رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

ألاعيب «المستريحين» لنهب الملايين من البسطاء و«لهف» تحويشة العمر

ألاعيب «المستريحين»
ألاعيب «المستريحين» لنهب الملايين من البسطاء

أجواء مشتعلة فى جنوب مصر بعدما فوجئ الأهالي بضياع أموالهم وتحويشة عمرهم على يد نصاب نجح في الاستيلاء على أموالهم ومدخراتهم واختفي في لمح البصر ورغم القصص والحكايات التي تفضح النصاب وتكشف ألاعيبه إلا أنه في كل مرة يظهر «المستريح» بطريقة تجذب إليه المغفلين دون عناء.

ففي مركز «إدفو» بمحافظة أسوان، ظهر مصطفى البدري شاب لا يتعدى عمره 35 عامًا حاصل على تعليم متوسط، فقد نال شهادة دبلوم التجارية، وبعدما أمضى فترة تجنيده سافر إلى محافظة الإسكندرية وعمل في مهنة المعمار فترة من الوقت وسرعان ما عاد إلى مسقط رأسه وعمل على «توك توك» فترة من الوقت ولكن وقعت مشاجرة كبيرة وتمت إصابته برقبته وترك العمل على «التوك توك» لاحقا.

فيما بعد بدأ العمل في تجارة المواشي فبدأ نشاطه بقرية البصيلة، وبدأت قصته بشراء المواشي من المزارعين بضعف الثمن، على أن يقبل المزارع استلام قيمة أمواله على دفعات تبدأ بعد 3 أسابيع، وتنتهي بعد 40 يومًا، وشيئا فشيئا حاول البيع والشراء ومحاولة كسب ثقة الناس التي كانت يروادها الشك فهو غير معروف بتجارته للماشية، ولكن أصبح يشتري بزيادة عن سعر السوق ويبيع سريعا وأمام أعين الناس أصبحت عمليات البيع والشراء تتم أمامهم ومن له أموال كان ينالها بالمكسب.

وسرعان ما توسعت تجارته، وقام بافتتاح مزرعة للعجول أحيا افتتاحها كبير مداحي أسوان الشيخ أمين الدشناوي الذي خدع في مصطفى البنك كما قال فيما بعد وأن ما قام به الأخير من ذبحه للعجول وتوزيعها على الفقراء جعله يوافق على إحياء افتتاح المزرعة.

نظام الوعدة

لم يكتف مصطفى البنك بافتتاح مزرعة واحدة، ولكنه قام بافتتاح عدة فروع لها من كثرة رواج تجارته التي أصبحت تؤثر على أسواق البيع والشراء فى المركز وأثرت على التجار الذين سارعوا في الذهاب إليه وإعطائه الماشية خاصتهم مع «الوعدة» باستعادة أموالهم مع الأرباح في خلال 21 يومًا، وقام بتصوير الأموال الطائلة التي جمعها من مواطني إدفو في لقطة تظهر مدى حجم الأموال التي يتاجر بها؛ مما أكسبه ثقة أكثر بين الناس وجمع المزيد من الأموال.

في خلال 60 يومًا جمع مصطفى البنك ما يقارب 200 مليون جنيه وبعدما كان يتباهى بالأموال أصبح يتوارى عن أعين الناس وشيئا فشيئا امتنع عن إعطاء الناس أموالها وفر هاربًا، وبعد تعدد البلاغات أمام الجهات المختصة، نجحت الأجهزة الأمنية في القبض عليه.

وبدورها أمرت النيابة العامة بحبسه، واثنينِ آخرينِ أربعة أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيق معهم؛ لاتهامهم بالاستيلاء بطرق احتيالية على أموال عدد كبير من المجني عليهم، بدعوى استثمارها بغير ترخيص. 

وعليه فقد أمرت بالتحفظ على أموال مصطفى البنك الشهير بـ«مستريح أسوان»، وذلك على خلفية اتهامه بالنصب على المواطنين والاستيلاء على أموالهم بادعاء توظيفها.

وتلقت البنوك المصرية إخطارًا يشير إلى إصدار قرار بمنع مصطفى البدري من التصرف في أمواله الشخصية دون أرصدة الشركات التي يساهم فيها.

النصب في تجارة السيارات

لم يكن مصطفى البدري هو الوحيد في أسوان الذي نصب على الأهالي وجمع الملايين وهرب ولكن كان هناك «مستريح» آخر يسلك نفس الدرب في النصب على أهالي إدفو فقد بزغ اسم عبد الطاهر الحصاوي في تجارة السيارات وكان يشتري بنفس طريقة «مصطفى البنك» وجمع ملايين الجنيهات ولاذ بالفرار وحدثت أعمال شغب وقام الأهالي بإشعال النيران في منزله وحرق سيارة تابعة لأحد أقاربه وقطع الطريق وحدثت أعمال سلب ونهب، وعليه تحركت الأجهزة الأمنية ونجحت في استعادة السيطرة على القرية مرة أخرى بعدما ألقت القبض عليه.

ورصدت الأجهزة الأمنية تردد عدد من المواطنين أمام معرض سيارات ملك أحد الأشخاص مقيم بمركز شرطة إدفو بأسوان للمطالبة باسترداد أموالهم لقيامه بالنصب والاحتيال عليهم والاستيلاء على أموالهم بزعم توظيفها في تجارة السيارات بأسلوب «الوعدة»، وكذا تحصله على سياراتهم لتشغيلها، وعدم قيامه بالسداد في الموعد المحدد، واضطلاع بعض الأشخاص بإضرام النيران بمنزل كل من والده، ونجل خالته، وكذا سيارة ملاكى «دون لوحات» وإحداث تلفيات بسيارة ربع نقل «دون لوحات» كانتا متواجدتين بجوار منزل الأول «دون إصابات»، وقد تمت السيطرة على الحريق بمعرفة قوات الحماية المدنية وضبط مرتكبى الواقعة.

وأسفرت جهود البحث عن ضبط المتهم المذكور بمكان اختبائه بدائرة قسم شرطة العمرانية بالجيزة وبحوزته 16 سبيكة ذهبية زنة 10.500 كيلوجرامات ومبلغ مالى، كما تم ضبط والده وعدد من معاونيه.

أطفيح

أما في مدينة أطفيح بالجيزة فهناك من جمع الملايين وفر هاربًا بعدما زعم أنه تعاقد مع إحدى شركات البترول وأن هذا التعاقد يدر أرباحًا كبيرة وبالاستعانة ببعض أقاربه ومعارفه استطاع أن يجمع من أهالي بلدته وأصدقائهم مبالغ طائلة.

من جانبها تقول «ع.خ» من محافظة القاهرة: «أنا مطلقة وأم لطفلين صغيرين بعد طلاقي من زوجي عانيت كثيرا بسبب عدم انفاقه على الصغيرين مما اضطرني للنزول لسوق العمل حتى أستطيع تربيتهما عملت في عدة أماكن من عاملة في مصنع للملابس حتى الوقوف في محلات بيع الملابس ورغم قلة الدخل إلا انني استطعت تدبير مبلغ من المال بعد عمل "جمعيات" بيني وبين الأصدقاء والجيران».

وتابعت: «في هذا الوقت قالي لي أحد المعارف إن هناك شخصا له أعمال مع شركة بترول كبرى ويحتاج أموالًا ليوسع أعماله مع تلك الشركة انتابني الشك ولكن سرعان ما تبدد بعدما رأيت عقدا بين هذا الشخص وتلك الشركة بل أكثر من ذلك فقد رأيت شيكات مصرفية تدل على التعامل بينهما مما قطع بداخلى الشك باليقين وعليه اعطيته مبلغًا كبيرًا».

وأكملت: «استمر في إعطائي الربح فترة من الزمن تعدت الثلاثة أشهر كان منتظما في السداد ولكن بعد أزمة "كورونا" تحجج أن الشركة ظهر بها حالات وأن الإدارة قررت الغلق الكلي واستمر الوضع عدة أشهر على هذا المبرر، وفي النهاية زعم أن الشركة فسخت التعاقد معه وخصمت ما يقرب من 60% من أمواله لديها دون إبداء أسباب واضحة، وقال إن أموالي سآخذها بعد عدة أشهر ولكن سيتم خصم ما حصلت عليه من أرباح سابقة وبالفعل خصم الأموال من أصل المبلغ ورغم قلة حيلتي لم يراع ظروفي ولم يعطني باقي أموالي».

قصة الدكتور

أما «س.ج» من مدينة الجيزة فيحكي قصته مع «الدكتور» أحد أشهر المستريحين والذي جمع ملايين من محافظة الصعيد فهو من محافظة سوهاج وبعد أن نصب على أهل بلدته سافر إلى محافظة المنيا وقام بالنصب على عدة أشخاص هناك واستقر به الحال في مدينة الجيزة التي شهدت توسعا ملحوظا لنشاطه الإجرامي.

وتابع: «جمعت مبلغا من المال كنت أتاجر به مع أحد أصحاب محلات الذهب بعدما اقترح علي هذا التاجر أن شقيقه يشيد مصنعا لتصنيع السرنجات الطبية وهناك من يستثمر أمواله مع شقيقه ويتحصل على أرباح كبيرة وبالفعل أقنعني وقمت بإعطائه ما بحوزتي من أموال واستمر بإعطائي الربح بصفة منتظمة وفي أحد الأيام سمعت خبرًا نزل علي كالصاعقة أن هناك شخصا آخر شريك لهم أخذ الأموال وهرب وبعد عدة أيام علمنا أن هذا الشخص وهو المُلقب بـ "الدكتور" جمع ملايين الجنيهات تخطت العشرين مليونا واختفى ولم يعثروا له على أثر ولم يجده الجميع بداية من مطالبة شركائه بأموالهم خاصة أن هناك من باع أرضه ليستثمر أمواله معه».

من يتحمل المسئولية؟

وتقدم النائب مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، إلى المستشار حنفى جبالى رئيس مجلس النواب، ببيان عاجل موجه إلى رئيس مجلس الوزراء، بشأن تحمل الحكومة مسئولية عمليات النصب التي حدثت تجاه الموطنين من بعض الذي يطلق عليهم ما يسمى بـ«مستريح أسوان» وبعض مناطق الصعيد.

وقال «بكري» في بيانه العاجل، إن العديد من مراكز ومدن أسوان شهدت خلال الأيام الماضية العديد من الأحداث التي كشفت عن عمليات نصب جرت على الموطنين عبر ما يُسمى بـ«المستريح»، والذين انتشروا في العديد من المناطق وقاموا بشراء المواشي والسيارات من المواطنين بأسعار مضاعفة وفى وقت السداد تهربوا.

وأضاف، أن ذلك تسبب في وجود مشاحنات مختلفة وأزمات بين المواطنين، متابعًا أن علميات النصب تجري بشكل علني منذ 6 أشهر وأمام أعين الجهات المسئولة، ولم يحرك أحد ساكنا، الأمر الذي أدى إلى تفاقم المشكلة وحدوث أعمال عنف ما يهدد السلام الاجتماعي.

لهف الملايين يضر بالاقتصاد القومى

من جانبه قال نبيه الوحش المحامي بالنقض، إنه طالب في السابق من رئيس مجلس النواب فتحي سرور، بسن قانون يتيح معاقبة المجني عليه في قضايا النصب والاحتيال لأن طمعهم هو من فتح الباب أمام النصاب لكي يحتال عليهم و«لهف» الملايين منهم ما يضر بالاقتصاد القومي وعليه يجب أن تشدد العقوبة على النصاب وأيضا يتم توقيع عقوبة على المجني عليه.

وتابع: «طالبت ذلك أيضا من رئيس لجنة التشريع بمجلس النواب الحالي أن تكون هناك عقوبة على المجني عليه مع تشديد العقوبة على النصاب فمنذ الريان وبين الحين والآخر يظهر أحد المستريحين يلهف أموال البسطاء ويختفي حتى ولو تم القبض عليه فالعقوبة ستتراوح بين ثلاث سنوات وسبع».

وأنهى «الوحش»: حديثه قائلًا: «الباحثون عن المكسب السريع لم يتعلموا من قصص النصب التي يشاهدونها ويقرأون عنها ولا يتعظون، فالبعض في السابق ذهب للريان في محبسه لكي يعطوه أموالا لتوظيفها، واليوم نرى نفس المشهد فالبسطاء يستدينون لكي يعطوا النصاب أموالهم عن طيب خاطر، فلو كنت من المسئولين لعاقبت المجني عليهم، خاصة أن البعض منهم أعطى النصاب أموالًا دون أوراق تضمن حقه اعطوه الملايين دون ورقة تحفظ حقهم فقط بالـ "وعدة" وهو نظام يتم قيد المبلغ في دفتر فقط والاتفاق يكون شفهيا دون ورق».