رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

ظهور علامات الساعة بعد حكايات «عم صالح» و«رشوان توفيق» و«الطفل الباكي»

عقوق الوالدين
عقوق الوالدين


يبدو أن المثل الشعبي الشهير القائل «قلبي على ابني انفطر وقلب ابني عليا حجر» ينطبق على ما نشاهده الآن للتعبير عن «جحود» الأبناء على آبائهم؛ فكم من أم وأب بعد أن سهروا الليالي على راحة أبنائهم قابله عدم اعتناء الأبناء بهم فى الكبر، وهناك عشرات القصص التي تعكس مدى عقوق الوالدين.

فواقعة الأم التي تزوجت بعد وفاة زوجها وألقت ابنها في الشارع تعكس مدى جحود الآباء والأمهات على أبنائهم والذي أصبح منتشرًا في المجتمع المصري، وسيطر على حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

لم تعد البيوت مغلقة على أسرارها كما كان قديمًا بل الأسرار أصبحت متاحة للعامة ومتداولة على السوشيال ميديا، وهو الأمر الذي جعل البعض يرجع إلى أن ما يحدث هو أقرب لنهاية الزمان، حيث أصبح عقوق الوالدين ظاهرة منتشرة بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وتعد من أكثر الأمور الهامة التي يكثر الحديث عنها في مختلف المجتمعات، لا سيما أن الله عز وجل جعل عقوق الوالدين من الكبائر التي تؤدي لدخول النار.

وأعادت قصة «عم صالح» الأب الذي بكى عبر شاشة التليفزيون على فضائية «الحياة» فى برنامج واحد من الناس الذي يقدمه الإعلامي عمرو الليثي، ويداه كانت ترتعشان على إثر إصابته بالشلل الرعاش، وهو يشكو من عقوق أبنائه الذين تركوه وحيدًا؛ الحديث عن عقوق الوالدين، إضافة إلى الفنان رشوان توفيق الذي يدخل في قضايا ومحاكم مع ابنته وحفيده بسبب خلافهما على بعض الممتلكات.

وفى هذا الصدد، تستعرض «النبأ الوطني» في السطور التالية حكايات من دفتر عقوق الوالدين، وجحود الآباء والأمهات على الأبناء آخرها «عم صالح» والفنان «رشوان توفيق» و«الطفل الباكي» جميعها وقائع أدمت قلوب المصريين خلال الأيام الماضية، وهو ما يثير سؤلًا مهمًا حول هل انتزعت الرحمة من صدور أبناء البشر؟.. بينما يرى أهل الدين أن الجحود وتفرق الأسر وانقطاع صلة الرحم من علامات يوم القيامة.

«عم صالح» الأب الباكي
انتشر مقطع فيديو لرجل مُسن على مواقع التواصل الاجتماعي، وأثار تعاطفًا كبيرًا بعدما «رماه أولاده وزوجته» في الشارع دون مأوى، وذلك بعد إصابته بمرض الشلل الرعاش وبعض الأمراض المصاحبة للشيخوخة، عدم قدرته على جلب المال والعمل، وقال له أولاده «هتشتغل وتجيب فلوس هتقعد، مش هتجيب فلوس هنرميك في الشارع».

وقاموا بطرده وظل في الشارع تحت العمارة قرابة الـ10 أيام، رأى فيهم كل أنواع الإهانة من أولاده، فكانت ابنته تنشر الغسيل لتتساقط المياه على رأسه، وابنه كان يضربه ويطلب منه مغادرة المكان لعدم الفضائح، وتم نقله لمؤسسة «معًا لإنقاذ إنسان» بعد تدهور حالته الصحية، وحاولوا التواصل مع أبنائه لكنهم أغلقوا هواتفهم.

الفنان رشوان توفيق
فجأة ودون سابق إنذار تحولت الحياة الخاصة للفنانين إلى أخبار تتسابق وسائل الإعلام على نشرها، وآخرها قصة الخلاف الذي نشب بين الفنان الكبير رشوان توفيق وإحدى ابنتيه وحفيده وزوجها، وتحول الصراع إلى المحاكم ومنه إلى فضاء العالم الافتراضي.

وخرج الفنان رشوان توفيق حاكيا كل تفاصيل الخلاف، حيث إنه يعاني منذ أشهر بسبب حجز ابنته الصغرى عليه، وقال: «جوز بنتي عايز يحجر عليا وأنا عايش، وأنا عشت عمري كله لبناتي واديتهم عمري كله وفلوسي حتى لما مراتي كانت عايشة، هل في النهاية بنتي تكافئني بأن زوجها يرفع عليا قضية؟»، بينما خرج حفيده مكذبًا وعارضًا وجهة نظر أخرى.

قتل شاب لأمه وأبيه بالإسكندرية
أقدم شاب على قتل والده ووالدته لإرضاء زوجته وبسبب غضبها منهما وخلافات الميراث، حيث كان الابن يعمل بإحدى الدول بالخارج، تاركًا زوجته تقيم مع والديه، وحدثت خلافات بين والديه وزوجته لعدم موافقتهما على خروجها من المنزل خلال سفر الزوج، فقامت الزوجة بترك المنزل واستأجرت شقة بعيدة عنهما، وعند عودة الزوج شكت له تصرفات والديه.

وتوجه الابن العاق إلى شقة والديه وبحوزته جوانتي، للتخلص منهما، فوقعت مشاجرة بين الابن ووالده بعدما طلب منه التنازل عن كل أملاكه له، فرفض الأب طلب ابنه العاق، فقام بطعنه عدة طعنات في مختلف أنحاء الجسم، ثم توجه إلى والدته القعيدة في الفراش وذبحها رغم توسلاتها له.

الطفل الباكي بسبب جحود أمه
سيطر الطفل محمود على حديث مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن ظهر في برنامج «واحد من الناس» مع الإعلامي عمرو الليثي، باكيا وشاكيا من جحود والدته التي ألقت به في الشارع ولم تعد تسأل عليه بسبب خوفها من زوجها، وبمجرد عرض الحلقة أثيرت ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تعاطفا مع الطفل.

وأعلن عدد كبير من رواد السوشيال ميديا استعدادهم لاستقبال الطفل، قبل أن تستجيب دار بسمة لإيواء المشردين باستضافة الطفل ورعايته رعاية كاملة في محاولة لتعويضه عما رآه طوال حياته.

لم تكن عقوبة عقوق الوالدين لها نص قانوني صريح، إلا أن تقدمت إحدى نائبات البرلمان بمشروع قانوني جديد، يدرسه مجلس النواب والذي ينص على إضافة مادة إلى قانون العقوبات نصها «يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 اشهر ولا تزيد على 3 سنوات وبغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام بعقوق والديه، سواء بالسب أو القذف أو الإهانة أو الترك، وتُضاعف العقوبة إذا ترتب على الفعل إحداث أضرار صحية بأى من الوالدين».

ويتضمن مشروع القانون مادة مُستحدثة بقانون العقوبات بتحديد تلك الجريمة النكراء وعقوبتها على أن يؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى تنظيم الجريمة وتصنيفها والعقوبة المقترحة، ومدى تأثيرها على كيان الأسرة المصرية وتماسكها.

علامات يوم القيامة
قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، عقوق الأبناء وجحود الآباء، إضافة إلى قطيعة الأرحام، من علامات الساعة، وهذه الجرائم محرمة مجرمة تستوجب قفل نور العقل لفاعلها المؤاخذة فى الدنيا والآخرة، وقال العلماء كل الجرائم والمخالفات يؤخر حسابها فى الآخرة ما عدا عقوق الوالدين يستوفى فى الدنيا والآخرة لأن عقوق الوالدين مخالفة صريحة للقرآن الكريم حيث قال الله تعالى «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا» سورة النساء، وفى سوة الإسراء قال تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا».

الجحود وقطيعة الرحم
واستطرد قائلًا: بينما ما يتعلق بجحود الوالدين فهو العكس أي أن الأب أو الأم حينما يتنكر لأبنه حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيَّما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته، وأيما رجل جحد ولده، وهو ينظر إليه، احتجب الله منه، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين»، أما قطيعة الرحم فالحديث فى البخاري يشيب العاقل حيث قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّه تَعَالى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قال: فذَلِكَ».

التنشئة الاجتماعية الخاطئة
«كثير من الآباء يهتمون في المقام الأول بتوفير النفقات المادية، ومستوى اجتماعي واقتصادي جيد، ولكنهم يغفلون التربية» بهذه الكلمات بدأ الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية حديثه لـ«النبأ الوطني»، مضيفًا أن الكثير من الآباء يعمل بدل الوظيفة اثنين، ولا يجلس العديد من الوقت في منزله، ومنهم من يسافر للعمل بالخارج دون التواصل مع أولاده، فيكون بالنسبه لهم كالبقرة الحلوب، يجيب فقط العربية والشقة والأجهزة الكهربائية، مما يجعل الأبناء يتعاملون مع كأنه هو والعدم سواء، وعند نزول الأب اجازة لأولاده فيعتبرونه ضيف ثقيلا عليهم، وذلك لعدم اعتياديهم على وجوده.

وأكد استشاري الصحة النفسية، أن التنشئة الاجتماعية الخاطئة تعمل على الجحود لدى الأبناء، وأنماط التنشئة الاجتماعية الخاطئة مثل تعليم الأبناء الأخذ دون العطاء، كل هذا ينمي لديهم إنكار وجود الآباء، وعدم مشاركة الأبناء مشاعرهم ومشكلاتهم ينمي لديهم الجحود، مشيرًا إلى أن غياب وضعف الوازع الديني أحد أهم الأسباب، وتجاهلهم أن من الكبائر عدم طاعة الوالدين، وإنكار وجودهم، وارتكاب ضدهم الأفعال غير الحميدة، ووجود أصدقاء السوء يعود بالسلب، وتعاطي المواد المخدرة تربى لديهم الجحود وتجعلهم يرتكبون العديد من الجرائم دون وعيهم.