رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كرم النجار.. حتى آخر نفس!

طارق الشناوي
طارق الشناوي


قبل بضعة أسابيع تلقيت المكالمة الأخيرة من الكاتب الكبير كرم النجار، سألنى عن موعد إقامة حفل توزيع جوائز لجنة الدراما بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، تزاملنا فى لجنة تحكيم الأعمال الدرامية، على مدى خمس سنوات، وفى العادة يقام الحفل فى شهر سبتمبر، لأسباب إدارية تأجل الموعد هذه المرة إلى نوفمبر، عندما أخبرته بالتاريخ الجديد (أجابنى بعيد قوى يا طارق ليه كده؟)، ولم أستوعب كيف هو بعيد، إلا فقط، أمس الأول، عندما قرأت على موقع حقوق الإنسان خبر رحيل كرم النجار.

البعض يختصره فى تلك الجملة «المؤلف الدرامى القبطى الذى كتب الجزء الأول من سيناريو وحوار المسلسل الدينى الأشهر (محمد رسول الله)»، ملابسات الكتابة وليست الكتابة هى الأولى بالرصد، أولا عند ترشيحه من قبل المخرج أحمد طنطاوى، لم يكن المخرج أساسا على علم بديانته، وعندما راجعه كرم، قال له (فعلا ما أعرفش)، رشحتك لأنك الأقدر، بعدها سأل كرم والده، هل يكتب مسلسلًا عن سيدنا محمد (عليه الصلاة والسلام)؟، كان يخشى غضب أسرته، أجابه بأن هذا الأمر لا يثير غضب أحد وحثه فقط على الدقة الشديدة، الأهم من كل ذلك أن الصحافة لم تعتبر وقتها أن هذا الأمر حالة استثنائية تستحق حتى الإشارة إليه، كانت مثل هذه الأمور عادية جدا ولا أحد يسأل عن الديانة، مثلما كتب الأبنودى ولحن بليغ وغنى حليم (المسيح) عليه السلام.



كنا نعيش تحت مظلة (عاش الهلال مع الصليب) قبل أن يتحول إلى مجرد (كليشيه) نرفعه فى المناسبات، كرم بعد عرض المسلسل تلقى شهادة تقدير من شيخ الأزهر يقول فيها (نشكركم على حسن إسلامك)، وثيقة من أعلى مؤسسة دينية تؤكد مدى إخلاصه وتعمقه وفهمه للدعوة المحمدية.

روى لى كرم أنه وصديقه المحامى المسلم، قبل نحو 40 عاما، كتبا الوصية، وكل منهما عهد إلى صديقه بتنفيذها، وحقيقة لا أعلم وأنا أكتب هذه الكلمة هل نفذ كرم وصية صديقه أم أن صديقه هو الذى سوف ينفذ الآن وصيته؟!.

فى مرحلة الشباب مثلا استضاف فى شقته الكاتب الكبير وحيد حامد ليقتسما معًا الحياة والكفاح، ولم يعرف أى منهما ديانة الآخر، إلا بالصدفة عندما استلم وحيد ورقة رسمية تخص كرم، ورأى فيها اسمه الثلاثى كرم وديع النجار.



من أحب المسلسلات إلى قلبه (الأصدقاء)، ومن أحب النجوم أيضا إلى قلبه نور الشريف وفاروق الفيشاوى وأمد الله فى عمره ومنحه الصحة والعافية صلاح السعدنى، وكثيرا ما سألنى فى السنوات الأخيرة عن صحته بعد أن ابتعد صلاح مكتفيًا بهذا القدر، وأنا بدورى كنت أسأل صديقى الكاتب الصحفى أكرم السعدنى عن عمه صلاح، وتأتى إجابته مطمئنة أسارع بالتواصل مع كرم، وألمح فى نبرات صوته السعادة.

من الأفلام التى يعتز بها (الصرخة) إخراج محمد النجار، الشخصية المحورية للأخرس بطل الفيلم كان يعرفها جيدا، ومنها نسج الأحداث، واستعان بعدد من فاقدى السمع والكلام ليشاركوا نور البطولة.

فى السنوات الأخيرة تضاءلت أعماله، فلم ينتظر أن يتم التعاقد معه، بل كتب أكثر من عمل فنى محتفظًا به فى درج مكتبه، أتمنى أن تتحرك شركات الإنتاج وتسمح لها بالتنفس خارج الدرج، تلك هى أكبر تحية نقدمها إلى الكاتب المبدع الكبير كرم النجار (قدس الله روحه).

نقلا عن "المصري اليوم"