رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

علي الهواري يكتب: اليمين المتطرف والإسلام المتشدد.. صعود وأفول

النبأ

كشفت الانتخابات الرئاسية الفرنسية، والتي  أسفرت الجولة الأولى منها عن وصول كل من، الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، ومرشحة حزب الجبهة الوطنية واليمين المتطرف مارين لوبان إلى جولة الإعادة، عن صعود جديد لليمين المتطرف في أوربا، مقابل تراجع لتيار الإسلام السياسي المتشدد والحركي في العالمين العربي والإسلامي.

الأسرة العنصرية الفاشية العريقة

من هي مارين لوبان المرشحة للوصول لقصر الإليزيه في فرنسا؟

مارين لوبان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية، الذي يمثل تيار اليمين المتطرف في فرنسا، ولدت  عام 1968 في مدينة نويي الفرنسية، وهي البنت الصغرى لمؤسس الحزب، جان ماري لوبان، ثم درست القانون في باريس وحصلت على شهادة الكفاءة المهنية في المحاماة، وأصبحت محامية، وفي عام 1998 تركت نقابة المحامين، لتلتحق بحزب والدها الجبهة الوطنية، ضمن الفريق القانوني.

شاركت شاركت في الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2012، وحلت في المركز الثالث خلف الرئيس فرانسوا هولاند.

تربت وترعرعت في كنف أسرة فاشية وعنصرية فرنسية عريقة، فوالدها جون ماري لوبان الذي ولد في يوم 20 يونيو 192، المعروف بأنه «زعيم اليمين المتطرف في فرنسا»، ومعروف بمواقفه اليمينية المتشددة، وخاصة حيال المهاجرين الأجانب وأتباع الديانات المختلفة.

شارك في تأسيس حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في عام 1972، كأكبر حزب يميني قومي في فرنسا، وضم له عددا من المتعاطفين مع الجنرال «بيتان»، رجل النازيين أثناء احتلالهم فرنسا، وعددا من النادمين على ضياع «الجزائر الفرنسية».

شارك جون ماري لوبان في أكثر من استحقاق انتخابي بصفته مرشحا مستقلا، وتمكن من الدخول إلى البرلمان الفرنسي مرة واحدة عام 1956، وتطوع في الجيش الفرنسي، وشارك كجندي متطوع في حرب «الهند الصينية» عام 1954.

في سنة 1984 أكدت جريدة «لوكانار أونشيني» تورط جون ماري في تعذيب الجزائريين، وفي سنة 2002 نشرت جريدة «لوموند» الفرنسية مجموعة شهادات لأشخاص أكدوا تورطه في تعذيب مجموعة من الجزائريين في منازلهم، منهم قضية شهيرة لمقاوم جزائري عذب أمام زوجته وأبنائه الستة.

معروف بآرائه العنصرية والفاشية، فهو يرى أنه لا مكان لغير الفرنسيين علي الأراضي الفرنسية وأنهم غير مرحب بهم.

في سبتمبر الماضي، تم محاكمته أمام القضاء الفرنسي بتهمة التحريض على الكراهية العنصرية.

أما حفيدته، مارين لوبان، فقد عرفت بمواقفها العنصرية والفاشية المعادية للإسلام والمسلمين وكراهيتها للمهاجرين والأجانب في فرنسا، ففي2010، عندما كانت «لوبان» نائبة لرئيس حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، أطلقت تصريحات عنصرية ضد المسلمين في فرنسا، وقالت في تجمع شعبي في مدينة ليون، أن إقامة المسلمين الفرنسيين صلاة الجمعة على الطرقات شبيه بالاحتلال النازي لفرنسا

وشددت مارين لوبان في هذا التجمع على أن فرنسا عرفت منذ خمسة عشر سنة مشكلة الحجاب، ثم قبل سنة مشكلة البرقع، واليوم أصبح المسلمون يحتلون كل يوم جمعة نحو 15 شارعا عاما من أجل إقامة الصلاة.

وعلقت «لوبان» أيضا على الهجوم القاتل على مقر مجلة «شارل إيبدو» الفرنسية الساخرة، قائلة: «تكمن مسؤوليتي في التأكد من أنه تم تجاوز الخوف، يجب أن يحرر هذا الهجوم خطاباتنا عن التعصب الإسلامي، ويجب ألا يتم إسكاتنا، ويجب ألا نخاف من القول إن هذا هجوم إرهابي تم تنفيذه بإسم الإسلام المتطرف»، حسب «التلجراف».

وتعهدت مارين لوبان، إنها إذا وصلت إلى سدة الحكم، فسوف تقوم بتجميد جميع مشاريع بناء المساجد في فرنسا إلى غاية التحقق من مصادر تمويلها، وتوسيع قانون منع ارتداء الرموز الدينية في المدارس ليشمل الأماكن العامة، ومنع ليس النقاب أو البرقع فحسب، بل والحجاب أيضا، وتدعو أيضا إلى منع ذبح الحيوانات وفق الشريعة الإسلامية، وبيع اللحم أو تقديمه في المطاعم على أنه حلال.

ولوبان التي قالت في تجمع حزبي لها عام 2017، إن جدتها الكبرى قبطية وولدت وعاشت كل حياتها في مصر، تعهدت أنه، في حال تم انتخابها، سيتم فرض غرامة مالية على المحجبات في الشارع.

في عام 2015 قامت لوبان بزيارة القاهرة والتقت بفضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، حيث أبدى شيخ الأزهر تحفظه الشديد حول آرائها المعادية للإسلام والمسلمين خلال لقائه بها.

وبحسب بيان للأزهر الشريف، فإن لقاء مارين لوبان وشيخ الأزهر يهدف إلى "بحث الأمور المتعلقة بالمفاهيم الخاطئة والمغلوطة عن الإسلام من ناحية، والتطرف الفكري والعنصرية التي يشكو منها بعض مسلمي أوروبا من ناحية أخرى، وذلك في وقت تتنامى فيه مظاهر الكره والخوف من الإسلام والمسلمين في بعض المجتمعات الغربية، مستندين في ذلك – ظلمًا – على الخلط بين تعاليم الإسلام السمحة وسلوكيات بعض من يتنسبون إليه."

اليمين المتطرف في أوربا

وقد شهدت الفترة الماضية صعود كبير لتيار اليمين المتطرف في أوربا، من خلال عدد من الأحزاب اليمينية، حيث تزامن هذا التصاعد مع موجة من العداء ضد الإسلام والمسلمين، وهو ما بات يعرف بـ«الإسلاموفوبيا».

ومن أبرز الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوربا، حزب الحريات في هولندا، الذي يتزعمه خيرت فيلدرز، حزب الجبهة الوطنية الفرنسية، بزعامة مارين لوبان، الحزب النمساوي اليميني الشعبي، والحزب اليميني الشعبي الدنماركي، وحزب البديل من أجل ألمانيا الألماني، حزب الشعب في الدنمارك، الحزب الديمقراطي في السويد، حزب الحرية في النمسا، حزب الفجر الذهبي في اليونان، حزب رابطة الشمال في إيطاليا.

وفي 2019، أظهرت انتخابات البرلمان الأوروبي صعودا كبيرا للأحزاب اليمينية المتطرفة، التي حققت نجاحات في انتخابات الإتحاد الأوروبي، وعلى رأسها، حزب بريكيست في بريطانيا، وحزب الجبهة الوطنية بقيادة مارين لوبان في فرنسا، وحزب البديل من أجل ألمانيا الألماني، وحزب الرابطة الألماني.

هذه الأحزاب اليمينية المتطرفة تشترك جميعها في معاداة المهاجرين والأجانب وخاصة المسلمين، وتصويرهم على أنهم يمثلون خطرا على الهوية الأوروبية

حرق نسخة من المصحف في السويد

حرق المصحف في السويد

تشهد السويد موجة من الاحتجاجات والاضطرابات بسبب إعلان سياسي سويدي اعتزامه حرق نسخ من القرآن في مناطق عدة بالبلاد.

وأفادت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، بأن اضطرابات اندلعت في أرجاء السويد في الأيام الأخيرة بعدما أعلن السياسي الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف، والمعروف بمناهضته للهجرة والمسلمين، راسموس بالودان، اعتزامه حرق نسخ من القرآن خلال جولة في عدة بلدات ومدن بالبلاد.

وقد استنكر شيح الأزهر الدكتور أحمد الطبيب بشدة واقعة حرق نسخة من المصحف في السويد، واصفا إياها بـ "الإرهاب البربري".

وقال الطيب في بيان نشره على صفحته الموثقة في "فيسبوك": "على هؤلاء الذين تجرؤوا على ارتكاب جريمة حرقِ المصحف الشريف أن يعلموا أن هذه الجرائم هي إرهاب بربري متوحش بكل المقاييس".

واعتبر الإمام الأكبر حرق المصحف عملا يعبر عن "عنصرية بغيضة تترفع عنها كل الحضارات الإنسانية، بل هي وقود لنيران الإرهاب الذي يعاني منه الشرق والغرب".

وقال الطيب إن مثل "هذه الجرائم النكراء تؤجج مشاعر الكراهية، وتقوض أمن المجتمعات، وتهدد الآمال التي يبعثها حوار الأديان والحضارات".

انتشار الأحزاب اليمينية المتطرفة يهدد التعايش

في شهر يوليو الماضي، قال مرصد الأزهر في تقرير له، إن انتشار الأحزاب اليمينية المتطرفة وأتباعها في أوروبا يشكل  تهديدًا على عملية التعايش والاندماج في المجتمعات الغربية، وبخاصة تجاه المسلمين واللاجئين؛ حيث إن ممارسات أصحاب الفكر اليميني المتطرف لا تفرق بين مسلمين مهاجرين، أو مولودين مقيمين في هذه البلدان ويحملون جنسيتها.

وأضاف المرصد: ورغم أن المسلمين والمهاجرين في إسبانيا مندمجون بصورة كبيرة، مقارنةً بدول أوروبية أخرى، فإن بعض مظاهر التفرقة تطالهم بين الحين والآخر، حيث تعمل مجموعات اليمين المتطرف على الاستفادة من الأحداث المختلفة للهجوم على الإسلام، والأماكن المقدسة الإسلامية، وكذلك استغلال الأعمال الإرهابية التي تقوم بها التنظيمات المتطرفة كذريعة لتلك الممارسات، ولهذا نجد أن المسلمين في أوروبا يعيشون بين مطرقة الأحزاب اليمينية المتطرفة وسندان الجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى الهجوم على اللاجئين ومحاولة منعهم من الدخول إلى أوروبا بحجة التخوف من أسلمتها!

وتابع: كما تستغل تلك الأحزاب شعارات الهوية الوطنية لاستقطاب متعاطفين للهجوم على الإسلام والمسلمين وكذلك اللاجئين، ومن أبرز هذه الأحزاب التي تستغل أية مناسبة لإثارة الرأي العام ضد المسلمين واللاجئين في إسبانيا حزب "فوكس" اليميني المتطرف.

 وأضاف: وفي نفس السياق أصدر المرصد تقريرًا مرئيًّا باثنتي عشرة لغة تحت عنوان: "أنشطة اليمين المتطرف.. دعوة صريحة للكراهية والعنف"؛ وذلك في إطار سلسلة الإصدارات المرئية التي ينشرها مرصد الأزهر باللغة العربية واللغات الأجنبية. وأكَّد الإصدار على أن أنشطة جماعات اليمين المتطرف العدائية ضد المسلمين ومقدساتهم الدينية إنما هي أعمالٌ إرهابية ودعوة صريحة للكراهية والعنف، تستوجب الملاحقة القانونية، وتستدعي تضافر الجهود للقضاء على تلك الآفة التي تمثل خطرًا كبيرًا على استقرار المجتمعات.

وتابع المرصد إنه في إطار الجهود التي تبذلها إسبانيا لمكافحة خطاب الكراهية قضائيًّا، طالب مكتب المدعي العام الإسباني في مدينة "بلنسية" محاكمة حزب "إسبانيا 2000"، ‏وهو ‏حزب يميني متطرف في إسبانيا متهم بإثارة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، وذلك بعد أن ‏نفَّذ هذا ‏الحزب وقفة يوم الجمعة 18 ديسمبر 2020 في ساحة "لوس بينازو دي ‏فالينسيا"، تحت ‏شعار "لا للإسلام". ويأتي هذا القرار بعد أن فتح "قسم الحماية الجنائية للمساواة ‏ومناهضة التمييز" (وهو قسم يختص بجرائم ‏الكراهية وتابع لمكتب المدعي العام) إجراءات تحقيق جنائي ضد حزب "إسبانيا ‏‏2000"؛ نتيجة لإبلاغه ‏بالوقائع التي تمثل جرائم كراهية بسبب محتواها العنصري وكراهية ‏الأجانب.  ‏

ويؤكّد مرصد الأزهر على رفضه القاطع لكل أعمال العنف والتعدي على الآخرين، لافتًا إلى أنها تمثل شكلًا من أشكال العنصرية المقيتة التي ينبغي أن يُوضع لها حد حاسم، يردع الخارجين على القانون، ومرتكبي العنف ضد المواطنين، أيًّا كانت انتماءاتهم أو توجهاتهم. كما يحذّر المرصد من أن الدفع بالشباب في مثل هذه التوجهات الإجرامية هو نذير شر مستطير، وخطر داهم على المجتمعات التي تستند على الشباب كدعامة حقيقية للنهوض والتقدم.

ونتيجة لهذا يؤكد مرصد الأزهر على أن المواطنة هي أساس التعامل بين فئات المجتمع المختلفة، وأن السلوك العنصري على أساس الدين، أو العرق، أو اللون، أو الجنس مرفوض بكل أشكاله، ويتعارض مع كافة الأديان والقوانين العامة المنظمة لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية التي تنص على تجريمه.

ويؤكّد المرصد أن انتهاك الأحزاب اليمينية المتطرفة للقوانين الدولية المنظمة لشبكات التواصل الاجتماعي وخرق الأعراف الدولية ومبادئ حقوق الإنسان يمثل خطرًا محدقًا على استقرار المجتمعات، ويهدد تعايشها السلمي.

أفول تيارات الإسلام السياسي 

وفي الوقت الذي تشهد فيه القارة العجوز صعودا غير مسبوق لليمين المتطرف، يشهد العالمين العربي والإسلامي تراجعا وانحسارا لتيارات الإسلامي السياسي المتشدد، مثل «داعش» و«القاعدة».

وحسب الكثير من الخبراء، فإن هناك أفول لحركات الإسلام السياسي على مستوى العالم.

فقد تعرضت جماعات الإسلام السياسي خلال الفترة الماضية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، لضربات موجعة ومؤلمة في الكثير من الدول العربية، مثل مصر وتونس وليبيا والمغرب والجزائر والسودان وسوريا، حيث تم اسقاط الجماعة في هذه الدول سواء عن طريق الانتخابات أو الثورات. 

كما تعرض تنظيمي، داعش والقاعدة، لضربات قوية في معاقلهما في سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان، سواء على يد جيوش الدول الوطنية أو التحالفات العسكرية التي تم تشكيلها بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، فلم يعد هناك سوى جيوب صغيرة للتنظيمين في سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان ومصر، لا سيما بعد وصول حركة طالبان لسد الحكم في أفغانستان، معقل ومنشأ تنظيم القاعدة، كما نجحت الدولة المصرية في القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية«داعش» في شبه جزيرة سيناء.