رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حكايات أغرب من الخيال تكشفها ملفات قضايا الأحوال الشخصية بالإسكندرية

محكمة
محكمة


عندما تقودك قدماك إلى ساحات محاكم الأسرة، فاعلم أنك على موعد مع دخول عالم من العجائب، التي تسجل دفاتر القضايا فيها تفاصيل أغرب من الخيال ذاته، ما بين مآس إنسانية تصلح لنسجها في أعمال درامية مبكية، وبين مواقف طريفة يصعب تصديق حدوثها في عالم الواقع.

وفي الإسكندرية تلك المدينة الساحلية الساحرة، وكباقي المحافظات الأخرى، تتجسد في أوراق الدعاوى القضايا بمحكمة الأسرة، ما آل إليه حال الأسرة من انهيار سلوكي وأخلاقي، وما انتشر في المجتمع من آفات، لم يعد هناك فرق فيها بين ذوي المراكز العلمية والاجتماعية المرموقة، أو هؤلاء البسطاء الذين يحلو لنا أن نصفهم بـ"الغلابة".

ولأن ما يدور في محكمة الأسرة يمثل مرآة للمجتمع، ويحمل إشارة واضحة لما يمر به من أزمات، نرصد في السطور التالية أغرب الحكايات المسجلة بدفاتر محاكم الأسرة.

نفي نسب
القضية الأولى أقامها الجد "س.م"، أمام محكمة الأسرة في محرم بك، طالبا نفي نسب حفيدته من نجله المتوفى، من أرملته "ن.ع"، بعد أن اكتشف وجود مراسلات مخلة لدى أم حفيدته.

وقال الجد في دعواه: "تزوج نجلي منذ عدة سنوات الا ان الخلافات الشديدة دبت بينه وبين زوجته، وتهددت العلاقة بالطلاق عدة مرات، حتى وصل الحال بنجلي للانخراط في الادمان وأصيب على أثر ذلك بحالة نفسية، وتدهورت حالته ليدخل إحدى المصحات للعلاج".

وأضاف الجد: "استمر نجلي في تلقي العلاج لعدة أشهر لكنه توفي، وعقب الوفاة بشهر فوجئت بأرملته تخبرني بحملها في 4 أشهر، ولم اتوقع وقتها ان تكون الطفلة التي أنجبتها من هذا الحمل ليست حفيدتي، حتى انني استخرجت شهادة الميلاد لها بنفسي، الا ان ما حدث عقب ذلك ادخل الشك في قلبي".

وتابع: "توصلت لتقارير طبية معتمدة تؤكد أن نجلي كان لديه ضعف جنسي، ونزل عليّ الخبر كالصاعقة، وعلمت ان العقاقير التي كان يتلقاها للعلاج وايضا المواد المخدرة التي كان يتعاطاها من الآثار الجانبية لها أنها تؤدي الى عدم القدرة على الانجاب، وهي كافية لمنع اية احتمالات لحدوث الحمل، إضافة الى أنني وجدت مراسلات مخجلة تثبت خيانة زوجة نجلي له مع شخص آخر.

وأشار الجد أنه بمجرد التأكد من تلك المعلومات، طلب من أرملة ابنه اجراء تحليل البصمة الوراثية، الا انها رفضت وتركت المنزل، وعقب ذلك بحث في أشيائها الخاصة بشقة الزوجية، فوجد هاتفها القديم وبفتحه وجد المزيد من المحادثات الغرامية والصور الخاصة لأرملة ابنه المتبادلة مع الشخص الآخر بشكل يؤكد وجود علاقة غير شريفة بينهما، خاصة أن المراسلات تضمنت تحديد مواعيد ولقاءات بينهما وتبادل للالفاظ الخارجة.

وقدم الجد تقارير طبية تثبت إصابة نجله بالضعف خلال الشهور الاخيرة من حياته وقت حمل زوجته بسبب تناوله عقاقير علاج الادمان مما يمنع حدوث الحمل كما قدم حافظة مستندات تضم مراسلات بين زوجة الابن وصديقه تكشف خيانتها له قبل الوفاة واستند الجد في دعوى الاستئناف الى رفض أرملة نجله الامتثال الى توصية الخبيرين النفسي والاجتماعي بارسال المدعي والمدعي عليها لاجراء تحليل البصمة الوراثية DNA.

وأكد ان نجله كان يعاني من أمراض كثيرة أدت الى عجزه عن الانجاب بحسب ما ورد بالتقارير الطبية من أكثر من طبيب، أضاف ان أرملة نجله رفضت بالطرق الودية وأيضا توصية الخبيرين النفسي والاجتماعي قيامها باجراء التحاليل.

وطالب في دعواه بوقف اعلام الوراثة الخاص بالطفلة والام لحين البت في الدعوى والغاء حكم أول درجة وندب أحد خبراء الطب الشرعي لاثبات ان البصمة الوراثية للصغيرة تتطابق مع البصمة الوراثية للجد من عدمه والقضاء بنفي النسب في حالة عدم التطابق.

ومن جانبها أكدت زوجة الابن امام محكمة الاسرة ان زوجها توفي قبل ولادة طفلتها وكانت العلاقة بينهما قائمة مشيرة الى ان التحاليل اكدت ان زوجها طبيعي ولا يوجد مايعوق الانجاب وان الجد هو من قام بتسجيل الطفلة بنفسه واضافت ان المشاكل بينها وبين والد الزوج المتوفى بدأت عند صرف تعويض الوفاة لان الزوج المتوفى كان يعمل باحدي شركات الزيوت والصابون واستحق مبلغا ماليا عند وفاته.

زوجته تنجب رغم إصابته بالعقم
القضية الثانية بطلها زوج اختار رفيقة عمره بعد قصة حب كبيرة وهو لا يعلم ان حياته ستنقلب رأسا على عقب بعد عدة أشهر من الزواج لم يخطر بباله وهي تزف له بشرى حملها ان تلك البشرى ستكون اخر عهده بحلم الاسرة السعيدة التي طالما تمناه مع رفيقة دربه ليتحول الحلم الى كابوس استمر على قدر عمر الطفل الذي بلغ عامه التاسع ولا تزال قضيه نفي نسبه قائمة.

عاد الزوج محطما الى عمله بالقاهرة واستقر تاركا الزوجة والصغير في الاسكندرية بعد تحرير محضر أكد فيه انه تعرض للغش والتدلس من قبل زوجته وقام بتسجيل الطفل باسمه على الرغم من ولادته بعد خمسة اشهر ونصف فقط من الزواج وأقام الزوج دعوى امام محكمة أسرة باب شرق برقم 452 يطالب فيها بنفي نسب الطفل له وبطلان شهادة الميلاد الخاصة بالصغير.

وقال في دعواه إنه تزوج المدعي عليها "م.ع" وقد وضعت مولودها لاقل من ستة اشهر واوهمته بان الصغير طفله ومن ثم توجه الى مكتب الصحة وقام باستخراج شهادة ميلاد للصغير بناء على غش وتدليس الزوجة وقدم الزوج وثيقة عقد زواجهما بتاريخ يسبق الولادة بخمسة اشهر و14 يوم فقط وشهادة ميلاد الطفل من مكتب صحة الابراهيمية.

وعليه قضت المحكمة برفض الدعوى استنادا الي ركن إقرار المدعي بالطفل بتبليغه عن شهادة الميلاد ليستأنف الزوج دعواه وأمام محكمة استئناف الاسكندرية في القضية رقم 12893 ووقف الزوج يروي قصته قائلا كدت أطير من الفرحة عندما علمت بحمل زوجتي لم اشك لحظة في إخلاصها الا ان الايام التالية كانت تخبئ لي الكثير من المفاجآت.

توجهت معها الى الطبيب المتابع وبدأت شهور الحمل تمر حتى أكملت شهرها الخامس وبدأت في السادس وفوجئت في أحد الايام بزوجتي تعاني آلام الوضع، أسرعت بها الى المستشفى وهناك وضعت طفلا كامل النمو بحسب تقرير المستشفى والطبيب المتابع.

أضاف برغم من التساؤلات التي راودتني وقتها الا ان المفاجأة ومحاولات زوجتي لاقناعي ان الصغير جاء قبل موعده وهي إرادة الله توجهت الى مكتب الصحة التابع لمسكني بمنطقة الابراهيمية وقمت بتسجيله وإستخراج شهادة ميلاد باسمي.

الا ان الشكوك ظلت تفترسني وتتحول شيئا فشيئا الى نار تتأجج في صدري كلما حملت الطفل او واجهت زوجتي ولم أستطع الاستمرار في إقناع نفسي بما حاولت زوجتي إيهامي به وتوجهت بطفلي بعد ولادته بشهر الى أحد المعامل الخاصة وهناك قمت بعملت تحليل الDNA كانت لحظات قاسية وانا أنتظر نتيجة التحليل الذي غير مجرى حياتي كانت النتيجة المتوقعة والتي كنت أخشى مواجهتها منذ ولادة الطفل اثبتت التحاليل انني أختلف مع الطفل في البصمة الوراثية واسرعت بناء على ذلك برفع دعوى نفي نسب.

تابع الزوج قائلا: لم تنته مأساتي عند ذلك الحد فقد أراد الله ان يكشف المستور بما لا يدع مجالا للشك تداولت المحكمة قضيتي وقضت بعرضي وزوجتي والطفل علي الطب الشرعي وبرغم امتثالي 6 مرات لتحليل البصمة الوراثية الا ان زوجتي رفضت وهو مايعد قرينة ضدها.

أضاف بعد صدور حكم أول درجة وقيامي بالاستئناف توجهت الى أحد المعامل الخاصة وقمت بعمل تحاليل أخرى كانت بمثابة الضربة القاضية لي فقد علمت انني لا أستطيع الانجاب من قبل الزواج وهو ما أكد عدم أبوتي للطفل وطالب الزوج في دعواه إعادة الاوراق الخاصة بالتحاليل والقضية الى الطب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي عليه لبيان وما إذا كان قادرا على الانجاب منذ تاريخ زواجه بالمدعي عليها وكذلك إخضاعها والطفل لاجراء تحليل البصمة الوراثية DNA ورد وبطلان شهادة ميلاد الصغير ونفي نسبه.

وجاء بدفاع الزوج انه قدم تحاليل طبية تثبت بما لا يدع مجالا للشك عدم قدرته على الانجاب قبل الزواج وحتى الآن كما وأنه من المقرر قانونا ان اقل مدة حمل هي ستة اشهر الا ان الزوجة أنجبت طفلها بعد خمسة أشهر وأربعة عشر يوما من الزواج وهي مدة أقل من المدة المحددة مما يخالف الشرع والقانون.

وقدم الدفاع روشتات من اطباء تثبت وجود عقم عند المدعي وتحليل حمض نووي خاص به يثبت عجزه عن الانجاب لوجود ضعف لديه اضافة الى بطاقة المتابعة الخاصة بالزوجة والتي تحتوي على تواريخ متباينة عن حالتها مثبت بها تاريخين لموعد الولادة المتوقع بينهما 3 اشهر بعد تغييره وتعديل الموعد وصورة ضوئية تثبت قيام المدعي باجراء عملية استئصال دوالي وتقرير من احد المعامل الخاصة يثبت ان الحمض النووي للطفل غير متوافق مع الحمض النووي للاب في معظم الجينات.

فيما ورد التقرير الصادر من قطاع الطب الشرعي بالاسكندرية بناء على طلب محكمة استئناف الاسكندرية بان المدعي تقدم بأوراق طبية صادرة عن أحد المعامل الخاصة مثبت بها ان الحمض النووي للطفل غير متوافق مع الحمض النووي للاب في معظم الجينات إضافة الى تقرير من طبيب مثبت به انه يعاني من عقم أولي تحت العلاج.

وجاء بتقرير الطب الشرعي انه بناء على ماتقدم من عدم حضور المدعي عليها والطفل لاخذ عينة ومقارنة الحمض النووي مع الاب بالمعامل الطبية الشرعية للمصلحة لاثبات نسب الصغير لابيه وفي حال كون الاوراق المقدمة من المدعي سليمة ويرجع لاثبات سلامتها الى جهات التحقيق ووفقا لما جاء في كارت المتابعة للمدعي عليها والورقة الموجهة الى مدير مكتب صحة الابراهيمية المثبت بها ان الام وضعت طفلا ذكرا كامل النمو.

إضافة الى تقرير الحمض النووي الصادر عن أحد المعامل والذي يفيد ان الحمض النووي للطفل غير متوافق مع الحمض النووي للاب في معظم الجينات وعليه فانه في حال التأكد من ان الطفل كان كامل النمو وفق ماهو مثبت ببطاقة المتابعة والورقة الموجهة لمدير مكتب الصحة فان المدعي عليها كانت حاملا للطفل قبل زواجها من المدعي. ولاتزال القضية مستمرة امام المحكمة.

ينفي نسب نجله بسبب اللون
أما القضية الثالثة فهي لزوج قام بتطليق زوجته بعد زواج دام سنوات انجبا خلاله ثلاثة أبناء وقام الزوج برفع دعوى نفي نسب بعد إنجاب الابن الثالث والذي اكد انه لايشبهه او يشبه الام.

وقف الزوج امام محكمة الاسرة يطالب بنفي نسب طفله الذي يبلغ من العمر 4 سنوات وقضت محكمة اول درجة برفض الدعوى ليقوم برفع دعوى أخرى امام محكمة الاستئناف وقال الاب في دعواه انه يتميز باللون الاسمر الداكن وايضا زوجته مشيرا الى انجابهم طفلين يتميزان بنفس لون بشرتهما.

أضاف أنه فوجئ بزوجته تنجب طفلهما الثالث اشقر الشعر واللون ولا يمت بأي شبه له أو لاسرته او أسرة الام مما ادخل الشك الى قلبه. اضاف الاب متابعا في اول الامر ظننت ان الصغير يتميز بلون فاتح ولم ادع الوساوس تخترقني الا انني ومع مرور الايام كان الشك يزداد بقلب كلما اتضح شكل الصغير واصبح شخصا آخر لايمت لي او لوالدته باي صلة. اضاف بدأت اراقب زوجتي حتى وجدت تصرفات غريبة في سلوكها وعلمت من بعض الجيران والاصدقاء انها على علاقات متعددة مع اخرين واجهتها بما رأيته وسمعته فانكرت.

وأشار المدعي إلى أنه وبعد ثلاث سنوات من العذاب والشك قام بتطليقها وطالب امام محكمة الاسرة بنفي نسب طفله الثالث. ولا تزال القضية متداولة.

دعوى ضد أرملة صاحب مطعم شهير
فيما تخص القضية الرابعة صاحب احد أشهر مطاعم الاسماك بالاسكندرية "سيجال" تلخصت القضية في قيام سيدة من محافظة البحيرة وتدعي" ر.م" برفع دعوى ضد ورثة مسعد عبد المنعم الجمل صاحب مطعم "سيجال" في الدعوي رقم 591 لسنة 2020 ببطلان مادة الوراثة رقم 16 لسنة 2013 وراثات باب شرق قضت المحكمة برفضها لتستانف المدعية.

وأكدت في دعواها انها قامت بشراء خمسة أراض زراعية بناحية برج العرب من رجل الاعمال قبل وفاته وقبل إشهار عقد الشراء فوجئت باحد الاشخاص ويدعى "أ.ع" يقيم دعوى ضد أرملة رجل الاعمال أولريكا" ألمانية الجنسية" وآخرين بصحة ونفاذ عقدي بيع يتضمنان شراء آخرين لذات الارض التي قامت المدعية بشرائها من رجل الاعمال.

وقالت السيدة في دعواها انها همت باتخاذ اجراءات اشهار عقد شرائها لتلك الأعيان الا انها فوجئت بالمدعو "أ.ع" وقد اقام الدعوى رقم29 لسنة2014 مدني كلي الاسكندرية ضد ارملة رجل الاعمال وآخرين نناشدا فيها القضاء بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين بتاريخ 2 سبتمبر 2013 و12 يناير 2012 والعقد الاول متضمن شراءه ذات الارض من شخص آخر يدعي "س.ع" والثاني متضمن شراء الاخير الارض من رجل الاعمال قبل وفاته اضافت ان المحكمة قامت باصدار حكم لصالحه تم تسجيله لافتة الى ان هذا الحكم صدر بناء على غش وتدليس من جانب كل الخصوم فيها للحيلولة دون قيامها باشهار عقدها.

وطالبت المدعية بقبول الاسئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستانف والقضاء مجددا ببطلان مادة الوراثة رقم 16 لسنة 2013 وراثات باب شرقي مع الزام المعلن اليها الاولى بالمصروفات وعليه قضت محكمة استئناف الاسكندرية بالغاء وعدم قبول الدعوى المقامة من السيدة "ر.م" ضد ورثة رجل الاعمال مسعد الجمل.