، ومهما نسبوا هؤلاء أنفسهم للسلف فهو منهم براء لأنهم مجرد مدعين.