رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الأفروسنتريك.. تهدف لسرقة الحضارة الفرعونية وتزوير التاريخ

المصريون القدماء
المصريون القدماء يحصون أعداد الأسرى الأفارقة

«#اوقفوا_مؤتمر_أسوان»، لم تكن تلك كلمات وسم عادي انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إنما كانت بمثابة انتفاضة واضحة من المصريين ضد الحرب على الهوية المصرية التي شنتها حركة المركزية الإفريقية «الأفروسنتريك»، والتي تدعي أن الحضارة المصرية القديمة أسسها الأفارقة السود، وأنهم هم المصريون القدماء الحقيقيون.

واشتدت الحرب على الحضارة الفرعونية بعد الإعلان عن عزم الحركة عقد عبر مؤتمر عالمي معنون بـ«العودة إلى الأصول»، وكان مُقرر عقده في محافظة أسوان في محاولة منه لاستقطاب الجنوب المصري، لا سيما النوبيين باعتبارهم أصحاب بشرة سمراء، مستغلين قضية تهجير النوبيين، دون كلل أو ملل من باب أنه «لو اخترعت كذبة كبيرة وأصررت على تكرارها كل يوم بإلحاح فسيصدقك الناس في النهاية».

لم تكتف «الأفروسنتريك» بذلك بل أدلوا بدلوهم الكاذب سارحين بمخيلتهم إلى ما هو أعظم معتقدين أن المصريين قاموا بتلوين المقابر الفرعونية باللون الأبيض؛ لتزوير التاريخ، لا سيما ادعائتهم بقيام أبناء المحروسة بكسر أنوف التماثيل لإخفاء ملامح الأنف الإفريقي.

مؤتمر أسوان المشبوه

«انضم إلينا لسماع محاضرات ساحرة بخصوص التاريخ الأدإفريقي»، هكذا أعلن المنظمون للمؤتمر، تحت إشراف منظمة «HAPI» الأمريكية للتكامل والتعاون الاقتصادي -أي حابي إله النيل-، ومركز «IKG cultural resource center» البحثي، وشركة سياحية أمريكية تُدعى «Akhet» مقرها في ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، والمؤسسات الثلاثة جميعهم «أفرو أمريكان» -أمريكان من أصول أفريقية- وتقوم شركة السياحة بالإشراف على رحلة المشاركين في المؤتمر من الولايات الأمريكية إلى مصر وتنفيذ برنامج المؤتمر، فيما مهمة تمويل المؤتمر والإشراف على فعالياته والجولات الميدانية والمحاضرات مُسندة إلى منظمة «HAPI» ومركز «IKG».

«الأفروسنتريك» اتخذت من المؤتمر وسيلة لترسيخ أفكارها داخل مصر، من خلال مجموعة محاضرين ينتمون إليها، ويزعمون أن الأفارقة السود الحالين هم أحفاد المصريين القدماء، وأن المصريين الحالين أحفاد المحتلين لمصر (الهكسوس والرومان والعرب والفرس وغيرهم) عبر تاريخها، ولا علاقة لهم بالحضارة المصرية القديمة.

لم يجد المصريون سوى مواقع التواصل الاجتماعي، للتعبير عن غضبهم، وللمطالبة بإلغاء المؤتمر من خلال إطلاق عدة وسوم، عبروا خلالها عن رفض المؤتمر خاصة، ومزاعم «الأفروسنتريك» عمومًا.

رسوم على جدران المعابد تظهر المصري القديم يؤسر أفارقة سود

من هم الأفروسنتريك؟

أوائل القرن الـ19 ظهرت فكرة المركزية الإفريقية لأول مرة، في إحدى الصحف التابعة لـ«الأفرو-أمريكان»، والتي ربطت آنذاك بين الأفارقة السود والمصريين القدماء، ومع مرور الوقت، لا سيما مع ظهور حركة الحقوق المدنية ردًا على العنصرية ضد الأمريكان من أصل إفريقي وتهميشهم، وفقًا لما ذكرته جامعة جوهانسبرج.

في خمسينيات القرن الماضي، بدأت «الأفروسنتريك» على يد المؤرخ السنغالي، شيخ أنتا ديوب، والذي كان يزعم أن كل ما أنجزته الحضارة الأوروبية يعود إلى مصر القديمة، والتي كان يقصد بها، الأفارقة السود، زاعمًا أنهم أحفاد المصريين القدماء الأصليين، وأن السكان الأصليين لمنطقة شمال إفريقيا بأكلمها، بما فيها مصر والممالك المغربية ومملكة نوميديا بالجزائر، وقرطاج التونسية، والأندلس، من أصحاب البشرة السوداء، وتمت إبادتهم على يد الأوروبيين بالعصور الاستعمارية القديمة، وفقًا لكتابه المعنون بـ«The African Origin of Civilization»، أي «الأصول الزنجية للحضارة المصرية».

ومع ستينيات القرن الماضي، لم يفوّت رموز «الأفرو-أمريكان» حينها الفرصة، ولذلك تبنّى الناشط الإسلامي، مالكوم إكس، المُدافع عن حقوق الأمريكيين الأفارقة، فكرة تزعم أن الأفارقة السود هم بُناة الحضارة المصرية القديمة.

تدشين تيار «الأفروسنتريك» في بداية الأمر كان يهدف إلى حماية حقوق أصحاب البشرة السوداء ومناهضة العنصرية ضدهم في العالم، ثم تحولت عن هدفها الرئيسي إلى محاولات القضاء على الجنس الأبيض بشمال إفريقيا، لا سيما المصريين الحاليين والأمازيغ، باعتبار أن شمال إفريقيا هي موطنهم الأصلي، ويسعون لاسترداده، وأن جميع حضارات الشمال الإفريقي هي في الأصل حضارة زنجية بناها أصحاب البشرة السوداء، وسرقها العرب والأمازيغ.

 

بوستر مؤتمر العودة إلى الأصول

الحضارة المصرية بنظر الأفروسنتريك

يزعم «الأفروسنتريك»، أن مصر كانت أمة سوداء، وأن الحضارة المصرية القديمة مهد الحضارات، ولإثبات مزاعهم، يركّزون على تاريخ الأُسر النوبية والكوشية من تاريخ مصر القديمة.

ويحاولون استقطاب أهل النوبة وكسب دعمهم، وإيهامهم أنهم يعاملون بدونية داخل وطنهم مصر، من قِبل المحتلين -المصريين الحالين- وأن المصريين الحالين لا علاقة لهم بالعِرق المصري.

كما يزعمون أن الملكة «تي» زوجة الملك «أمنحتب الثالث» بالأسرة الـ18، بأنها مصرية قديمة بملامح إفريقية وبشرة سوداء، وأن الأهرامات السودانية أقدم من الأهرامات المصرية بـ2000 عام.

وذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك، والذي سخر منه السواد الأعظم من علماء المصريات، بزعمهم أنَّ علماء المصريات الحالين قاموا بتلوين المقابر باللون الأبيض؛ لتزوير التاريخ، وأنَّ أنوف التماثيل المكسورة محاولة منهم لإخفاء ملامح الأنف الأفريقي.

وبحسب كُتب التاريخ وعلماء المصريات، إن كسر أنوف التماثيل، كان طقسًا دينيًا لدى المصري القديم؛ لاعتقاده أنها تتنفس، ولذلك كان يكسر أنفها لحجبها عن الحياة، وكانت طريقة أو طقسًا دينيًا في مصر القديمة.

كما يعتبرون أن الأثيوبيين –الأحباش- أصحاب الدم النقي، لأن أثيوبيا لم تُحتل، وهذا ما جعلهم يقدسون حاكم أثيوبيا أسود البشرة.

وتحاول «الأفروسنتريك»، جاهدة لإثبات أن جذور المصريين الحاليين تعود إلى عرب الجزيرة، لنزع الهوية المصرية عنهم، وهذا يخالف الأبحاث العلمية والدراسات الجينية وتحليل الحمض النووي، للمصري الحالي ومومياوات المصري القديم، التي أكدت جميعها أن أصول 73% من المصريين الحاليين تعود إلى المصري القديم، ولكن هناك مخاوف بشأن تحريف نتائج قراءات تحاليل الحمض النووي.

دراسة تكشف أن 73% من المصريين الحاليين ينتمون إلى المصري القديم

وسائل تحقيق أهداف الأفروسنتريك

وينظم القائمون على حركة «الأفروسنتريك» من أجل الوصول إلى هدفهم الرئيسي في مصر، رحلات دراسية للآثار المصرية القديمة، ويعدون أفلامًا وثائقية لنشر مزاعمهم بأن المصريين الحالين، ما هم إلا أحفاد المحتلين لمصر القديمة وأنه لا بد من طردهم من مصر وعودة الأفارقة السود إلى أرض أجدادهم، فضلًا مشاركتهم في البعثات الأثرية، على رأسهم رئيس الجمعية الأمريكية لترميم مقابر جنوب العساسيف، أنطوني براودر، حسب مجلة «Soutout Atlanta» «شوت أوت أتلانتا».

ما تفعله «الأفروسنتريك» كان له تأثير كبير لدى الأفارقة والأمريكان أصحاب البشرة السوداء، ما جعلهم يتخذون من مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة للحديث عن مزاعمهم، من خلال نشر صور تماثيل وبرديات ونقوش مصرية قديمة، مُفبركة، بعد التعديل عليها بتغميق ألوان التمثال للون الأسود، وأبرز تلك الصور المزيفة، صورة لتمثال أبوالهول، وعدّلوا في أنفه من خلال تركيب أنف تشبه أنوف الأفارقة أصحاب البشرة السوداء، وزعموا أن الغُزاة العرب كسروا أنفه لإخفاء أصله الزنجي.

تذاكر للحضور وترويج للفكرة

استنكر المصريون استغلال مباراة مصر والسنغال في نهائي كأس الأمم الإفريقية، في الترويج للمؤتمر، على اللافتات الدعائية التي تلتف حول الملعب.

ومنذ الإعلان عن المؤتمر خصصت المؤسسات الثلاثة المشرفة على عقده، موقعًا إلكترونيًا لحجز تذاكر الحضور، بقيمة 50 دولارًا للتذكرة الواحدة، وراح المُحاضرون المُقرر مُشاركتهم في المؤتمر، والداعمون لهم يروجون له عبر حساباتهم الخاصة على موقع التدوينات المُصغرة «تويتر».

ونشروا مقطع فيديو يُظهر رئيس الجمعية الأمريكية لترميم مقابر العساسيف، «أنطوني براودر» وهو أهم مُحاضر في المؤتمر وأحد رموز «الأفروسنتريك» الحالين، يقدم شرحًا أمام الأهرامات لمجموعة من شباب الأفارقة، يزعم فيه أن الأهرامات المصرية بناها الأفارقة أصحاب البشرة السوداء، ولذلك فيجب عليهم العودة إلى أرض أجدادهم.

حجز تذكرة حضور المؤتمر بـ50$

مطالبات بالإلغاء

انتفض المصريون ورفضوا المؤتمر، ووصفوه بالمشبوه، وردوا على مزاعم «الأفروسنتريك» عبر وسم «#اوقفوا_مؤتمر_أسوان»، مستنكرين صمت الجهات المسؤولة، تجاه تلك الحرب  من قِبل «لصوص التاريخ»، وشبهوها بمنهج بالكيان الصهيوني للاستيلاء على فلسطين.

وأعاد مؤتمر «العودة إلى الأصول»، إلى الأذهان، مؤتمر «تيودور هرتزل»، بمدينة بازل السويسرية، عام 1897م، باعتباره حجر أساس مشروع الاحتلال الصهيوني، وبدأت بمطالب بحقهم المزعوم في أرض فلسطين.

وأعرب المصريون عن مخاوفهم من المحاولات المُمنهجة لتيار المركزية الإفريقي، وأشاروا خلال الوسم الرافض للمؤتمر، إلى أن أزمة سد النهضة تكشف الأيادي الخفية لتيار «الأفروسنتريك»، لا سيما وأن الأثيوبيين يعتبرون أن لا حق للمصريين في المياه باعتبارهم دُخلاء على القارة الإفريقية، كما اعتبروا أن تصريح الرئيس السنغالي، خلال الأيام القليلة الماضية، بترديد كلام شيخ أنتي ديوب، أحد رموز «الأفروسنتريك»، والذي له تمثال في العاصمة السنغالية «داكار»، وحوله تماثيل لعدد من الملوك المصريين القدماء بعد صبغهم باللون الأسود، وفقًا لما سرده المصريون.

وتوثق الرسومات على جُدران المعابد المصرية القديمة، أسر المصريين القدماء للمحتلين من أصحاب البشرة السوداء، وهي الصور التي تداولها المصريون أيضًا.

معارضة عالمية طفيفة

ورغم محاولات فرض أفكار تيار المركزية الأفريقية «الأفروسنتريك»، إلا أن هناك محاولات رفض على استحياء من بعض الأساتذة الأمريكان، ووصفوه بالتوظيف الأيدولوجي، وتزييف الحقائق التاريخية، عبر عدد من الصحف الأمريكية.

واعتبر الباحث موليفي أسانتي، أن استبدال المركزية الأوروبية بمركزية إفريقية، هو استبدال جريمة بأخرى واستبدال أصولية بمثلها، وفقًا لما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز.

تغريدة لأفرو-أمريكان تدعي تزييف شكل التماثيل

إلغاء أم تأجيل!

الرفض الشديد من المصريين لخرافات حركة «الأفروسنتريك» ولمؤتمرها، أجبر اثنين من أكبر المحاورين به، إلى إعلان إلغائه، ودوّن «أنطوني براودر»، في تدوينة عبر «تويتر»، في 9 نوفمبر الجاري، إلغاء المؤتمر، كما دوّنت «سولانج أشبي» إلغاءه أيضًا، فضلًا عن تأكيد موقع بيع التذاكر للإلغاء.

والغريب أن الموقع الإلكتروني لمركز «IKG cultural resource center» البحثي، أحد المُشرفين على المؤتمر، تم غلقه بعد إعلان إلغاء المؤتمر، بدعوى إجراء إصلاحات.

وأعلنت صفحة القومية المصرية أنها ستنظم مؤتمر «One Egypt»، للرد على ادعاءات الأفروسنتريك، يوم 17 مارس المقبل، بالجريك كامبس بالقاهرة، والدخول مجاني، كما سيتم إذاعة بث مباشر من المؤتمر على الفيسبوك واليوتيوب، وسيكون باللغة الإنجليزية، وبمشاركة نخبة من الآثاريين والمثقفين.

ولكن سرعان ما تحولت الفرحة إلى غضب مرة أخرى، بعدما نشر أحد منظمي مؤتمر أسوان، مقطع فيديو يعلن خلاله أن المؤتمر لم يتم إلغاؤه، وإنما تم تأجيله إلى شهر أبريل.

ومازال صمت الجهات المسؤولة يثير علامة استفهام كبيرة لدى المصريين، وسط إعلان عقد وإلغاء وإعادة الإعلان مرة أخرى عنه، إلا أن البعض يتكهن أن اهتمام الدولة المصرية، خلال السنوات الماضية، بالحضارة المصرية القديمة أفضل رد، على التيار العنصري وادعاءاته المشبوهة.

أشهر المحاضرين يعلن إلغاء المؤتمر

سم في العسل

«كل محاولات الأفروسنتريك مرفوضة، فالحضارة المصرية عريقة، لذلك يحاولون سرقتها»، بهذه الكلمات بدأ مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، حسين عبد البصير، حديثه مع «النبأ الوطني».

«المصيبة الكُبرى تتمثل في توصيات المؤتمر، والتي بالطبع ستنص على أن الحضارة المصرية هي حضارة الأفارقة السود، وأن مصر موطنهم الأصلي، وعليه فإنهم بُناة الحضارة المصرية، ويحق لهم العودة إلى الأصل، وفقًا لعنوان المؤتمر، ولم تقف الكارثة عند التوصيات أو إعلانها وحسب، بل تتخطها إلى أن يكون هناك ترتيبات لحصولهم على دعم من مؤسسات بعينها، والتي قد تطالب مصر بقبول التوصيات، وندخل في نفس الدوامة التي يُعاني منها الفلسطينيين الآن بعد اغتصاب أراضيهم على يد الكيان الصهيوني»، وفقًا لـ«عبدالبصير».

ويرى، أن ادعاءات حركة المركزية الإفريقية، محاولة منهم لإيجاد أصول وحضارة لهم تتفوق على الحضارة الأمريكية والأوروبية التي لطالما استحقرتهم، ولم يجد أمامه سوى الحضارة المصرية القديمة ليحاول سرقتها باعتبارها أعظم حضارة في العالم، آملين كسب واحترام أصحاب البشرة البيضاء والذين استعبدوهم بالولايات المتحدة الأمريكية.

ورد الدكتور حسين عبد البصير، على استنكار المصريين، لصمت وزارة الآثار والجهات المسؤولة، قائلًا: «الشركة السياحية الأمريكية خدعت الجميع وزعمت تنظيم جولة سياحية، لفوج من السياح أصحاب البشرة السوداء، إلا أنها دست السم في العسل، بتنظيم ذلك المؤتمر، ولو كان معروف أنه مؤتمر من البداية وأنه يمثل أهداف تيار المركزية الإفريقية بالطبع كانت الدولة سترفضه».

الدكتور حسين عبدالبصير

أحلام أبي ودعوة للانقسام

واستكمل «عبد البصير»: «للأسف هناك بعض النوبيين يحملون اتجاهات ضد الوحدة، لا سيما وأن النوبة تنقسم إلى جزأين جزء في مصر والآخر في السودان، وهناك جهات تمول المؤيدين لفكرة انفصال النوبة عن مصر والاستقلال كدولة، ولكن النوبة جزء من مصر على مدار التاريخ المصري القديم».

وأشار إلى أن، النسبة الأكبر من المنتمين إلى الأفروسنتريك من «الأفرو-أمريكان»، لافتًا إلى مذكرات الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما المعنونة بـ«أحلام أبي»، والتي ذكر فيها أنه بحث عن أصله المصري القديم وفقًا لوصية والده، إلا أنه لم يتوصل إلى ما يثبت أن والده الكيني الأصل، حفيد المصري القديم كما زعم.

واختتم «عبد البصير» حديثه مع «النبأ الوطني»، بالإشارة إلى أن القائمين على تيار المركزية الإفريقية، أساتذة مشهورون ولهم ثقل وتأثير كبيران، مُقترحًا الأفضل إقامة مؤتمر علمي للرد على هؤلاء المدعين بلغاتهم، من قِبل المختصين في علم المصريات، مُضيفًا: «عايزين يعملوا لنفسهم وطن على قفانا». 

المصريون واعون جدًا

«تيار الأفروسنتريك قديم جدًا، والمصريون واعون جدًا، ويستطيعون تمييز أعدائهم»، بهذه الكلمات بدأ، أستاذ التفاوض الدولي الدكتور حسن وجيه، حديثه مع «النبأ الوطني»، معربًا عن ثقته في الشعب المصري في التصدي لعبث حركة المركزية الأفريقية.

وصل الأمر ببعض المنتمين إلى حركة «الأفروسنتريك» في أمريكا، إلى الذهاب للسفارة المصرية هناك، والمطالبة بجزء من دخل السياحة في مصر، بدعوى أن مصر تجني الأموال تلك، من عرض توت عنخ آمون للسياح، وهو جد الأفارقة السود، حسب القصة التي يرويها «وجيه»، حينما كان يدرس في واشنطن.

ويرى أستاذ التفاوض الدولي، أن الحل الأمثل لذلك الموضوع، واللغط الدائر حوله، يكمن في ضرورة أن لا تسمح الجهات الأمنية المسؤولة، بعقد أية فعاليات من هذا النوع؛ لما تمثله من خطورة على استقرار الأمن داخل مصر.

خرافات الأفروسنتريك، -وفقًا لوصف وجيه- تخلو من أي منطق، ولن تجد رواجًا لدى المصريين الأوفياء، رغم أنها تحاول استقطاب الأقليات وتلعب على وتر أزماتهم ومعاناتهم، وهذا مفعلته مع النوبيين، لكسب تأييد بعضهم، باعتبار النوبة جزءا لا يتجزء من حضارة الأفارقة السود.

واختتم «وجيه»، حديثه مع «النبأ الوطني»، بالتأكيد على تلك الادعاءات التاريخية، ما هي إلا عبث، مُضيفًا أن اللعب على وتر الأقليات واستقطابهم واستغلال مشاكلهم، سبب رئيسي لضرب ثوابت المجتمع المصري، وتقسيمه؛ لتحقيق أغراضه هو ويقمون بضرب الثوابت، مطالبًا بضرورة الرد على تلك الادعاءات بردود علمية، لدحضها.

الدكتور حسن وجيه

أنا مع مؤتمر الأفروسنتريك

«أنا ضد منع مؤتمر الأفروسنتريك»، بدأ عالم المصريات، بسّام الشماع، حديثه مع «النبأ الوطني» بهذه الكلمات، معتبرًا أن المنع ليس حلًا منطقيًا، وأن المنع ربما يزيد الأزمة سوءًا.

«الأفروسنتريك ليسوا لصوص حضارة، كما يرى المصريون، وإنما ينقسمون إلى أنواع، منهم من يأتي إلى مصر لمشاهدة الآثار المصرية القديمة حُبًا فيها، والآخر جاء للبحث عن تاريخه وأصوله، حسب مزاعمه»، وفقًا لبسّام الشمّاع.

ويرى «الشماع» أنه لا توجد أمة أو شعب نقي بنسبة 100%، وجميع الأمم اختلطت بأخرى ووقع بينهما تزاوج، مثلما حدث بين المصريين والغرب –مثلًا- وهذا لا يعني على الإطلاق، الزعم بأن المصريين الحالين محتلون وأنهم ليسوا أصحاب البلد الحقيقيين، مُشيرًا إلى أن بعض الجنوبيين من النوبيين والكوشيين، شاركوا في الحضارة المصرية القديمة.

نفرتيتي ما لهاش أصل

ورد أستاذ المصريات، بسّام الشماع، على مزاعم حركة «الأفروسنتريك» بأن «نفرتيتي» أصلها إفريقي ذات بشرة سوداء، مؤكدًا: «الملكة نفرتيتي ليس لها أصل وأتحدى».

واختتم «الشمّاع» حديثه مع «النبأ الوطني»، بأنه لا بد من إقامة مؤتمر يجمع أساتذة الآثار والتاريخ من أقسام وكليات الجامعات المحتلفة، للرد على ما تروج له حركة «الأفروسنتريك»، مُضيفًا، أنه مُستعد للمشاركة في الرد على مزاعم التيار، في حالة كان حقًا يدعى أن المصريين الحالين لصوص حضارة.

الدكتور بسام الشماع