رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

العالم مع إيطاليا

عمرو الشوبكي
عمرو الشوبكي

فازت إيطاليا بنهائى كأس أوروبا لكرة القدم بعد أن تغلبت على إنجلترا فى عقر دارها بركلات الترجيح، وبدا لافتًا تعاطف مختلف شعوب العالم مع المنتخب الإيطالى، حتى فى فرنسا التى شهدت تلاسنًا حادًا بين الرسميين فى البلدين، وسحبت فرنسا سفيرها من إيطاليا لبعض الوقت، ومع ذلك بدا أن خلافات السياسة لا علاقة لها بمشاعر الشعوب، وأن تشجيع الفرنسيين والأوروبيين والشعوب العربية واللاتينية للمنتخب الإيطالى كان واضحًا.

ورغم أن الدورى الإنجليزى هو الأكثر متعة وإثارة واحترافية فى كل دول العالم، ويحمل كل نادٍ تقاليد عريقة تجعل تشجيعه نوعًا من الانتماء والولاء، إلا أن هناك أسبابًا كثيرة دفعت كثيرًا من الشعوب لتشجيع إيطاليا بحماس واضح، منها تاريخ العنف والشغب لجماهير الكرة الإنجليزية حتى أصبحت الأسوأ فى كل أوروبا، ويكفى ما جرى فى مباراة ليفربول ويوفنتوس فى نهائى بطولة أوروبا فى 1985 فى بلجيكا، حيث اعتدت الجماهير الإنجليزية على الجماهير الإيطالية وتسببت فى وفاة 39 مشجعًا وجرح المئات، كما أن الانطباع السائد فى معظم دول العالم عن «لطف» الإيطاليين وحرارتهم وحبهم للحياة ووجودهم فى أوروبا بثقافة بحر أبيض متوسط جعلهم مقبولين من مجتمعات وثقافات مختلفة.



والمؤكد أن تصاعد اهتمام أوروبا ومعها مختلف دول العالم وولعها بالمنافسات الرياضية جاء عقب انتهاء الحروب فى أوروبا، وتراجع حدة الانقسامات الأيديولوجية التى كانت تستقطب الناس، وأصبح دعم المنتخبات والفرق الرياضية وطنية جديدة وانتماء.

الاهتمام بكرة القدم وفرحة الفوز بين كل شعوب الأرض واحدة، فهو شعور طبيعى وإنسانى فى كل بقاع الدنيا، الفارق ربما الرئيسى بين تعامل الدول النامية مع الرياضة والمجتمعات المتقدمة، أن الأخيرة لديها ما تفتخر به غير الرياضة من تقدم صناعى واقتصادى وديمقراطية سياسية تُضفى على فرحة الفوز أو حزن الهزيمة قدرًا من التوازن، وهذا ربما الفارق بين شعور الأوروبى العادى من خارج متعصبى الملاعب إذا فاز أو خسر كأس أوروبا بأن وراءه دولة قوية ومتقدمة، وهو يختلف عن شعور مشجع من العالم الثالث يعتبر فوزه فى الرياضة تعويضًا عن إخفاقات سياسية أو أزمات اقتصادية.

ميزة كرة القدم تحديدًا، ودون غيرها من الرياضات، أنها عابرة لمعيار التقدم الاقتصادى، فدول أمريكا الجنوبية، خاصة البرازيل والأرجنتين، أقوى كرويًا بما لا يُقارن باليابان حتى لو كانت الأخيرة أكثر تقدمًا فى الاقتصاد والتكنولوجيا.

فلا أحد يحسب مثل الألعاب الأوليمبية أى الدول أكثر تقدمًا، فيتوقع أن تحصل على أكبر عدد من الميداليات، فلم يهتم أحد بالفارق فى الدخل القومى بين بريطانيا وإيطاليا ليرجح من الفائز فى هذه المباراة.

مبروك فوز إيطاليا، وهنيئًا لها تعاطف العالم معها، وحظ أوفر للمنتخب الإنجليزى بدون القلة من جماهيره المتعصبة والعنيفة.

[email protected]