رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

فتوى غريبة تشعل غضب المصريين ضد موقع إسلام ويب القطري

إسلام ويب
إسلام ويب


من المعلوم أن ولد الزنا يثبت نسبه إلى أمه التي ولدته ولا يثبت إلى أب، استنادا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ"، فيفهم منه أن الولد ينسب للزوج الذي ولد على فراشه، وليس أبوه الزاني الذي تَخَلَّق مِن ماء زناه، وبذلك يـثبت وصف الأبوة له شرعًا.

وفي الأيام الماضية سادت حالة من الاستياء والغضب بين عدد كبير من المصريين، في أعقاب انتشار فتوى على موقع "إسلام ويب"، لشخص زنا بامرأة منذ عشرين عاما، وحملت منه، وبعد هذه المدة تواصل مع ابنته من هذا الزنا، وتودد إلى الفتاة، ثم تزوجها.

وبعدها أرسل هذا الرجل إلى الموقع المذكور يلتمس الفتوى، مشيرا إلى أنه تزوج ابنته من الزنا استنادا لإباحة الإمام الشافعي زواج الأب من ابنته من الزنا لأنها أجنبية عنه.

وجاء السؤال لموقع إسلام ويب كالآتي: لقد وقعت في الزنا منذ 18 عامًا، وتبت إلى الله توبة صادقة، وقررت الزواج لتجنب الفاحشة، وتزوجت، وبعد زواجي بأربعة شهور، قالت لي المزني بها إنها حامل، فصدمت فتدخل بعض الناس، وكُتِب عقد عرفي بتاريخ قديم، وتم عقد الزواج تصديقًا على العقد العرفي دون علم أهلها، ثم طلقتها وأنجبت بنتًا بعدها، عمرها الآن 18عامًا، وأنا لم أرها إلا منذ 3 أعوام، وأحببتها حبًّا غير أبوي، وعند قراءتي في الفقه، وجدت أن مذهب الشافعي يحل للأب الزواج من ابنته من الزنا فتزوجتها زواجًا طبيعيًا، وحدثت بيننا معاشرة كأي زوجين، وعند إشهاري للزواج لقيت اعتراضًا من بعض الأسرة، فهل أكمل الإشهار في هذه الحالة؟ وهل أنا على صواب أم لا؟.

وجاء الرد من شيوخ الموقع:
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أنّ الزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، وهو جريمة خطيرة لها آثارها السيئة على الفرد والمجتمع، وإذا حملت المرأة من الزنا فإن ذلك الحمل لا ينسب للزاني، لكن الزنا يثبت الحرمة، فلا يجوز للرجل تزوج ابنته من الزنا عند جمهور العلماء، وهو الصواب، فقد سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّة - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ بِنْتِ الزِّنَا: هَلْ تُزَوَّجُ بِأَبِيهَا؟ فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّزْوِيجُ بِهَا، وَهُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ، حَتَّى تَنَازَعَ الْجُمْهُورُ: هَلْ يُقْتَلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَحْمَد: أَنَّهُ يُقْتَلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدْ يُقَالُ: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَأَوِّلًا، وَأَمَّا الْمُتَأَوِّلُ فَلَا يُقْتَلُ، وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا، وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا مُطْلَقًا - كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ -: إنَّهُ يُجْلَدُ مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ مُتَأَوِّلًا، وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَفْسُقُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفَسَّقَهُ مَالِكٌ، وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْمُتَأَوِّلَ الْمَعْذُورَ لَا يَفْسُقُ، بَلْ وَلَا يَأْثَمُ. وعليه: فإن كنت تزوجتها من غير اعتقاد بصحة الزواج، وإنما أخذت بكلام الشافعي - رحمه الله - تلقطًا للرخص، واتباعًا للهوى، فزواجك باطل وعليك مفارقتها، والتوبة إلى الله عز وجل، أما إذا كنت قلدت مذهب الشافعي مطمئنًا إلى موافقته الحق، فلا حرج عليك حينئذ، واعلم أن إشهار الزواج مستحب عند الجمهور، كما بيناه في الفتوى".

وأضاف الشيوخ المسؤولون عن الموقع في الفتوى: "أما توثيق الزواج في هذا الزمان فقد صار من الحاجات الملحّة التي يترتب على فواتها مفاسد عظيمة، وتضييع حقوق شرعية خطيرة، سواء كانت المرأة بكرًا أم ثيبًا، ولودًا أم عقيمًا، وانظر الفتويين".

هنا انتهى رد شيوخ موقع إسلام ويب ورغم أن المؤشر العالمي للفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية (GFI)، حذر من موقع إسلام ويب لأنه ممول من قطر ويصدر فتاوى تحمل أهدافا خفية، يصعب كشفها من قبل العامة، ويخلط بعضها بين الجوانب الدينية والسياسية، ويخالف بعضها الآخر النهج الإفتائي الصحيح لبعض الدول مثل مصر.

في هذه المسألة قولان للعلماء، أحدهما للجمهور، والآخر للشافعي كما يلي:
القول الأول: لا تحرم المخلوقة من ماء الزاني عليه، فيجوز له أن يتزوجها، وهذا مذهب الشافعي والكثير من المالكية. ودليلهم أنها أجنبية عنه، وليست بنتًا له في الشرع، إذ لا حرمة لماء الزنا، بدليل انتفاء سائر أحكام النسب من إرث ونفقة وولاية وغيره عنها.
القول الثاني: تحْرُم المخلوقة من ماء الزاني عليه، وبه قال جمهور أئمة المسلمين، كأبي حنيفة وأصحابه، وأحمد وأصحابه، ومالك وجمهور أصحابه، وهو قول كثير من أصحاب الشافعي.

لا حرمة
من جانبه قال الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف لـ"النبأ": إن ماء الزنا إذا حضر فلا حرمه من زواج الأب بابنته عند مذهب الإمام الشافعي أما في المذاهب الأخرى فيحرم زواج الأب من ابنته من الزنا لأن الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزاني إن كان محصنا فيرجم حتى الموت وإذا كان غير محصن فيجلد مئة جلدة والمولى عز وجل قال في كتابه العزيز "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ".

وتابع " الأطرش": "وللزاني توبة لأن الله يتقبل توبة العبد طالما لم يشرك به أحدا كقوله تعالي "وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا".. فمن رحمة الله أنه يغفر الذنوب جميعا إلا من أشرك به".