رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خفايا صفقة «المتحدة لتوزيع الأدوية» للهيمنة على سلسلة صيدليات «19011»

صيدليات 19011
صيدليات 19011


أثار استحواذ الشركة المتحدة لتوزيع الدواء، أكبر شركة توزيع للدواء في مصر، على نسبة 50% من سلسلة صيدليات 19011 الشهيرة، حالة من الجدل، خاصة وأن هذه السلاسل تمتلك أكثر من 200 صيدلية في مختلف ربوع مصر، بعد استحواذ سلاسل 19011 على صيدليات رشدي.

وكشف أعضاء نقابة الصيادلة والخبراء على أن سلسلة صيدليات 19011 واجهت أزمة خلال الشهور الماضية، فيما يتعلق برواتب الموظفين، والهيكلة الادارية للمجموعة، لذلك قررت في النهاية الدخول في شراكة تسهم في حل الأزمة، إضافة لعدم قانونية أو مشروعية هذا الاندماج أو الاستحواذ.

وشركة المتحدة لتوزيع الأدوية تأسست عام 1996 وهى شركة مساهمة في توزيع الأدوية بنسبة مشاركة 34% في سوق توزيع الدواء، ووصلت مبيعاتها بنهاية عام 2019 إلى 21 مليار جنيه مصري. وتُوزع الشركة أكثر من 16 ألف و751 مُنتجا دوائيا يمثل 90% من سوق الدواء كله، ونحو 11 ألفا و603 مُنتجات من منتجات العناية الشخصية، ما جعلها أكبر شركة لتوزيع الدواء في مصر.

تخليص ديون
يقول الصيدلي هاني سامح الخبير الدوائي، إن سلاسل الصيدليات أكذوبة كبرى قام بها البعض من أجل الحصول على قروض وأموال من البنوك حيث تتراوح هذه القروض بين 5 إلى 15 مليون عن الصيدلية الواحدة، موضحًا أن صيدليات 19011 مديونة بحوالي مليار جنيه لشركة المتحدة للصيادلة لتوزيع الدواء.

ويُضيف، أن من بين سلاسل الصيدليات المديونة سلاسل صيدليات رشدي وسلاسل شادي وغيرها، وكانت بداية تعثرهم عندما أصدرت شركة المتحدة بيانا تحذيريا منه، لافتًا إلى أن المتحدة حصلت على ديونها بطرق مختلفة سواء عن طريق الحصول على أراض من هذه السلاسل أو عن طريق الحصول على بعض الصيدليات التي تديرها هذه السلاسل.

وهذا يعني أن هذا ليس استحواذا كما يردد البعض، ولكنه "تخليص ديون" بحسب الخبير الدوائي، مضيفًا أن هذه السلاسل لاتملك الصيدليات أصلًا، بمعنى أن كل الصيدليات التي تتعاقد معها تكون عن طريق الإيجار بعقود من الباطن، حيث تتلاعب السلاسل ببعض العقود للتحايل على القانون، وذلك للتغلب على قانون الصيدلة.

وتنص المادة 30 من القانون رقم 127 لسنة 1955 على عدم منح التراخيص بإنشاء صيدلية إلا لصيدلي مرخص له في مزاولة مهنته يكون مرّ على تخرجه سنة على الأقل قضاها في مزاولة المهنة في مؤسسة حكومية أو أهلية ويعفى من شرط قضاء هذه المدة الصيدلي الذي تؤول إليه الملكية بطريق الميراث أو الوصية، ولا يجوز للصيدلي أن يكون مالكًا أو شريكًا في أكثر من صيدليتين أو موظفًا حكوميًا، وألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص بها وأقرب صيدلية مرخص لها عن مائة متر.

ويُضيف سامح، أن سبب مديونية سلسلة صيدليات 19011 هي فاتورة شراء أدوية تم حرقها في السوق بأقل من قيمتها الحقيقية، حيث قامت السلسلة ببيع هذه الأدوية بأقل من قيمتها الحقيقية بنسبة 50%، موضحًا أن هذه السلاسل كانت تحصل على هذه الأدوية من شركة المتحدة التي تحتكر توزيع سوق الدواء في مصر بعقود وفواتير آجلة.

أسباب مديونية السلسلة الشهيرة
بعد شهور من التعثر المالي والمديونيات الكبيرة للبنوك وشركات التوزيع، والتأخر في صرف الرواتب، بدأ تفكك سلسلة الصيدليات 19011، اقتربت الشركة المتحدة للصيادلة على الاستحواذ على الجزء الأكبر من فروع السلسلة.

في البداية، بدأت سلسلة 19011 في العمل على زيادة عدد فروعها بشكل كبير وسريع جدًا، وكانت الخطوة الأكبر هي الاستحواذ على سلسلة صيدليات رشدي، والتي كانت تدير 120 صيدلية على مستوى الجمهورية، وبعدها أصبحت سلسلة 19011 السلسلة الأكبر من حيث عدد الفروع، ولكن كانت تلك الخطوة هي بداية الانهيار.

وانتقلت لسلسلة 19011 مديونيات سلسلة رشدي لدى البنوك والتي كانت تتعدى مليار جنيه، إضافة إلى مديونيات 19011 نفسها لصالح البنوك وشركات التوزيع؛ أيضًا أهدرت سلسلة 19011 مبالغ طائلة على الاعلانات سواء الاعلانات التلفزيونية، أو الاعلانات في الشوارع والكباري الرئيسية، وهو أمر غير مجدى بشكل كبير في بيزنس الصيدليات.

ومنذ منتصف العام الماضي، بدأت الأزمات تتسلل إلى السلسلة الأشهر، وتضاعفت المديونيات لصالح شركات التوزيع، والتي بدأت تقلل من توريد الأدوية للسلسلة، وبدأت فروع 19011 تعانى من نقص الأدوية حتى الأدوية المتوفرة في باقي صيدليات مصر.

احتكار وتلاعب
يقول الدكتور أحمد فاروق شعبان، عضو مجلس النقابة العامة للصيادلة السابق، إن هذا انتهاك للقانون المصري للصيدلة، لافتًا إلى أنه إذا ترك الأمر لكل صاحب مال بامتلاك أكثر من صيدليتين ستكون عواقبه كبيرة جدًا على سوق الدواء المصري.

ويُضيف شعبان، أنه من غير الطبيعي أن يكون الموزع "الشركة المتحدة" هي منفذ التوزيع للمرضى، لأن هذا شبهة احتكار خاصةً لبعض الأدوية، وقد يؤدي لنقص في بعض الأدوية، ويعطي فرصة للتلاعب في الأسعار.

ويرى، أن ذلك لا يحدث في أي بلد في العالم، وأنه تم التحذير من خطورة هذه السلاسل قبل 10 أعوام، ولكن لم يستمع أحدًا، رغم الدعاوى القضائية على سلاسل الصيدليات والتي انتهت بشطب أصحاب هذه السلاسل، بعدما تبين تلاعبهم بالأموال واستيلائهم على قروض من البنوك وتسببهم في أزمة بالسوق الدوائي المصري بعدما أصبحت هذه السلاسل مديونة بأموال كثيرة جدًا.

تحرك نقابي
إلى ذلك، يقول الدكتور محمد الشيخ، رئيس نقابة صيادلة القاهرة، إن النقابة تابعت مسألة استحواذ أكبر شركة توزيع الدواء على سلاسل الصيدليات، مشيرًا إلى أنه كان قد تقدم لكل الجهات المعنية بخطورة تلك الكيانات على قطاع الدواء في مصر.

ويُضيف، أن استحواذ شركات التوزيع على تلك الصيدليات يُعد مخالفة لقانون مزاولة مهنة الصيدلة 127 لسنة 1955، مما يدمر اقتصاديات أكثر من 75 ألف صيدلية تقوم بخدمات صحية ميدانية في جميع أنحاء مصر، مما تكون له نتائج سلبية في منتهى الخطورة على مخرجات الصحة وخاصة في ظل توجه الدولة لتطوير قطاع الصحة والدواء.

كما يقول الدكتور عبد الناصر سنجاب عضو مجلس نقابة الصيادلة، إن النقابة تتخذ كافة الإجراءات فيما يتعلق باستحواذ الشركة المتحدة على سلسلة صيدليات 19011، مضيفًا أن المتحدة أعلمت النقابة بأن 19011 مديونة لها بأكثر من 800 مليون جنيه، وعن طريق شركة وسيطة تتم الآن تصفية هذه المديونية لصالحهم.

ويُضيف سنجاب، أن المتحدة في ردها عن تساؤلات النقابة أكدت أنها شركة توزيع وليست إدارة صيدليات أو إنشاء صيدليات، لذلك فإنها قامت بغلق هذه الصيدليات وعرضها للبيع وكذلك أراضي وممتلكات مقابل الديون وليس لدى الشركة أي نية في عمل سلاسل أو إنشاء أو إدارة صيدليات.