رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

إهدار 22 مليون جنيه على إعادة تأهيل مصنع «زيت بذرة القطن»

مصانع الزيت
مصانع الزيت

بالرغم من أن صناعة الزيت في مصر تعد من الصناعات الهامة التي يجب الاعتناء بها خاصة في ظل الأزمات المالية الطاحنة التي تجتاح معظم دول العالم عقب الحرب الروسية الأوكرانية التي نتج عنها مضاعفة أسعار السلع المستوردة، لكن مع هذا نجد هناك إهمالًا كبيرًا لصناعة الزيت في مصر بل مخططًا متعمدًا لتدمير مصانع الزيت الحكومية بسبب سوء الإدارة من شركة الزيوت المستخلصة والشركة القابضة للصناعات الغذائية، حسبما تم رصده من مخالفات مالية وفنية وتعاقدية بمصانع الزيت من واقع تقارير رقابية صادرة من الجهاز المركزي للمحاسبات في هذا الشأن.

التقارير الرقابية- التي حصلت «النبأ» على نسخة منها، كشفت المخطط الكامل لتدمير مصانع الزيت الحكومية بدعوى التأهيل والتطوير، فسردت ما حدث في مصنع زيت بذرة القطن من عمليات تطوير وهمية دون جدوى بسبب أخطاء دراسات الجدوى وتجاهل الدراسات الفنية، كما فضحت ما تم في «مصنع دمنهور» من رفض الإدارة لعملية الإصلاح المجانية وشراء قطع بملايين الجنيهات كان يمكن توفيرها، بالإضافة الأخطاء القاتلة في صفقة استيراد خط التكرير بـ«مصنع محرم بك» وعمليات تركيبه، وكذلك قصة الإتلاف المتعمد للأجزاء الكهربائية والإلكترونية بمصنع «المسلى»، بخلاف ملايين الجنيهات المهدرة على فاقد خام الزيت والآلات المتوقفة عن العمل، وكذلك حالات التعدي على أراضي المصانع.

مصنع زيت بذرة القطن

البداية مع مصنع «زيت بذرة القطن»، حيث شابت عملية تأهيله وتطويره مخالفات فنية ومالية جسيمة تقدر بملايين الجنيهات، ولنا أن نتخيل حجم الملايين المهدرة إذا علمنا أن عملية تأهيل واحدة لوحدة استخلاص زيت بذرة القطن نتج عنها إهدار 22.612 مليون جنيه، منها أكثر من 8.012 مليون جنيه على التأهيل، و14.6 مليون جنيه أمولًا نقدية مجمدة.

وبحسب تقرير رقابي -حصلت «النبأ» على نسخة منه- فإن شركة الزيوت المستخلصة التابعة للشركة القابضة للصناعة الغذائية، صرفت نحو 8.012 مليون جنيه على عملية تأهيل وحدة استخلاص زيت بذرة القطن رقم (3).

وأكد التقرير الرقابي، أن ما ورد بدراسة الجدوى المعدة لإعادة تأهيل وحدة زيت بذرة القطن خاطئ بكل المقاييس، حيث يستلزم توفير نحو 282 ألف إردب بذرة بنحو 146،5 مليون جنيه وهو ما يفوق إنتاج الدولة بالكامل، وبالتالي فإن هذا الأمر يعزز أولوية تأهيل وحدة المذيب رقم (2) تأهيلًا كاملًا عن طريق شراء وحدة جديدة، ليتم عصر عدة أنواع من البذور «عباد، صويا، قطن».

وأضاف التقرير، أنه بعد إتمام عملية تأهيل وحدة زيت بذرة القطن حدثت كوارث فنية وتشغيلية، حيث أظهرت نتائج التشغيل التجريبي للوحدة ارتفاع معدل استخدام «الهكسان» إلى 23.8%، 25.3%، مقابل 13.3% قبل إعادة التأهيل، وبقاء نسبة الفاقد من البذرة على ما هو عليه قبل التأهيل بنسبة 2%.

وأشار التقرير إلى أن إجراءات التعاقد على إعادة تأهيل وحدة بذرة الزيت شابها بعض الأخطاء، منها أنه تم ترسية العطاء والتعاقد مع شركة هينان الصينية بعد استبعاد عطائين من شركتي «الإسكندرية للتجارة الدولية» و«باور للأعمال الهندسية»؛ مما أضر الشركة بنحو 2 مليون جنيه و1.5 مليون جنيه على التوالي.

ولفت التقرير إلى أن من ضمن أخطاء التعاقد رد خطاب الضمان الابتدائي لشركة هينان قبل الاستلام، حيث لم يتم استلام الوحدة رغم انتهاء مدة التسليم في 25 / 2 / 2021 وفقًا لأمر الإسناد رقم (1119) لوجود مشاكل فنية أثناء التركيب، وترتب على ذلك تجميد أموال نقدية تقدر بنحو 14.6 مليون جنيه قيمة 2400 طن بذرة قطن منذ عام.

 

وفي ذات السياق، شهد مصنع زيت دمنهور مخالفات تعاقدية خاصة بتأهيل وحدة التكرير المستمر، حيث عرضت شركة «جيا» توريد قطع غيار مجانية لتأهيل الوحدة لكن هذا العرض يكون مع توريد خط تكرير مستمر لمصنع محرم بك الذي يحتاج لخط تكرير جديد، وللأسف رفضت شركة الزيوت المستخلصة هذا العرض الخارفي من شركة «جيا» بحجة عدم توافر النقدية لشراء خط تكرير مستمر بمصنع محرم بك، لكن المفاجأة التي حدثت بعد هذا الرفض أن شركة «الزيوت المستخلصة» أسندت للشركة ذاتها «جيا» توريد قطع غيار لتأهيل وحدة التكرير المستمر بمصنع دمنهور بنحو 142.4 ألف يورو أي بما يعادل نحو 2.735 مليون جنيه، وفي نفس الوقت عقدت جلسة مناقصة لاستيراد خط التكرير المستمر بمصنع محرم بك، مما أضاع على الشركة ما تكبدته من تكلفة استيراد قطع الغيار التي كانت ستأتي بالمجان.

كما أشار التقرير إلى أنه تبيّن وجود دراسة جدوى غير صحيحة وخلل في الإجراءات والتأخير في تنفيذ الأعمال المدنية وتعطيل تنفيذ مشروع تأهيل وحدة التكرير المستمر بمصنع دمنهور، وقد تم إحالة الموضوع للتحقيق بناء على تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات المبلغ لشركة الزيوت المستخلصة في هذا الشأن.

وفي ظل الأحداث المتشابكة في العمليات الوهمية لتطوير مصانع الزيت، نجد المخالفات أيضًا تزحف إلى مصنع محرم بك، فبعد رفض عرض «التوفير» المقدم من شركة «جيا» بتوريد قطع غيار وحدة التكرير المستمر بمصنع دمنهور في حالة توريد خط التكرير المستمر اللازم لمصنع محرم بك، نجد أنه تم استيراد قطع غيار وحدة تكرير دمنهور بشكل منفرد، واستيراد خط تكرير مصنع محرم بك بشكل منفرد، ما أضاع عرض التوفير المجاني لقطاع غيار خط تكرير مصنع دمنهور حيث تم الشراء بـ142.4 ألف يورو، فضلًا عن ثمن خط التكرير بمصنع محرم بك والذي تم استيراده بمبلغ 20 مليون جنيه.

والمفاجأة، أن تقريرًا للجهاز المركزي للمحاسبات، قال إن شركة الزيوت المستخلصة قامت باسترداد خط تكرير زيت مستمر قدرة 200 طن يوم بمصنع محرم بك بتكلفة تقديرية نحو 20 مليون جنيه دون إعداد دراسة جدوى للمشروع، على الرغم من قيام العضو المنتدب التنفيذي بتعديل عنبر المصبئة بغرض إنتاج 200 طن زيت يوم بتكلفة تقديرية نحو مليون جنيه وهي نفس الطاقة الإنتاجية لخط الإنتاج المستورد، كما تم استبعاد عطاء شركة «ألفا لافال» دون مبرر فني صحيح؛ مما أضاع على الشركة نحو 5،8 مليون جنيه بخلاف فروق الرسوم الضريبية مع عدم تحرير عقد مع الشركة الموردة.

كما كشف التقرير عن توقف خط إنتاج «الشورتنج» و«المار جرين»  بمصنع المسلي بمحرم بك، البالغ تكلفته الدفترية نحو 7.2 مليون جنيه، وتم تفكيك أجزاء من خط الإنتاج دون وجود موافقات مسبقة ودون اتخاذ أي إجراءات مخزنية، وعدم تغليف خط الإنتاج؛ مما تسبب في تلف معظم الأجزاء الكهربائية والإلكترونية، وقد قدرت القيمة السوقية لتلك المكونات المفقودة والتالفة ما يعادل نحو 27.2 مليون جنيه وفقًا لتقرير المكتب الاستشاري، وتم إحالة الموضوع للتحقيق بناء على تقرير صادر من الجهاز المركزي للمحاسبات.

وذكر التقرير، أنه تم شراء غلاية 8 طن ساعة بالأمر المباشر بنحو 3.7 مليون جنيه، وتركيبها بمصنع محرم بك، على الرغم من أن الجهة الطالبة هي مصنع دمنهور وتم تركيبها في 10 / 3/ 2020، وتعطلت بسب تسريب مياه وصدأ في المواسير في 28 / 4 / 2020 وتم تشغيلها في مارس 2021 بتكلفة 48 ألف جنيه، ثم خرجت من الخدمة مجددًا في 23 / 6 / 2021 أي بعد شراء بـ15 شهرًا؛ بسبب تعطل الولاعة، وتم إحالة الموضوع للتحقيق.

وبحسب التقرير الرقابي، أنه بمراجعة تقارير الإنتاج ومعدلات الاستخدام، تلاحظ ارتفاع نسب فقد الزيت الخام بمصنعي دمنهور ومحرم بك والبالغة 4.08% في كليهما مقارنة بمصنع راغب والبالغ 3.32%، خاصة وأن قيمة فاقد الزيت الخام تبلغ نحو 56.7 مليون جنيه، مع انخفاض معدل استخلاص الأحماض والمواسيلاج بمصنع محرم بك والبالغ نسبته 48% فقط، ووجود انحرافات غير ملائمة بنحو مليون جنيه في معدل استخدام الخامات الرئيسية والمساعدة في المنظفات والعبوات، ونحو 1.299 مليون جنيه انحراف غير ملائم بخصوص معدل استخدام الهكسان وإنتاج زيت البذرة الخام.

ووفقًا للتقرير، فقد طالب الجهاز المركزي للمحاسبات بدراسة أسباب الانحرافات غير الملائمة والعمل على الحد منها بما يجلب النفع لشركة الزيوت المستخلصة، مع إعادة النظر في معدلات الاستخدام النمطية للخامات الرئيسية والمساعدة وفقًا لظروف التشغيل الحالية.

ولفت التقرير، إلى أن المخالفات لم تقف عند هذا الحد، بل إن الشركة لم تنته من نقل ملكية وتسجيل أرض بمصنع محرم بك مساحتها 1400م آلت إلى الشركة بموجب محضر اتفاق مع شركة الغازات الصناعية، وكذا أرض بمساحة نحو 17 ألف متر مربع آلت إلى الشركة بموجب قرار رئيس الجمهورية الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت، وبالرغم من مطالبة الجهاز المركزي للمحاسبات باتخاذ الإجراءات اللازمة نحو إثبات الملكية واستكمال إجراءات التسجيل.

 

وأكد التقرير، وجود آلات ومعدات ضمن الأصول الثابتة متوقفة وغير مستغلة منذ سنوات بلغت تكلفتها طبقًا لحصر الشركة نحو 48.6 مليون، وكان يتعين دراسة الاستفادة منها أو التصرف الاقتصادي فيها بما يعود على الشركة بالنفع.

وكشف التقرير، أن الخسائر التقديرية بلغت وفقًا لحصر الشركة لإعادة الأقسام لما كانت عليه من قبل لكل من حادثي حريق قسم الهدرجة بمصنع محرم بك نحو 4.015 مليون جنيه، وقسم إنتاج الزيت بمصنع محرم بك بتاريخ نحو 1.544 مليون جنيه.

وأخيرًا، اختتم التقرير الرقابي، بالإشارة إلى أن شركة الزيوت المستخلصة حققت صافي خسارة بنحو 20،552 مليون جنيه، وترجع أسباب الخسارة إلى ارتفاع سعر شراء الزيت الخام من الشركة القابضة للصناعات الغذائية والتي أدت إلى ارتفاع تكلفة البضاعة البيعة بنحو 46.549 مليون جنيه.

مستند 1
مستند 2

 

مستند 3