رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مخطط نتنياهو للسيطرة على منابع النيل بـ«لعبة الدين».. وسيناريو صهيونى لنهب المياه

نتنياهو
نتنياهو


جاء حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن أن التطبيع مع العرب هو نبوءة توراتية، ونقل الآلاف من يهود الفلاشا الإثيوبيين إلى إسرائيل، وتعيين أمريكا حاخاما يهوديا لتسريع السلام في الشرق الأوسط، كلها أمور تثير الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام وتكشف لعبة الدين التي تستخدمها إسرائيل وأمريكا للسيطرة على المنطقة.

نتنياهو.. نبوءة توراتية


اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في رسالة بمناسبة عيد ميلاد المسيح، أن بلاده "تتقدم سريعا نحو تحقيق نبوءة توراتية" باتفاقيات السلام مع الدول العربية، مصرحا بأن "المزيد والمزيد من الدول العربية تلتمس الصلح مع الدولة اليهودية"، على حد تعبيره.


وقال نتنياهو: "أتوجه لأصدقاء إسرائيل الكثيرين من المسيحيين حول العالم ببركة عيد ميلاد مجيد. باسم الشعب اليهودي، أشكر كل واحد وواحدة منكم على صلواتكم وعلى دعمكم. في عيد الميلاد من هذا العام، سيوجّه الملايين من الناس حول العالم تحية ليحلّ السلام على الأرض التقليدية مرة أخرى".


وأضاف: "يحلّ عيد الميلاد المجيد بينما يعاني عالمنا من أوزار جائحة كوفيد-19 الرهيبة، ومن قدر العنف والنزاع الذي هو أكبر من اللازم. لكن هنا في الشرق الأوسط يحدث أمر عجيب يتمثل في تقدمنا السريع نحو تحقيق نبوءة (ليحلّ السلام على الأرض) التوراتية، أو على جزء من الأرض على الأقل"، وفقا لما جاء على صفحته الرسمية في فيسبوك.


وتابع بالقول: "خلال العام الماضي، وبمساعدة فعالة من الولايات المتحدة ومن الرئيس ترامب، لقد توصلنا إلى اتفاقيات إبراهيم، مما يشكل انفراجات تاريخية في علاقات إسرائيل والعالم العربي: السلام مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب".


وأشار نتنياهو إلى أنه "بعد 26 عامًا كانت تخلو من معاهدات سلام جديدة، توصلنا إلى 4 اتفاقيات في غضون ما يقل عن 4 أشهر". وقال: "هذه مجرد البداية، حيث تعيد المزيد والمزيد من الدول العربية صياغة مواقفها العدائية التقليدية من إسرائيل لتلتمس الصلح مع الدولة اليهودية".


وأضاف: "بدلًا من اعتبار إسرائيل عدوها، هي باتت تنظر إلينا كصديق، وكحليف، بل حليف حيوي وشريك حيوي لها. هذا تحول جديد وجذري، سيجعل الحياة أفضل والشرق الأوسط مكانًا أفضل لكافة شعوبها، بل سيجعل العالم مكانًا أفضل".


ورقة يهود الفلاشا


في شهر ديسمبر الماضي، استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، بيني غانتس، المئات من المهاجرين من أبناء يهود الفلاشا الإثيوبيين إلى بلادهما.


وأفادت القناة العبرية الـ"12"، بأن نتنياهو وغانتس كانا في استقبال وزيرة الهجرة الإسرائيلية، بنينا تامانو شطا، التي وصلت من أديس أبابا، ومعها مئات المهاجرين من أبناء يهود الفلاشا.


وأكدت القناة أنه من المقرر أن يتم استقبال حوالي ألفي مهاجر من إثيوبيا في إسرائيل، من بين حوالي 8 آلاف مهاجر ما يزالون موجودين في إثيوبيا.


وسبق أن أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، عن هجرة المئات من يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى بلاده.


ونشر غانتس تغريدة جديدة له على حسابه الرسمي على "تويتر"، أوضح من خلالها أن وزيرة الهجرة الإسرائيلية، بنينا تامانو شطا، وصلت إلى أديس أبابا، في زيارة عمل، لمناقشة عدد من القضايا الثنائية.


وأكد أن الوزيرة الإسرائيلية ستطرح إلى جانب مناقشة القضايا الثنائية، محادثات حول هجرة اليهود الإثيوبيين إلى إسرائيل.


وأوضح وزير الدفاع الإسرائيلي أنه بعد سنوات من التأخير، سيتمكن الآباء ـ من المهاجرين من أبناء يهود الفلاشا ـ من لم شملهم مع أطفالهم، وسيتمكن إخوانهم وأخواتهم الذين لم يلتقوا منذ سنوات من الاجتماع معا مرة أخرى، وهذه المرة في إسرائيل.


وأعرب غانتس عن إعجابه وفخره بما تقوم به وزيرة الهجرة الإسرائيلية، وهي من أصل إثيوبي.


ويقول بعض الخبراء إن إسرائيل تريد تحقيق هدفين من هجرة يهود الفلاشا إليها، الهدف الأول هو مواجهة «الخطر الديموجرافى» الذي يمثله الفلسطينيون على دولة إسرائيل، وهو الهاجس الأكبر الذي يقلق الإسرائيليين، والهدف الثاني – كما يقول بعض الخبراء- هو استخدامهم ذريعة لتحقيق حلم إسرائيل القديم وهو توصيل مياه النيل إلى إسرائيل من خلال ترعة الإسماعيلية أو من خلال طريق أنابيب تمر عبر البحر الأحمر.


وحلم إسرائيل لتوصيل مياه النيل ليس وليد اللحظة، فكما تقول الدكتور زبيدة محمد عطا عميد كلية آداب حلون وأستاذة التاريخ وخبيرة الشأن اليهودي أن دراستها "إسرائيل في النيل" تقدم بالوثائق والأدلة القاطعة سيناريوهات تل أبيب "الشيطانية" لحصار مصر مائيا داخل دول حوض النيل، مشيرة إلى أن دول الحوض لا تشهد اختراقا بقدر ما تشهد غزوا إسرائيليا منظما.


وأشارت زبيدة إلى أن الشعب المصري من حقه أن يعلم مصير نهره الخالد وما يحاك له من مؤامرة صهيونية شريرة، موضحة أن المهندسين الإسرائيليين توافدوا على أديس أبابا لدراسة تنفيذ سدود بها منذ أكثر 30 سنة، وأن الرئيس السادات أعلن وقتها إنه سيخوض حربا ضروس ضد إسرائيل وإثيوبيا من أجل مياه النيل.


وبينت زبيدة، أن أطماع إسرائيل في مياه النيل تعود إلى عام 1903 أي قبل وعد بلفور وقيام دولة إسرائيل نفسها، وأن المياه التي سرقتها من سيناء وفلسطين والأردن بعد نكسة 1967 لم تكفهم، مؤكدة أن إسرائيل تحلم بتوصيل مياه النيل إلى إسرائيل عن طريق القنوات المائية في مصر، وان مشروع "الشرق الأوسط الجديد" هو المشروع الذي تسعى إليه الصهيونية العالمية منذ أيام هيرتزل.

مياه النيل


بينما كشف اللواء "محمد رشاد" وكيل جهاز المخابرات الأسبق، أنه على رأس المصالح الإسرائيلية المتمثلة في إثيوبيا هو الحصول على نسبة من مياه النيل، موضحًا أن هناك دراسات إسرائيلية أكدت فقر إسرائيل المائى وبالتالى هي تعمل على إيجاد مصدر بديل للمياه من خلال دول حوض النيل.


ويرى مراقبون، أن إثيوبيا باتت وسيلة مهمة لتحقيق هدف الكيان الصهيوني المعلن الرامي إلى توسيع رقعته الجغرافية ضمن حلمه المعروف "من النيل إلى الفرات"، فالإثيوبيون المهاجرون إلى كيان الاحتلال قد يتم الزج بهم في الساحة السياسية الإثيوبية وربما يتم التمهيد لتقلدهم مناصب مرموقة بعد إعتناقهم اليهودية، الأمر الذي يصب في نهاية المطاف بصالح الكيان الصهيوني في تلك الدولة التي سمحت حتى الآن بانتقال أكثر من 135 ألف إثيوبي يهودي إلى هذا الكيان.


ويقول المراقبون، إن إثيوبيا نجحت في صنع أطول جسر جوي بينها وبين إسرائيل في العام 1977م؛ لنقل ما يزيد على 17000 ألف يهودي إثيوبي (يهود الفلاشا) إلى دولة الاحتلال، وفي المقابل قدمت إسرائيل الدعم العسكري لـ"أديس أبابا".


ويتهم بعض الخبراء إسرائيل بالوقوف وراء فشل مفاوضات سد النهضة من أجل الضغط على مصر وتحقيق هدفها الأكبر، وهو كما يقول خبير موارد المياة بالامم المتحدة، دكتور احمد فوزى دياب، قد يكون الضغط على القاهرة لتبيع إثيوبيا لإسرائيل المياه عبر مصر.


حاخام.. لتسريع التطبيع


ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أعلن عن تعيين "آرييه لايتستون" مبعوثًا خاصًا لتسريع التطبيع الاقتصادي بين "إسرائيل" ودول عربية وإسلامية.


وشغل "لايتستون" منصب حاخام بالجالية اليهودية بأمريكا، ثم التحق بفريق الرئيس ترامب أثناء حملته الانتخابية الأولى عام 2016، وبعدها تم تعيينه مستشارًا للسفير الأمريكي بإسرائيل، ليكلف بعد ذلك بما تسميه واشنطن صندوق أبراهام لتنشيط التطبيع الاقتصادي بين إسرائيل والدول المطبعة.


لعبة الدين

يقول الدكتور أيمن الرقب، المحلل السياسي والقيادي في حركة فتح، أن نتنياهو يستخدم البعد الديني في صراعه مع الفلسطينيين، مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي من نقل يهود الفلاشا إلى إسرائيل في هذا التوقيت هو الحفاظ على تغلب الجنس اليهودي في فلسطين التاريخية وأن يبقى اليهود أغلبية داخل فلسطين التاريخية.


وأضاف «الرقب»، أن هناك فلسفة لدى الإحتلال الإسرائيلي بدأت تظهر في تسعينيات القرن الماضي عندما كتب شيمون بيريز كتاب «الشرق الاوسط الجديد »، كان يتحدث فيه عن تغير ديموجرافي كبير جدا في دولة الإحتلال وأن اليهود سوف يصبحون أقلية في أرض فلسطين التاريخية، لذلك منذ تسعينيات القرن الماضي هناك تصارع في جلب يهود من كل أنحاء العالم لزيادة عددهم في أرض فلسطين التاريخية، ومن ضمنهم يهود الفلاشا الإثيوبيون رغم أنهم يعانون من العنصرية والتفرقة داخل دولة الاحتلال من أجل استغلالهم سياسيا واقتصاديا، لكن الهدف البعيد للصهيونية هو جلب كل يهود العالم إلى أرض فلسطين التاريخية.



ولفت إلى أن هذا يؤكد أن إسرائيل تدير الصراع دينيا وهذا ما يرفضه، محذرا من أن تحول الصراع مع الكيان الصهيوني إلى صراع ديني سيحرج الدول التي سوف تطبع مع الاحتلال، لافتا إلى أن المتطرفين في إسرائيل الذين تصل نسبتهم إلى 27% من سكان دولة الاحتلال يعتبرون كل العرب أعداء بغض النظر عن ديانتهم أو عرقهم، مؤكدا على أن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب كان يدير الملف العربي الإسرائيلي من منظور ديني، مشيرا إلى أن ترامب في أحاديثه مع جماعات البروتستانت والإنجيليين في الولايات المتحدة كان يتحدث عن صراع ديني، ونائبه بنس تحدث بأن نقل السفارة الأمريكية للقدس تأخر كثيرا، وترامب قال إن قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل هو تحقيقا لرغبة الرب.

حلم صهيوني

ويقول الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، إن هجرة اليهود لإسرائيل ومنهم اليهود الفلاشا سياسة إسرائيلية معروفة منذ سنوات، مشيرا إلى أن العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية قامت على هذه الهجرة، مستبعدا الربط بين هجرة اليهود الفلاشا ومياه النيل رغم أطماع إسرائيل القديمة في مياه النيل، مؤكدا على أن توصيل مياه النيل إلى إسرائيل هو حلم إسرائيلي لن ينتهي، لافتا إلى أن توصيل مياه النيل إسرائيل مستحيل سواء عن طريق مصر أو عن من خلال أنابيب يتم مدها عبر البحر الأحمر، مؤكدا على أن مصر حكومة وشعبا لن تسمح بتوصيل مياه النيل لإسرائيل، كما أن توصيل مياه النيل لإسرائيل مخالف للقانون الدولي الذي يمنع توصيل مياه نهر النيل لأي دولة خارج دول حوض النيل.

وأشار إلى أن مصر رفضت توصيل مياه النيل لليبيا في عهد القذافي لأن ذلك مخالف للقانون الدولي ويفتح الباب أمام دول حوض النيل لتوصيل مياه النيل للدول الأخرى، مؤكدا على أن نقل عدة آلاف من يهود الفلاشا الإثيوبيين إلى إسرائيل في هذا التوقيت هو هدف سياسي انتخابي، مشيرا إلى أن يهود الفلاشا ليسوا هم السبب الوحيد في قوة العلاقات بين إثيوبيا وإسرائيل ولكن هناك أسبابا أخرى كثيرة منها، مصالح إسرائيل في القارة الإفريقية، لافتا إلى أن إثيوبيا دولة مهمة ورئيسية في إفريقيا، وبالتالي إسرائيل تستغل مكانة إثيوبيا للتوغل في القارة السمراء.