رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

السفير رخا أحمد حسن يكشف لـ«النبأ»: مصير مفاوضات «عودة العلاقات» بين مصر وتركيا وشروط نجاحها

السفير رخا أحمد حسن
السفير رخا أحمد حسن في حوار مع النبأ

 

·       خروج القوات التركية من ليبيا مرتبط بوضع الجيش الوطنى هناك

 

·       دون اعتراف أردوغان بالنظام المصرى والتجاوب مع مطالبه المشروعة لن يحدث أى تقدم في المفاوضات بين القاهرة وانقرة

 

قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن خروج القوات العسكرية التركية من ليبيا متوقف على وضع الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وموقف الحكومة الليبية القادمة المنتخبة، ومرتبط بمذكرة التفاهم العسكرية والأمنية التي أبرمتها الحكومة الليبية السابقة مع تركيا، مشيرا إلى أن هناك انقساما في ليبيا حول خروج القوات التركية، فريق متمسك ببقاء هذه القوات، وفريق آخر يريد خروج كل القوات الأجنبية بما فيها التركية من ليبيا، لافتا إلى أن هناك اتفاقية عسكرية وأمنية تم توقيعها بين الحكومة الليبية وتركيا، والحكومة الجديدة بقيادة الدبيبة أكدت تمسكها بهذه الاتفاقية، مؤكدا على أن الوجود الاقتصادي التركي في ليبيا سوف يستمر ومشاركة تركيا في إعادة الإعمار سوف تستمر.

 

مذكرة تفاهم وليس اتفاقية

 

أما بخصوص مصير مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين الحكومة الليبية وتركيا والمتعلقة بترسيم الحدود البحرية، فقال «حسن»، إن هذه مجرد مذكرة تفاهم وليست اتفاقية، وان هذه المذكرة ليس لها أي قوة الزامية، مشيرا إلى عدم وجود أي حدود بحرية بين تركيا وليبيا وهذا الموضوع محسوم جغرافيا، مؤكدا أنه بعد توقيع مصر واليونان وقبرص على المنطقة الاقتصادية الخالصة لم يعد لتركيا أي حدود بحرية في هذه المنطقة، وبالتالي ليس هناك مجال للحديث عن أي علاقات بين تركيا وليبيا إلا في مجال الاستثمار في الطاقة.

 

لا يستند لأي أساس قانوني

 

وعن انضمام تركيا إلى منتدى غاز شرق البحر المتوسط، أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، على عدم وجود أي أساس قانوني يمكن أن تنطلق منه تركيا في أي مفاوضات تتعلق بالانضمام لمنتدى غاز شرق المتوسط، سواء مع مصر أو قبرص أو اليونان أو لبنان أو إسرائيل، مشيرا إلى أن هذه الدول ملتزمة بالقانون الدولي وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة التي بدأ تطبيقها عام 1983م ومصر وجميع الدول ملتزمة بها ما عدا سوريا وتركيا، وبالتالي المشكلة في ملعب تركيا، ورفضها لاتفاقيات ترسيم الحدود التي تم إبرامها بين مصر وكل من قبرص واليونان هو رفض إعلامي لا يستند لأي أساس قانوني، موضحا أن منتدى غاز شرق المتوسط يضم الدول التي تتعامل طبقا لقواعد القانون الدولي المتعلق بأعالي البحار، وبالتالي إذا قبلت تركيا الالتزام بقواعد القانون الدولي في هذا الصدد فالباب أمامها يصبح مفتوحا للانضمام لهذا المنتدى، لكن إذا اصرت على موقفها الحالي فكيف ستنضم لمنتدى هي لا تلتزم بقواعده؟، وبالتالي انضمام تركيا لهذا المنتدى مرتبط بمدى التزامها بقواعد القانون الدولي المتعلق بأعالي البحار والتي لم تقبله حتى الآن.

 

نشاط "معادي" لمصر من داخل تركيا

 

أما عن ملف جماعة الإخوان المسلمين، فأكد «حسن»، أن هذا الملف له شقان، الشق الأول يتعلق بالجماعات التي تمارس نشاطا معاديا لمصر من داخل تركيا سواء من الذين ينتمون لجماعات الإخوان المسلمين أو غيرها، فهذا غير مقبول، ومصر لن تقبل حلا وسطا في هذا الموضوع، الشق الثاني يتعلق بالمنصات الإعلامية الموجودة على الأراضي التركية، وهذه المنصات لن تتوقف نهائيا عن انتقاد الأوضاع في مصر، لكن مصر تريد أن يكون هذا الانتقاد قائم على المهنية وبعيدا عن التشويه والتحريض والدعاية المغرضة.

 

محادثات سرية بين الطرفين

 

أما بخصوص تصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، فأكد عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن تركيا ترفض هذا التصنيف ولن تقبل به، مثلها مثل الكثير من الدول العربية والأوربية وأمريكا التي ترفض تصنيف الإخوان جماعة إرهابية وتعتبرها جماعة سياسية تسعى للحكم من خلال الانتخابات، مشيرا إلى أن هناك اربع دول فقط تصنف الإخوان جماعة إرهابية وهي، مصر والسعودية والبحرين والامارات العربية المتحدة، وبالتالي تركيا لن تقوم بتصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية شأنها شأن الكثير من الدول العربية والأوربية، لافتا إلى أن التفاوض يتم على أساس ألا تسمح تركيا لجماعة الإخوان المسلمين أو غيرها بممارسة أي نشاط معادي لمصر انطلاقا من الأراضي التركية، وبالتالي الأمر يحتاج إلى حدوث مواءمات وتقديم تنازلات من الطرفين حول هذه الملفات، مستبعدا اجراء أي محادثات سرية بين الطرفين بخصوص وضع الإخوان المسلمين في مصر في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن هذا الموضوع سابق لأوانه ويمكن أن يتم مناقشته بشكل منفصل بعد المصالحة.

 

مرحلة جديدة من العلاقات

 

وتابع «حسن»، أن هناك مرحلة جديدة في العلاقات بين تركيا ومصر لا تزال في بداية الطريق، لذلك سميت مباحثات استكشافية، مشيرا إلى أن مصر الآن في انتظار الرد التركي على الشروط المشروعة التي وضعتها مصر لإتمام المصالحة وهذا يستغرق بعض الوقت، لافتا إلى أن تصريحات أردوغان بخصوص اعادة العلاقات التاريخية مع الشعب المصري هي للاستهلاك المحلي، ومن أجل ايجاد مبرر للتراجع عن موقفه المتشدد تجاه مصر، مشيرا إلى أن أردوغان لن يتفاوض مع الشعب المصري ولكنه يتفاوض مع القيادة السياسية التي تحكم مصر والتي جاءت بإرادة الشعب المصري والمتمثلة الأن في الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي الحكومة الحالية، وبالتالي بدون اعتراف أردوغان بالنظام المصري الحالي والتفاوض معه والتجاوب مع مطالبه المشروعة لن يحدث أي تقدم في المفاوضات، لذلك بدأ الكثير من رموز النظام التركي يتحدثون عن ضرورة التحدث بشكل مباشر مع النظام المصري من أجل احراز تقدم في المفاوضات.

 

الأولوية للعلاقات الثنائية

 

وفيما يتعلق بملف التدخلات التركية في الشئون الداخلية للدول العربية ووقف التوغلات التركية العسكرية في الدول العربية، أكد «حسن»، على أن موقف مصر المبدئي هو رفض التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية، مشيرا إلى أن ما يهم مصر في هذه المرحلة من المفاوضات هو عدم تدخل تركيا في الشئون الداخلية لليبيا، باعتبار أن ليبيا تمثل عمقا استراتيجيا وأمنا قوميا مباشرا لمصر، وتركيا نفسها تعترف بذلك، أما ما يحدث في سوريا فمختلف عن ما يحدث في ليبيا، القضية السورية أكثر تعقيدا وهناك أطراف كثيرة متداخلة في هذه القضية، مشيرا إلى أن الوجود التركي في سوريا مرتبط باتفاقية أضنا التي تم توقيعها بين الرئيس السوري السابق حافظ الأسد وأردوغان، وبالتالي القضية السورية تحتاج إلى تفاوض مباشر بين تركيا وسوريا، نفس الأمر ينطبق على القضية العراقية، وبالتالي هذه القضايا تحتاج إلى تفاهمات ومباحثات مباشرة بين تركيا وكل من العراق وسوريا، ومن ثم فالمفاوضات الحالية الجارية بين مصر وتركيا تعطى الأولوية للعلاقات الثنائية بين البلدين ثم يليها الموقف في ليبيا ثم الموقف من الدول العربية، مؤكدا على أن الجانب التركي لديه رغبة قوية لتحسين العلاقات مع مصر ومع كل الدول العربية، مشيرا إلى أن مسار المرحلة القادمة من المفاوضات بين الطرفين يتوقف على رد الجانب التركي على طلبات الجانب المصري والتي حملها نائب وزير الخارجية التركي والوفد المرافق له أثناء زيارته للقاهرة للرئيس التركي، لافتا إلى أن العلاقات بين البلدين التي كانت شبه منقطعة طوال سبع سنوات لا يمكن اصلاحها في غضون ثلاثة أشهر.