رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«شبح» الإفلاس والإغلاق يهدد دور النشر بعد أزمة فيروس كورونا

النبأ

يواجه «قطاع النشر» في مصر حاليا أزمات طاحنة تهدد وجوده، بعدما تكبد أصحابه خسائر مادية فادحة، وتسببت كورونا في نشوء حالة من الكساد ما أدى إلى تسريح العمالة، وتوقف بعض المطابع عن النشر، ومنع المعارض والفعاليات، الأمر الذى جعل القراء يستغنون عن الكتاب الورقي، ويتجهون إلى الكتب الإلكترونية.

وكلف اتحاد الناشرين المصريين لجنة بتصميم استبيان رأي خاص بمكتبات بيع الكتب الورقية داخل السوق المصرية إثر انتشار فيروس كورونا. 

وهدف الاستبيان وضع نواة حقيقية عن توفير أكبر قدر ممكن من البيانات والمعلومات التي قد تساعد متخذي القرار على دعم صناعة النشر. 

وأظهر الاستبيان الذي شارك فيه 51 مكتبة من القطاع الخاص والحكومي والمؤسسات الصحفية مدى تأثر نسبة المبيعات الكتب الورقية في الفترة الأخيرة بسبب فيروس كورونا، والتي تراجعت بنسبة 70-75% حسب ما رأى أكثر من نصف المشاركين. 

وفي التوصيات، أشارت لجنة التطوير المهني إلى أهمية عقد سلسلة ندوات لمساعدة الناشرين على زيادة مبيعاتهم بطرق مختلفة.  

في السياق نفسه، تتجه دور النشر إلى توفير حلول لتعطل سوق مبيعات الكتاب عبر اللجوء للنشر الرقمي من خلال المنصات الإلكترونية. 

وبينما بدأ النشر الإلكتروني المنقذ من ركود السوق، أظهرت المنصات القائمة على النشر الرقمي مثل مؤسسة هنداوي ومنصة كتبنا ازديادا ملحوظا في نسبة تحميل الكتب من مواقعها. 

كما أعلنت دار الساقي طرح إصدارتها بنسخ إلكترونية عبر منصات عدة، لصعوبة عثور القراء على الكتب الورقية بسبب ظرف تفشي وباء كورونا.

وفي هذا السياق، قال الدكتور حسام عثمان،  صاحب دار العلوم للنشر، إن أزمة كورونا ألقت بظلالها على قطاع النشر بشكل كبير، مشيرا إلى أنها أثرت بنسبة 70% لـ 80% على دخل الناشر، بسبب إلغاء المعارض التى كان يتم تنظيمها وتوقفت على مدار ثلاث شهور بالجامعات والمعاهد.

وأضاف في تصريح خاص لـ"النبـا" أن المكتبات والمعارض المتخصصة في المولات والمطاعم كانت مغلقة وهو ما ضاعف حجم الأزمة خاصة أن الكتاب بطبيعته سلعة استهلاكية ترفيهية لم تكن في صلب اهتمامات المواطن بالعالم العربي الباحث عن توفير نفقات الأكل والشرب والكمامات والفيتامينات على عكس دول أوروبا التي زادت مبيعاتها في ذلك القطاع أضعاف.

وتابع: أغلب المطابع توقفت عن النشر، كما أننى أعتذرت لعدد من الكتاب مضيقا "هطبع لمين فين؟ ومين هيشترى؟ والمولات والمعارض كله واقف، وغير مسموح بعمل معارض بسبب كورونا، وحدث إننا حصلنا على موافقة بتنظيم معرض داخل جامعة خاصة وقبل افتتاحه بدقائق أُلغى.

وانتقد «عثمان» تعامل الحكومة وممثل اتحاد الناشرين مع الأزمة، قائلا: لم يعرض أي مسؤول بالحكومة أو وزيرة الثقافة، دعما أو مبادرات من جانبهم، خاصة أن هناك عمالًا تضرروا وفقدوا وظائهم.

وأضاف أن الدعم في ظل تكبد الدولة للأموال في جميع الجهات بسبب كورونا كان من الممكن أن يأخذ شكلا استثماريا كعمل شراكة، مشيرا إلى أنه يتوجب على الحكومة عدم ضخ أموال في دور نشر حكومية لأنها تدخلها في منافسة مع قطاعات النشر الخاصة ومن ثم تضررنا.

وواصل أن الدعم يجب أن يأخذ أشكالا أخرى كتنظيم معارض وعمل مشروعات ثقافية، متسائلا: كيف تعطى الدولة فلوس لمطابع حكومية لا يتعدوا الـ8 مطابع وتترك 1200 دار نشر معرضة للانهيار. 

في المقابل، قال محمد السحار صاحب دار نشر «زيرو وان»، إن تأثيرات كورونا لها جانبان أحدهما إيجابي وآخر سلبي.

وأوضح في تصريح خاص لـ"النبأ" أن الشيء الإيجابي هو تغيير آلية البيع والشراء حيث اتجه معظم القراء إلى تبني فكرة اقتناء الكتب عبر الـ "أون لاين" فلم تعد المكتبات والمعارض هي المصدر الرئيسى لعملية الشراء فى أزمة كورونا.

وأضاف أن الوضع الحالي شكل عقلية جديدة لدى المشتري والكاتب، بأنه يمكن توصيل الكتب مقابل بعض المصروفات، كما ساعدتنا على تحصيل أموالنا بشكل سريع متابعا "فلوسنا بقت في ايدينا ولم نعد بحاجة لانتظار المكتبات وجمع الأموال منها، الأمر الذي ساعد في حدوث توفير للسيولة المالية".

وأضاف: هناك ميزة أخرى ساعدت في وجودها الأزمة وهى الانتشار والتى جعلت هناك إمكانية لوصول الكتب لأي شخص دون التقيد بالمكان.

ولفت إلى أن الاتجاه إلى الكتب المسموعة ساهم في رفع مبيعاتنا كدور نشر، خلال هذه الفترة متابعا" نحن نتعامل مع بعض التطبيقات المسموعة، خاصة بعد تغير أذواق الناس وعاداتها ظهر في رفع المبيعات".

وواصل: أما الجزء السلبي هو عدم وجود المعارض بسبب إجراءات كورونا، ما أثر على عدد الكّتاب الذين نتعامل معهم وهو ما قلل الإصدارات من الكتب.

بدوره، قال النائب أسامة شرشر، عضو لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، إن دور النشر تكبدت خسائر فادحة في ظل أزمة كورونا، إذ أصيب هذا القطاع الاستراتيجى الهام بنوع من الجمود وعدم بيع الكتب والمجلات.

وأضاف «شرشر» فى تصريح خاص لـ"النبأ": «زى ما دعمنا العمالة اليومية فعلى الحكومة ورئيس الحكومة تدعيم دور النشر ماديا وإعلاميا، حتى يستعيد عافيته، ولا يرحل عنه أبناؤه لأنهم ذات طبيعة خاصة، في نشر المعرفة والكلمة».

وطالب «شرشر» رئيس الحكومة بالجلوس مع اتحاد الناشرين لوضع استراتيجية للخروج من هذه الأزمة، لحمايته من السقوط والحفاظ على العمالة من التسريح لاسيما أنها نادرة ومدربة وغير موجودة حاليا متابعًا: «حتى لا يحدث خسارة ثقافية لأن فيروس الكلمة أخطر من كورونا».

ولفت «شرشر» إلى أنّ هناك تحركات من جانب البرلمان، حيث تقدم بطلبات إحاطة لرئيس الوزراء، بشأن هذه الأزمة وطالبه بضخ أموال لهذا القطاع، كما ستعقد اللجنة اجتماعا قريبا مع اتحاد الناشرين للوقوف على تفاصيل هذه الأزمة.