رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

70 عامًا من الإهمال..

تهرب «الأبنية التعليمية» من صيانة المدارس المؤجرة خطر يهدد حياة آلاف الطلاب

 صيانة المدارس
صيانة المدارس

كشف أولياء الأمور عن أزمة خطيرة تنتظر مئات الآلاف من الطلاب بالعديد من المدارس على مستوى الجمهورية، وتتمثل في تهرب هيئة الأبنية التعليمية من مسئوليتها بصيانة الآلاف من المدارس المؤجرة منذ أكثر من 70 عامًا بنظام «الإيجار القديم»، بل إن الأخطر من ذلك عدم بحث الهيئة ووزارة التربية والتعليم عن البديل لهذه المدارس، خاصة مع اقتراب موعد تسليم هذه المدارس لأصحابها الأصليين أو ورثتهم.

وتدق «النبأ الوطني»، ناقوس الخطر أمام الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم، والمسئولين في الحكومة، من أجل إيجاد حل لهذه الأزمة، التي سوف تقع على رؤوس الطلاب والمعلمين والوزارة كلها.

إلى متى الانتظار؟

من جانبها تقول أماني الشريف مؤسس اتحاد المدارس التجريبية، إنها ناقشت هذه الأزمة عبر جروب «حوار مجتمعى تربوى»، خاصة مع قراب انتهاء الفترة الزمنية المقررة للآلاف من عقود الإيجار للمدارس الحكومية وإعادتها للمالك.

وتساءلت «الشريف» عن مصير مئات الآلاف من الطلاب في تلك المدارس؟، مشيرة إلى أن السيناريو المتوقع رمى الأولاد فى الشارع أو فى مدرسة فترة تانية كثافتها مرتفعة وتبعد عن منازلهم بمسافات طويلة.

وأعربت «الشريف» عن استيائها من موقف هيئة الأبنية التعليمية وعدم إسراعها فى اتخاذ التدابير اللازمة، بل والعمل على تطبيق قانون نزع الملكية بحجة أن تلك المدارس المؤجرة ليست مغلقة وليست عليها نزاع قضائى فى حين أن قانون نزع الملكية رقم 10 لسنة 1990 ينص على أسباب أخرى يمكن الاستناد إليها لنزع الملكية مثل أعمال المنفعة العامة، أغراض التخطيط العمرانى، تحسين المرافق العامة أو أية عقارات ترى جهة التنظيم أن بقاءها بهذا الشكل لا يتفق مع التحسين المطلوب.

وطالبت «الشريف» بحل المشكلة بالقانون ووفقًا لقانون نزع الملكية للمصلحة العامة، مختتمة حديثها لـ«النبأ»: «إلى متى الانتظار؟».

انهيار وتهالك

وكشف محمد مجدى عيسوى عضو مجلس أمناء وآباء ومعلمين وولى أمر، أنه بعد مرور أربع سنوات وشهرين سوف يسترد أصحاب المدارس المؤجرة أملاكهم ومن ضمنها المدارس الرسمية المؤجرة لوزارة التربية والتعليم، تنفيذا للقانون رقم 10 لسنة 2022، ويتم إخلاء مئات الآلاف من الطلاب المتواجدين فى المدارس المؤجرة فى كل محافظات مصر.

وأزاح «عيسوى» الستار عن مفاجأة جديدة، تهدد حياة الآلاف من الطلاب وهى تهرب هيئة الأبنية التعليمية من صيانة تلك المدارس وعدم خضوعها بأى شكل من الأشكال للصيانة؛ لعدم اعتراف الأبنية التعليمية بتلك المدارس، طوال العقود الماضية لأكثر من 70 عاما، وهي مدارس ومنشآت على طراز قديم وبتصميم أهلى بسيط على هيئة منازل وبيوت قديمة، وهو ما يجعلها أكثر عرضة للانهيار على الطلاب.

وأضاف أنه يتم الاعتماد على التبرعات، وموارد قليلة جدًا من الإدارة التعليمية لصيانة تلك المدارس التى لا تكفى شيئا فأصبحت مدارس متهالكة، مشيرا إلى أن المدرسة التى فى قريته مؤجرة منذ 1953 ووالده كان طالبا فيها، ثم صار هو طالبا فيها، وما زالت تستقبل أبناء القرية على مدار 70 عاما وتعمل فترتين وليس لها أى بديل.

ولفت إلى أنه فى محافظة المنوفية وحدها يوجد أكثر من مائة مدرسة مؤجرة تضم بالمتوسط مائة ألف طالب، متسائلًا عن مصير هؤلاء الطلاب بعد أربع سنوات وشهرين وكذلك طلاب باقى محافظات مصر؟

وأشار إلى أن من ضمن هذه المدارس، مدرسة الشهيد العميد نجوى عبد العليم الحجار الإعدادية، بمحافظة المنوفية، منوهًا إلى أنه على الرغم من وجود موافقة من محافظ المنوفية على نزع ملكية المدرسة، إلا أن مدير الأبنية التعليمية فى الوزارة تحدث مع مدير الأبنية التعليمية فى المحافظة، إلا أنها رفضت بحجة أن المدرسة ليست مغلقة وليست عليها نزاع قضائى، في حين أن قانون نزع الملكية به نقاط أخرى يمكن أن تستند إليه لكى تنزع الملكية.

طالب «عيسوى» مجلس النواب والمسؤولين بالموافقة على تخصيص ميزانية لهيئات الأبنية التعليمية، لنزع ملكية جميع المدارس المؤجرة في مصر، وتعويض أصحابها دون غلق تلك المدارس حفاظًا على مستقبل مئات الآلاف من الطلاب فى محافظات مصر.

أرقام رسمية

وحسب إحصائيات وزارة التربية والتعليم، هناك حوالي 1400 مدرسة مؤجرة على مستوى أنحاء الجمهورية، وحصل بعض الملاك على أحكام قضائية بالطرد، واسترداد أملاكهم، فيما هناك حوالي 300 مدرسة تم إغلاقها لأنها أصبحت متهالكة وتمثل خطورة كبيرة على حياة الطلاب، وتحتاج بعضها إلى تطوير وتوسعات.

وتأتى محافظات الصعيد على رأس المحافظات التي تعاني من وجود مدارس مؤجرة، ففي أسيوط يوجد 170 مدرسة مؤجرة، ثم محافظة الشرقية 145 مدرسة، ثم سوهاج 140 مدرسة، والمنوفية تضم 122 مدرسة، والقاهرة يوجد بها  113 مدرسة مؤجرة، وكذلك في محافظات الاسكندرية والبحيرة وكفر الشيخ.

ويتراوح قيمة الإيجار الشهري ما بين 240 قرشًا إلى مائة جنيه، وبعض أصحاب المدارس يرفضون الحصول على الإيجار، خاصة أنهم يتسلمونه بموجب شيكات، وعليهم أن يتوجهوا للبنوك للحصول على هذه القيمة، وقد لا تكفي قيمة المواصلات للبنك إذا كانت المدرسة تقع في قرية والبنك في المدينة.

الوزارة ترد

وكشف مصدر مسئول داخل وزارة التربية والتعليم، أن الوزارة لا تتجاهل هذا الملف، وتم تشكيل لجنة منذ عام 2015 لحل هذه الأزمة، وهناك مفاوضات مع بعض ورثة أو ملاك المدارس من أجل شراء المدارس، أو نزاع ملكيتها للمنفعة العامة وتقديم التعويض المناسب لهم.

وأوضح المصدر، أن اللجنة يرأسها وزير التربية والتعليم، علاوة على تشكيل لجنة في كل محافظة بها مدارس مؤجرة، برئاسة المحافظ أو من ينوب عنه، ويشارك فيها عضو من الجهاز المركزي للمحاسبات وعضو الرقابة الإدارية وعضو من هيئة الأبنية التعليمية بكل محافظة، وتعمل على دراسة حالة كل مدرسة مؤجرة، وبحث الحل الأنسب لها، إما بالتفاوض مع الملاك وشراء المدرسة أو نزع الملكية للمنفعة العامة أو أية حلول أخرى، ويتم رفع النتائج إلى رئيس الحكومة.

وانتهت اللجنة في محافظة المنوفية، من حل مشكلة 5 مدارس، ووافق اللواء إبراهيم أحمد أبو ليمون محافظ المنوفية، في شهر نوفمبر الماضى، على إدراج 5 مدارس مؤجرة بمراحل التعليم الأساسي والإعدادي بمراكز شبين الكوم وبركة السبع وأشمون، ضمن خطة الهيئة العامة للأبنية التعليمية لإنشاء مدارس، وذلك نظرًا لسوء الحالة العامة لهذه المدارس، وذلك بعد تحديد سعر عادل لها، وتقديم التعويضات إلى ملاكها.

وتواصل أولياء الأمور والنشطاء في ملف التعليم مع نواب مجلس النواب، وتقدمت الدكتورة حنان يشار عضو لجنة التعليم بالبرلمان، بطلب إحاطة إلى وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، وطالبت بالرد على طلبات الإحاطة والأسئلة التي طرحها أعضاء مجلس النواب، والتي لم يتم الرد عليها حتى الآن.

وأكدت «يشار»، أن الوزارة ستواجه مشكلات كثيرة خلال السنوات المقبلة، ومن بينها المدارس المؤجرة التي من المقرر أن ترد لأصحابها خلال 5 سنوات وفقًا للقانون، متسائلة، هل هيئة الأبنية التعليمية لديها بدائل أم لا؟

تحرك البرلمان

وتساءلت الدكتورة حنان يشار، عن مصير المدارس الآيلة للسقوط والتي تهدد حياة الطلاب، مشيرة إلى أنها زارت مدارس ورأت «الشق» من السقف حتى الأرض، إلى جانب تساقط «بياض الجدران» واهتزاز أرفف المكتبة مع تحرك التلاميذ، موضحة أنها سألت مدير هذه المدرسة فأكد أن مسئولي هيئة الأبنية زاروا المدرسة ومسجل زيارتهم لسجلات المدرسة، ولكن الوضع مستمر على ما هو عليه.

وأضافت أن من بين الأسئلة التي أرادت أن يجيب عنها وزير التربية والتعليم، هل سيتم تطبيق نظام الثلاث فترات كبديل للمدارس المؤجرة والآيلة للسقوط؟، معلقة: «هذه القضية شائكة».

وتقدمت النائبة سكينة سلامة، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، بطلب إحاطة  للمستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، موجه إلى وزير التعليم العالي ووزير التربية والتعليم، بشأن المدارس الإيجارية في محافظة الشرقية وهي مدارس لها أكثر 60 سنة مؤجرة ومتهالكة تمامًا، لافتة إلى أن بها عددا من الغرف مختلفة المساحة بها شباك أو اثنتين؛ مما يجعلها سيئة الإنارة والتهوية، مؤكدة  أنه يتراوح عدد الطلاب في الفصل من 40 إلى 60 طالبًا وطالبة.

وقالت عضو مجلس النواب، في طلب الإحاطة المقدم منها، إن هذه المدارس بها مكتبة إذا وجدت يكون في غرفة مساحتها لا تتعدى متر في متر مثل مدرسة بنات الجمهورية الابتدائية إدارة شرق التعليمية، ومدرسة البطل عبد العال حلمي.