رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هل الطلاب العائدين من أوكرانيا لديهم ما يؤهلهم لاستكمال الدراسة بمصر؟

الطلاب العائدون من
الطلاب العائدون من أوكرانيا

وزير التعليم العالي: لا مكان لـ الطلاب العائدين من أوكرانيا بالجامعات الحكومية وكيف لطالب حصل على 55% يدرس طب 

تتراوح تكلفة الدراسة بالجامعات الأوكرانية المعترف بها بين 1200 إلى 5000 دولار سنويًا

3220 إجمالي عدد الطلاب الدارسين في أوكرانيا بينهم 2300 يدرسون بالقطاع الطبي بسبة 66%

7 جامعات أوكرانية معتمدة لدى المجلس الأعلى للجامعات

الأعلى للجامعات: والطلاب الذين سبق قبولهم بجامعات غير الـ7 المعتمدة قبل 2019 يُنظر في معادلة شهاداتهم حالة بحالة

لا يجوز للطالب التحويل من الجامعة الخاصة أو الأهلية التي تم قبول تحويله بها إلى جامعة أخرى

تعقد الجامعات الأوكرانية امتحان «الكروك» لاختبار الكفاءة المهنية للطلاب في مجال التدريب الطبي قبل الانتقال لسنة رابعة 

تشترط الجامعات الأوكرانية للقبول بتخصص الطب دراسة الطالب لمواد الأحياء والفيزياء والكيمياء بالثانوية

أم: حديث الوزير عن دراسة طلاب أدبي للطب أمر غير منطقي 

أم: حوالي 60 ألف جنيه مصاريف الدراسة والمعيشة والسكن الخارجي لابني في السنة والحياة هناك مش غالية

ولية أمر: ابني في خامسة طب بشري وكان جايب 95% بالثانوية وما لهوش غير الجامعات الأهلية اللي عمرها سنتين ودا معناه إنه هيرجع سنة 2

أم: الجامعة اللي بيدرس فيها ابني كانت معتمدة بمصر سنة 2017 لما دخلها ولكن لغوا اعتمادها في 2019

ولية أمر طالب بطب أسنان: الوزير بيخيرنا بين جامعة خاصة مصاريفها 160 ألف أو أهلية مصاريفها 200 ألف

نيرمين: بيقولوا الجامعة مش معتمدة طيب ليه ابني مسجل في إدارة البعثات وبياخد الموافقة الأمنية وتأجيل تجنيد

محمد: حاولت أنا وزمايلي نجمع أوراقنا كلها من الجامعة قبل القصف بأيام وشئون الطلبة رفضوا

هاجر: أنا أفضل ابني يكمل دراسته في أي دولة برة أو أونلاين ونستلم الشهادة عبر الشحن خصوصًا وهو في آخر سنة

أستاذ جامعي: غضب الطلاب العائدين من أوكرانيا بسبب عدم توافر أماكن لهم في الجامعات الحكومية لا مبرر له

عضو هيئة تدريس: لو صح كلام الوزير بشأن طلاب الأدبي لا بد من معاقبة من سولت له نفسه وخرج من مصر للتحايل على نظم الدراسة

كامل: أولياء الأمور المستائين من مصروفات الجامعات الأهلية بحجة إنها غالية لماذا لم يستائوا من تكلفة دراسة ومعيشة أبنائهم بأوكرانيا!

خبير تربوي: قبول الطلاب لاستكمال دراستهم بنفس التخصص بمصر رغم ضعف مجاميعهم سيفتح الباب للاستثناءات وهذا مرفوض

أستاذة بالبحوث التربوي: نتعاطف مع الطلاب العائدين من أوكرانيا ولكن التعاطف شيء وقبولهم

.......................................................................

إسلام مصطفى 

«الحرب هي تسلية الزعماء الوحيدة التي يسمحون لأفراد الشعب بالمشاركة فيها»، كلمات قالها الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون، قبل عشرات السنين، تلك التسلية كشرت عن أنيابها للعالم أجمع بالحرب الروسية الأوكرانية، وبدأت تأثيراتها السلبية تخيم على الجميع، وفجرت أزمة الطلاب المصريين العائدين من أوكرانيا؛ التي أربكت المسؤولين عن التعليم الجامعي، ووجد الطلاب أنفسهم يدفعون مستقبلهم ثمنًا لحربٍ «لا ناقة لهم فيها ولا جمل»، خصوصًا الذين فاتهم حلم دراسة الطب أو الهندسة بمصر بسبب قلة مجموعهم عن تنسيقها بنسبة بسيطة آنذاك، بخلاف الطلاب أصحاب المعادلات التي تتراوح بين 55% إلى 85%، وبات الجميع بين شقي رحى القبول بشروط التعليم العالي لاستكمال دراستهم في الجامعات الأهلية والخاصة، ورحلة البحث عن جامعة في دولة أخرى لاستكمال الدراسة، بعد إعلان الوزارة ضوابط الالتحاق بالجامعات في مصر.

بين مؤيدٍ راضٍ لوزير التعليم العالي الذي استنكر فكرة السماح للطالب الحاصل على 55% بدخول كلية طبية، ولتعامل «التعليم العالي» والمجلس الأعلى للجامعات مع الأزمة، ومعارضٍ غاضب لذلك، أثيرت العديد من التساؤلات، على رأسها هل الطلاب الغاضبون من عدم إدراجهم بالجامعات الحكومية على حق؟ وهل من بينهم طلاب درسوا تخصص الأدبي في الثانوية والتحقوا بكليات علمية في أوكرانيا؟ وما الحلول التي يلجأ إليها الطلاب وأولياء أمورهم الرافضين لقرارات الوزارة؟ وهل ستعترف التعليم العالي بشهادة هؤلاء الطلاب في حالة اللجوء إلى الدراسة في دولٍ أخرى؟

إحصائية رسمية 

3220 طالب وطالبة يدرسون في الجامعات الأوكرانية، بينهم 750 طالب وطالبة يدرسون في الجامعات الحدودية شرق أوكرانيا، ويبلغ عدد الطلاب المصريون الذين يدرسون بالقطاع الطبي في أوكرانيا 2300 طالب، بينهم 1584 يدرسون طب بشري ويمثلون نسبة 66% من إجمالي الطلاب، فيما تبلغ نسبة الطلاب الذين يدرسون تخصص الصيدلة 7%، ونسبة 27% يدرسون طب الأسنان، بينما عدد الطلاب الذين يدرسون تخصص الهندسة محدود، وفقًا لقاعدة بيانات وزارة التعليم العالي، عن الطلاب المصريين الدارسين في أوكرانيا. 

"لا مكان للطلاب العائدين من أوكرانيا في الجامعات الحكومية"، تصريح وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور خالد عبدالغفار، ذلك نزل كالصاعقة على الطلاب العائدين من أوكرانيا وأولياء أمورهم، وراحوا بعضهم يشتكي من ارتفاع المصروفات الدراسية في الجامعات الأهلية والخاصة، السبب ذاته الذي جعلهم يهربون منها إلى أوكرانيا قبل سنوات –حسب وصفهم- فيما اشتكى السنوات النهائية الدراسين للتخصصات الطبية، من ضوابط قبولهم بالجامعات الأهلية أو الخاصة، التي تجبرهم على تضييع أكثر من سنتين من أعمارهم، بحجة أنه لا يوجد أماكن متاحة لهم في الجامعات الخاصة، إذًا فالجامعات الأهلية هي الحل، والتي لا يوجد بها دفعات في السنوات الأخيرة نظرًا لحداثة نشأتها.

ضوابط قبول

وحدد مجلس الوزراء ووزارة التعليم العالي، ضوابط قبول الطلاب العائدين من أوكرانيا بالجامعات المصرية الأهلية والخاصة، وهي: 

  • قبول الطلاب في الجامعات الخاصة والأهلية فقط وفقًا للتخصص المناظر الدارس به الطالب في الخارج.
  • اجتياز الطلاب للمقررات الدراسية المؤهلة لهذه التخصصات في شهادة الثانوية العامة أو الشهادات المعادلة لها، وعلى الطالب تقديم شهادة الثانوية العامة أو الشهادة المعادلة التي تثبت ذلك.
  • إجراء اختبار قياس مستوى  للطالب في المُقررات التي درسها من خلال اختبار مركزي يجري لطلاب  كليات القطاع الصحي.
  • التقدم سيكون مباشر إلى الجامعات الخاصة وفقًا للتخصص الذي يرغب فيه الطالب.
  • يقدم الطالب ما يُثبت صحة أنه مقيد بجامعة أوكرانية في العام الجامعي 2021-2022، وشهادة بالمقررات التي درسها ومُحتواها العلمي وذلك خلال مهلة 3 شهور، وإلا سيعد التقديم منعدمًا.
  • لا يجوز للطالب التحويل من الجامعة الخاصة أو الأهلية التي تم قبول تحويله بها إلى جامعة أخرى.

خيبة أمل 

"ابني في سنة خامسة طب بشري التيرم التاني، وبحسب ضوابط القبول اللي أعلنتها الوزارة، متاح له أماكن في الجامعات الأهلية اللي عمرها سنين معنى كدا هيرجع لسنة تانية تاني"، بهذه الكلمات بدأت نيرمين مصطفى، ولية أمر الطالب أحمد بدوي، يدرس في أوكرانيا، حديثها مع «النبأ الوطني».

خيبة الأمل تسيطر على «نيرمين» ونجلها الحاصل على شهادة الثانوية العامة عام 2017 من الإمارات بمعدل 95%، لا سيما وأن شهادته كانت علوم متقدمة وهو أعلى درجة في الثانوية العامة بالإمارات، وكانت الصدمة بالنسبة لهم أنه لا مكان له إلا في الجامعات الأهلية التي تم تدشينها منذ عامين، وبالتالي فلن تكون مناسبة له وهو الذي قطع شوطًا كبيرًا في طريق حلمه، والخيار المتاح سيجعله يعود للوراء 3 سنوات، بعد عمل المعادلة المطلوبة، وهذا غير عادل –حسب وصفها- "لما شوفنا الأماكن المتاحة كانت 6 مقاعد طب أسنان في الجامعة الروسية في مصر، والجامعات الأهلية ما فيهاش طب بشري الصف الخامس والسادس، ولذلك يعتبر هو وزملائه في نفس السنة الدراسة، أو حتى طلاب سنة تالتة والرابعة لا أماكن لهم، ومضطرون لإعادة الدراسة تاني من سنة تانية".

إثبات استمرارية الجامعة لطاب بطب خاركوف

جامعة Kharkiv National Medical (خاركوف ناشيونال ميديكال)، التي يدرس بها «أحمد»، تُعد من أقدم الجامعات الطبية بأوكرانيا، غير معتمدة في مصر، بعد حذفها من قائمة الجامعات الأوكرانية المعتمدة عام 2019، والذي اعتبره «أحمد» ووالدته، وزملائه، " القرار بتاع الجامعات المعتمدة من 2019 وابني دفعة 2017 والجامعة اللي كان فيها كانت معتمدة، فمن المفترض لا يسري عليه القرار".

تستنكر نرمين فكرة عدم اعتراف الأعلى للجامعات بجامعة (خاركوف ناشيونال ميديكال)، في الوقت ذاته الذي قبلت فيه الوزارة تسجيله في إدارة البعثات، وإعطاءه موافقة أمنية لتأجيل التجنيد "بيقولوا الجامعة مش معتمدة، طيب ليه ابني مسجل في إدارة البعثات وبياخد الموافقة الأمنية وتأجيل تجنيد".

الجامعات المعتمدة

2019 أقر المجلس الأعلى للجامعات، مجموعة قواعد وضوابط منظمة للطلاب الدارسين بالخارج خصوصًا، الكليات العملية، الراغبون في معادلة شهاداتهم بنظيرتها في مصر، ونص القرار على الجامعات الأوكرانية المُعتمدة، وبلغت 7 جامعات هي:  

(V.N Karazin Kharkiv National University-Taras Shevchenko National University of Kyiv- National Technical University of Ukraine “ Lgor Sikorsky Kyiv Polytechnic Institute”-National Technical University “Kharkiv Polytechnic Institute”-Lviv Polytechnic National University LogoLiviv Polytechnic National University More- Sumy State University- Bogomolets National Medical University في تخصصي الطب وطب الأسنان فقط).

يتم النظر في معادلة الجامعات الـ7، ولن يتم معادلة الشهادات الممنوحة من جامعات أخرى في حالة قبول الطلاب بدءًا من العام الجامعي 2019-2020، والطلاب الذين سبق قبولهم قبل ذلك، يُنظر في معادلة شهاداتهم حالة بحالة، وفقًا لنص قرار المجلس الأعلى للجامعات.

رحلة بحث 

دراسة الطب في أوكرانيا ليست بالمسألة السهلة كما يحاول البعض تصدير ذلك، لا سيما وأن الكليات الطبية تعقد امتحان مزاولة مهنة يسمى «الكروك»، ولا يمكن لأي طالب الصعود للسنة الرابعة إلا بعد اجتيازه بنسبة تصل إلى 60%، ومع بدء التيرم الأول من السنة الخامسة تبدأ الدورات العملية (Practical courses)، وخلالها يتدرب الطلاب داخل المستشفيات، وفقًا لـ«نرمين» "ابني في السيميستر التاني خامسة طب بشري، وفي سنة 3 امتحن الكروك، ودا امتحان مزاولة مهنة عالي مش أي طالب يعرف يعديه، وبعدها بينزل تدريب عملي في المستشفيات من أول سنة خامسة، أروح أقول له أرجع سنتين تلاتة لورا بعد ما يحددوا مستواك!".

امتحان «الكروك»، هو اختبار موحد على كل الجامعات والكليات الطبية الأوكرانية، وينقسم إلى جزئين، ويُعقد في نفس التوقيت، ويختبر من خلاله الكفاءة المهنة للطالب في مجال التدريب الطبي والصيدلي فيما درسه على مدار السنوات الثلاث الأولى، ويتكون من 200 سؤال، ويُشترط اجتياز الطالب بنسبة 60% فيما فوق، حسب منصات الجامعات والكليات الأوكرانية الطبية.

وترفض نرمين مبدأ الدراسة في الجامعات الخاصة المصرية، لا سيما وأن الفرصة كانت متاحة أمامه بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة بمعدل 95%، ولكنهما رفضا، وبما أن خيار الجامعات الأهلية المتاح سيضيع عليه قرابة 3 سنوات دراسية من مشواره التعليمي، قررا البحث عن جامعة أخرى في دولة أوروبية، "أنا مش هادخل ابني جامعة أهلية، ويرجع 3 سنين لورا، أنا بأدور له على جامعة في دولة تانية زي جورجيا أو رومانيا أو بولندا، والجامعات الخاصة في مصر لا اعترف بالدراسة فيها، لكن لو كانوا هيمتحنوه ويدخل أي جامعة حكومية ما عنديش مشكلة". 

شهادة الثانوية العامة الإمارتية لطالب يدرس بأوكرانيا

صدمة كُبرى

"الوزير بيخيرنا بين جامعة خاصة مصاريفها 160 ألف أو أهلية مصاريفها 200 ألف، وبعدين أنا ابني في سنة 5 يعني آخر سنة وفاضل له تيرم، أدخله جامعة أهلية ولا خاصة ليه بالمصاريف دي كلها"، بهذه الكلمات بدأت هاجر صادق والدة الطالب بالسنة الخامسة بكلية طب الأسنان بجامعة أوديسَّا الأوكرانية، محمد قدري، حديثها مع «النبأ الوطني».

قرار الوزير غير مُقنع وظالم، بالنسبة لأولياء الأمور الذين برون أن الجامعات الأهلية فشلت بدليل عزوف الطلاب عنها، ولهذا توقعوا أن تُصدر الوزارة قرار غير حاسم، يُدخلهم في دوامة تجعلهم عاجزين عن اتخاذ قرار، حسب وصف هاجر "كنا عارفين من الأول إن الدولة هتاخد قرار عايم ونلف حوالين نفسها، هم مشكورين قالوا هيقبلوا ولادنا في الجامعات الخاصة والأهلية اللي فشلت ومعمولة لبتوع الخليج".

تكاليف بسيطة

الدراسة والمعيشة في أوكرانيا تكاليفها بسيطة، لا سيما وأن الجريفن الأوكراني يزيد عن الجنيه المصري بنصف جنيهًا، فلم تتعد مصاريف السنة الدراسة الواحدة، 60 ألف جنيهًا، بما فيها مصروفات المأكل والملبس والمسكن الخارجي غير التابع للجامعة، وحتى مصروفات المعيشة بأكملها، وفقًا لهاجر.

تتراوح تكاليف الدراسة في أوكرانيا في الجامعات المعترف بها دوليًا، بين 1200 إلى 5000 دولار، وفقًا للتخصص والسنة، حيث تتراوح تكاليف السنة التحضيرية بين 1200 إلى 2000 دولار، بينما تتراوح تكلفة دراسة التخصصات الطبية بين 4000 إلى 5000 دولار، في حين تتراوح تكاليف دراسة الهندسة بالإنجليزية 2500 إلى 3500 دولار، وتكاليف دراسة أقسام العلوم الاجتماعية تتراوح بين 2200 إلى 3500 دولار، ودراسة العلوم البيئية تتراوح تكلفتها بين 1800 إلى 220 دولار، تتراوح تكلفة دراسة العلوم الإنسانية والفنون بين 1700 إلى 2600 دولار، وفقًا للمُعلن على مواقع الجامعات الأوكرانية لعام 2021-2022.

حيرة وضغط

الحيرة والضغط النفسي يعتريا محمد خريج شهادة الثانوية IG الشعبة الإنجليزية الدولية، بمعدل 55%، ويتذكر اللحظة التي حزم فيها امتعته وقرر الاغتراب عن أهله سعيًا وراء حلمه لدراسة طب الأسنان في جامعة أوديسَّا الأوكرانية، التي وقع عليها الاختيار آنذاك، ولم يكن يعلم أن ذلك كله سيتهاوى في لمح البصر بعد خمسة سنوات من الدراسة، ورغم أن مجموعه في الثانوية العامة دون المستوى، إلا أن الدراسة العملية التي حصل عليها منذ السنة الثانية في الكلية، جعلته متمكنًا من مجال تخصصه الذي اختاره، وفي نهاية الأمر لم تعترف الوزارة بجامعته، حسب وصفه.

البحث ومحاولات تأكد محمد ووالدته عن ما إذا كانت الجامعة معتمدة من عدمه، قبل 5 سنوات من التحاقه بها، باتت عديمة الفائدة، لا سيما بعد إعلان الوزير عن أن الجامعات الأوكرانية المُعتمدة لدى المجلس الأعلى للجامعات 7 جامعات حكومية فقط، ليس من بينهم جامعة أوديسَّا، ورغم معادلة خريجي الجامعة ذاتها خلال السنوات الماضية لشهاداتهم بمصر، إلا أن الوزارة لم تعترف بها أيضًا "قبل ما نقدم لابني في جامعة أوديسا بحثنا واتأكدنا إنها معتمدة دوليًا وفي مصر، ولكنهم استبدلوها بجامعة حكومية بكييف في 2019، وزمايل ابني اللي اتخرجوا منها السنة اللي فاتت عادلوا شهادتهم، غير إن إدارة البعثات كانت بتدي ابني تأجيل جيش، وبتستلم سنويًا شهادة بدرجاته، يبقى إزاي مش معتمدة!".

معاناة وتقصير

معاناة كبيرة عاشها الطلاب المصريون الدارسين في أوكرانيا، دمرت نفسيتهم، ولم يجدوا من يمد لهم يد المساعدة هناك، وفوجئوا بتنصل السفير المصري بأوكرانيا والموظفين بالسفارة بالتنصل من مسؤوليتهم، وغلق هواتفهم، ولم يجد الطلاب من يساعدهم في الهروب من نيران الحرب في أوكرانيا، حسب ما حكته هاجر "أولادنا راجعين نفسيتهم مدمرة، والهلال الأحمر بيتواصل معاهم يوميًا، وهناك ما حدش عمل لهم حاجة، السفير والسكرتارية قفلوا تلفيوناتهم، وابني له زمايل في كييف انقطع الاتصال بينهم وبين أهاليهم". 

حاول محمد الحصول على أوراقه من الجامعة قبل أن يسوء الوضع هناك، خصوصًا وأنه كان مُتوقِع حدوث حرب، إلا أنه فشل في ذلك؛ لأن شئون الطلبة آنذاك كانوا دائمًا في إجازات "حاولت أنا وزمايلي نجمع أوراقنا كلها من الجامعة قبل القصف بأيام، ولكن شئون الطلبة كانوا دايمًا في إجازات، ولما عرفنا نوصلهم رفضوا يدونا الورق".

الدكتور وائل كامل

حديث غير منطقي

حديث وزير التعليم عن أن هناك طلاب حاصلون الشعبة الأدبية بالثانوية العامة، يدرسون تخصصات طبية، مستحيل وغير منطقي على الإطلاق، لا سيما وأن هناك ضوابط لقبول الطلاب بالكليات والجامعات الطبية أهمها أن يكون الطالب حاصل على شهادة الثانوية العامة الشعبة العلمية، حسب هاجر "استحالة أي جامعة طبية تقبل طلاب أدبي زي الوزير ما بيقول، ولو فيه حالات كدا ما طلعش دا بإثباتات ليه، وفيه جامعات بتبيع الشهادات في أوكرانيا وجورجيا ولكن الطالب بيروح يشتري الشهادة في آخر سنة، مش بيفضل يدرس 5 أو 6 سنين".

ضوابط القبول بأوكرانيا

تشترط الجامعات الأوكرانية الطبية عدة ضوابط لقبول الطالب للدراسة بها، على رأسها أن يكون الطالب دارسًا للمواد العلمية الثلاث (الأحياء- الفيزياء- الكيمياء)، بالمرحلة الثانوية، ولا تلزم الجامعات الأوكرانية الطلاب الراغبين بدراسة التخصصات الطبية بدرجات محددة في هذه المواد الثلاث، كما لا تشترط اجتيازهم امتحان للقبول، أو لغة محددة.

وتطلب الجامعات الأوكرانية من الطالب مجموعة مستندات لقبوله، تشمل صورة شهادة المدرسة والمواد التي درسها وبيان درجات، صورة شهادة الجامعة في حالة الدراسات العليا، وتحويل بنكي، وتستغرق دراسة الوثائق عدة أيام، ترسل بعدها رسالة القبول الجامعي، ودعوة رسمية يتم الحصول على الفيزا.

احتلت مصر في عام 2019، المركز السادس بقائمة الـ10 دول الأوائل من حيث عدد الطلاب الأجانب في أوكرانيا، بإجمالي عدد طلاب 3243، وفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة «إينفوريسورس» الحكومية الأوكرانية. 

شهادة مشحونة

ضوابط قبول استكمال الطلاب العائدين من أوكرانيا للدراسة بمصر، لاقت رفض تام من قبل أولياء الأمور والطلاب، وقرر معظهم البحث عن جامعة أخرى بإحدى الدول الأوروبية، لا سيما وأن معظمها فتحت أبوابها أمام الطلاب الدارسين في أوكرانيا وبينهم المصريين، ويحاول بعضهم لا سيما طلاب السنة الأخيرة في استكمال الدراسة أونلاين.

تفضل هاجر أن يستكمل نجلها دراسته في دولة أوروبية، بدلًا من استكمالها بتلك الشروط –المجحفة- في مصر، حتى وإن كان سيعيد الدراسة من السنة الأولى، بسبب المعاناة التي عاشها في غربته ولم يجد من يمد له العون من المسؤولين، ولذلك بحث عن جامعة برومانيا قبل عودته إلى مصر؛ لاستكمال دراسته بها "أنا أفضل ابني يكمل في أي دولة برة، بعد اللي حصل له استحالة يدرس في مصر تاني حتى لو هيعيد الدراسة من الأول". 

استكمال الدراسة عن بُعد «قارب نجاة» محمد وزملاءه طلاب السنة الأخيرة، لا سيما بعد إعلان بعض الجامعات عن الدراسة أونلاين، ولذلك تحاول «هاجر» أن يستكمل نجلها دراسته أونلاين، والتنسيق مع رئيس الجامعة لاستلام شهادته عن طريق الشحن "جامعة أوديسَّا فتحت الدراسة أونلاين، والأفضل يكمل ابني دراسته كدا، ورغم إن مبنى الشئون اتضرب، إلا إننا على تواصل مع رئيس الجامعة وبنسق نستلم الشهادة عن طريق الشحن".

الدكتورة بثينة عبدالرؤوف

غضب غير مبرر

"غضب الطلاب العائدين من أوكرانيا بسبب عدم توافر أماكن لهم في الجامعات الحكومية لا مبرر له"، حسب رأي عضو هيئة التدريس بكلية التربية الموسيقية جامعة حلوان، الدكتور وائل كامل، أثناء حديثه مع «النبأ الوطني».

استيفاء شروط القبول بالجامعات المصرية، بعد إجراء مقاصة لما درسه الطالب العائد إلى مصر من أي دولة أجنبية لأي سبب قبل حصوله على شهادة تخرجه، وما يتبقى له من مواد لم يستكملها، لا تنفي أحقيته في استكمال تعليمه بمصر، ولكن وفقًا للمتاح، لا سيما وأن الجامعات الحكومية لها نظام قبول ومرتبط بمكتب تنسيق له توقيت محدد وقانون ولوائح داخلية تحكم عملها، تحت مبدأ تكافؤ الفرص المرتبط بمجموع الثانوية العامة والتوزيع الجغرافي، والطبيعي أن يلتحق العائدين من الخارج بالجامعات الأهلية والخاصة، إذا كان هناك أماكن خالية ونظامها الداخلي يتيح إجراء المقاصة لاستكمال الدراسة، أو إجراء اختبارات قبول جديدة، حسب وائل كامل.

لو صحت معلومة أن هناك طلاب قسم أدبي درسوا تخصصات طبية، ويرغبون في استكمال دراسة الطب بمصر أو أيًا من التخصصات التي كانت تشترط ثانوية قسم علمي، لا بد من معاقبة من سولت له نفسه وخرج من مصر للتحايل على نظم الدراسة وعليه تحمل تبعات اختياراته، لا سيما وأن ذلك الأمر يفتح الباب للعشوائية ويقضي على مبدأ تكافؤ الفرص، ولا يصح حتى مناقشته، من وجهة نظر «كامل».

واختتم «كامل»، حديثه مع «النبأ الوطني»، مستنكرًا استياء أولياء الأمور من مصروفات الجامعات الأهلية، قائلًا: "أولياء الأمور المستائين من مصروفات الجامعات الأهلية بحجة إنها غالية، لماذا لم يستائوا من مصروفات الجامعات الأوكرانية ومصروفات معيشتهم هناك، ومقابل غربة أبناءهم بعيد عنهم في مجتمع له عادات وثقافة وتقاليد مختلف عن عادات وتقاليد المصريين".

نتعاطف ولا نقبل

"نتعاطف مع الطلاب العائدين من أوكرانيا، ولكن التعاطف شيء وقبولهم رغم معدلاتهم المنخفضة غير المتناسبة لتنسيق الكليات الطبية والعلمية شيء آخر، والقبول سيفتح الباب للاستثناءات مرة أخرى وهذا مرفوض"، هكذا عبرت الباحثة بمعهد الدراسات والبحوث التربوية، بجامعة القاهرة، الدكتورة بثينة عبدالرؤوف، عن رفضها لمطالب الطلاب العائدين من أوكرانيا وأولياء أمورهم بقبولهم بالجامعات المصرية بغض النظر عن مجموعهم في الثانوية العامة.

واختتمت «عبدالرؤوف» حديثها، بالإشارة إلى أن مسألة تحويل الطلاب بهذه الصورة، ليس بجديد، حيث كان يسافر الطالب للدراسة بالخارج لمدة عام ثم يعود لاستكمال دراسته في مصر بعد مقاصة، مؤكدة أن الأمر تسبب في مشكلات كثيرة، ما لزم إلغاءه بشكل قانوني.