رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل مخطط ضرب قناة السويس بعد حادث السفينة «إيفر جيفن»

النبأ

 جنوح "إيفر جرين" يدفع العالم لتغيير أولويات نقل اللوجيستيات

الصين ترفع عمليات الشحن بالسكك الحديدية عبر روسيا للضعف

ربيع: القناة لن تفقد أهميتها وعملاءها بسبب حادث

مميش: الشركة المسؤولة عن السفينة الجانحة مسؤولة عن الخسائر الحادث

كامل: الحديث عن السعى لإيجاد بديل للقناة أوهام وضغوط سياسية تستهدف مصر 

عميد كلية النقل الدولي السابق: بعض الدول استغلت الحادث للترويج للممرات البديلة

 

بالتزامن مع النجاح الباهر الذي حققه رجال قناة السويس، في إنهاء أزمة جنوح السفينة العملاقة، "إيفر جرين"، التي أغلقت بجنوحها مجرى القناة، لمدة نحو 5 أيام، ما أصاب الحركة التجارية العالمية بالشلل، خرجت بعض الأصوات التي تقلل من الإنجاز المصري الكبير.

هذه الأصوات فشلت في تحقيق أغراضها، بعد أن كشفت المعلومات المتداولة، عن أن عملية تعويم السفينة الجانحة تعد الأولى من نوعها، التي تجري دون تفريغ حمولة السفينة، رغم ضخامتها، ما يعني أن المصريين أتوا كالعادة بإنجاز يقارب الإعجاز.

القوى الرافضة للاعتراف بأي نجاح مصري، سرعان ما أطلقت سهامها مرة أخرى نحو القناة بادعاء أن بعض الدول بدأت حملات موسعة للترويج للمرات بديلة لقناة السويس، مستغلة حادث جنوح السفينة "إيفر جرين".

وفي السطور التالية نلقي الضوء على المزيد من التفاصيل في هذا الشأن، لنوضح الحقائق حول هذه الأقاويل، وهل يمكن بالفعل التأثير على قناة السويس، ونقل ثقلها الدولي إلى أي ممر ملاحي آخر.

 

القطب الشمالي

 

مع تعطل الملاحة بقناة السويس، جراء جنوح السفينة "إيفر جرين"، أعادت روسيا طرح الممر البحري الشمالي لديها، كبديل لقناة السويس، وهو الممر الذي يروج له الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منذ وقت طويل، حيث استغلت موسكو الزحام الذي حدث انتظارا لعودة الحركة بالقناة ولعب مجددا على هذا الوتر، من خلال دعوة شركة الطاقة النووية الروسية "روس أتوم"، السفن لسلوك القطب الشمالي، قائلة: "ربما تظلون عالقين في قناة السويس لأيام".

 

وكتبت الشركة الروسية عبر حسابها على "تويتر": "طريق البحر الشمالي به مساحة أكبر للسفن العملاقة"، وتباهت بتوفيرها بيانات بالوقت الفعلي عن الطقس، والتيارات، وحركة الجليد، وغيرها من المعلومات المهمة للتنقل في الشمال.

 

الصين.. الشحن عبر السكك الحديدية

 

في الوقت ذاته نشرت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، تقريرا يوضح أن المنتجين الصينيين يحاولون تجنب التأخر في تسليم البضائع إلى دول الاتحاد الأوروبي، لذلك لجأوا للشحن عبر السكك الحديدية التي تمر من الصين إلى أوروبا عبر روسيا، وعددها 2000 قطار، وهو ضعف ما كانت عليه الحركة في الفترة ذاتها من العام الماضي.

 

ونقلت الصحيفة عن "نينا فانغ"، المشرفة على المبيعات في شركة صينية لإنتاج أجهزة التدريب الرياضي، قولها إنه سيتم عادة نقل هذه المنتجات عن طريق البحر، لكن الزيادة في كلفة النقل بهذه الطريقة، تجبر الشركة على البحث عن بدائل، بالإضافة إلى ذلك اشتكى العملاء الرئيسيون في أوروبا، على سبيل المثال، في ألمانيا وفرنسا، من تدني فعالية النقل البحري، وطلبوا تغيير طرق إرسال البضائع. 

 

وشددت الصحيفة، على أن إغلاق قناة السويس بسبب جنوح سفينة الحاويات "إيفر جريين"، دفع المنتجين لتغيير الأولويات في اللوجستيات.

 

رأس الرجاء الصالح 

 

ويقول بعض الخبراء والمراقبين، إن عددا من الدول والشركات بدأت تحويل السفن التي تنقل بضائعهاـ إلى رأس الرجاء الصالح، رغم أنه طريق يستغرق أسبوعا إضافيا، مقارنة بقناة السويس، ما يعني زيادة في تكاليف النقل والتأمين، بنسبة لا تقل 40%.

 

ويقدر الخبراء الخسائر الناتجة عن حادثة جنوح السفينة في قناة السويس بمليارات الدولارات، فيما لا يزال هناك جدل حول قيمة التعويضات التي سوف تحصل عليها الجهات المتضررة من هذه الحادثة، ومنها قناة السويس والسفن المتضررة وأصحاب البضائع.

 

الفريق مهاب مميش، مستشار الرئيس لمشروعات محور قناة السويس، أكد أن الشركة المسؤولة عن السفينة الجانحة، ستدفع جميع الخسائر الناجمة عن الحادث، مشيرا إلى أنه من الممكن أن تطالب مصر الشركة المسؤولة، عن طريق نادي الحماية، بتعويض الخسائر الناجمة عن توقف الملاحة بالقناة.

 

بدوره قال الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، إن الهيئة تدرس آلية تعويضات مناسبة للسفن، مشيرا إلى أنه يجري التحقيق في ملابسات جنوح السفينة، للوقوف على أسبابها، ولتحديد الغرامات التي سيتم فرضها على شركة "إيفر جين" المالكة للسفينة بعد انتهائها، مشيرا إلى أنه بعد التحقيقات سيكون هناك كلام في موضوع الغرامات.

 

وشدد ربيع على أن قناة السويس لا يمكن أن تفقد أهميتها، ومكانتها الدولية، بسبب حادث مهما كان حجمه.

 

كلام صعب

 

هاني النادي رئيس قطاع العلاقات العامة والحكومية بشركة قناة السويس للحاويات، أكد أن الكلام عن بدائل لقناة السويس يصعب تنفيذه، سواء باتخاذ القطب الشمالي بديلا تجاريا، أو غيره.

 

وقال النادى في منشور له على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك": "إن طريق بحر الشمال أو الطريق البحرى الشمالى هو ممر شحن بحرى من المحيط الأطلسى إلى المحيط الهادئ على طول ساحل القطب الشمالى الروسى من بحر بارنتس، بمحاذاة سيبيريا، إلى الشرق الأقصى".

 

ولفت إلى أن هذا الطريق يعرف باسم الممر الشمالى الشرقى قبل بداية القرن 20، ولا يزال يسمى بهذا الاسم أحيانا، موضحا أنه يمكن الإبحار من خلاله فى مياه القطب الشمالى الخالي من الجليد لمدة شهرين فقط فى السنة.

 

وتابع قائلًا: "يتطلب إبحار أى سفينة عبر هذا الطريق حاليًا أن ترافقها كاسحة جليد نووية باهظة التكلفة"، موضحا أنه بحسب تقرير صدر عام 2016 عن مدرسة "كوبنهاغن للأعمال"، سيصبح الشحن عبر خط البحر الشمالى أقل كلفة فى عام 2040 تقريبًا بشرط استمرار الغطاء الجليدى فى التلاشى بنفس النسب الحالية.

 

أوهام

 

من جانبه يقول الدكتور عبد الوهاب محمد كامل مستشار رئيس الأكاديمية البحرية، إن ما يتردد عن سعي بعض الدول لإيجاد بديل لممر قناة السويس مجرد أوهام، مؤكدا أن كل ما يثار عن هذا الموضوع هو عبارة عن ضغوط سياسية تمارس على مصر، مشددا على أن كل المشروعات التي يتم الحديث عنها في الفترة الأخيرة لاسيما القناة الروسية وقناة البحر الميت لن يكون لها أي تأثير على قناة السويس.

 

وأضاف كامل، أن الهدف من مشروع السكك الحديدية الذي تتحدث عنه إسرائيل، هو الضغط على مصر سياسيا، مشيرا إلى أن هذا المشروع ليس له أي جدوى اقتصادية، لافتا إلى أن طريق الحرير الجديد سوف ينشط التجارة العالمية ويغذى القناة، ولن يكون له أي تأثير سلبي على قناة السويس.

 

الصين وإسرائيل بدأت بالفعل في انشاء طرق برية

 

ويرى الدكتور محمد محمود علي، عميد كلية النقل الدولي السابق، أن هناك تجهيزات تحدث في القطب الشمالي منذ فترة باعتباره الطريق الأقصر بين آسيا وأوروبا، وبدأت السفن تمر في هذا الخط، مشيرا إلى أن المشكلة الرئيسية التي تواجه هذا الممر هي أنه غير صالح للملاحة طوال العام مثل قناة السويس، لافتا إلى أن التنبؤات تشير إلى أن هذا الخط سيكون صالحا للملاحة بحلول 2035 بسبب ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الثلج، موضحا أن النقل عن طريق السكك الحديدية أصبح أكثر جاذبية من المرور في قناة السويس، وهناك بعض الدول مثل الصين وإسرائيل بدأت بالفعل في انشاء طرق برية لنقل البضائع عن طريق السكك الحديدية.

 

وأوضح أن المشكلة التي تواجه هذه الخطوط هي عدم قدرتها على حمل كميات كبيرة من البضائع مثل خطوط النقل البحرية التي تحمل الأجيال الجديدة منها أكثر من 240 ألف حاوية، وبالتالى هناك بدائل تطرجها إسرائيل وبدائل تطرحها الصين وبدائل تطرجها روسيا الى جانب وجود بدائل كثيرة حول العالم، لافتا إلى أن الكثير من هذه الدول وعلى رأسها روسيا استغلت حادثة قناة السويس للترويج لهذه البدائل، مشيرا إلى أن قناة السويس تتمتع بميزة كبيرة وهي قصر مدة العبور، منوها أن القطب الشمالي أقصر في مدة العبور من قناة السويس ولكنه لا يعمل طوال العام.

 

وأضاف أنه في ظل هذه التحديات العالمية لقناة السويس يجب إعادة النظر في هذا الملف، مشيرا إلى أن مواجهة هذه التحديات تكون من خلال موضوع بسيط جدا وهو تحويل المنطقة الاقتصادية الخاصة على إقليم قناة السويس، والتي تم الإعلان عنها إلى منطقة صناعية ولوجستية لخدمة السفن والتجارة العابرة لقناة السويس. مؤكدا أنه من شأن هذه المنطقة جذب المزيد من رؤوس الأموال وخلق طلب إضافي على قناة السويس، موضحا أنه سيتم من خلال هذه المنطقة الصناعية واللوجستية استيراد المواد الأولية من الخارج عبر قناة السويس وتصدير هذه المنتجات بعد تصنيعها للخارج عبر قناة السويس أيضا، وهذا سيؤدي إلى خلق طلب إضافي على قناة السويس.

 

ولفت عميد كلية النقل الدولي الأسبق إلى أنه يجب التركيز الفترة القادمة، على جذب المزيد من الاستثمارات للمنطقة الاقتصادية بقناة السويس باعتبار أن هذه المنطقة تمثل مدخلا لإفريقيا وللسوق العربية المشتركة، ومدخلا لسوق يبلغ قوامها أكثر من نصف مليار شخص، وبالتالي تحقيق تنمية شاملة في هذه المنطقة، مطالبا بالتركيز على الإمكانيات الذاتية من أجل خلق طلب إضافي على خدمات المرور بقناة السويس لاسيما أن قناة السويس تقع في منطقة حيوية جدا تطل على أوروبا وآسيا وإفريقيا، مؤكدا أنه مقتنع بأن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس هي أمل مصر في الخروج من أزماتها الاقتصادية، مشيرا إلى أن هذه المنطقة سوف تخلق فرص عمل جديدة وتجلب نقدا أجنبيا يساهم بشكل كبير في عمل توازن في ميزان المدفوعات وسداد الديون.