رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تقرير: 4 خطوات تدفع إيران إلى القلق من أمريكا

إيران وأمريكا
إيران وأمريكا

حث الزميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى دنيس روس الإدارة الأمريكية على تغيير نهجها في التعامل مع إيران، بعدما ثبت فشله في وقف تسريع تخصيبها لليورانيوم. فبينما كان المجتمع الدولي مركزًا على الذكرى السنوية الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا، اكتشف محققون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بقايا يورانيوم مخصّبة بنسبة 84 بالمئة في سلاسل أجهزة طرد مركزي.

عادة ما يتم تحديد المواد الانشطارية المخصصة لأغراض التسليح باليورانيوم المخصب بنسبة 90 في المئة، لكن تجدر الإشارة إلى أن القنبلة التي ألقيت على هيروشيما في أغسطس (آب) 1945 كانت سلاحًا انشطاريًا مخصبًا بمعدل 80 في المئة. يزعم الإيرانيون أنهم لا يخصبون إلى نسبة أعلى من 60 في المئة، لكن هذا الاكتشاف يقرع أجراس الإنذار.

نشاط مشبوه... مرتين في شهر واحد

كتب روس في مجلة "ذي أتلانتيك" أن إعلان مفتشي الوكالة هو تذكير بأن إيران حققت إمكانية إنتاج مادة مخصصة لأغراض التسليح بسرعة كبيرة. من المؤكد أن تصنيع مواد نووية لغايات تسليحية لا يساوي امتلاك قنبلة لكنه أهم عنصر ضروري لصناعتها. قد لا تعلم الوكالة حتى اليوم ما إذا كانت نسبة 84 في المئة هي ببساطة بقايا محدودة للسلاسل أو خطوة مقصودة من الإيرانيين لتخصيب اليورانيوم من أجل التسليح. لكن ما يعلمه المراقبون هو أنه وللمرة الثانية في شهر واحد، انخرطت إيران في نشاط مشبوه داخل منشأة للتخصيب. في فوردو، ربط الإيرانيون مجموعتين من أجهزة الطرد المتطورة التي تخصب بنسبة 60 في المئة ولم يبلغوا الوكالة الأممية. وهذا يناقض واجباتهم وفق شروط معاهدة الحد من الانتشار النووي. الآن هناك اكتشاف التخصيب بنسبة 84 في المئة.

 بقايا يورانيوم مخصّبة

تأثيران لأخذهما بالاعتبار

بصرف النظر عن التفسير الإيراني، تقترب طهران من التخصيب لغايات التسليح، ووفق وتيرتها الحالية هي قادرة على تخصيب مواد انشطارية بنسبة 60 في المئة لعشر قنابل بنهاية السنة الحالية. واقترح مسؤول دفاعي بارز هذا الأسبوع أنه قد يلزم إيران أقل من أسبوعين لصنع هكذا مواد. ثمة تأثيران لهذا الواقع ينبغي أخذهما بالاعتبار. أولًا، يتصرف الإيرانيون وكأن التخصيب لغايات التسليح ومراكمة كميات كبيرة من المواد الانشطارية لا يفرضان أي خطر عليهم. وثانيًا، فكرة أن إسرائيل ستقرر الجلوس وعدم التحرك ضد ما يراه قادتها بأنه تهديد وجودي هي وهم.

إسرائيل ليست أمريكا أو المجتمع الدولي

قد تكون إسرائيل منشغلة بخطة حكومة نتيناهو لإصلاح القضاء وبمستويات العنف المتزايدة مع الفلسطينيين، لكن القادة الإسرائيليين من جميع أنحاء الطيف السياسي يشاطرون رئيس الوزراء مخاوفه من كمية المواد الانشطارية المخصصة لصناعة القنبلة، ومن تصلب بنيتها التحتية النووية، ما سيجعل تدميرها أصعب بكثير على إسرائيل. سبق أن قال نتنياهو لمسؤولين أمريكيين وللرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه إذا لم يتم فعل أي شيء لوقف تقدم البرنامج النووي الإيراني، فلن يكون لدى إسرائيل خيار سوى الهجوم.

سيؤكد اكتشاف الوكالة الأممية للمواد المخصبة اعتقاد إسرائيل المترسخ بأن النهج الحالي للولايات المتحدة وحلفائها سينتج حصول إيران على القنبلة في النهاية، وأنه بصرف النظر عن البيانات المعاكسة، تبقى أمريكا والمجتمع الدولي مستعدين للتعايش مع تلك النتيجة، لكن إسرائيل ليست كذلك.

إسرائيل وأمريكا 

المنطقة ستراقب

أضاف روس أنه إذا كانت إدارة بايدن تريد إجبار الإيرانيين على إدراك المخاطر التي يواجهونها وإقناع الإسرائيليين بأن لديها طريقًا لردع الإيرانيين فسيتعين عليها الرد على ما تم الكشف عنه مؤخرًا. سيشاهد الإيرانيون والإسرائيليون وآخرون في المنطقة ما تفعله الولايات المتحدة بالتأكيد. وكي يكون فعالًا، على الرد أن يتشكل من استراتيجية رباعية الأبعاد.

خطابات واشنطن استنفدت قيمتها

أولًا، يجب على إدارة بايدن تغيير سياستها الإعلانية حسب روس. القول إن "كل الخيارات تبقى على الطاولة" كما فعل وزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال مقابلة لا يؤثر في أحد ولا سيما الإيرانيين. عوضًا عن ذلك، على بلينكن أو الرئيس بايدن إعلان أنه وبالرغم من تفضيل الولايات المتحدة الدبلوماسية لحل تهديد البرنامج النووي الإيراني، يواصل الإيرانيون إظهار أنهم لا يفعلون ذلك. تقربهم تصرفاتهم أكثر وأكثر من القنبلة، وهو أمر تعهدت الولايات المتحدة بمنعه، وعلى إيران فهم أن تصرفاتها تعرض كامل بنيتها التحتية النووية، ومن ضمنها أجزاء مخصصة نظريًا للطاقة المدنية، للخطر. سيؤشر إعلان ذلك إلى أن الولايات المتحدة تبدأ بتهيئة الجمهور الأمريكي والمجتمع الدولي لتحرك عسكري محتمل ضد برنامج إيران النووي.

تغيير الخطاب وحده غير كاف

ثانيًا، ومن أجل إعطاء هذه الكلمات القوة، يحتاج الإيرانيون إلى رؤية الولايات المتحدة تتدرب على هجمات جو-أرض في المنطقة. إن التدريب العسكري الحديث مع إسرائيل هو خطوة أولى جيدة. لكن يجب تكراره. بموازاة ذلك.

لتصحيح سوء الفهم الإيراني

ثالثًا، تعاني إيران من سوء فهم لموضوعين: هي لا تعتقد أن أمريكا ستتحرك عسكريًا ضدها وهي تعتقد أيضًا أن أمريكا ستوقف الإسرائيليين عن فعل ذلك. بإمكان الإدارة عكس هذا الانطباع عبر تزويد الإسرائيليين بالعتاد والذخائر التي ستجعل أي غارات إسرائيلية أكثر فاعلية. بالنظر إلى المسافات الفاصلة ونقص الوصول إلى قواعد متقدمة، تحتاج إسرائيل إلى إعادة التزود بالوقود جوًا كي تتمكن من ضرب أهداف إيرانية محصنة مرات عدة.
لقد تعاقدت مع أربع ناقلات جوية من طراز كي.سي-46.أي لكن ليس من المقرر أن تصل الأولى قبل أواخر 2025. بإمكان إدارة بايدن ضمان أن تصل تلك الناقلات هذه السنة. وبإمكان الولايات المتحدة أيضًا توفير ذخائر أقوى من تلك التي تمتلكها إسرائيل حاليًا لضرب الأهداف المعززة. سترسل هكذا خطوة غير اعتيادية رسالة صارخة وواضحة: عوضًا عن تقييد الإسرائيليين، ستقوم الولايات المتحدة بمساعدتهم.

حاجة للابتكار المفاجئ

رابعًا، سيتعين على إدارة بايدن التحرك بطريقة غير اعتيادية بالنسبة إلى الإيرانيين. خلال الشهر الماضي، استهدفت ميليشيات وكيلة لإيران القوات الأمريكية في سوريا مرتين. وفي كلتا الحالتين، امتنعت الولايات المتحدة عن الرد. يجب أن يرى الإيرانيون أمرًا لا يتوقعونه، ردًا عسكريًا يظهر أن القيود السابقة لم تعد تنطبق الآن. يجب الرد على هجمات الوكلاء من دون تردد وبطريقة غير متناسبة. على سبيل المثال، بإمكان هكذا تحرك أن يشمل غارات أمريكية غير مصرح عنها ضد معسكرات إيرانية تتدرب فيها تلك الميليشيات. إذا لم تتبن الولايات المتحدة المسؤولية فقد لا يضطر الإيرانيون للرد، لكنهم سيفهمون الرسالة.

هل هذا النهج خالٍ من المخاطر؟

إذا تبنت الولايات المتحدة كل هذه الإجراءات فسيأخذها الإيرانيون بالاعتبار. سوف يكون الهدف دفع الإيرانيين إلى التوقف عن تطوير برنامجهم لتخصيب اليورانيوم، ومن خلاله، إلى إعادة فتح احتمال لممر ديبلوماسي من أجل تأخيره. أضاف روس أن هذا النهج ليس خاليًا من المخاطر. قد تختبر إيران الأمريكيين لرؤية مدى جديتهم. يمكن أن يقول قادة النظام إنهم سينسحبون من معاهدة حظر الانتشار لمنع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أي وصول إلى منشآتها. لكن المؤكد أن محافظة الولايات المتحدة على السياسة الراهنة لن تقوم بأي شيء لتعديل تقدم إيران نحو اللحظة التي يمكنها فيها اختيار الحصول على قنبلة، ولن تنتظر إسرائيل حدوث ذلك ببساطة.