رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

علي الهواري يكتب: لغة جسد الزعماء..الرئيسين السيسي وبوتين نموذجا

علي الهواري يكتب:
علي الهواري يكتب: لغة جسد الزعماء

لغة الجسد، أو اللغة غير اللفظية، تعني تحريك قسمات الوجه، وحركات الأعضاء الجسدية، وطريقة اللمس ومدى التقارب الجسدي من الآخر، وأنواع من الأصوات تخرج من الفم في أثناء الحديث، وكذلك رائحة الشخص أيضًا.

وحسب خبراء لغة الجسد، فإنه بواسطة تحريك قسمات الوجه واليدين والأصابع في أثناء الكلام والحديث، يمكن فهم طبيعة الشخص، إذا ما كان عاطفيًا أو حازمًا أو مترددًا.

وحسب الخبراء في علم النفس وعلوم دلالات الحركات الجسدية، فإن طريقة المشي يمكنها أن تحدد جوانب الشخصية، وكذلك طريقة الوقوف والجلوس. 

فنظرة الحب تختلف عن الكره، وتحريك اليد بعنف تدل على عصبية المتكلم، وقد ننجذب إلى شخص أو ننفر منه بسبب رائحته، فهذه كلها إشارات غير لفظية، يمكن اعتبارها لغة أيضًا.

ويتضمن تعريف اللغة الجسدية أو اللغة غير اللفظية- حسب خبراء لغة الجسد-  مجموعة واسعة بشكل هائل من الإشارات الجسدية، يستخدمها الشخص لمحاولة التأثير في الآخرين، لإقناعهم بفعل الأشياء التي يريد منهم القيام بها.

وفي دراسة قام بها أحد علماء النفس، اكتشف أن 7% فقط من الاتصال يكون بالكلمات و38% بنبرة الصوت و55% بلغة الجسد، ولو اختلفت الكلمات ولغة الجسد فإن الفرد يميل إلى تصديق لغة الجسد.

وحسب خبراء لغة الجسد، فإن اللغة غير اللفظية للسياسيين حول العالم تتمتع باهتمام كبير من الباحثين، ومن السياسيين الآخرين والجمهور أيضًا، فهؤلاء حين يتكلمون يشاهدهم ملايين الأشخاص، تحديدًا في فترات الانتخابات وصراعاتها ومحاولات الإقناع فيها، وكذلك في الشدائد والجوائح حين يحتاج السياسي إلى استخدام تعابير جسده بطريقة محددة تسهم في تبسيط ما يقوله وإيصاله إلى أكبر قدر من المواطنين الناخبين، أو الذين ينتظرون موقفًا سياسيًا ما من أمر مهم.

ولهذا، بات للسياسيين مستشارون معنيون بهذا الموضوع، ويقدمون للسياسي النصائح أو الطرق التي يجب اتباعها لإقناع مستمعيه بوجهة نظره، وعليه أن يلتزم بهذه النصائح، لأن حركة جسدية واحدة غير صائبة قد تثير الغضب أو السخرية من هذا السياسي.

ومن أكثر الزعماء الذين أثاروا اهتمام خبراء لغة الجسد، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تخوض قوات بلاده حرب مفتوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على الأراضي الأوكرانية. 

بماذا يفكر هذا الرجل؟

يقول الباحثان، إريك بوسي، الذي يعمل على مواضيع "المعالجة المعرفية والعاطفية للغة السياسيين الجسدية" في جامعة تكساس للتكنولوجيا، وباتريك ستيوارت، عالم سياسي ومبرمج معتمد لنظام تشفير إجراءات الوجه (FACS)، وتعابير الوجه في جامعة أركنساس، إن أقل من 10% من التواصل الفعلي تتكون من الكلمات المنطوقة، ومعظم عمليات التواصل بين الناس تجري من خلال لغة الجسد، وبعضها من خلال نبرة الصوت.

يعتبر إيريك بوسي، أن العلوم السياسية عمومًا تعاملت فترة طويلة جدًا مع المعنى اللفظي، باعتباره الجزء الوحيد المهم من الرسالة، بينما في الواقع يحدث تأثير مقنع بشكل غير لفظي، فالطريقة التي تظهر بها شخصية سياسية صورتها المرئية يمكن تذكرها أكثر من تفاصيل أي بيان أو خطاب سياسي أو مؤتمر صحافي.

أما ما ينظر إليه إيريك حين يريد قراءة سياسي ما، فهو رؤية الأسنان، لأن الأسنان السفلية المكشوفة مرتبطة بإظهار الغضب والتهديد.

على النقيض من ذلك، تعتبر الأسنان العلوية المرئية نموذجية للابتسامة وإظهار السعادة والطمأنينة، وتقدم حركات العضلات المنسقة المحيطة بالفم والعينين المزيد من المعلومات حول نوايا هذا السياسي أو مدى تصنع حركاته أو جديتها.

وقد طرحا الباحثان سؤالًا: "بماذا يفكر هذا الرجل؟"، أي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أدى قراره الأخير بإرسال آلاف القوات الروسية إلى دولة مجاورة بجعله محط أنظار كل وسائل الإعلام على أنواعها، وليتصدر نشرات الأخبار حول العالم، وتبدو أفعاله مثيرة للذهول في عالم ما بعد الحرب الباردة، ويحاول كثيرون معرفة دوافعه ونواياه. لذا علينا معرفة ما الذي "تعنيه" الاتصالات غير اللفظية لبوتين عن خطوته الأوكرانية الجريئة؟

يرى إريك بوسي أن بوتين بدأ بالتظاهر بالتأمل في البداية، ثم أصبح أكثر إصرارًا، بل عدوانيًا، طوال فترة تعليقاته. ثم خفض بصره وكأنه يبحث عن إجابة. الإشارات غير اللفظية مثل تلك تعادل التهرب أو تجنب الإجابة عن نوع معين من الأسئلة، ثم يؤكد رسالته هذه حين ينظر بشكل مباشر أكثر إلى الصحافيين الحاضرين. وكأنه يحاول السيطرة عليهم وإشعارهم بأنه أكثر منهم سلطة.

وفي أكثر الوقت، يحاول الدفاع عن موقفه بهدوء، على الرغم من أن كلماته حول اللاشرعية والتدخل الأجنبي والتحريض المتطرف تتسم بالعدائية، لذلك في لغته الجسدية أو غير اللفظية هذه يشبه غورباتشوف، أي تعبير الجسد عكس ما يقوله اللسان، أما حول طريقة نطق الأحرف والكلمات من فمه أي لغته اللفظية، سيشعر المستمع وكأنه يستمع إلى بريجنيف. وبهذا المعنى، فإن سلوكه خادع، لأنه لا يبدو ظاهريًا عدوانيًا.

أما تعبيراته غير اللفظية الأخرى كنبرة الصوت، والإيماء بالرأس وإيماءات اليد، ثم إجاباته أثناء انشغاله للحظات بما أمامه من أوراق وخرائط، جميعها محسوبة كي تبدو معقولة وطبيعية.

ومع مرور الوقت في ردوده على أسئلة الصحفيين يظهر بوتين مزيدًا من العدوانية في تعابير وجهه، ويكشف مرارًا عن أسنانه السفلية، وهو عرض واضح للغضب والتهديد، مما أدى إلى تقويس حاجبيه وتسارع معدل حديثه، واستخدم نبرة صوت غاضبة. كما أن إيماءات يده، على الرغم من كونها مقوسة، أصبحت أيضًا أكثر إيضاحًا، فتحولت إيماءات اليد المفتوحة إلى قبضة مرات متتالية، وكان يوزع مد يده وضمها مع كلماته وتعابير وجهه.

في الوقت نفسه، يظهر نفوره المتكرر من خلال نظرته، كأن يتوقف لينظر نظرة متأملة أو حادة، ويميل رأسه ميلانًا متلاحقًا هادئًا، ثم يدير بُؤبؤ عينيه إلى أعلى وأسفل، وكأنه يبحث عن فكرة يقولها ويطلقها، بما يعني أنه يتصرف بكل طبيعية، وليس بشكل محضر سلفًا، وكان الصحافيون الحاضرون وكأنهم مثبتون إلى مقاعدهم ويظهرون مزيجًا غريبًا من المفاجأة وعدم التصديق والتسلية والقلق، مما يعكس خطورة ملاحظات بوتين وطبيعة روايته اللاحقة للحقيقة.

ويقول باتريك ستيوارت، العالم السياسي ومبرمج معتمد لنظام تشفير الوجه، "لقد ركزت بشكل أساسي في قسمات وجه بوتين في أثناء طرح سؤال عليه وقبل وبعد إجابته عليه. لذا يمكنني القول إن أداء الزعيم الروسي وهو يستمع إلى أسئلة المراسلين يكشف عن بعض الأنماط المثيرة للاهتمام".

يعتقد ستيوارت أن بوتين رجل يتمتع بقدرة تنافسية عالية. عندما يظهر الابتسامات المسرورة، التي تتضمن رفع زوايا الشفاه وتضييق العينين. وهذا حدث عندما كان بوتين يستمع إلى سؤال أحد المراسلين ووجد أنه قد أجاب عنه سابقًا، فألقى على المراسل نظرته المسرورة بينما يتكلم، وكأنه يوصل له رسالته بوضوح، أن السؤال قد طُرح سابقًا. ولم يظهر انخفاضًا في فكه، وهو مؤشر على المرح.

ولكن عند سؤاله عما إذا كانت السلطات في أوكرانيا شرعية قام بشد شفتيه للخلف، وامتدت بشكل واسع على وجهه، وهو ما يعني شعورًا مباشرًا بالتوتر الداخلي. ففي مثل هذا النوع من الأسئلة سيظهر الوجه ردود فعل غير متوقعة مهما حاول صاحبه ضبط تعابيره. يذكرنا سلوك العرض هذا بالرئيس الأميركي، جورج بوش الأب، عندما قررت الولايات المتحدة مهاجمة العراق في حرب الخليج الأولى عام 1991. هناك أظهر "ابتسامة" خوف مماثلة، مع شفتين متراجعتين بسرعة في ما يمكن اعتباره تعبيرًا صغيرًا عن الخوف من عواقب خوض الحرب.

بوتين ووزير الدفاع

في شهر أبريل الماضي، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين باجتماع مع وزير دفاعه سيرغي شويغو مبرزين عددا مما وصفوها بعلامات توتر للرئيس الروسي.

وفي الوقت الذي أبرز فيه نشطاء اليد اليمني للرئيس بوتين والتي لم تفلت الإمساك بحافة الطاولة بينه وبين شويغو طوال فترة الاجتماع، ذهب البعض الآخر لإلقاء الضوء على الانحناء بجلسة بوتين وما وصفوه بـ "انتفاخ" بوجهه واستمراره بتحريك قدمه اليمنى.

لكن نشطاء قارنوا صورا سابقة لاجتماعات عقدها بوتين مع مسؤولين روس على نفس الطاولة، لافتين إلى أن أسلوب جلسة بوتين وإمساكه بحافة الطاولة أمر معتاد لم يقم به فقط خلال الاجتماع مع شويغو.

أردت مساعدة بوتين في أن يكون قائدا ناجحا

زعم خبير أسترالي إنه علم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيل لغة الجسد منذ 30 عامًا «بغرض مساعدته في أن يكون قائدًا ناجحًا، لا أن يدمر العالم»، مشيرا إلى أن سلوك بوتين المتهور في أوكرانيا «يظهر مدى تدهور عقله في غضون أشهر فقط».

وبحسب صحيفة «ذا صن» البريطانية، فقد التقى الأسترالي آلان بيس، خبير لغة الجسد المشهور عالميًا، بوتين لأول مرة في عام 1991 في مدينة سانت بطرسبرغ، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، حيث كان آلان وقتها يوفر التدريب للسياسيين في البلدان الشيوعية السابقة حول حيل لغة الجسد و«كيفية التعامل كقادة غربيين».

كان بوتين في ذلك الوقت قد عين للتو نائبًا لأناتولي سوبتشاك، رئيس بلدية سانت بطرسبرغ وأول سياسي منتخب رسميًا في روسيا.

وأشار آلان إلى أنه كان من المفترض أن يقدم تدريبا لسوبتشاك حول كيفية الظهور على شاشة التلفزيون، إلا أن الأخير لم يتمكن من الحضور في يوم التدريب المحدد وأرسل مكانه نائبه، فلاديمير بوتين.

في ذلك الوقت، لم يكن بوتين شخصية معروفة على نطاق واسع في روسيا، رغم ماضيه في المخابرات السوفياتية.

وقال آلان: «كان بوتين أقصر مما كنت أتوقع، حيث بلغ طوله 5 أقدام و7 بوصات. ومع ذلك، فإن ما ينقصه في الطول كان معوضًا في عقله. فقد كان ذكيا وسريع التعلم، وسرعان ما استوعب ما علمته له».

وأشار آلان إلى أن بوتين يستخدم الآن نفس أساليب وحيل لغة الجيد التي علمها له منذ سنوات، وأبرزها: -

وضعية القبة: وتعني لمس أنامل اليدين بعضهما ببعض لتكون كلتا اليدين في وضعية تشبه القبة، على أن يستند الشخص بجسمه إلى الوراء ويبتسم دون أن يظهر أسنانه.

وقال آلان إن هذه الوضعية تجعل الشخص يبدو واثقًا من نفسه ومتحكمًا في مشاعره.

الابتسامة وإظهار العواطف: كان أحد أصعب التحديات التي واجهها آلان هو تعليم السياسيين السوفياتيين السابقين كيف يفقدون ما أطلق عليه «الوجه الروسي».

وأوضح قائلا: «لم يسمح للرجال بالابتسام في القوات المسلحة السوفياتية، بسبب الاعتقاد بأن الابتسامة ستجعلهم ضعفاء غير جادين».

وأضاف: «أخبرت بوتين أنه إذا كان سيتعامل مع أشخاص غير الروس، فعليه أن يبتسم».

مشية الرامي: والتي تتمثل في المشي بهدوء شديد وتحريك ذراع واحدة وتجميد الأخرى، ووفقًا لآن فإن هذه المشية تعطي شعورا بالثقة وعدم الخوف.

البرود والهدوء: قال آلان، إن بوتين كان يحرص دائما في الماضي على أن يبدو شخصًا هادئا حتى حين يتعثر في القيام بما يتمناه سريعا. 

وأشار إلى أن ذلك الأمر يخيف الخصم ويجعل الشخص يبدو أكثر قوة.

ويزعم آلان، أن سلوك بوتين قد تغير بشكل كبير في الشهر الماضي أو نحو ذلك.

وأوضح قائلا: «لم يعد القائد الواثق المسؤول الذي كان عليه قديما، بل أصبح أكثر عصبية وعزلة كما لو كان يتوقع هجوما عليه من أي شخص حتى المقربين منه».

كما لفت إلى زيادة أعراض «جنون العظمة» لدى بوتين، مشيرا إلى أن ذلك قد يرجع لعزلته طوال فترة الوباء.

وأضاف: «لقد اكتسب الكثير من الوزن رغم اهتمامه الشديد في السابق بلياقته البدنية. هناك شائعات تقول إنه مصاب بسرطان القولون أو مرض باركنسون وغالبًا ما تكون زيادة الوزن أحد أعراض العلاج».

ويعتقد آلان أن مرض بوتين، سواء الجسدي أو العقلي، يمكن أن يفسر تصرفاته المتهورة في أوكرانيا، مشيرا إلى أنه أصبح أكثر عصبية ربما لأنه يعي «أنه ليس لديه الكثير من الوقت ليعيش».

وأنهى آلان كلامه قائلا: «أردت مساعدة بوتين في أن يكون قائدا ناجحا لا أن يدمر العالم».

وزارة الدفاع الأمريكية تدرس لغة الجسد لـ15 زعيما اجنبيا

في 2014، أقرت وزارة الدفاع الأمريكية بأنها كلفت مجموعة من الخبراء بمهمة دراسة لغة جسد العديد من الزعماء الأجانب، بمن فيهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لفهم شخصياتهم بشكل أفضل.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية إن هذه الدراسات التي كانت حتى مطلع العقد الفائت تجري لحساب وزارة الخارجية، أصبحت اليوم تجري لحساب مجموعة أبحاث تابعة للبنتاغون تعنى بالقضايا الأمنية الاستراتيجية. وأقر مسؤول في البنتاغون، طالبا عدم ذكر اسمه، أن الرئيس الروسي كان محور هذه الدراسات. وأضاف إن آخر دراسة حول شخصيته جرت في العام 2012.

وأوضح المصدر أن حوالي 15 زعيما أجنبيا تمت دراسة شخصياتهم بناء على لغة الجسد، ومن بين هؤلاء رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف والرئيس العراقي السابق صدام حسين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وحتى زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. ولكن المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي أكد أن هذه الدراسات "لا يتم استخدامها لوضع سياسات أو لأخذ قرارات". وأضاف إن وزير الدفاع تشاك هيغل علم بأمر هذه الدراسات بعدما تحدثت عنها "يواس ايه توداي" في عددها الجمعة.

وبحسب المتحدث فإن الوزارة صرفت منذ العام 2009 ما مجموعه 300 ألف دولار سنويا على هذه الدراسات. وكانت الخبيرة في لغة الجسد بريندا كونورز نشرت مقالا في 2004 في صحيفة رودآيلاند تناولت فيه لغة جسد الرئيس الروسي. وقالت يومها إن طريقة مشي بوتين تظهر "رجلا يكافح لكي يتقدم (...) هذا اللااستقرار يجري التعويض عنه بحاجة ملحة إلى سيطرة داخلية، يظهرها من خلال نشر قوته".

لماذا يهتم الغرب بصحة بوتين ؟

وفي شهر مارس الماضي، زعم خبراء لغة الجسد- حسب تقرير صحيفة «ذا صن» البريطانية- أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبدو “منتفخًا” و“ضعيفًا” في الظهور الأخير، ويشير سلوكه إلى أنه ربما كان يعاني من مرض جسدي حاد، مشيرين إلى أن تصرفات بوتين “الشاذة” بشكل متزايد في الحرب على أوكرانيا، يمكن أن تشير أيضًا إلى رجل على وشك الانهيار الجسدي أو العقلي.

ونقلت مجلة “نيوزويك” عن ألكساندرا سيتشوكا، أخصائية علم النفس بجامعة ” كينت” في المملكة المتحدة، قولها: “أعتقد أن هناك سببين على الأقل وراء اهتمام الناس بصحة السياسيين”. الأول، نريد أن نعرف ما إذا كان الشخص قادرا على تولي المنصب، على سبيل المثال يمكن أن نذكر حملة الانتخابات الرئاسية الاميركية لدونالد ترامب في 2016 التي شكك فيها باستمرار في صحة وقدرة منافسته هيلاري كلينتون. والتشكيك في صحة بوتين قد يكون بالمثل طريقة لتحدي قيادته.”

وتابعت:” قد يكون هناك أيضًا سبب آخر لكون أخبار اعتلال صحة بوتين مهمة للغاية للجمهور، حيث يشكل غزو أوكرانيا تهديدًا، ووجود خبر على سبيل المثال مفاده أن بوتين يشعر بتوعك يساعد في فهم هذا الوضع بطريقة أخرى.”

قمة بوتين وبايدن في جنيف

في يونيو 2021، وبعد القمة التي جمعت الرئيسين، الأمريكي جو بايدن، والروسي فلاديمير بوتين، في جنيف، نقلت شبكة "بي بي سي" البريطانية عن الخبيرة في تحليل "لغة الجسد" ماري تشيفيلو، قولها إن: لغة جسد الرئيس بوتين لم تتغير كثيرا في لقاءاته السابقة مع الرؤساء الأميركيين، حيث كانت تعبّر عن رغبته في قول: «لا تتوقعوا أن يغيّر هذا اللقاء كل شيء دفعة واحدة».

وقال خبير "لغة الجسد" روبن كرمود لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، إن ظهور يد بوتين فوق بايدن أثناء المصافحة، تعبير عن رغبة الرئيس الروسي في إبراز نفسه كمسيطر على القمة.

وأبرزت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية تحليل أحد أبرز مدربي الاتصال الرائدين في أوروبا، روبن كرمود، للغة الجسد للرئيسين الأمريكي والروسي خلال قمة جنيف.

راقب خبير لغة الجسد روبن كرمود القمة عن كثب، وفحص كل نظرة وإيماءة لمعرفة ما يمكن أن تخبرنا به عن اثنين من أقوى الرجال في العالم، وسط توتر العلاقات بين البلدين ووصولها إلى أدنى مستوى منذ سنوات.

ووفق ملاحظاته الأوليّة، أشار كرمود إلى أن بايدن بدا "حريصًا بشكل مُفرط على الإرضاء والاعتماد على الملاحظات"، بينما ظهر بوتين "مُسترخيًا وواثقًا من نفسه".

ففي صورة المصافحة الأولى بين الرئيسين في فيلا "لاجرينج"، حيث تقابلا لأول مرة وجهًا لوجه، قال كرمود إنه من الواضح أنهما اتفقا على أن تكون "المصافحة تقليدية". وتابع: "وهنا نرى قوة متساوية في كلتا اليدين".

لكنه أشار إلى أن "إبهام بايدن القوي يُكذّب تعابير وجهه مفرطة النشاط - فهو يحاول جاهدًا أن يكون مُرحبًا به، بينما يمتلك بوتين اليد العليا هنا بذقن واثقة منخفضة ونظرة كلاسيكية للكاميرا".

من المثير للاهتمام أيضًا، حسب كرمود، أن جميع مُساعدي الرئيسين الروسي والأمريكي كانوا يرتدون أقنعة وجه (كمامات)، ما عداهما. وأضاف أن المصافحة التقليدية وبدون كمامات "أوحت بحوار مفتوح ونوايا صادقة".

وعن صورة الرئيسين، وهما ينتظران في الردهة قبل الذهاب إلى المكتبة لإجراء محادثاتهما، حيث ظهرا وكأنهما يفصلان مشاعرهما عن تعابير وجههما فيما يُعرف بـ "وجه البوكر"، أو "بوكر فيس" بالإنجليزية، قال كرمود: "يبدو الأمر وكأن هناك رائحة كريهة في الغرفة".

لكن بتحليل لغة الجسد، فإن "وجوه البوكر بزوايا شفتين مقلوبة، وتوتر في الفك، ووجوه ثابتة تشير إلى أن الرجلين كانا يحاولان التعامل مع موقف يبدو أنه بغيض أو غير مُستحسن بالنسبة إليهم"، في إشارة إلى لقائهما معًا.

وفي صورة أخرى، ظهر بايدن وبوتين في المكتبة قبل عدة ساعات من المحادثات المتوترة.

قال خبير لغة الجسد: "كانت لحظة توتر بينما كان كلاهما ينتظر بدء المحادثات"، مُضيفًا: "لعب بايدن اللعبة السياسية المحترفة، كما لو كان لاعب بوكر".

أما بوتين فبدا "بحاجبيه المرتفعين، ويده اليسرى المتوترة، ولعبه بذراع الكرسي بيده اليمنى، مع النظر للأعلى بلا اكتراث، وظهره المائل على الكرسي" كما لو كان "مراهقًا شريرًا سيء السلوك في المدرسة، متهمًا بركل الكرة نحو نافذة أحد الفصول".

وقبل أن يُطلب من المصورين المغادرة قبل بدء المحادثات، ظهر بايدن وبوتين مُبتسمين للكاميرات، حيث خف التوتر قليلًا، وقرر الرجلان بوضوح كيف سيلعبان اللعبة السياسية، حسب كرمود.

وتابع: "كان بايدن (في هذه الصورة) لا يزال أكثر استقامة ورسمية. يبدو كمدير مدرسة بعض الشيء".

أما بوتين "فكان بوتين يميل للعدوانية السلبية من خلال الانحناء للخلف- تقريبًا على الكرسي. لا تزال كلتا يديه نشطة للغاية، ما يشير إلى أن شخصًا ما مستعد للتحرك إذا لزم الأمر"، مُشبهًا إيّاه بـ "فتوة المدرسة".

وبينما ظهر الرئيس الأمريكي وهو يجمع أوراق تحمل ملاحظاته ويضعها في جيب سُترته، قال خبير لغة الجسد إنه "من المثير للاهتمام حقا أن يدون بايدن ملاحظاته.. قد يكون لدى بوتين ملاحظات على المكتب لكنه لا يلمسها".

وتابع: "الاحتفاظ بالملاحظات ليس مجرد علامة على الرغبة في إبقاء عقلك على المسار الصحيح، بل هو أيضًا وسيلة مريحة - وهي إيماءة تساعد في تخفيف التوتر.. هذا هو السبب في أن الناس يشعرون براحة أكبر إذا كانوا يمسكون بقلم عند إلقاء كلمة".

وعن تلويح للكاميرات بعد لقائه الرئيس السويسري جاي بارملين في "لا جرانج"، حيث عُقِدت القمة، قال كرمود إن "بايدن يبدو وكأنه يحاول جاهدًا أن يظهر منفتحًا. اليد عريضة جدًا والابتسامة عريضة جدًا مقارنة بعلامات التوتر حول الفك والعينين".

أما بوتين فخفض كتفه ورقبته بشكل غير معهود وحاول رسم ابتسامة حقيقية. ويده كانت أقل انفتاحًا من بايدن"، وذلك حينما لوّح للكاميرات بينما كان الرئيس السويسري في استقباله قبل دخول الفيلا.

وفيما وقف بوتين وبارميلين وبايدن لالتقاط صورة مشتركة على خطوات من فيلا "لا جرانج"، ظهر الثلاثة "مُتكلّفين للغاية بابتسامات باهتة"، حسب خبير لغة الجسد.

وقال: "بايدن كان يقف وكأنه ينتظر ركلات الترجيح. فيما تبدو يدا بارملين أكثر استسلامًا كما لو كان لسان حاله (الكرة ستأتي). أما بوتين فيبدو وكأن مدير المدرسة أمر بمعاقبته واحتجازه ويعلم أنه لا مفرّ طريقة للخروج".

وفي صورة أخرى، كان بايدن وبوتين يتجاذبان أطراف الحديث في قاعة الفيلا قبل الذهاب إلى المكتبة.

وقال كرمود إنه "من الصعب قراءة صورة ثابتة دون سياقها الكامل، ولكن نظرًا لأن عينيهما لم تكن مفتوحتين فبدا وكأنهما حذرين جدًا".

وتابع: "لا يسعني إلا الشعور بأن بوتين يبدو وكأنه رب أسرة يقدم نصيحة لطيفة لابن أخيه".

مستعد مواجهة العالم وحيدا

وعرضت قناة العربية السعودية تقريرا بشأن لغة الجسد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، طبقا لخبراء في هذا الشأن.

وحسب التقرير المعروض فأن "الألفاظ"، تمثل فقط 40% من لغة اتصال الرئيس بوتين، أما الـ 60% هي لغة جسد من تعبيرات وإيماءات وحركات.

ونقلا عن "جودى جيمس خبيرة لغة جسد بريطانية"، يهدف الرئيس بوتين من الجلوس وحيدا اثناء خطاباته إلى إيصال رسالة وهى "مستعد مواجهة العالم وحيدا".

وتابعت "جيمس" تحليل خطاب بوتين المتلفز أثناء اعلان الحرب على أوكرانيا، فأن جلوسه أمام مكتب لم يوضع عليه شيء يدل على التركيز وإعلان الطوارئ، والتليفونات إلى جواره تعنى أنه حاضر وعلى تواصل دائما.

وأضافت: ظهور أذن بوتين اليسرى ناحية التليفون تشير إلى أنه لا رجعة في قراراته، لأنه حسب الدارسات فإن البشر يستخدمون الأذن اليمنى عند استعدادهم للنقاش.

أوضحت، جودى جيمس ان جلوس بوتين المرتاح على الكرسي أثناء إعلان الحرب لا يظهره كقائد عسكرى بل أكثر كمدير أعمال، والهدف إيصال رسالة أنه ليس معتديا أو محتلا، وبالنسبة لاتكاء الزراع على المكتب توحى بالقوة والسلطة، وحركة يديه السلسة من حين لآخر تعنى أنه مرتخ وواثق وغير قلق.

أما عن لغة عيني بوتين، فقالت، التحديق بصمت إلى الكاميرات يعد تصريح قوى، فهي من أشهر تعبيرات بوتين الجسدية لبث الخوف، وبصفه عامه رغم أن معظم تعبيرات بوتين خلال خطاب إعلان الحرب توحي بهدوء الأعصاب إلا أن وجنتيه وحركة شفاهه فضحت شعوره بالغضب. 

وحسب خبراء لغة الجسد، فإن فلاديمير بوتين: يتميز في مشيته بأنه يميل أكتافه إلى الوراء وإلى الامام، هذه الحركة تدل على أنه يملك ما يكفي من الجاذبية والنشاط.

الرئيس السيسي لديه كاريزما وشعبية كبيرة

قالت رغدة السعيد، خبيرة لغة الجسد، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي لديه كاريزما وشعبية كبيرة، مشيرة إلى أن نوعية الكاريزما التي يتمتع بها السيسي هي شخصية المنقذ صاحب البدلة العسكرية.

أضافت السعيد"، أن «الرئيس السيسي شخصيته حسية، وأن الشخصية الحسية تتمتع بهدوء الصوت وثبات النظر، وعندما تصافح أي شخص يصافحه بيده الاثنين»، لافتة إلى أن «الشخص الحسي عندما يتحدث يضع يده على صدره أحيانًا».

في 2018، تواصلت صحيفة "الوطن" مع خبراء لغة جسد لتحليل أداء الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء حواره مع المخرجة ساندرا نشأت، حيث تقول الدكتورة هدير جابر، خبيرة لغة الجسد، إن جميع إشارات الرئيس كانت تلقائية ودون قصد منه، دليلًا على مصداقيته في الحديث والمحبة التي يحملها لشعبه.

إشارات اليدين للرئيس السيسي في الحوار التليفزيوني، دليل على المعاني الصادقة في الكلمات والمعلومات التي قالها، حسب حديث "جابر" لـ "الوطن"، موضحة أن إشارة "ضم الكفين" ووضع اليد على صدره، من أكثر الإشارات التي تدل على الصدق والوضوح.

هدوء نبرات الصوت، وتوزيع نظرات أعين الرئيس خلال حواره، دليل على رؤيته في المستقبل، وهدفها إيصال المعلومات للشعب، حسبما ذكرت خبيرة لغة جسد، موضحة أن نظراته كانت مسالمة وأنه يفكر للمستقبل ولديه يقين بالنجاح.

أما الدكتور إبراهيم مجدي، خبير لغة الجسد، فأشار إلى أن لغة جسد الرئيس في الحوار، كانت تدل على إنسانيته وانفتاحه ومصداقيته، والأريحية، التي انتابته أثناء الحوار، كما أنها أظهرت بساطته.

حركات أصابع يد الرئيس، أوضحت التلقائية في كلامه، حسب حديث "مجدي" لـ "الوطن"، موضحًا أن استخدامه القلم في يديه للتركيز في الكلام، ولتوصيل رسائل واضحة للمشاهدين.

وفي سبتمبر 2019، وأثناء احتشاد المئات من المواطنين منذ الساعات الأولى، لاستقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي في مطار القاهرة، فور عودته من الولايات المتحدة الأمريكية، وقيامه بمصافحة المواطنين، اعتبر الدكتور محمد حسن، خبير لغة الجسد، أن اشارات الرئيس السيسي تعكس ثقتة في نفسه وفي شعبه الذي جاء منذ الساعات الأولى من الصباح لاستقباله فور وصوله أرض الوطن.

ملامح الرئيس عبد الفتاح السيسي والابتسامة التي ظهرت على وجهه تعكس سعادته البالغة بحفاوة استقبال المواطنين له، وحسب حديث حسن  لصحيفة الوطن، السلام أو الإشاره باليد المرتفعة من دلالات السيطرة والقوة.

خلال حديثه مع إحدى مراسلات التليفزيون، أشار الرئيس السيسي بأصابع يده بضم السبابة والإبهام، وهي حركة وصفها خبير لغة الجسد، بالدليل على قوة الثقة بالنفس، "واثق في نفسه وثقته لم تهتز بما يثار وبما يقال"، حسب تعبيره.

في ديسمبر 2020، حللت خبيرة لغة الجسد رغدة السعيد، لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في قصر الإليزيه، اثناء زيارته لفرنسا، حيث قالت السعيد، إن وضع الرئيس ماكرون يده على كتف الرئيس السيسي والوقوف لدقائق تدل في لغة الجسد على حفاوة الاستقبال ورسالة للصداقة والحميمية التي بينهم.

وأوضحت، لغة الجسد كانت متسقة مع الرسائل التي وجهها الرئيس السيسي في المؤتمر الصحفي، وذكرت أن الرسائل كانت قصيرة ومختصرة وواضحة ومحددة، واستخدام السيسي قبضة اليد بكثرة وهذا يعني في لغة الجسد السيطرة والتأكيد والتشديد على كلمات معينة، كما استخدم في بعض الجمل لغة الجسد التحذيرية الناعمة وهي استخدام أصبع السبابة ملامس لأصبع الإبهام بينما بقية الصوابع مفرودة ملامسين بعضهم وهذا يؤكد اللهجة التحذيرية والتأكيد والتهديد الخفيف.