رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بعد اعتماد البنك الروسي الجنيه المصري ضمن العملات الرئيسية:

لأول مرة يمكن لمصر استيراد القمح بالروبل الروسي بدلًا من الدولار

الروبل الروسي
الروبل الروسي

ناجي: القرار سيدفع القطاع الخاص المصري للعمل بشكل أكبر مع نظيره الروسي.. وسيزيد من النشاط السياحي 

شيحة: سيخفف الضغط على الدولار.. ونستورد بالروبل بدلًا من الدولار

نوار: القرار يخدم استراتيجية روسيا نحو التحول لنظام نقدي متعدد الأطراف.. ويمكن تعميم التجربة مع الصين 

 

نهاية الأسبوع الماضي، كشف البنك الفيدرالي الروسي عن إدراج الجنيه المصري ضمن العملات الرئيسية التي يُحددها ضمن أسعار الصرف الرسمية مقابل الروبل الروسي. ويقدر سعر صرف الروبل الروسي مقابل الجنيه بحوالي 43 قرشًا، أي أن كل جنيه يعادل 2.5 روبل روسي. 

وقال البنك الروسي، إن قائمة العملات الأجنبية التي يحدد سعرها رسميا مقابل الروبل تضمنت الآن 9 عملات جديدة، من بينها الجنيه المصري والدرهم الإماراتي والبات التايلاندي والروبية الإندونيسية. كما أن القرار الجديد سيسمح لمصر وروسيا باستخدام الروبل والجنيه في المعاملات التجارية بين البلدين وذلك بدلا عن الدولار، حيث يقدر حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا بنحو 4.7 مليار دولار لعام 2021.

وسبق هذا القرار، اعتماد البنك المركزي المصري، للعملة الروسية الروبل في المعاملات التجارية والاقتصادية والسياحية مع روسيا بدلًا الدولار. وذلك في إطار ما أسمته وزارة المالية باستخدام عدد من البدائل لتيسير التعاملات الاقتصادية مع روسيا في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة بما يساعد على التقليل من حدة الأزمة على الاقتصاد المصري.

ويشرح أحمد شيحة، عضو شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية، القرار، بأنه سيكون في صالح عملية الاستيراد والاقتصاد المصري لأنه سيقلل الطلب على الدولار، لأن كل العمليات الاستيرادية بين مصر ورسيا كانت تتم بالدولار.

وأضاف، أن جميع التعاملات التي تقوم بها مصر في التبادل التجاري خاصة الاستيراد مع كافة الدول تتم بالدولار، مما نتج عنه الضغط على الدولار والتلاعب في أسعاره، لافتًا إلى أن خطوة البنك الروسي تعدّ إيجابية خاصة في حال تعميمها مع دول مثل الصين. 

وأشار شيحة إلى أن القرار سيساهم في تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، وسيكون له أثر لكن ذلك سيتطلب وقت وإجراءات إدارية وبنكية، لافتًا إلى أن البنك المركزي توقع أن الدولار سبب مشكلات ارتفاع الأسعار، وتقدير الدولار أمام الجنيه مبالغ فيه، والإجراءات التي تتم تنعكس على الاستغناء عن الدولار ليعود لقيمته الفعلية.

من جهته، يقول الدكتور إبراهيم نوار، الخبير الاقتصادي، إن القرار سيوفر جزء كبير من الدولار، خاصة وأن مصر تستورد سلع استراتيجية من روسيا وعلى رأسها القمح، معتبرًا عدم وجود منطق في استيراد مصر من روسيا بالدولار بعدما تم إخراج روسيا من منظومة سويفت "النظام المالي المصرفي العالمي" إبان الأزمة الأوكرانية. 

وأضاف، أن الميزان التجاري سيكون في صالح روسيا نظرًا لانخفاض قدرة مصر التصديرية، موضحًا أن روسيا لن تستطيع استخدام عائد صادراتها إلا إذا تم تقييمه بعملة غير الدولار، موضحًا أن القرار سيكون له أثر على تسوية مدفوعات السياحة الروسية في مصر، ويُزيد من التبادل التجاري بين البلدين.

وبحسب بيانات وزارة التجارة والصناعة، صدرت بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2021 إلى نحو 4.7 مليار دولار مقابل 4.5 مليار دولار خلال عام 2020. وبلغت قيمة الصادرات الروسية في عام 2021، نحو 4 مليار و178 مليون دولار مقارنة بنحو 4 مليار و19 مليون دولار خلال عام 2020. 

في حين بلغت صادرات مصر إلى روسيا ما قيمته 591.7 مليون دولار، مقارنة بنحو 515.6 مليون دولار خلال عام 2020، محققة ارتفاع 14.7%. وأبرز الصادرات المصرية إلى روسيا البرتقال الذي بلغت نسبته من إجمالي الصادرات 33.7%، تليه البطاطس بنسبة 13.3%، ثم البصل بنسبة 7.8%، ويليه العنب بنسبة 5.1%، وفقًا لبيانات وزارة التجارة والصناعة.

وخلال الفترة بين 2019 إلى 2022 استوردت هيئة السلع التموينية نحو 8 مليون و465 ألف طن من القمح الروسي، حيث بلغ حجم الاستيراد من في العام 2021/ 2022 من روسيا حوالي مليون و370 ألف طن من القمح الروسي، وفقًا لبيانات صادرة عن معهد التجارة العالمي. وذلك مقابل 3 مليون و805 ألف طن قمح في العام المالي 2020/ 2021. بينما بلغ حجم الاستيراد في العام 2019/ 2020 نحو 3 مليون و290 ألف طن من القمح الروسي. 

أما إجمالي ما استوردته مصر "قطاع حكومي وخاص" من القمح الروسي، خلال الفترة بين 2019 إلى 2022 بلغ نحو 18.1 مليون طنًا من القمح الروسي بنسبة 50% من إجمالي القمح الذي استوردته مصر خلال تلك الفترة والبالغ حوالي 36.4 مليون طنًا، وفقًا لبيانات معهد التجارة العالمي.

ونقلًا عن فيكتوريا أبرامشينكو، نائبة رئيس الحكومة الروسية، قالت إن روسيا تعكف على تطبيق آلية لتسوية مدفوعات صفقات تصدير الحبوب لمصر بالروبل الروسي، مضيفةً أن روسيا لم تتحول بشكل منتظم إلى التجارة باستخدام العملات الوطنية، لكن هناك اتجاه نحو ذلك. كما دللت على ذلك، بما حدث مع صفقة الحبوب مع تركيا، حيث تم الدفع بالروبل.

إلى ذلك تابع إبراهيم نوار، الخبير الاقتصادي، أنه سيكون له أثر على زيادة الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، وتنشيط المعاملات بين قطاعات الأعمال والصناعة في الدول المُستفيدة من توسيع نظام الصرف الروسي، الذي قرر البنك المركزي الروسي توسيعه ليشمل عملات مصر وقطر وفيتنام وجورجيا وصربيا ونيوزيلندا. 

واعتبر نوار، أن القرار تحول نوعي من روسيا نحو إقامة نظام مصرفي نقدي متعدد الأطراف، بعيدًا عن الدولار، وأن إضافة ثلاث عملات رئيسية إلى نظام الصرف الروسي الجديد سيكون له أثر، وتلك العملات هي الريال القطري، والدونج الفيتنامي والدولار النيوزيلندي.

وأكمل، أن قرار البنك المركزي يُمثل خطوة جريئة في اتجاه  خلق نظام نقدي جديد متعدد الأطراف مستقبلا، خاصة أن هذه الدول تستطيع استخدام اليوان الصيني في المعاملات متعددة الأطراف التي تضم كلا منها مع روسيا والصين.

كما اتفق متى بشاي، رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، مع أراء الخبراء في أنه ستعود على مصر عدة فوائد من خلال إتاحة التعامل بالجنيه المصري في التعامل التجاري مع روسيا، مشيرًا إلى أن مصر تستورد من روسيا زيوت وبذور وسبائك وعربات سكك حديدية فضلًا عن القمح.

وأضاف بشاي، أن القرار سيساهم في تخفيف الضغط على الدولار في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، موضحًا أن المستورد لن ينتظر الاعتماد المالي أو توفير الدولار لجلب المنتجات الروسية، وأن البنك المركزي الروسي حدد سعر صرف الجنيه رسميًا مقابل الروبل.

وعن استفادة القطاع الخاص من القرار، قال وليد ناجي نائب رئيس البنك العقاري المصري، إن القرار سيفيد شركات القطاع الخاص سواء في روسيا في روسيا أو مصر، وسيعطيها دفعة قوية نحو زيادة حجم التبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية بينهم.

وأضاف، أن القرار أيضًا سيعمل على زيادة العائدات السياحية إلى الخزانة المصرية بعد إتاحة السياح الروس الدفع بالروبل عوضًا عن الدولار بعد إخراج موسكو من النظام المصرفي العالمي كعقوبات غربية ضد روسيا على خلفية الهجوم الروسي على أوكرانيا. 

وأشار ناجي إلى أن عدم الحاجة لتوفير عملات أجنبية مثل الدولار لسداد السلع المستوردة بين الدولتين يخفف الضغط عن العملة، ويزيد حجم مجالات التبادل التجاري، ويسهل المعاملات القائمة، ويقوي من العملة المحلية.