رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

محطة مصر.. وعُمال "الجِباية" !

الكاتب صبري الموجي
الكاتب صبري الموجي


 

حسب دوستويفسكي: " لا يغيظُني الوقوعُ في الخطأ، فهو شيء يُمكنُ التسامحُ فيه، وهو شيء رائع لأنه يُؤدي إلى الحقيقة، ما يغيظُني هو الإصرارُِ على إنكار الأخطاء " !
أمرٌ مستفز أن تتحملَ خطأ غيرك، وتتعرضَ جراء ذلك لطائلة الغرامة الفورية، أو (الجباية) غير المُستحَقة، التي تفرضها هيئةُ السكة الحديد علي كل من تسوقه رجلاه إلي محطة مصر، وتُحصلُها بواسطة  موظفين أشبه بعمال الجباية زمن (الفتوات) !
حقيقي.. يحدث هذا ولا يزيد ردُ المسئولين بعد رفع الشكوي إليهم، وتيقنهم من خطأ موظف الهيئة علي قولهم: " آسفين.. حضرتك رجل مُحترم " !
والسؤال هل جزاءُ الاحترام الغرامة، ولم لا يكون الموظفون محترمين أيضا؛ لكي لا يرهقوا الراكب بغرامة غير مُستحقة ؟

أوقعني - كغيري الكثير - تكاسلُ موظف شباك تذاكر، لم يكلف خاطره بالبحث بعناية علي ( السيستم) لاستخراج تذكرة مُخفضَة لي بموجب (كارنيه) نقابة الصحفيين، الذي فقد بريقه، وانهار سلطانه تحت طائلة هذه الغرامة لمروري بإحدي بوابات الخروج بعد إلقاء تذكرة الرحلة إثر وصولي. 
والسؤال: ألم يسأل ذلك الموظف الهُمام نفسه.. كيف دخلت المحطة عند الإقلاع، وكيف أُتيح لي استقلالُ قطار قطع بي عشرات الكيلو مترات بلا تذكرة ؟
هل تقاعس موظفو البوابات قبله، وكمسارية القطار، وأتي هو بما لم يأتِ به الأوائل ؟
رعونةُ هذا العامل البيروقراطي، دفعتني لرصد عدة صور سلبية يراها كلُّ من يتردد علي هذا المرفق الحيوي ذهابا وإيابا.
أولي هذه الصور كثرةُ أفراد أمن بوابات الدخول والخروج، الذين اختيروا علي (الفرازة)؛ ليُغرموا الركاب بحق وبدون حق استنادا إلي بيروقراطية مُعوِقة، تستمسك بالقانون دون الالتفات إلي روحه، إذ يُصرون علي (خَتم) تذكرة العودة، الذي يُرغم الراكب علي الوقوف في طابور طويل مرتين الأولي أمام شباك ( التذاكر) للحصول علي التذكرة، والثانية أثناء خَتمها عند عودته.
ومن الصور أيضا كثرة البوابات التي يعبُرها المسافر، ويُطالَبُ خلالها بإبراز تذكرة الذهاب أو العودة؛ مما يُعطل الركاب،  ويُفوت علي كثيرٍ منهم اللحاق بالقطارات، ويضطرهم إلي الانتظار في صالات الانتظار لحين موعد الرحلة التالية، وهو ما يزيد من التكدس داخل المحطات، وربما يعوقُ السيطرةَ الأمنية ومُحاربة الشغب !
والسؤال: ألا يكفي المسافر أن يُبرزَ تذكرة سفره أمام بوابة واحدة بجانب إبرازها لكمسارية القطار ؟
إضافة إلي أن كثيرا من الكوارث كان بسبب الباعة المتجولين داخل القطارات، الذين أكدت الهيئة مرارا علي ضرورة تتبعهم ومطاردتهم، ورغما عن هذا يتواجدون، بل ويتزايد عددهم !
ومن الصور أن غرامةَ التدخين داخل القطارات والمحطات خارج  الخدمة، وهو ما زاد من شره المُدخنين، الذين ضربوا بلافتة (ممنوع التدخين) عرضَ الحائط دون مراعاة لمُضارٍ أو مريض !
ومن الصور السلبية أنه رغم ارتفاع تعريفة الركوب، وقيمة التذاكر والاشتراكات، إلا أن الخدمة ( مازالت محلك سر) خاصة بقطارات ( تحيا مصر).
ومن الصور أيضا، والتي يعضُ لها الراكبُ أنامله من الغيظ، تأخرُ إقلاع ووصول بعض القطارات عن موعدها بالساعة، وربما بالساعات، خاصة في الخطوط الطويلة، وإن كان هذا ملحوظا بوضوح بقطارات ( البسطاء)، فإنه يكون طفيفا، وربما مُنعدما بالقطارات المُكيَفة.
والسؤال هل لوقت مُستقلي القطارات المكيفة قيمة، وتنعدم قيمته لدي ركاب الدرجات الأدني ؟
أسئلةٌ كثيرة ليست بغرض تشويه ذلك المرفق الحيوي، الذي بُذلت وتُبذل لتطويره جهودٌ كثيرة، ولكن بغرض الإشارة لصور الخلل لتفاديها للنهوض بذلك المرفق الرائع !