رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مفاجأة.. العقوبات الدولية وراء عدم حظر المواقع الجنسية بمصر

البرلمان - أرشيفية
البرلمان - أرشيفية


معركة مشتعلة تدور جولاتها بين البرلمان والحكومة، حول إغلاق المواقع الإباحية في مصر، وسط تخوفات من أن تؤدي هذه الخطوة إلى توقيع عقوبات على الحكومة المصرية.

وتعقد حاليا لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، عدة اجتماعات لمناقشة أفضل السبل لتنفيذ ما يرد بطلبات الإحاطة والاقتراحات التي تقدم بها عدد من النواب، للمطالبة بغلق المواقع الجنسية، لا سيما في ظل اتفاق خبراء الطب وعلم النفس والاجتماع، على أن انتشار هذه المواقع يمثل تهديدا خطيرا للشباب من الجنسين.

ويتزامن مع مناقشات البرلمان لهذه القضية، نظر محكمة القضاء الإداري دعوى تطالب بغلق التطبيقات المخالفة للقيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية، وكذا غلق المنصات الخادشة للحياء، وهي الدعوى المؤجلة من 13 سبتمبر الماضي.

أرقام مفزعة
الدراسات والتقارير تشير إلى أرقام مفزعة فيما يتعلق بارتياد ومتابعة المواقع الإباحية، حيث توضح أن 28 ألف شخص يشاهدون هذه المواقع كل ثانية، وكل 40 دقيقة يظهر فيلم إباحي في أمريكا، بمجموع مواقع يبلغ 420 مليونا، ومبيعات 4 مليارات دولار.

واحتلت مصر المركز الـ18 عالميًا في ترتيب عدد مستخدمى أحد أكبر المواقع الإباحية في العالم، متصدرة الدول العربية والإسلامية جميعًا، حيث استحوذت على 2% من الزيارات لأحد أكبر المواقع الجنسية، بينما جاءت الولايات المتحدة الأمريكية في المركز الأول بـ38%، وتلتها بريطانيا بحوالى 14%.

تدخل البرلمان
النائب محمود أبو الخير، أحدث مقدمي اقتراحات غلق المواقع الجنسية، كشف أسرار المعركة المشتعلة داخل أروقة البرلمان، موضحا أن المناقشات تستهدف اتخاذ الإجراءات المناسبة في هذه القضية لأن الموضوع ميتسكتش عليه أكتر من كدا.

وقال أبو الخير: "هناك أكثر من تطبيق حاليا تنتشر من خلاله المواد الإباحية، ومن هنا جاء الطلب بغلق تلك التطبيقات والبرامج والمواقع، لا سيما في ظل انتشار الأجهزة الإلكترونية المختلفة بيد الأطفال، مما يجعلهم عرضة دائما لمثل ذلك المحتوى، خاصة في ظل الدراسة عن بُعد حاليًا".

وأضاف: "مسألة سهولة الوصول لتلك المواد كانت دافعا لتقديم طلبي، حتى نحمي أولادنا وبناتنا، ونمنع انتشار مثل تلك الأمور التي تسبب مشكال كبرى للمجتمع، وتُسهم في انتشار أفعال مشينة وفجور"، مستدلًا بتجارب عدد من الدول التي وضعت قيودًا على عرض مثل ذلك المحتوى عبر الإنترنت، حتى الغلق والحظر التام في أحيان كثيرة.

وتابع النائب البرلماني: "نحن في بلدٍ شرقي، تتنافى تقاليده مع مثل تلك الأمور، وبالتالي لا بد من مواجهة تلك التطبيقات والمواقع بشكل حاسم، للمحافظة على أخلاقياتنا المعرضة للخطر"، لافتا إلى أن قدرة بعض الدول الأخرى على حجب هذه المواقع تبطل حجة عدم وجود آلية لدى جهاز تنظيم الاتصالات لإغلاقها.

وواصل: "بعد تطبيق نظام التعليم عن بعد، أصبح أطفالنا في عمر 6 سنوات، يتعاملون مع الإنترنت، ولا يمكن أن نجلس بجوارهم طوال اليوم لحراستهم، خاصة أن الأمر ليس مرتبطا بالمواقع الإباحية فقط، لكن هناك تطبيقات لألعاب العنف يجب حجبها أيضا، لأنها تكسب الأطفال سلوكا عدوانيا.

ومنذ انعقاد برلمان 2021 في برلمان، ظهرت العديد من الأصوات البرلمانية التي ينادي أصحابها بإجراءات أكثر صرامة ضد بعض التطبيقات التي تبث محتوى خادشًا للحياء، اعتبروه منافيًا للأخلاقيات وللعادات والتقاليد المصرية، ومن بين هؤلاء النائبة هند رشاد، التي طالبت خلال اجتماع سابق للجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، بإجراءات رقابية ضد تلك التطبيقات، لما تشكله من تهديد للمجتمع.

وذكرت النائبة أن بعض تلك التطبيقات يتم من خلالها نشر محتوى منافٍ لأخلاقيات المجتمع المصري، إضافة إلى محتوى محرض على الفتنة الطائفية في بعض الأحيان.

ودعا في وقت سابق أيضًا النائب البرلماني، محمد عبد الله زين الدين، إلى آلية جديدة لمواجهة تأثير وانتشار تلك التطبيقات، تكمن في المواجهة الموازية من خلال تفعيل دور مراكز الشباب، من خلال تعاون وتنسيق وزارات الشباب والرياضة والأوقاف والثقافة؛ لتوعية الشباب وشغل أوقاتهم، للحد من مخاطر تلك المواقع والتطبيقات التي تنشر محتوى هدّاما.

الاتصالات: مالناش دعوة
من جانبه سلّم محمد عبد الفتاح، ممثل جهاز تنظيم الاتصالات، إلى مجلس النواب ردًا كتابيًا على الاقتراح برغبة المقدم من النائب أبو الخير بشأن غلق المواقع الإباحية والبرامج الإلكترونية المشبوهة بمصر.

وقال ممثل جهاز تنظيم الاتصالات، في نص خطابه: "يوجد الآلاف من التطبيقات والمواقع على شبكات الاتصالات الدولية، يمكن للمستخدمين الولوج إليها عبر روابط الإنترنت، من خلال إحدى الشركات المرخص لها بتقديم خدمات الإنترنت، ويتم ولوج المستخدمين من خلال متصفحات الإنترنت أو تطبيقات الموبايل والأجهزة اللوحية".

وأضاف: "هذه المواقع والبرامج الإلكترونية يتم استخدامها والتعامل معها من خلال المشتركين مباشرة، ويكون دور الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، هو منح الشركات الترخيص بتقديم خدمات الاتصالات (الإنترنت) من خلال ثلاث خطوات"، مؤكدا أن قضية المواقع الإباحية قضية عالمية، والجهاز ليس له علاقة بحجبها، وواصل: "مواجهة المواقع الإباحية تقع على المجتمع كله، لأنها تتعلق بوازع ديني، وندعو الجميع لتحمل المخاطر".

وأكد أن الجهاز ليس معنيا إطلاقا بتتبع المواقع الإباحية، ولكن في حالة وجود حكم قضائي، يتم إبلاغ الشركة المعنية عن خدمة الإنترنت، التي تتحكم في النت لحجب الموقع، لافتا إلى ضرورة أن يكون عنوان الموقع واضحا ومحددا؛ لضمان تنفيذ الحكم من قبل الشركات وليس جهاز تنظيم الاتصالات.

وتابع:" تلك الموقع بالملايين ويصعب غلقها، وحتى لو أغلقت فسيظهر غيرها بكل سهولة ويسر".

3 حلول
وكان الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات أعد تقريرا، في وقت سابق، حول الحلول التى يمكن من خلالها إغلاق المواقع الإباحية، بناء على طلب المشترك دون تكاليف إضافية، حيث يخاطب الجهاز الشركات مقدمة خدمة الإنترنت، لتقديم الدعم الفني وتجهيز البرامج الخاصة بحجب المواقع الإباحية على أجهزة المستخدمين الشخصية فقط.

كما تضمن التقرير إمكانية استخدام فلاتر على بوابات الإنترنت الرئيسة في مصر لحجب هذه المواقع، موضحا أن هذا الحل قد يستغرق ما بين 6 إلى 9 أشهر للدراسة والتطبيق والتشغيل.

وذكر مصدر مسؤول بإحدى شركات الإنترنت، أن المواقع الإباحية في تزايد مستمر، ومن الصعب أن يتم حجبها نهائيا، بالإضافة إلى أن تحديد ما إذا كان أحد المواقع إباحيا دون غيره، يختلف من شخص لآخر.

وأوضح أن الشركات وفرت خدمة لفلترة المواقع وتوفير الإنترنت الآمن للأسرة، لمن يريد من المستخدمين.

آراء المختصين
ويرى خبراء متخصصون بمجال الإنترنت، أنه لا يمكن أن يتم التوسع في حجب آلاف المواقع لمجرد رؤية البعض أن أحدها يحتوي موادا إباحية، لأن ذلك قد يمثل مشكلة لمصر في المحافل الدولية، ويؤدى لتصنيفها على أنها من الدول التي تضع قيودا على خدمة الإنترنت، الأمر الذي يعرضها لعقوبات دولية.

وأشار الخبراء إلى أن الحل الوحيد هو فرض قيود على رؤية المواقع الجنسية بمصر، استعانة بالتجربة الروسية التي تلزم مشاهدي المواقع الإباحية من مواطنيها، بتسجيل بياناتهم الشخصية، من رقم هاتف وبيانات جواز السفر، لإتاحة تلك المواقع لهم، مطالبًا بتطبيق ذلك في مصر، بحيث يسلتزم لمشاهدة تلك المواقع كتابة الاسم وتاريخ الميلاد، وهو ما سيحد من الدخول عليها، خاصة إذا أضيف إلى ذلك وسائل للتحقق من عمر الزائر لهذه المواقع قبل السماح له بارتيادها.