رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بعد تحذيرات الإنتربول.. خطة الأمن المصرى لحماية «لقاحات كورونا» من هجمات المافيا

لقاح ضد كورونا
لقاح ضد كورونا



رغم الأزمة التي يعيشها العالم بأسره، لم تختف بعض الظواهر الجنائية في المجتمع، بل إن بعضها تزايد نتيجة بعض المستجدات التي فرضتها جائحة كورونا، ويرى الخبراء أن مؤشرات الجريمة تراجعت في بعض الوقائع، مثل: القتل، خلال النصف الأول من العام 2020، مقارنة بالعام 2019، إلا أن وقائع أخرى يجب أن توضع بعين الاعتبار ما بعد كورونا، خاصة في ظل البطالة والتراجع الاقتصادي الذي يشهده العالم حاليا إثر الجائحة.

ومع إطلاق عدد من الدول لبرامج تطعيم ضد فيروس كورونا المستجد، حذّر رئيس الشرطة الدولية «إنتربول»، يورغن استوك، من احتمال تسجيل زيادة كبيرة في معدلات الجريمة خلال تسليم جرعات اللقاحات ضد كوفيد-19، قائلا في مقابلة مع مجلة «فيرتشافتفوخه» الألمانية: «مع تسليم اللقاحات ستزداد الجريمة بشكل كبير».

وأضاف استوك: «سنشهد سرقات وعمليات اقتحام مخازن وهجمات أثناء نقل اللقاحات تمارسها المافيا المتمرسة من عصابات الإجرام»، وذلك حسبما نقلت وكالة «فرانس برس، مطالبا السلطات الصحية الأوروبية وفي كل مكان باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواجة هذا الاحتمال بكل قوة.

وأشار تقرير لصحيفة «ذا صن» البريطانية إلى أن أجهزة الاستخبارات والأمن البريطانية قد حذرت من خطط لعصابات إجرامية ترمي لاستهداف شحنات لقاح كورونا، الأمر الذي يدفعنا لمناقشة خبراء الأمن في هذا الصدد، لمعرفة مدى استعدادات الأجهزة الأمنية في مصر لتأمين تلك اللقاحات التي تسلمت جزءا منها مصر خلال الأيام القليلة الماضية والتي سوف تتعاقد عليه الدولة خلال الفترة المقبلة وما هي الخطة الأمنية الموضوعة لحماية تلك اللقاحات أثناء نقلها إلى المخازن وعدم تعرضها للسرقات أو لعمليات اقتحام المخازن الموجودة بداخلها.

الحاسة السادسة

ويقول اللواء دكتور سيد محمدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن رسالة الشرطة هي «منع الجريمة» مؤكدًا فكرة المنع تتطلب إجراءات وقائية واستباقية، فالمنع هو الأساس، بينما ربط الجريمة يأتي في المرحلة الثانية، لكن الشكل العام هو أن دور الأمن حماية المجتمع من جرائم الاعتداء على النفس والاعتداء على المال وإذا حدث ذلك تكون في هذه الحالة تحققت الرسالة.

وأكد مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن أجهزة الشرطة المصرية تتمتع بمهارة «الحس الأمني» المسمى بـ«الحاسة السادسة»، وتعمل الأجهزة على تنمية تلك المهارة لدى أفرادها، لتعريفهم بفن توقع المخاطر قبل حدوثها، وكيف يمكن توقعها، معتبرا أن تحذير «الإنتربول» الدولي يُعد مراعاة لفكرة أن هناك متغيرات في البيئة الدولية؛ من المصائب والكوارث غير المسبوقة على مدى سنوات طويلة، متابعًا: «يمكن وفقًا للمتغيرات أن يؤدي إلى ذلك»، فضلًا عن أن الوقاية دائمًا تكون تكلفتها بسيطة جدًا؛ لا تذكر، بجانب الآثار الخطيرة التي يمكن أن تترتب على ارتكاب الجريمة بالفعل.

وأضاف «محمدين»، أنه يجب خلال الفترة المقبلة أن تستعد أجهزة الشرطة لعمليات تأمينية، لأن هناك معلومات تشير لخطر قد يحدث، فإذا أخذت الأجهزة هذا التحذير على محمل الجد وتقوم بتأمين للمستشفيات طالما أن هناك متغيرات في البيئة المحلية والدولية والعالمية؛ فلا بد أن يكون هناك نوع من أنواع التوقع المستقبلي في نوعية جرائم لم تكن موجودة من قبل، والتحذير يقول إن هناك نوعا من أنواع العقاقير التي لم تكن موجود وتسمى لقاحات الآن، هي بالملايين؛ فلما يتم وضعها داخل مخازن الصيدليات أو المستشفيات يجب اتخاذ إجراءات تأمينية قوية، مشيرًا إلى أنه كان يوجد جهاز في الداخلية متخصص لحماية المنشآت الطبية وتعتبر هذه التحذيرات فرصة لشركات الأمن الخاصة لتعمل على هذه النوعية من الجرائم المتوقعة، وتشغيل العديد من الشباب بأجور ليست منخفضة يتحقق من ورائها أمن وأمان لا يساوي مليارات.

وتابع: «إذا كانت هذه التحذيرات من قبيل المبالغة، فمهما اتخذت أجهزة الأمن من إجراءات وقائية وقامت بعمليات تأمينية فهو أرخص بكثير في حالة حدوث واقعة واحدة تتسبب في تدمير الدنيا أو سرقت مخزن أو تقليد اللقاح ويكون في منتهى الخطورة فبدلا من تخفيف عن الناس يتم تدميرهم وقتلهم، وطالما نحن في ظروف بيئية غير مسبوقة يجب توخي الحذر والعمل على خطط تأمينية قوية، والاستفادة من الجائحة الأولى فضلًا عن أنه يجب أن نتوقع أي شيء جديد يمكن أن يحدث في المستقبل والبدء في وضع الخطط الاستباقية حتى لا تقع مثل هذه الجرائم».


تنسيق عالٍ

بدوره يقول اللواء رأفت الشرقاوي مساعد وزير الداخلية السابق بقطاع الأمن العام، والخبير الأمني، إن هيئة الشرطة المصرية تختص بالمحافظة على النظام والأمن العام والآداب وحماية الأرواح والأعراض والأموال، ومنع الجريمة وضبطها وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين فى كافة المجالات وتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح، مؤكدًا أن رجال الأمن على يقظة كاملة لحماية أمنها فضلًا عن أجهزة وزارة الداخلية تعمل على تأمين العديد من المهام الصعبة، التي تسند لها، ولا يمكن أن تعجز عن تأمين مخازن اللقاحات، ولا بد من أن الوزارة بالتنسيق مع وزارة الصحة وضعتا خطة تأمينية مُحكمة لهذا الأمر خاصة بعد التحذيرات الدولية بالتنسيق مع وزارة الصحة الجهة الفنية المعنية بذلك.

وأكد مساعد وزير الداخلية السابق بقطاع الأمن العام والخبير الأمني، أن وزارة الداخلية دائمًا سباقة باتخاذ كافة الإجراءات التأمينية الكاملة لأي عمل سواء هذا العمل تختص به الوزارة أو تشارك فيه وزارات أخرى، مضيفًا أن الأمن لفظ عام طبقًا لما ورد بالدستور وقانون هيئة الشرطة، وبناء على ذلك كافة الموضوعات التي توكل إلى وزارة الداخلية تقوم بإعداد لجنة كاملة من الأجهزة المعنية مشكلة من قطاعي الأمن الوطني والعام لدراسة كافة الاحتمالات لأي مخاطر قد تتعرض لها هذه المأمورية بتأمينها منذ وصولها حتى وضعها بالخازن التابعة لوزارة الصحة والتي تؤمن بالتأمين الكافي لعدم المساس بها ويتم ذلك من خلال دفاتر معتمدة يسأل عنها المختصون من وزارة الصحة.

تابع: «وفي ضوء ما سبق يتم عرض خطة التأمين على وزير الداخلية والذي يقوم بإقرارها ويبدأ في تكليف الأجهزة التنفيذية لاتخاذ الإجراءات الأولية ثم لا تكتفي الأجهزة الرقابية متمثلة في قطاعي الأمن الوطني والعام بذلك بل تقوم بمتابعتها بنفسها في أوقات متفاوتة للتأكد من أن الإجراءات التأمينية تتم حسبما تم عرضه على الوزير».

وأوضح مساعد وزير الداخلية السابق بقطاع الأمن العام، أن هذا الأمر ليس بجديد على وزارة الداخلية وأنها تقوم بتأمين كافة الأمور التي تسند لها سواء في المباريات والامتحانات والعملية الانتخابية، وتزامنها مع الأعياد.. وغيرها، بالإضافة إلى كل ذلك تقوم بها وزارة الداخلية وتضع خطة مُحكمة لذلك فضلًا عن الوزارة لها باع طويل في ذلك.

ويرى «الشرقاوي» أن تصريح رئيس الشرطة الدولية «الإنتربول» الغرض منه التشديد على أن كل الأجهزة الأمنية تتخذ إجراءتها الكاملة والاحتياطات اللازمة عند وصول كميات اللقاح لها بأن يتم وضعها في أماكن مؤمنة وبطريقة آمنة ووضعها في أماكن بعيدة عن العبث من الآخرين؛ خاصة من قِبل الأشخاص الذين قد يكونون متواجدين في المكان الذي يتم التخزين به، ويتسرب من خلالهم.

وأكد أن وزارة الداخلية لن تسمح بذلك، لا سيما أن هؤلاء الأشخاص المتواجدين في هذا المكان يكون قد اتخذت الإجراءات الأمنية قبلهم ومكشوف عليهم امنيًا وأن يكون ليست لديهم أي معلومات سابقة في تاريخهم الوظيفي، قبل تسليمه أو أن يتولى التوزيع، مضيفًا أن في مثل هذه الأمور الحساسة، يكون هناك إشراف كامل من وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارة الصحة وسيتم وضع رقابة وتأمين وحراسة على هذه المخازن ودفاتر وأذونات تصرف بها الكميات حتى يتم استهلاك تلك الكمية بالكامل وتصل للأشخاص المحددين حسب الأولويات التي حددتها الصحة.

ونوه مساعد وزير الداخلية السابق بقطاع الأمن العام إلى أن قانون العقوبات المصري قد اعتبر الموظفين التي تُسند لهم أعمال المخازن من قِبل الموظفين العموميين، في حالة ارتكابهم لأي جريمة خاصة ما بعهدتهم تصل العقوبات فيها إلى السجن المؤبد.

تحذير تافه

فيما يرى اللواء محمد نور، مساعد وزير الداخلية السابق، والخبير الأمني، أن تحذير رئيس الشرطة الدولية «الإنتربول» خلال الأسبوع الماضي، ما هو إلا تحذير تافها، أو «افتكاسة» من بعض الأشخاص الذين يرغبون في الترويج لفيروس كورونا والأمصال واللقاحات التي تنتجها شركات الأدوية الكبرى، بهدف امتصاص دماء الشعوب الغلابة في العالم، ونشر حالة من الرعب في العالم لوجود عصابات دولية لسرقة المصل أو اللقاح بمعني أنه يقول لك: «بادر بسرعة لشراء المصل قبل سرقته» مؤكدًا أن لقاحات الكورنا لا تمثل عبئًا أمنيًا على أي بلد في العالم.

وأضاف «نور» أن وزارة الداخلية المصرية دائمًا تأخذ أي تهديد للأمن أو إشارة على محمل الجد؛ مهما كانت تفاهته مثل الإشارة الأخيرة الخاصة بتحذير «الإنتربول»، حيث تقوم الوزارة بإجراءات احترازية قوية جدًا تحسبًا لحدوث أي مخاطر أو عمليات إجرامية مثل السطو على المخازن التي توجد بها اللقاحات أو سرقتها بأي شكل من الأشكال.

وأكد أن الوزارة مستعدة استعدادا تامًا لتلك المخاطر في حالة حدوثها، وإن لم تحدث فإن الوزارة لم تخسر شيئًا، هذا دورها الذي تقوم به على أكمل وجه، وتعتبر الإجراءات التي قامت بها هي عمليات تنشيط لخطط التأمين الموضوعة من قبل الوزارة واتخذت الإجراءات الاحترازية تحسبًا لحدوث جريمة، فضلًا أن هذه الاستعدادت الأمنية التي قامت وتقوم بها «الداخلية» قد تكون سببًا في منع الجريمة من الأساس.