رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

فشل في تركيعها.. أسرار صفقة أردوغان المشبوهة لضرب مصر في مقتل

النبأ

 

أنقرة تبيع صفقة طائرات مسيرة إلى أثيوبيا لابتزاز القاهرة

 

خبراء: تحركات تركيا لن تؤثر على موازين القوة بالمنطقة

 

«الشاذلي»: تركيا تمارس المكايدة السياسية 

 

«درويش»: الصفقة تنسف مفاوضات بناء الثقة 

  

بعد أن فشل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تركيع مصر من خلال المفاوضات، يقوم الآن بابتزازها والضغط عليها من أجل أن تقوم بتقديم تنازلات في ملفات، ليبيا، وغاز شرق المتوسط، وجماعة الإخوان المسلمين.  

 

حيث نقلت وكالة رويترز عن مصادر أمنية مصرية قولها إن القاهرة طلبت من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية مساعدتها على تجميد صفقة تقوم بموجبها تركيا ببيع طائرات مسيرة لإثيوبيا.

 

وقالت أربعة مصادر مطلعة، إن"تركيا وسعت صادراتها من الطائرات المسيرة المسلحة من خلال التفاوض على صفقات مع المغرب وأثيوبيا بعد استخدامها الناجح في النزاعات الدولية".

 

ورغم أن تركيا وأثيوبيا لم تعلن عن صفقة المسيّرات رسميا بعد، فإن منصات إخبارية تركية لصناعة الدفاع والطيران العسكري في تركيا نقلت في أكتوبر الجاري، عن سلجوق بيرقدار المدير التنفيذي لشركة "بايكار" التركية المصنعة للمسيّرة "بيرقدار"، قوله إن لدى بلاده علاقات تصدير للمسيّرة مع أكثر من 10 دول.

 

وأشارت إلى أن أثيوبيا من بين الدول المهتمة من كثب باقتناء المسيّرات التركية، وهناك احتمال كبير أن تكون واحدة من بين الدول العشر التي ذكرها بيرقدار.

ويقول الخبراء إن الرئيس التركي بهذه الخطوة يريد دعم أثيوبيا في ملف سد النهضة، من أجل قطع المياه عن مصر، ومن ثم ضرب الاقتصاد المصري في مقتل، حيث يعتمد الاقتصاد المصري بدرجة كبيرة على الزراعة.

 

لن تؤثر في موازين القوى

 

ويعتقد محللون سياسيون، على أن صفقة المسيّرات التركية المحتملة لأثيوبيا قد تأتي في سياق أوراق الضغط في عمليات التفاوض الحالية بين القاهرة وأنقرة، من دون أن تؤثر في موازين القوى بالمنطقة باعتبارها ليست كبيرة، لكن يبقى لها مدلول سياسي أكثر أهمية، من دون التأثير على مباحثات عودة العلاقات الثنائية من جديد.

 

ويرى الكثير من الخبراء، أن الصفقة لن تؤثر في موازين القوى في المنطقة، باعتبارها ليست كبيرة، لكن مدلولها السياسي يبقى أكثر أهمية.

 

ويعتقد بعض المراقبين والمحللين، أن مصر ترى أثيوبيا في الوقت الحالي من الدول التي تتبنّى سياسات معادية لها وبينهما مشاكل كبيرة تحتاج إلى حلول، ومن ثم فإن أي دولة تتقارب معها -وبالذات من خلال صفقات التسليح- لن تشعر مصر تجاهها بأي نوع من الارتياح، ويعدّ هذا بشكل أو بآخر عملا عدائيا موجها لمصر، بخاصة أن العلاقات المصرية التركية لا تزال في مرحلة حساسة، وفي مرحلة الاستكشاف ولم تتحسن إلى الدرجة التي يتطلع إليها الجانبان بعد.

 

ويشير الخبراء، إلى أن هناك أسبابا وراء هذه الخطوة، ربما تأتي في سياق محاولة كل طرف تجميع أوراق الضغط على الطرف الآخر لتحسين موقفه التفاوضي، مشيرا إلى أن مصر مثلا لها علاقات متميزة مع اليونان التي تعدّها تركيا دولة معادية وعلى الأقل دولة ليست صديقة.

 

وعن التداعيات المحتملة للصفقة التركية الأثيوبية إن تمت وتأكدت، توقع الخبراء أن لا تؤثر في الرغبة المصرية التركية لتحسين العلاقات، خصوصا أنها صفقة صغيرة، لكن لو تبعتها مواقف سياسية معينة أو صفقات أخرى أكثر ضخامة، بالقطع ستؤثر في العلاقات بين البلدين، التي لم تبلغ بعد المستوى المطلوب.

 

وحسب بعض الخبراء، قد يؤدي تواصل التقارب بين أديس أبابا وأنقرة إلى مأزقين رئيسيين. يتمثل الأول في عزم إثيوبيا على استكمال سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي غذى خلافا بشأن تقاسم المياه مع مصر والسودان لمدة عقد من الزمان. وقد ثبت أن الجهود الدبلوماسية لم تكن كافية لحل الأزمة.

 

ويتمثل المأزق الثاني في سعي أديس أبابا إلى تعزيز قدراتها العسكرية لقمع المتمردين الانفصاليين في منطقة تيغراي التابعة لها، في خطوة يُنظر إليها على أنها محاولة لتمهيد الطريق للتعاون العسكري مع تركيا، حيث استجابت أديس أبابا لدعوات تركية لنقل المدارس التي تديرها حركة غولن، التي تحمل أنقرة باللوم عليها في محاولة الانقلاب عام 2016، إلى مؤسسة تابعة للحكومة التركية.

 

الصفقة ستعطل إجراءات بناء الثقة

 

ويقول بشير عبد الفتاح، المتخصص في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: "لا شك أن مثل هذه الصفقة ستعطل إجراءات بناء الثقة ومبدأ حسن النية المطلوبة لنجاح المفاوضات الاستكشافية بين القاهرة وأنقرة لاستعادة العلاقات"، موضحًا: "شهدت العلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة مؤشرات إيجابية أمل منها الطرفان للبناء عليها، لكن مثل هذه الخطوة بالتأكيد تبعث برسائل سلبية للقاهرة".

 

وذكر عبدالفتاح: "على الرغم من تأكد الأطراف أن امتلاك أثيوبيا لطائرات مسيرة تركية لن يغير من الموازين العسكرية مع مصر، فإن تعامل أنقرة مع امتعاض القاهرة تجاه هذه الصفقة سيظهر إلى أي مدى يمكن المضي قدمًا في مسار عودة العلاقات بين البلدين على المدى القريب"، موضحًا: "قد تتجاهل أنقرة رسائل الاحتجاج المصرية وترجع الأمر لمفاهيم السيادة الوطنية ومصالحها القومية، واعتبار أن مثل هذه الصفقة تم الإعداد لها حتى قبل شهور من بدء المباحثات الاستكشافية المباشرة مع القاهرة، إلا أن أي هذه الأسباب لن يمنع من عودة تسميم الأجواء بين البلدين".

 

تضرر قطار عودة العلاقات

 

بدوره يقول، غواد غوك، المحلل السياسي التركي، إن مدى تضرر قطار عودة العلاقات وإصلاحها بين تركيا ومصر، بسبب صفقة المسيرات إلى أثيوبيا "يتوقف على رد فعل القاهرة، ومدى تمسكها برفض الصفقة والمطالبة بتجميدها، فضلًا عن مرونة التعاطي التركي مع الاحتجاج المصري".

 

وبحسب غوك، "في حال تمسك الطرفين بمواقفهما قد نعود إلى النقطة الأولى في مسار عودة العلاقات بين البلدين، وتتأخر المفاوضات، إلا أنه من الواضح أن البلدين يؤمنان بأهمية تحسين الأجواء فيما بينهما، وعليه أعتقد أن تتراجع أنقرة عن المضي قدمًا في صفقة المسيرات لأثيوبيا، أو تضغط بها من أجل إحداث توازنات في ملفات خلافية أخرى بين البلدين، وهو ما ستظهره الأيام المقبلة".

تركيا ستغامر بعلاقتها مع مصر

 

وقال أيدن سيزر، الملحق التجاري السابق بالسفارة التركية في القاهرة، لموقع "المونيتور" إنه من الصعب على أنقرة كسب أي نفوذ ضد القاهرة إذا رأت أن محادثات الطائرات بدون طيار مع أديس أبابا هي ورقة ضغط. وأضاف أن أنقرة تفتقر إلى القدرة على الخروج باستراتيجية تضغط على القاهرة.

وأكد الصحفي التركي الشهير، فيهم تاشتكين، أن تركيا ستغامر بعلاقتها الخارجية مع مصر، إذا صدَّرت طائرات مسيرة إلى أثيوبيا.

 

وقال تاشتكين إنه إذا صدرت تركيا الطائرات بدون طيار لإثيوبيا لاستخدامها في حربها في إقليم تيجراي، وبالتزامن مع أزمة سد النهضة، فهناك احتمال كبير أن تبوء مفاوضات التطبيع مع القاهرة بالفشل، مؤكدًا أن هناك الكثير من المقربين لأردوغان حذروه من خطورة التورط في أزمة سد النهضة.

 

وأشار إلى أنه بعيدًا عن التوتر المحتمل بين القاهرة وأنقرة، فإن استخدام الطائرات بدون طيار التركية في منطقة تيجراي قد يودي بعلاقات تركيا الخارجية إلى مستوى أكثر جدلًا، مع الأخذ في الاعتبار أن بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الأثيوبية أبونا ماتياس يصف ما يحدث في تيجراي بأنه الإبادة الجماعية.

 

تركيا تخشى غضب القاهرة

 

وأكد، محمد حامد، مدير "منتدى شرق المتوسط للدراسات"، أن "القاهرة تتدخل في الأمر ولجأت إلى أمريكا وروسيا للضغط على تركيا لكي لا تمرر هذه الصفقة إلى أثيوبيا، كنوع من الضغط على أنقرة وحرمان أديس أبابا في ذات الوقت من هذا السلاح المتطور".

 

وأضاف، أنه "ليس للقاهرة مخاوف من أن يمنح هذا السلاح لأثيوبيا تفوقا نوعيا يجعلها تسيطر أكثر على حوض النيل أو حماية سد النهضة"، جازما بأن "الضغوط المصرية هنا تأتي وسط توجه دولي بحرمان أثيوبيا من سلاح طيران يمنحها التفوق في حرب تيغراي".

 

ويجزم الباحث السياسي، بأن "العلاقات المصرية التركية ما زالت محلك سر، وتركيا لا شك تخشى غضب القاهرة في هذا الأمر".

 

ولفت إلى أن "موقف مصر يتوافق مع توجه المجتمع الدولي للضغط على تركيا لعدم بيع هذا النوع من السلاح لأثيوبيا في ظل انتهاك حقوق الإنسان والجرائم بحق التيغراي منذ نوفمبر 2020".

 

وأشار إلى أن "تركيا لديها حاليا خلاف مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ولا تتقبل إغضابها بهذا الأمر، وحتى ولو بيعت الطائرات عبر شركات السلاح التركية فسيكون الأمر مفضوحا ومعروفا، وعندها ستنال غضب القاهرة ودول أخرى ستتهمها بالمساعدة في ارتكاب فظائع ضد تيغراي" على حد وصفه.

 

نوع من المكايدة السياسية لمصر

 

 يقول السفير محمد الشاذلي، مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر السابق في السودان، إن هذه الصفقة هي نوع من المكايدة السياسية لمصر، مؤكدا أنه لا يشعر بقلق من هذه الصفقة لأن الفرق في ميزان القوة العسكرية بين مصر وأثيوبيا شاسع جدا لصالح مصر، وبالتالي لا يمكن لهذه الصفقة أن تغير هذا الميزان، مشيرا إلى أن تركيا تتعرض لضغوط شديدة في الملف الليبي بالاضافة إلى أن التقارب المصري اليوناني القبرصي في ملف شرق المتوسط يقلقها كثيرا. 

 

واشار«الشاذلي»،  أن تركيا تتحرك ضد مصر من منطلق المكايدة السياسية، لافتا إلى أن أثيوبيا تتعرض لضغوط شديدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في اقليم تيغراي وتوتر علاقتها مع السودان، مؤكدا على أن تركيا تخسر أرضيات سياسية كثيرة على كل الجبهات، مشيرا إلى أن طلب مصر من أمريكا وأوربا التدخل لوقف هذه الصفقة هو رسالة أن مصر لها أصدقاء يؤيدون موقفها ويمكنهم أن يضغطوا على تركيا، ورسالة لتركيا بأن مصر لها علاقات مميزة مع الولايات المتحدة ومع أوربا، وأن هذه التصرفات ستعود على تركيا بالضرر ولن تهز مصر ولن تؤثر على أمنها ولا على استقرارها، كما يأتي في اطار استخدام مصر علاقتها الدولية والدبلوماسية لوقف تدهور الوضع في أفريقيا وبين مصر وتركيا، وبالتالي هي رسالة سياسية إلى تركيا وأثيوبيا.

 

 وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، على أن هذه الصفقة لن تغير ميزان القوة العسكرية الشاسع بين مصر وإثيوبيا، وبالتالي هي لا تمثل ورقة ضغط على مصر، ولكنها تمثل خسارة لتركيا لأنها تستعدي مصر أكثر، لافتا إلى أن مصر دولة لها مكانتها ووزنها في الساحة الدولية والإقليمية.

 

أردوغان يحارب مصر

 

ويقول اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن الرئيس التركي يبيع السلاح لأي دولة تحارب مصر، مشيرا إلى أن أردوغان يحارب مصر في ليبيا وأثيوبيا وأفريقيا، لافتا إلى أن أردوغان لا ملة له، مؤكدا على أن هذه الصفقة لن يكون لها أي تأثير على مصر، ولكن تأثيرها سيكون على السودان لأن مدى هذه الطائرات 150 كيلو مترا، بالاضافة إلى أن مصر تمتلك منظومة دفاع جوي يمكنها ضرب هذه الطائرات. 

 

وأوضح أن الرئيس التركي يحقد على مصر لعدة أسباب منها، أنها أصبحت مركزا مهما للغاز وستقوم بتصدير الكهرباء لأوربا، لافتا إلى أن أردوغان يعاني من مشاكل داخلية، مشيرا إلى أن الليرة التركية تنهار والشعب التركي يعيش حياة اقتصادية صعبة، وحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه ينهار ويحدث فيه انشقاقات، منوها إلى أن الرئيس التركي ليس لها حبيب، فهو يعادي الجميع، وعلاقته متوترة مع أمريكا وفرنسا واليونان وقبرص وكل الدول الأوربية. 

 

وطالب مصر بالرد على مواقف أردوغان العدائية بالمثل، مشيرا إلى أن مصر بدأت تحتل مكان تركيا بالنسبة لأمريكا، وأن أمريكا بدأت تعتمد على مصر رسميا واعطت لمصر صفقة صواريخ وقنابل من أجل التصالح معها، مؤكدا على أن هذه الصفقة سيكون لها تأثير سلبي على سير المفاوضات بين البلدين، متوقعا أن يتم تجميد هذه المفاوضات. مؤكدا أن مصر لن تخضع لهذا الابتزاز التركي ومصر لن تضحي بعلاقتها الاستراتيجية مع اليونان وقبرص والدول الأوربية من أجل شخص يضرب مصر في كل الاتجاهات.