رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل خطة الحكومة لتقنين أوضاع مصانع «بير السلم» لزيادة موارد الدولة

مصنع بير سلم
مصنع بير سلم


يُعد حديث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن ضبط وزارة الداخلية يوميا عشرات المصانع التي تعمل بدون ترخيص واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، خلال افتتاحه بعض المشروعات القومية الجديدة فى محافظة قنا ضمن فاعليات «أسبوع الصعيد»، الضوء الأخضر لعملية تقنين أوضاعهم والعمل على إيجاد طريق شرعي لتصحيح مسارهم ودمجهم في المنظومة الصناعية، بما يتناسب مع المعايير المطلوبة.

وطالب الرئيس بحصر المصانع التي تعمل بالمخالفة وبدون ترخيص وذلك لضمها لمنظومة الاقتصاد الرسمي في الدولة، وقال «السيسي» نصا لوزير الداخلية اللواء محمود توفيق ولوزيرة الصناعة نيفين جامع: «الكلام اللي هقوله غريب أوي وغريب جدا، كل يومين أبص ألاقي وزارة الداخلية ماسكة مصانع بدون ترخيص، وبقول إن دي ناس حاولت تشتغل حتى لو كانت طريقة العمل مش مضبوطة، طيب ما ممكن أقنن وضعه وأشرعنه، وأقوله تعالى إحنا مسكناك غلط وتعالى نعمل الصح».

وتابع الرئيس: «هل في حصر على إجمالي 5 سنوات، يا جماعة لو مسكتوا النهاردة مصنع في القاهرة طيب أقرب منطقة صناعية ليها إيه، طيب نقول تعالى في المكان ده واشتغل ونقنن وضعه مش علشان ناخد منه حاجة، أوعوا تفتكروا إن البلد هدفها تستجدي ضرائب، لأ، مش عايزين حد يغلط أو يخالف القانون، بنقول إنك حاولت حتى لو غلط ولكن إحنا معاك في المحاولة ومش في الغلط».

وواصل الرئيس: «قولولي حجم المصانع دي أد إيه والأشغال اللي بتشتغل فيها إيه، الهدف من حركتنا حركة بناء وليس حساب، تعالى نشتغل سوا وأوفرلك مكان، وأنا مش باصص أوي على الإيجار عايزة تخفضي أكتر من كده خفضي، أوعوا تفتكروا إننا لما اتكلمنا على المجمعات الصناعية الجديدة قولنا نعلهم إحنا ونعمل ليهم كل الإجراءات علشان نوفر وقت للناس، طيب دلوقت بوفر الأرض ومرافقها والمباني وأديك الترخيص كمان وأنت عليك تعمل إجراءات العمل المتبقية للإنتاج، أقدر أعمل تاني زي اللي اتعمل.. طبعا، دي كلمة هقولها».

ويطرح حديث الرئيس العديد من التساؤلات حول هل العميل أو المستثمر المتعثر يتم سجنه وعقابه، أم يتم مساعدته للخروج من تعثره، بحيث يعود للسوق مرة أخرى ويساهم فى توفير المزيد من فرص العمل؟ وكيف يتم ذلك وفقًا للقانون خاصة أن القانون ينص على عقوبة الحبس والغرامة التي تصل إلى 5 ملايين جنيه لكل من أنشأ أو أدار مصنعًا دون ترخيص؟!

البعض يرى أن تحرك الحكومة لتقنين أوضاع مصانع بير السلم، سيضخع لسيناريوهات تستهدف زيادة موارد الدولة، من خلال ما سيتم تحصيله من رسوم وضرائب وغيرها، وفي هذا الصدد، تُناقش «النبأ» مع الخبراء والمتخصصين ما إذا كان حديث الرئيس يتعلق فقط بأصحاب المصانع المتعثرة، أم بالمتعثرين فى كل المجالات، مثل البنوك، خاصة أن طارق عامر محافظ البنك المركزى وجه رؤساء وكبار مسئولى البنوك المصرية، خلال الأيام الماضية بمساعدة العملاء المتعثرين فى سداد قروضهم، بدلا من اتخاذ الإجراءات القانونية فقط ضدهم، علما أن القاعدة العريضة الأساسية من عملاء البنوك ملتزمون ويسددون قروضهم بصورة جيدة.

وجاء في نص المادة (40) من القانون رقم 15 لسنة 2017 بإصدار قانون تيسير إجراءات منح تراخيص المنشآت الصناعية على أن يعاقب كل من أقام أو أدار منشأة صناعية خاضعة لنظام الترخيص المسبق أو قام بتشغيلها دون ترخيص بالحبس لمدة لا تجاوز عاما وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 5 ملايين جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، فضلا عن غلق المنشأة الصناعية المخالفة.

ووفقا للقانون تخضع الأنشطة الصناعية عالية المخاطر والتى تتطلب دراسة تقييم الأثر البيئى من نظام الترخيص بالإخطار، لنظام الترخيص المسبق والذى يقضى بأن يتقدم صاحب الشأن بطلب الحصول على الترخيص اللازم لمباشرة النشاط ويكون تقديم الطلب ورقيا أو إلكترونيا، على النموذج المُعد لهذا الغرض، والذى يقر من خلاله باستيفاء الاشتراطات المطلوبة، وتكون كافة البيانات الواردة بهذا النموذج والمستندات المرفقة به على مسئولية صاحب الشأن.

ويهدف القانون لعلاج ما أفرزه التطبيق العملى من سلبيات للقوانين والقرارات الحاكمة، لموضوع تراخيص المنشآت الصناعية، والتى من أبرزها عدم وجود كود ثابت يحقق الحقوق والالتزامات بالنسبة للاشتراطات المتعلقة بالصحة والسلامة والبيئة والأمن، رغم أن غالبية دول العالم تتبع الكود العالمى فى هذا الشأن، ويعمل القانون على تدارك السلبيات من خلال تبسيط وتيسير إجراءات منح تراخيص إقامة أو إدارة المنشآت الصناعية بإسناد الاختصاص للهيئة العامة للتنمية الصناعية التى تضعها وزارة التجارة والصناعة لتحفيز وتشجيع الاستثمار فى القطاع الصناعى.

من جانبه، يقول الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، إنه بالنسبة لقطاع الصناعة هناك مشكلتين الأولى مرتبطة بوجود مصانع غير مرخصة، المعروفة بـ«مصانع بئر السلم»، والثانية مرتبطة بالمصانع المقننة والمرخصة لكنها تواجه تعثر مالي، والتعثر المالي له سببان إما أن يكون سوء في الإدارة أو نتيجة ظروف وعوامل سواء داخلية أو خارجية أثرت على إنتاج هذا المصنع وعلى أدائه وبالتالي توقف ودخل فى تعثر مالي.

أضاف أستاذ الاقتصاد وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، لـ«النبأ» أن مشاكل التعثر المالي ظهرت بشكل كبير فى الأقتصاد المصري منذ عام 2011، حيث كان يوجد فى مصر 7 آلاف مصنع فى حالة من حالات التوقف نتيجة التعثر المالي، لأن الدولة كانت تمر بظروف صعبة نتيجة الثورة، إضافة إلى تأثير قرار تعويم الجنيه المصري والذي أثر بشكل سلبي على بعض المصانع، وأدى إلى مشاكل مرتبطة بالمديونية والتعثر، مؤكدًا أن مشكلة التعثر المالي للمصانع أصبحت تحت السيطرة لكون المنوط بها البنك المركز والذي عالجها بالتنسيق والتعاون مع وزارة المالية من خلال العديد من المبادرات لحل هذه المشكلة وتمت معالجتها.

وأشار إلى أن حديث الرئيس عن مصانع «بئر السلم»، والتي تنتج سلعا ومنتجات مختلفة أغلبها تكون «مُقلدة» مع تغيير بسيط فى الاسم الأصلي للمنتج، مؤكدًا أن ترخيص هذه المصانع يترتب عليها العديد من المميزات منها: الاستفادة من الإيرادات الضريبية، والرسوم، إضافة إلى إخضاع المصانع للرقابة ويكون هناك رقابة على المنتج، وجودة، وخاضعة للمعايير الصحية والسلامة الغذائية، والمعايير البيئية، وخلافه من الأمور التي تضمن جودة المنتج، وتستفيد أيضًا من وجود منتج صحي، وآمن، يكون تحت الرقابة ويتم الابتعاد عن المشكلات التي تحدث نتيجة عدم الرقابة على منتجات هذه المصانع والتي تنتجها، مستشهدًا بالمصنع الذي تم ضبطه بمحافظة المنوفية الذي كان يصنع الجبن من مواد الدهانات.

ويكمل: «يستفيد صاحب المصنع من ترخيص مصنعه أنه يعمل تحت مظلة القانون فبالتالي يعمل دون خوف من أن يتم ضبطه وحبسه ودفع غرامات وخلافه، إضافة إلى أنه سوف يتعامل مع البنوك، ويستفيد من القروض والمزايا التصديرية والتي تكون موجهة له، والحوافز التي تقدمها الدولة، ويستفيد أنه دخل فى الاقتصاد الرسمي بدلا من أنه فى الاقتصاد غير الرسمي، ففي الاقتصاد غير الرسمي يكون صاحب المصنع غير قادر على تكبير حجم مشروعه أو غير مستفيد من المزايا التي من الممكن أن تكون موجودة داخل الإطار الرسمي».

وحول توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتقنين أوضاع مصانع «بئر السلم»، وصف النائب تيسير مطر، رئيس حزب إرادة جيل ووكيل لجنة الصناعة بمجلس الشيوخ وأمين عام تحالف الأحزاب المصرية، هذه التوجيهات بـ«الممتازة»، وأنها خطوة «مهمة» لتصحيح مسار هذه المصانع المخالفة ودمجهم فى المنظومة الصناعية.

وردًا على كيفية تنفيذ توجيهات الرئيس وفقا للقانون، تساءل رئيس حزب إرادة جيل ووكيل لجنة الصناعة بمجلس الشيوخ وأمين عام تحالف الأحزاب المصرية، خلال حديثه لـ«النبأ» حول هل سيتم تنفيذ القانون خاصة المادة 40 من القانون رقم 15 لسنة 2017، سالفت الذكر، أم تنفيذ توجيهات الرئيس المهمة والتي سوف تضع هذه المصانع في الإطار الشرعي عن طريق تقنين أوضاعهم ودخولهم في الاقتصاد الرسمي للدولة بدلا من حبسهم وتغريمهم مؤكدًا أنه يجب تحرك برلماني عاجل لحل هذه الأزمة.

وناشد «مطر» الحكومة بسرعة وقف العمل بالمادة 40 من القانون رقم 15 لسنة 2017، لمدة عام، والذي تنص على أنه يعاقب بالحبس وغرامة تصل إلى 5 ملايين جنيه لكل من إنشاء أو إدارة مصنع دون ترخيص، أو تقديم تعديل لهذه المادة لإقرارها بالبرلمان، لأن هذه المادة تضع الجميع فى حيرة، وتهدد أصحاب هذه المصانع بالحبس.

من جانبها، تقدمت النائبة روان لاشين عضو مجلس النواب عن حزب الإصلاح والتنمية بطلب مناقشة إلى رئيس مجلس الوزراء والسيدة وزيرة التجارة والصناعة بشأن خطط وآليات الحكومة لتنفيذ توجيهات القيادة السياسية في مساعدة المستثمرين والمتعثرين عن سداد القروض والديون المستحقة للبنوك للنهوض بالاستثمار، بالإضافة إلى مساعدة أصحاب المصانع المخالفة في تصحيح مسارهم وتوفيق أوضاعهم ودمجهم في المنظومة الصناعية بما يتناسب مع المعايير المطلوبة طبقًا للقوانين المنظمة لذلك بدلًا من اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.

وأوضحت لاشين أن الدولة استعادت قوتها واستقرارها وأصبح من الضروري التفرقة بين الجادين من رجال الأعمال الذين لم يلجأوا إلى حيل للتهرب من سداد ما هو مستحق عليهم للدولة وبين غيرهم من المتلاعبين والمتهربين من سداد مستحقات الدولة.