رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«قول السينما نعمة مش خطِيّة»!

حمدي رزق
حمدي رزق


فُضُّوها سيرة، باخت ومسخت، كلام ماسخ، افتكاس جولة أخرى من صراع «الإخوة الأعداء» (الينايرجية والدولجية) على أرضية مهرجان الجونة، لا يستقيم وطنيًا، وسلوك مستهجَن، وغير مستَحَبّ، وكريه، المشرحة مش ناقصة قتلى، والفتنة نائمة لعن الله مَن أيقظها من سباتها.

مهرجان فى سنة خامسة سينما، يتولد، ويحبو، ويمشى ويتعثر ويشب عن الطوق فى حاضنة فنية، ويقف على طوله ليشاهده النظارة، مهرجان سينما وفى الجونة، سينمائى سياحى، مش عركة بالشوم فى وكالة البلح، ونقفل الشارع فى وجه المارة، ولِمّ السجادة الحمراء يا جدع، وممنوع المرور من على «الرد كاربت».



بالهوادة، بالحوار، والحوار يعلِّم الشطار، وابتداء وانتهاء قول.. «قول السينما نعمة مش خطِيّة».. وخير السينمائيين الخطّاؤون، على الأقل ليتعلموا من أخطائهم ويُخرجوا أفلامًا أقل قتامة.. التجريب ماحرُمشى حتى ولو جربوا فينا، يجربوا فى حائطنا مش فى حائط الجيران.

مولد وانْفَضّ، السنة الجاية إن شاء الله، مولد الجونة أغلق أبوابه، والحوار فى الجوار لا يصب فى الجِرار، وتسييس الحوار كمَن يُحوِّر فى المتحور، جولة حوارية اعتيادية، مسك سيرة، المهم ألّا تُخلِّف جراحًا وطنية.

برجاء، وحذارِ، يطل رأس الأفعى، تبخ سمًا فى آنية الوطن، لا تفتحوا جروحًا معتملة، الجروح لمِّت على ما فيها، والوطن ما صدّقنا استرد عافيته، وبرأ من جروحه العميقة، وتحرك إلى الأمام بتضحيات جسام.



أسطوانة يناير ويونيو المشروخة عطبت من فرط استخدامها، والأسلحة الفيسبوكية الفاسدة كُشف غطاؤها، وفتن العامة فى الفضاء الإلكترونى بصراعات وهمية موهومة من قبيل الاجترار، ولسنا جِمالًا مُجْتَرّة، والمُجْتَرّ وصف يطلق على حيوانات الرعى ذات الظلف المشقوق التى تبتلع الطعام ثم تستعيده من غرف المعدة لتعيد مضغه.

لا نملك وقت الاجترار البطىء، أمامنا طريق صاعد إلى الأمام، العربة لن تعود إلى الخلف، قطعت شوطًا على الطريق الصاعد، جرنا إلى الأخدود العميق الذى لبسنا فيه بضع سنين، يؤخرنا عشرات السنين، ونحن وصلنا بشق الأنفس متأخرين، فلا تستنفدوا طاقتنا الباقية فى جدل عقيم لا يستقيم وطنيًا.



مخزون الثأرية المستبطنة تحت الجلد كمياه الصرف الصحى، وكشف عنها الفيلم القاتم «ريش»، ما نخشاه، وعلينا معالجته حواريًا فى مناخ صحى، بالعقل يصح بدن الوطن، الفرقاء على حرف، على كلمة فى مقال، على مشهد فى فيلم، على خط فى لوحة، وتندلع ألسنة حداد، تنفخ فى نار الفتنة المجتمعية على أرضية سياسية زلقة، تقذف بنا جميعًا أسفل الوادى.

المطلوب وطنيًا الحوار، الحوار وليس الخوار، الحوار فعل رشيد، الخوار فعل كريه، الخوار يُنهى الحوار قبل أن يبدأ، ونحن فى طريق الحوار أرجو أن يتراجع الخوار والصياح استهجانًا فى مواجهة كل إبداع وكأنه جريمة، الحوار فعل إنسانى، والبشر الأسوياء يتحاورون، ويتجادلون، لا يمسكون فى خناق بعض، ويخمشون وجوه بعض، ويتهمون بعضًا، ويمزقون ملابس بعض، ونصير كـ«بعضى يمزق بعضى».
نقلا عن "المصري اليوم"