رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

النخب المصنعة وترميز التافهين

النبأ


في الدول المتقدمة هناك دائما مساحة للصعود الاجتماعي والسياسي والفرصة متاحة للجميع ما دام يمتلك المقومات والكفاءة فليس هناك منصب أو مكان محجوز مقدما، والأمثلة كثيرة ومتعددة؛ ففى الولايات المتحدة الأمريكية شغل باراك حسين أوباما ذو الأصول الإفريقية منصب رئيس الدولة الأكبر على مستوى العالم، ومن بعده صعدت كاميلا هاريس ذات الأصول الهندية إلى موقع نائب الرئيس فى أمريكا وشغل حسين خان الباكستاني الأصل منصب عمدة لندن كل هؤلاء وغيرهم لم يكن يصلوا إلى تلك المواقع المهمة لو ظللوا فى بلادهم. 

إن النخب هم صفوة المجتمع وعموده الفقرى ليبقى قادرا على التأثير والتقدم فهؤلاء هم من تبنى عليهم حضارة الأمم لأنهم قاطرته للتغيير إلى الأفضل وقد عرفت كثير من الأوطان ظهور هؤلاء النابهين فى كل مراحلها وفى كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ولقد ولد هؤلاء من رحم الشعب ومن إفرازه الطبيعي لقياداته بينما فى الوقت الحاضر صار النخب مثل المشروبات الغازية لا طعم ولا نكهة لأنها صنعت بقرارات فوقية أو بدعم من مؤسسات حاكمة ظنا منها أن هؤلاء قادرين على مساعدة النظام أو حمايته والدفاع عنه بينما هم لا يملكون القدرة على حماية أنفسهم فهم مثل أعواد الكبريت أو الثقاب التى لا تسند بيتا ولو كان من ورق. 

فجدران الدول تسنده أبناءها وقياداتها الطبيعية لا من صنعوا بقرار رسمى لشغل منصب أو تمثيل الناس فى مجالس الحكم فهم واهنون كبيت العنكبوت وعندما حدثت ثورة يناير فى مصر كون الناس من أنفسهم لجانا شعبية اعترفت بها الدولة لحماية المؤسسات والمنشآت بل إن التنسيق تم مع كبار العائلات لحماية مقار تتبع الدولة أما النخب المصنعة وترميز التافهين ليصبحوا قادة المجتمع ورأسه الحى فلن يكون له مردود سوى خلق صراع حتمى بين القادة الطبيعيين والنخب المصنعة ان النخب لا تصنع فى علب ..لا يوجد نخب سريعة التحضير...النخب إفراز طبيعى لنقاشات ومجادلات ومسارات سياسية واتفاقات واختلافات..النخب تتشكل تلقائيا فى الجامعات والأحزاب و شوارع العمل السياسى والانتخابات والبرلمان.

النخب تأخذ سنوات من العمل مع وبين الناس ..فرض نخب مصنوعة لا يصدقها المجموع والعامة ستكون نتيجتها التجاهل الكامل وسيبقى هؤلاء فى واد والشعب فى واد آخر ومهما قام هؤلاء بدور "المحلل" لقرارات وسياسات النظم فإنهم لن يكونوا درعا له لأنهم نبت بلا جذر ستقتلعه أول ريح ولو كانت ريح أمشير.