رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

علي الهواري يكتب: فتنة «زواج المغترب» تشتعل

علي الهواري يكتب:
علي الهواري يكتب: فتنة «زواج المغترب» ليعف نفسه عن الحرام

أثارت الفتوى التي أطلقها الدكتور أحمد كريمة، استاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر، والتي طلب فيها من الزوجة إعانة زوجها المغترب على الزواج بأخرى بدلًا من ارتكابه الفاحشة، وأن تعتبر هذا العمل قربا من الله سبحانه وتعالى.

وقال الدكتور أحمد كريمة، إن الزواج المؤقت لا يجوز شرعًا وإذا أقيم عقد الزواج كان باطلًا.

وأضاف الدكتور أحمد كريمة، خلال لقائه ببرنامج "التاسعة" مع الإعلامي يوسف الحسيني، المذاع عبر فضائية "الأولى المصرية"، أن استئذان الزوجة الأولى بالزواج الثاني لم يرد في الشريعة الإسلامية ولكن يجب مراعاة كافة حقوق الزوجة الأولى. 

وتابع أن الزوجة عليها أن تضع الشريعة الإسلامية أمام أعينها في جميع مواقف حياتها، ولهذا يجب على الزوجة إعانة زوجها المغترب على الزواج بأخرى بدلًا من ارتكابه الفاحشة، وأن تعتبر هذا العمل قربا من الله سبحانه وتعالى.

بعدها أصدر الدكتور أحمد كريمة، توضيحا بشأن التصريحات المتداولة له عن ضرورة إعانة الزوجة لزوجها، على الزواج بثانية؛ حتى يعف نفسه عن ارتكاب الفاحشة، والتي أثارت جدلا واسعا بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية.

وقال كريمة، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "توضيح لحقيقة التصريحات الأخيرة، "على الزوجة إعانة زوجها على الزواج بأخرى بدلا من ارتكابه الفاحشة"، حيث إن هذا التصريح كان يراد به: الزوج المغترب، والذي أراد الزواج؛ ليعف نفسه عن الحرام، ولا يستطيع أن يتواصل مع زوجته".

وأضاف: "هنا يمكنه الزواج بأخرى حتى لا يرتكب الفاحشة، وإن كان إخبار الزوجة الأولى بالزواج يمكن أن يؤثر على تماسك الأسرة، فالأفضل ألا يخبرها لأن هذا لم يرد نصا في الشرع".

وأضاف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: «أولا: شرعًا؛ أنه لا يغيب عنها لأكثر من أربعة أشهر، حيث أن سيدنا عمر بن الخطاب، حين تفقد الرعية ليلًا؛ سمع امرأة وهي تنشد شعرًا مضمونه أنها في احتياج لزوجها وخليلها، فسأل في الصباح أم المؤمنين السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها، كم تصبر الزوجة على غياب زوجها، فردت: أربعة أشهر، فعاد وسألها: ومن أين عرفتي ذلك، فقالت: من قول الله عز وجل:«لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» [البقرة:226[، فأمر سيدنا عمر رضي الله عنه، ألا يغيب الجنود على جبهات القتال؛ بمختلف رتبهم، أكثر من أربعة أشهر عن زوجاتهم.

وتابع: «ما قلته أنه وفقا للقدرات المالية للزوج المقيم بالخارج، أو تذهب إليه الزوجة كل 4 أشهر، لكن في حالة عدم مقدرة الزوج على العودة، أو ذهاب الزوجة إليه، ففي هذه الحالة يجوز للزوج المقيم خارج وطنه، الزواج بامرأة أخرى، على أن يكون زواجًا مؤبدا، وليس مؤقتًا، لأن الزواج المؤقت هو نكاح متعة عند الشيعة، وعندنا في الثقافة السنية الأزهرية هو زواج باطل».

ونوه الدكتور أحمد كريمة، بوجود إشكالية كبيرة في المجتمع المصري والعربي ومجتمعات العالم الثالث «الأخير في ترتيب العالم»، أن الزوجة قد تغفر لزوجها أن يرتكب الفاحشة، أن يتخذ خليلة، لكنها لا تغفر له أن يتخذ زوجة خليلة، وهذا خلل في المجتمع. 

وأوضح، أنه في صدر الإسلام، كان العلماء والولاة، يذهبون إلى بلاد بعيدة، فكانوا يتزوجون زواجًا مؤبدًا، وبعد انتهاء إقامتهم كانوا يتوجهون لرؤية زوجاتهم وأبنائهم على فترات، أو أن يأتون إليه، ولعل رحلات الإمام أحمد بن حنبل، الإمام الشافعي، والإمام البخاري، شاهدة على ذلك.

وقال، “إنه أيضًا إذا كان الزوج يقيم داخل البلد، ويحتاج إلى مشاعر، إلى زوجة ثانية أو حتى ثالثة، فالمجتمع قد يتجاوز عن ارتكاب الفواحش، ولا يغفر الحلال الطيب، يعني زوجة زوجها مسافر أو مش قادر يرجع؛ يزني ولا يتزوج؟"، مضيفًا أننا في حاجة إلى تغيير تلك المفاهيم، رغم صعوبة ذلك.

 

وقد ردت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، على فتوى الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بأنه كل من يدعو إلى الزواج الثاني للرجل دون ضوابط أو شروط، بالنظر إلى مصلحة الأسرة، متابعة: «اتقوا الله في استقرار الأسرة المصرية، ونسائها، فالأسر لا ينقصها زعزعة استقرار بالزواج الثاني الذي لا يترتب عليه إلا فساد البيت وعدم استقامة الحياة».

وأكدت نصير، إن على الزوجة القيام بدورها كزوجة بدلًا من البحث لزوجها عن أخرى، مشيرة إلى أن الزواج الثاني يتسبب في حدوث الكثير من الأزمات، التي تؤدي إلى زعزعة الأسرة والنيل من استقرارها، ما يؤثر على مستقبل البيت والأبناء.

وأضافت أن ما قاله الدكتور أحمد كريمة هو تبرير للزواج الثاني، لكن بأسلوب مختلف، موضحة أن الزوجة التي لا ينقصها شيء عليها أن تقوم بدورها من أجل زوجها وأسرتها، وليس بالبحث له عن أخرى.

وقالت الدكتورة هبة هجرس رئيسة لجنة الإعاقة بالمجلس القومي للمرأة، إنه لا يوجد في الوقت الحالي زوجة تتقبل فكرة زواج زوجها بأخرى، بخلاف حالات الإرغام التي من الممكن أن تحدث لها، كتهديد زوجها أو بسبب وضع اجتماعي مضطرة للقبول بذلك بضغط من أولادها، مشيرة إلى أن الوقت الحالي لا تتقبل الزوجة فكرة زواج زوجها عليها.

وأوضحت أنها لا ترى سبب يمنع الزوجة والأبناء من مرافقة الزوج، فكل البلاد فيها تعليم وفرص عمل، المشكلة في الطمع، وهى فكرة جلب الأموال، ويكون الثمن على أسرة بأكملها، فالثمن دائما باهظ، أين الزوج كأب ومثل أعلى لأولاده؟

وذكرت بهذا الشكل تحولت العلاقة بين الرجل والمرأة إلى علاقة مادية بحتة، الأب والأم معناهم كبير، وتجمع الأسرة مع بعضها لها معنى أكبر، والثمن الذي تدفعه هذه الأسر بتشتتهم ليس للطلاق، ولكن بسبب قرارهم الذي يجلب عليهم التفتت الأسرى لجلب الأموال، فهذا القرار مؤذي لكل أفراد الأسرة من أولاد وأم وأب.

ويقول الشيبخ علي عبد الباقي، الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية، أن هذه الفتوى ليس لها أصل في الشرع ولا تخضع للقواعد الشرعية، ومن أطلقها جانبه الصواب، وهي فتوى تنحاز للذكورية بعيدا عن قواعد الحق والعدل التي تحكم العلاقة الزوجية، فالشرع لا يعطي لطرف حق ويسلبه من الطرف الأخر، الشرع يساوي بين الطرفين في الحقوق والواجبات، فلا يجوز شرعا أن يتم حرمان المرأة من زوجها، كما لا يجوز حرمان الرجل من زوجته، والشرع حدد المدة التي يجوز للزوج أن يغيب فيها عن زوجته بأربعة أشهر، ولكن إذا غاب الزوج عن زوجته أكثر من هذه المدة فإن ذلك يكون باتفاق الطرفين، فإذا وافقت الزوجة أن يغيب عنها زوجها سنة أو سنتين أو أكثر فهذا يجوز شرعا، ولا يجوز للزوج المسافر أن يتزوج في الخارج من امرأة أخرى من أجل أن يعف نفسه دون علم وإذن من الزوجة الأولى، ويمكن للرجل المسافر للخارج أن يعف نفسه ويعف زوجته، إما أن يرسل لها لكي تذهب إليه، أو أن يقوم هو بالنزول لها، مؤكدا على أن الإشباع الروحي عند المرأة لا يقل أهمية عن الإشباع الجنسي.

وأكد الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية، على أن الشرع أعطى الزوجة الحق في طلب الطلاق من زوجها المسافر للضرر، مشيرا إلى أن الكثير من النساء يتحملن غياب أزواجهن من أجل أشياء أخرى مثل طلب الرزق، لافتا إلى أن التضحية لا بد وأن تكون من الطرفين، فلا يجوز مثلا للزوج أن يتزوج من امرأة أخرى من أجل أن يعف نفسه دون موافقة أو إذن من زوجته التى تركها وسافر سعيا للرزق، مؤكدا على أن ملايين الدنيا لا تعوض الزوجة والأولاد عن غياب رب الأسرة.

وعن سر إباحة التعدد للرجل دون المرأة، قال «شحاتة»، أن الأصل في الزواج هو عدم التعدد، والتعدد ليس حقا مطلقا أو مكتسبا للرجل، ولكن التعدد استثناء، وقد اشترط الشرع في التعدد العدل، والشرع لم يبيح للمرأة التعدد مثل الرجل لأسباب كثيرة منها، عدم اختلاط الأنساب، والقدرة على الإنفاق، وكذلك الفطرة، فمثلا لا يوجد إنسان على وجه الأرض يسمح لابنته أو زوجته أن تمارس الجنس مع رجل أخر، وهذه من الفطرة الإنسانية.   

ويقول الدكتور عبد المنعم فؤاد، استاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، وعميد كلية الوافدين ورئيس أكاديمية الأزهر العالمية سابقا، والمشرف العلمي العام على الأروقة الأمنية بالأزهر الشريف، أنه على الزوج الذي يتنزوج من زوجة  أخرى سواء كان مقيما في الداخل أو الخارج أن يعطي زوجته الأولى حقوقها الكاملة، وألا يهجر زوجته الأولى بالكامل، وأن يكون هناك أوقات يأتي فيها ويعطي حق الزوجة والأولاد، لكن انقطاع الزوج عن زوجته سنوات طويلة مديدة دون إذنها فيه جرم وإثم، وعلى الزوج أن يتنبه لذلك وعليه أن يوازن بين سفره وأكل عيشه واستقرار أسرته، والزوج من حقه أن يتزوج من أخرى إذا استطاع أن يعدل بين الإثنين، والمولى عز وجل شرط التعدد بالعدل، وإن لم يستطع أن يعدل فهو أثم، وسفر الزوج للخارج يكون برضى الزوجة، وأحيانا الزوجة هي التي تطلب من زوجها أن يسافر للخارج من أجل المال، وهذا يكون بالتراضي بين الزوجين، لكن الهجر لأعوام عديدة دون موافقة الزوجة فهذا أمر لا يقبله الشرع، وكل إنسان يستطيع أن يوازن بين متطلبات أسرته ومتطلبات حياته المادية، الزوجة لها حق والأولاد لهم حق، فإن رأت الزوجة والأولاد أن يغيب عنهم رب الأسرة سنة أو سنتين فهذا يكون باتفاق وتراضي بين الطرفين، وإذا وافقت الزوجة على أن يتزوج عليها زوجها بامرأة أخرى في الخارج فلا مانع شرعا، لكن الزواج من أخرى لا يعني للزوج أن يهضم حق الزوجة الأولى، وعلى الزوج أن يرسم خريطة لكيفية ارجاع هذا الحق، بما يتوافق مع شرع الله سبحانه وتعالى ومع متطلبات حياته وحياتها، حتى وإن لم يكن مسافرا وتزوج بأكثر من واحدة ويستطيع أن يعدل بينهم فالشرع لا يمنع ذلك، وإذا كان الله تبارك وتعالى قد أعطى للزوج رخصة للزواج الثاني أو الثالث فلا بد وأن يعلم أن هناك فرضا عليه أن يعدل بين زوجاته، والشرع الحكيم وضع ضوابط وشروط للتعدد منها العدل والإنفاق وحسن الإقامة وتلبية المتطلبات المادية والجسدية والنفسية، فمن يستطيع تحقيق هذه الضوابط فمن حقه التعدد. 

ويقول الدكتور عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، أن الزواج لم يحرمه الله تعالى، قال تعالى «فانكحوا ما طاب لكم النساء مثنى وثلاث ورباع»، ولكن هل هذا الزواج مؤقت بمدة أم زواج على سبيل التأبيد، إن كان زواجا على سبيل التأبيد فلا بأس وجائز ولا شئ فيه، أما إذا كان زواج محدد بمدة وهو ما يطلق عليه «زواج المتعة»، فهذا باطل ولا يجوز، والزوج الذي سافر إلى الخارج من حقه أن يتزوج، ومن حق زوجته أن تعلم بزواجه،  ومن حق زوجته أن تطلب الطلاق من زوجها حتى تبحث عمن يعفها كما هو يبحث عمن يعفه، ولا يسافر الزوج طلبا للعلم أو طلبا للرزق إلا بموافقة زوجته، فإن وافقت زوجته على أن يغترب عنها فترة من الزمن مقابل أن يأتي لها بقرشين لها ولأولادها ووافقت هي على ذلك فلا بأس، وشرعا لا يجوز للرجل أن يمتنع عن زوجته أكثر من أربعة أشهر، لقوله تعالى «للذين يؤلون من نسائهم تربض أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم.