رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

رسالة حرب وخط أحمر .. تفاصيل تحركات القاهرة لكسر أنف أديس أبابا قبل 15 أبريل

النبأ

 «شراقي»: الاتحاد الإفريقي فشل في حل الأزمة وعلى مصر والسودان اللجوء لمجلس الأمن بملف واحد

«درويش»: السيسى يتحرك بخطوات محسوبة وسيجبر إثيوبيا كما أجبر تركيا

 

شهدت الأسابيع القليلة الماضية حراكا دبلوماسيا واسعا ومكثفا بين القاهرة والخرطوم، بداية من زيارة وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي إلى القاهرة، ثم زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الخرطوم، تلتها زيارة لرئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إلى القاهرة على رأس وفد وزاري رفيع.

 

وقد وقعت كل من مصر والسودان، اتفاقية عسكرية في الخرطوم، بحضور قائدي جيشي البلدين، اللذين أكدا أن البلدين يواجهان تهديدات مشتركة.

 

وقال رئيس الأركان السوداني، الفريق محمد عثمان الحسين، إن الاتفاقية تهدف لتحقيق الأمن القومي لكل من السودان ومصر.

 

من جانبه، أكد رئيس الأركان المصري الفريق محمد فريد، أن مستوى التعاون العسكري مع السودان، وصل إلى مستوى غير مسبوق.

 

وأكد فريد استعداد القاهرة، لتلبية كافة طلبات الخرطوم في المجالات العسكرية، موضحا أن السودان ومصر، يواجهان تحديات مشتركة.

 

هذه الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين اعتبرها خبراء رسالة تحذيرية إلى إثيوبيا تؤكد فيها مصر والسودان موقفهما الموحد ضد ما يصفاه بـ"التعنت" الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة، واتخاذها خطوات أحادية باعتزامها بدء عملية الملء الثاني لسد النهضة في تموز يوليو المقبل، بغض النظر عن الوصول إلى اتفاق بين الدول الثلاث حول تشغيل وملء السد.

 

وزيرة الخارجية السودانية أكدت، في تصريحاتها لوكالة الأنباء الألمانية، أنه سيكون هناك تحرك مصري سوداني مع المجتمع الدولي، لنزع فتيل أزمة السد الإثيوبي، ولوحت بأن «لدى البلدين خيارات أخرى، إذا أصرت إثيوبيا على الملء الأحادي».

 

زيارة السيسي للخرطوم.. دلالات مهمة

 

وحسب الخبراء، فإن الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي للخرطوم، وهي الأولى للرئيس المصري إلى الخرطوم منذ سقوط نظام الرئيس عمر البشير، حظيت بأهمية خاصة، وحملت الكثير من الدلالات المهمة، لا سيما أنها جاءت بالتزامن مع تطورات مهمة وملفات مشتعلة، ليس أولها فقط أزمة سد النهضة التي تصدرت مباحثات الرئيس المصري في السودان.

 

وقد تناولت هذه الزيارة العلاقات العسكرية والأمنية والاقتصادية وقضية سد النهضة والأمن في البحر الاحمر وتطورات الأوضاع على الحدود السودانية، وتم خلالها التأكيد على رفض البلدين للأمر الواقع في قضية سد النهضة.

 

وأكد بيان صدر عن الرئاسة المصرية، اتفاق الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس المجلس السيادي الانتقالي عبد الفتاح البرهان، على أن المرحلة الدقيقة الحالية التي يمر بها ملف سد النهضة، تتطلب أعلى درجات التنسيق بين مصر والسودان.

 

وشدد البيان على أن "مصر تدعم المقترح السوداني لتشكيل رباعية دولية تشمل رئاسة الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، للتوسط في ملف سد النهضة".

 

وحظيت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسودان، التي استغرقت 6 ساعات، بزخم إعلامي كبير، وذلك لتزامنها مع تطورات إقليمية ومحلية لافتة.

 

واتفق محللون ومراقبون على أن هذه الزيارة تأتي في توقيت مفصلي يحتاج إلى تنسيق المواقف، خصوصا فيما يتعلق بقضيتي سد النهضة والتجارة الحدودية، مما يؤدي إلى تخطي بؤر التوتر التي كانت تقف عائقا أمام تقدم العلاقة بين القاهرة والخرطوم خلال فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير، الذي أطاحته احتجاجات شعبية في أبريل 2019.

 

وحسب الخبراء، فإن تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي أدلى بها في السودان، تشير إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تنسيقا بين الجانبين حول سد النهضة على الأقل.

 

والملفت في هذه الزيارة هو أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وضع خطا أحمر لإثيوبيا ينتهي 15 أبريل المقبل كموعد نهائي من جانب مصر والسودان لإنهاء المفاوضات بعد ذلك تصبح  كل الخيارات مفتوحة.

 

وأكد بيان صدر عن الرئاسة المصرية، السبت، اتفاق الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس المجلس السيادي الانتقالي عبد الفتاح البرهان، على أن المرحلة الدقيقة الحالية التي يمر بها ملف سد النهضة، تتطلب أعلى درجات التنسيق بين مصر والسودان.

 

وشدد البيان على أن "مصر تدعم المقترح السوداني لتشكيل رباعية دولية تشمل رئاسة الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، للتوسط في ملف سد النهضة".

رسالة لإثيوبيا

 

يقول بعض الخبراء، إن الزيارة الخاطفة التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الخرطوم واستغرقت عدة ساعات فقط، وصفها البعض بأنها «زيارة حرب ورسالة قوية موجهة إلى إثيوبيا».

 

ويضيف الخبراء، أن لدى مصر والسودان أوراقا كثيرة ومتنوعة لمواجهة التعنت الإثيوبي، من بين هذه الأوراق ما طرحته مصر والسودان بشأن آلية الوساطة الرباعية الدولية التي تضم 'الاتحاد الإفريقي، الأمم المتحدة، الولايات المتحدة الأميركية، الاتحاد الأوروبي، ومن بينها الورقة الاقتصادية.

 

ويقول السفير محمد الشاذلي، سفير مصر الأسبق بالسودان، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للخرطوم جاءت في توقيت مهم جدًا، في ظل التعنت الإثيوبي والإصرار على القرارات الأحادية بالنسبة لسد النهضة والبدء في ملء الخزان دون تنسيق مع مصر والسودان، ويضاف إلى ذلك الانتهاك الفج للأراضي السودانية بواسطة القوات الإثيوبية والهجمات المتكررة على السودان، وبالتالي فمن ضمن أهداف هذه الزيارة أن نعطي رسالة واضحة لإثيوبيا بأن مصر تقف إلى جانب السودان.

 

وأضاف «الشاذلي»، أن الزيارة ليست مقتصرة على الموقف الموحد القوي ضد إثيوبيا؛ لأن هناك الكثير من الملفات المهمة جدًا بين مصر والسودان، لا سيما ملفات التعاون الثنائي، وبشكل خاص في مجالات البنية التحتية وغيرها، مشيرا إلى أن مصر لديها الكثير من التجارب الناجحة والمهمة التي يمكن للسودان الاستفادة منها، لافتا إلى أن توقيت الزيارة هو أبرز شيء، والرسالة هي التنويه على أن البلدين في جبهة موحدة.

 

ويقول السفير أحمد حجاج، الأمين العام المساعد لمنظمة الوحدة الإفريقية سابقًا، أن هناك العديد من الملفات ذات الأولوية التي شهدتها الزيارة، أبرزها ملف سد النهضة، بخاصة أنه لا توجد مفاوضات قائمة، والحكومة الأثيوبية استمرت في عمليات التسويف في المفاوضات لمدة 10 سنوات حتى الآن، ولا تبدو في الأفق أية بارقة أمل رغم أن المفاوضات تتم تحت إشراف الاتحاد الإفريقي، وتتجه إثيوبيا للملء الثاني في شهر يوليو المقبل دون اعتبار لاتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث.

 

وتقول أماني الطويل، الخبيرة في الشؤون الإفريقية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التقارب المصري السوداني الحالي مرتبط بأمرين، أحدهما أمر آني والثاني مستمر، الأمر الآني هو المتعلق بسد النهضة والمخاطر الكامنة في عملية الملء الثاني للسد، والتشاور المصري السوداني في هذا الأمر أساسي على اعتبار أن المخاطر عالية، وفيما يتعلق بالملف الأساسي وملف العلاقات الثنائية، هناك العديد من المسائل التي تتم مناقشتها في كافة مجالات التعاون، خاصة أن هناك لجنة عليا مشتركة بين مصر والسودان، متضمنة كافة نواحي العلاقات بين البلدين".

 

وتقول الباحثة في الشأن الإفريقي، إيمان عبد العظيم، إن تكرار الزيارات بين مصر والسودان يعتبر تحذيرا لإثيوبيا، فمصر والسودان مربع ذهبي، وتكتل أساسي في مواجهة إثيوبيا، وسيكونان صوتا واحدا في التفاوض في مواجهة أديس أبابا.

 

وتضيف عبد العظيم، أنه سواء مصر أو السودان يواجهان إشكاليات كبيرة وتحديات مشتركة، مثل سد النهضة، وتواجه السودان صراعا مع أثيوبيا على المنطقة الحدودية المتنازع عليها، فإن هذه الزيارات تؤكد على ضرورة الحوار بين مصر والسودان.

 

ويقول الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، إن الاتحاد الإفريقي فشل في حل مشكلة سد النهضة كما فشل في حل الكثير من الملفات الأخرى في القارة الإفريقية، وبالتالي يجب على مصر والسودان اللجوء لمجلس الأمن الدولي، لأنه هو الوحيد القادر على تغيير سلوك الجانب الإثيوبي، مشيرا إلى أن التقارب الأخير بين مصر والسودان رسالة قوية للجانب الإثيوبي بأن الحل العسكري ما زال مطروحا رغم أن مصر لم تعلن ذلك بشكل رسمي، وبالتالي ليس من الذكاء أن تواصل إثيوبيا تعنتها لأن ذلك يمثل انتحارا سياسيا بالنسبة لها، مطالبا مصر والسودان بالتحرك معا وليس بشكل منفرد، وعلى الدولتين التقدم بملف واحد لمجلس الأمن باعتبارهما دولتي مصب، مشيرا إلى أن الموقف الموحد بين مصر والسودان سيقوي موقف البلدين في مجلس الأمن، والمطلب الأول بعد رفع الملف إلى مجلس الأمن هو وقف أي إنشاءات تؤدي إلى التخزين بدون اتفاق، مؤكدا على أن قيام إثيوبيا بتخزين المياه قبل التوصل لاتفاق مرفوض تماما لأنه يعتبر انتهاكا للسيادة.

 

يقول اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن التقارب بين مصر والسودان ليس جديدا، مشيرا إلى أن مصر والسودان شعب واحد في دولتين، لافتا إلى أن التقارب الأخير بين الدولتين يمثل ضغطا على الجانب الإثيوبي، وأن التعاون الأمني والعسكري بين مصر والسودان مستمر ولم ينقطع، موضحا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وضع خطا أحمر للجانب الإثيوبي مثلما فعل في ليبيا عندما وضع خطا أحمر لأردوغان، مؤكدا على أن الحل العسكري مرهون بموقف الجانب الإثيوبي الفترة القادمة، لافتا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يتخذ خطوات محسوبة في هذا الملف مثلما فعل في ليبيا مع تركيا التي ركعت لمصر، منوها أن الهدف من اثارة قضية حلايب وشلاتين في هذا التوقيت هو "دق إسفين" بين مصر والسودان ووقف مسيرة البلدين، مشيرا إلى أن مصر لن تلتفت لمثل هذه الأفعال وستواصل التعاون مع السودان، مؤكدا على أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سوف يجبر إثيوبيا مثلما أجبر تركيا، لافتا إلى أن مصر لم تراهن على أمريكا لأن أمريكا دائما تبحث عن مصالحها.