رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مطلوب راقصات خبرة وبدون!

صبري الموجي يكتب:
صبري الموجي يكتب: مطلوب راقصات خبرة وبدون!

في الوقت الذي يُعانى فيه كثيرٌ من حملة الدرجات العلمية الرفيعة من قلةِ الدخل، وعدم توافر فرص عمل، تُفاجئنا إحدى الصحف بإعلان عن حاجة أحد الفنادق الشهيرة بدولة عربية لـ 3 راقصات يُجدن الرقص الشرقي بخبرة وبدون براتب شهري يبلُغ 60 ألف دولار أي ما يُعادل مليونا ومائتي ألف جنيه مصري، شريطة أن تكون المُتقدِمة للوظيفة جميلة، حسنة المظهر، تحمل مؤهلا عليا، ولا يزيد سنُها على 35 عاما، مع إجادة تامة للغة الإنجليزية.

ولو قَبِلنا شرطَ الجمال باعتباره من مُتطلبات تلك المهنة، فإن الشروط الأخرى ليس لها غرضٌ إلا استفزاز القارئ، ودفعه للعض على إبهامه غيظا!.


إن إعلانا كهذا يجعلُ الكثيرين ممن حرصوا على الحصول على أعلى الشهادات؛ ظنا أنها سفينةُ الوصول إلي بر الأمان يبكون بدلا من الدموع دما على أيام العمر المُهدَرة في جهد لا طائل من ورائه إلا الفقر والحرمان، وشدة الجوع بعد التخرج!.


إن راتب كثيرٍ من العاملين في الهيكل الإداري للدولة يكفيهم بالكاد لمدة 10 أيام من الشهر، ويدورون على رحى الاقتراض من الزملاء، والسحب من المحال على (النوتة) لحين تقاضي الراتب الجديد، ورغم هذا فإن هؤلاء أفضل حالا ممن لم يحظوا بفرصة الوظيفة (الميري)، التي تضمن راتبا شهريا، يُعتبر رغم قلته أفضل من عدمه.


إن أمة تفيض ببذخ على راقصات يرتدين ثيابا تكشف أكثر مما تستر، ويتمايلن بأجسامهن فتتمايل معهن قلوب الغارقين في الملذات، في الوقت الذي تُقطر فيه على حملة الدكتوراه وأصحاب الاكتشافات والأبحاث العلمية، لهى أمةٌ في عداد الموتي!.


قطعا إن مثل هذه الإعلانات تقتلُ الطموح، ودافعَ التفوق في نفوس الناشئة، إذ يترسخُ في وجدان الفرد بعد قراءة مثل هذه الإعلانات أن تَعبَه وجهده أشبه بحرث في ماء، وغرس في قيعان، بعدما صار العلمُ والتفوق سلعة كاسدة، على عكس حال لاعبي الكرة والراقصات، الذين يتقاضون الملايين بل المليارات!.


إن إعلانا كهذا سيجعل الكثيرات - ممن سلكن طريق العلم الوعرة، التي تتطلب صبرا وجلدا، وبعد ذلك يلتحقن بطابور العاطلين - يفكرن في تحويل المسار رغبة في المكسب السريع والشهرة الواسعة!.


إن نظرة لحال حاملي الشهادات تكشف عن أزمة حقيقية، إذ إن راتب راقصة ممن تنطبق عليها شروط الإعلان السابق يزيد على راتب أكثر من 500 خريج من خريجي كلية الطب، التي تُعدُ من كليات القمة، التي يبذلُ الطالب وأسرتُه الغالي والنفيس للالتحاق بها.


إن إعلانا كهذا يتطلبُ من الدولة أن تُعيدَ النظر في دخول حملة الشهادات العلمية والنوابغ باعتبارهم فرس رهان التقدم وليس الراقصات ممن على شاكلة الراقصة محاسن الصدف في فيلم (صاحب الجلالة)!.