رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هل تستمر أزمات الاقتصاد المصري حتى عام 2023؟

الاقتصاد المصري
الاقتصاد المصري

يواجه الاقتصاد المصري منذ بداية العام الجاري حتى الآن، «صدمات» متتالية، بداية من ارتفاع أسعار الخامات والبترول عالميًا وزيادة سعر الدولار أمام الجنيه ووقف قطاع الاستيراد وصولًا لنقص في بعص السلع في الأسواق؛ نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.

وتسببت الحرب الروسية الأوكرانية في انخفاض حجم التبادل التجاري بين الدول؛ ما أدى إلى نقص الشحنات التي يستوردها العالم وخاصة على مستوى السلع الغذائية الأساسية مثل القمح والزيوت والتي ارتفعت أسعارهم بنسبة تتراوح بين 30% و50%، وهو الأمر الذي ينذر بأزمة غذاء عالمية، حسب خبراء.

ومع ارتفاع وتيرة الأحداث العالمية، والتي انعكست على  مصر خلال الفترة الحالية، وأدت إلى ارتفاعات غير مسبوقة في جميع الأسعار والخدمات، وهو الأمر الذي اضطر الحكومة على وضع خطط لترشيد الاستهلاك الكهرباء، وتقديم دعم استثنائي لمدة 6 أشهر على البطاقات التموينية ولأصحاب المعاشات والعمالة غير المتنظمة لحماية الفئات الأولى بالرعاية لما هو قادم ومستورد من الخارج.

 وبجانب التوتر الاقتصادي وموجة التضخم الذي يشهده العالم؛ نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، جاءت الصراعات بين الصين وتايوان تزيد «الطين بلة»؛ لتؤكد استمرار تدهور الاقتصاد المصري حتى عام 2023.

ويأتي ذلك في الوقت نفسه الذي يتوقع فيه خبراء الاقتصاد، زيادة سعر الدولار في البنوك ليتخطي حاجر لـ20 جنيهًا قبل نهاية عام 2022، واستمرار موجة ارتفاع الأسعار حتى بداية عام 2023.

ركود عالمي

وفي هذا السياق، قالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، إن توقعات الاقتصاد العالمي «ساءت كثيرا» منذ أبريل الماضي، مشيرة إلى أنه لا يمكنها استبعاد إمكانية حدوث ركود عالمي في العام المقبل في ظل المخاطر الضخمة القائمة.

وأضافت «جورجيفا» لـ«رويترز»، أن التوقعات منذ آخر تحديث لنا في أبريل أصبحت قاتمة بشكل كبير، مشيرة إلى انتشار أكبر للتضخم على مستوى العالم، ومزيد من الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة، وتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، والعقوبات المتصاعدة المتعلقة بالحرب الروسية في أوكرانيا.

وتابعت: «نحن وسط أمواج متلاطمة، حيث البيانات الاقتصادية الأخيرة أظهرت أن بعض الاقتصادات الكبيرة، بما في ذلك اقتصادات الصين وروسيا، قد انكمشت في الربع الثاني»، لافتة إلى أن المخاطر ربما تكون أعلى في عام 2023.

وأضافت: «سيكون عام 2022 صعبا، لكن ربما يكون عام 2023 أكثر صعوبة، ومخاطر الركود تزيد في عام 2023».

وأشارت مديرة صندوق النقد الدولي، إلى أن من شأن تشديد السياسات المالية لفترة أطول أن يزيد من تعقيد آفاق الاقتصاد العالمي، لكنها أضافت أنه من الضروري السيطرة على ارتفاع الأسعار.

ترشيد الاستهلاك ضرورة

ومن جانبه، قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إن مصر تسير على المسار الصحيح للاصلاح الاقتصادي، منذ نوفمبر 2016، وهو الأمر الذي أعطي نتائج إيجابية لمعدلات النمو والبطالة بالرغم من الأزمات الخارجية من الحرب الحرب الروسية الأوكرانية وجائحة كورونا.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الاقتصاد المصري يعاني من تداعيات مستوردة من الخارج، لافتًا إلى أن الحل في هدوء الأوضاع العالمية في الاقتصاد وحل الصراعات الجيوساسية القائمة.

وأشار «جاب الله»، إلى أن الدولة المصرية لم تنتظر الحلول الخارجية، بل أقدمت على اتخاذ حلول داخلية، وخاصة مع توقعات استمرار الحروب إلى فترة طويلة، من ارتفاع  الصادرات وزيادة التعاون الإقليمي والخارجي.

وشدد على ضرورة وجود خطة وسيناريوهات أمام الدول للتعامل مع الأزمات الاقتصادية الناتجة عن الحرب الروسية والتي قد تطول عدة شهور أو تستمر إلى سنوات.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن مصر بدأت في وضع شبكة حماية اجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، مثل زيادة المعاشات والمرتبات ورفع الحد الإعفاء الضريبي بداية من يوليو، وتقديم معاش استثنائي ودعم تموين لمدة 6 أشهر، قائلًا: «الدولة تستعد على أساس الأزمة مستمرة لن تنتهي قبل بداية العام المقبل». 

ولفت إلى أن ارتفاع أسعار السلع في مصر مرتبط بالتضخم العالمي وزيادة الخامات المستوردة من الخارج، موضحًا أنه في ظل التوتر السياسي بين «روسيا وأوكرنيا» و«الصين وتايوان»، لن تنخفض الأسعار.

وأكد عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، ضرورة ترشيد الاستهلاك على جميع الأصعدة وليس في على مستوى الكهرباء فقط، متابعًا: «يجب ترشيد الاستهلاك في المياه والطعام وخاصة مع الظروف الاقتصادية التي يشهدها العالم».

لا وقت للرفاهية

بدوره، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن العالم كله يمر بأزمات وركود وتضخم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية واشتعال الصراع بين الصين وتايوان.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن مصر تخطط لما هو قادم في 2023 من ترشيد استهلاك وتقديم دعم مادي استثنائي، مؤكدًا أن الأزمات الحالية التي يواجهها الاقتصاد مستمرة حتى العام المقبل.

وتوقع «فهمي»، استمرار ارتفاع الأسعار خلال عام 2023، وتفاقهم أزمة الغذاء العالمي، وزيادة سعر الدولار أمام الجنيه، وخاصة مع توصيات صندوق النقد الدولي بوصوله إلى 20 أو 21 جنيهًا.

وتابع: «ولكن الدولة تؤكد عدم قدرة الشعب المصري على تحمل ارتفاع سعر الدولار إلى 20 جنيهًا، وهناك تصريحات من المسئولين تشير بشكل مباشر إلى تدخل الحكومة في تحديد سعر الدولار في البنوك».

وأشار إلى أنه تم دخول كميات من الدولارات لمصر عن طريق استحواذ بعض الدول لمجموعة من الشركات في مصر، متابعًا: «سنشهد خلال الفترة المقبلة ارتفاع في نسب الاستحواذ على الشركات المصرية لسد العجز في الدولار».

وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، ضرورة ترشيد الإنفاق والاستهلاك من قبل الشعب المصري، لتجنب ما هو قادم من الخارج الفترة المقبلة.

وأوضح أن مصر والعالم على أعتاب أزمات غذاء وخاصة في القمح والمياه وإغلاق مصانع، قائلًا: «لذلك يجب أن يكون هناك وعي لدي المواطنين بخطة الترشيد؛ لأنه لا يوجد وقت للرفاهية».