رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«نقيب الجسور».. سلاح التشويش ضد منافسي «ابن السلطة» على المنصب

انتخابات الصحفيين
انتخابات الصحفيين

تشهد أى انتخابات لـ«التجديد النصفى» بنقابة الصحفيين، ظهور مصطلحاتٍ موسميةٍ أهمها ما يتعلق بـ«النقيب» ومنها: «النقيب الحكومي»، «نقيب الجسور»، وهي مصطلحات رنانة الهدف منها زيادة الحشد لمرشح السلطة، وإقناع الجمعية العمومية والناخبين بقوة هذا المرشح فى الحصول على الخدمات والمميزات من الدولة، أهمها الزيادة الخاصة بـ«بدل التدريب والتكنولوجيا».


بالطبع وُصف ضياء رشوان بكل هذه المصطلحات؛ وغيرها مثل أنه سيكون «قويًا» يستطيع الحصول على خدماتٍ، مميزاتٍ، لا سيما أنه يشغل منصبًا حكوميًا رفيعًا آخر هو رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، التابعة مباشرةً لـ«رئاسة الجمهورية»، وكل هذه الدعاية كانت سلاحًا للتشويش ضد أي مرشح منافس له، وإسقاطه.


في كتابه: «حرية على الهامش.. في نقد أحوال الصحافة المصرية»، طبعة «دار العين» 2012، تناول الكاتب الصحفي والنقابي البارز كارم يحيى هذا المفهوم.

يقول «يحيى»: «لقد كان الترويج لمصطلح نقيب الجسور بين الصحفيين في السبعينيات والثمانينيات بهدف ضمان انتخابهم قيادة موالية للحكومة أمرًا يخفي مفارقة واضحة؛ لأن الدولة ظلت تتغلغل ولا تزال في شئون الصحافة حتى النخاع، ولا تكتفي بالقبض على الأعناق وقصف الأقلام، وهو ما يتجلى في نمط الملكية وأسلوب الإدارة وحال القوانين المنظمة للمهنة نصوصًا وتطبيقًا، وفي الأوضاع شبه الاحتكارية في سوق الإعلان وإمكانات الطباعة والتوزيع وسياسات التوظيف في الصحف والالتحاق بعضوية النقابة».


يتابع: «غالب الظن أن تسمية نقيب الجسور جرى إطلاقها في لحظة بعينها من علاقة السلطة السياسية بالصحفيين ونقابتهم، تحديدًا مع نهاية السبعينيات، عندما دفعت السنوات الأخيرة من عهد الرئيس أنور السادات إلى تمزقات في نسيج الطبقة الوسطى وداخل دولة ثورة يوليو، وانتهاء بالصدام متعدد الأوجه بين سلطة رئيس الدولة وسياساته وبين قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى».


يقول أيضًا: «في حقيقة الأمر فإن مصطلح نقيب الجسور يعد عنوانًا رئيسيًا على قطع جسور الصحفيين بين أنفسهم، ومع المجتمع، والملاحظ أن سياسات إغراق عضوية النقابة بالموظفين والمطيعين الطيعين على مذهب نافق رئيسك الذي ينافق الرئيس، جاءت بينما كانت الصحافة المصرية لا تزال تعيش فجر الحرية الكاذب، مع إلغاء الرقابة الرسمية على الصحف، والسماح بصدور صحف حزبية معارضة منذ 1976».


يؤكد «يحيى» أن «نقيب الجسور» يعد بفضل سياسات الفئة المميزة عنوانًا فرعيًا لمعركة شاملة خاضتها السلطة السياسية لإعادة نخبة الطبقة الوسطى إلى الحظيرة، لافتا إلى ظهور مصطلح «النقيب القومي» في عقد التسعينيات بعد نقيب الجسور في السبعينيات؛ ليؤشر إلى أنّ هذه السياسات قد أحدثت أثرها، وبلغت مداها في النقابة وفي المجتمع، فقد اطمأنت الدولة إلى فوز النقيب الحكومي بأغلبيةٍ مريحةٍ وآمنةٍ في انتخاباتٍ متعاقبةٍ، بعد أن بدا تآكل ما تبقى من نوازع معارضة واستقلالية بين نخبة الطبقة الوسطى.


الحقيقة أنّ الشهور الماضية كشفت عن سقوط كل الألقاب والتبريرات التي كانت عاملًا مهمًا في الترويج لـ«ضياء رشوان» نقيبًا للصحفيين، ثم فوزه بالمنصب في ما بعد، الداعمون له أطلقوا عليه الألقاب نفسها المعروفة؛ فهو «نقيب الجسور»، «النقيب الحكومي»، و«النقيب» القادر على الحصول على خدماتٍ بفضل قربه من السلطة، والواجهة المشرفة لنقابة الصحفيين.. حتى بدا الطريق إلى منصب «النقيب» سهلًا.